الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ الثَّمَرُ مَوْجُودًا، لَكِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: يُعْمَلُ عَلَيْهِ إذَا كَمُلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَعَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَى ثَمَرٍ بَدَأَ وَلَمْ يَكْمُلْ بِجُزْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا جَازَتْ فِي الْمَعْدُومِ مَعَ كَثْرَةِ الْغَرَرِ فَمَعَ قِلَّتِهِ أَوْلَى.
(وَإِذَا سَاقَاهُ) ؛ أَيْ: سَاقَى الْمَالِكُ الْعَامِلَ (عَلَى وَدِيِّ نَخْلٍ) - أَيْ صِغَارِهِ - وَاحِدَتُهُ وَدِيَّةٌ، (وَصِغَارِ شَجَرٍ إلَى مُدَّةٍ يَحْمِلُ فِيهَا غَالِبًا؛ صَحَّ) الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ عَمَلَ الْعَامِلِ يَكْثُرُ وَنَصِيبُهُ يَقِلُّ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا؛ كَمَا لَوْ جَعَلَ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ.
[فَائِدَةٌ إذَا غَرَسَ لَهُ الشَّجَرَ ثُمَّ أَخَذَ فِي الْعَمَلِ]
ِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهَذَا الْعَمَلِ الْأَوَّلِ ثَمَرَةً تَظْهَرُ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ الْعَمَلُ اسْتَحَقَّ مَا يَظْهَرُ كُلَّ عَامٍ وَإِلَّا فَلَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَجَرُهُ لَا تَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ إلَّا بَعْدَ سِنِينَ وَأَخَذَهُ مُسَاقَاةً؛ لَا يَسْتَحِقُّ بِعَمَلِهِ إلَّا ثَمَرَةَ أَوَّلِ عَامٍ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ غَرَرٌ أَوْ ضَرَرٌ فَهُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ، فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ بِخِلَافِ الْمُنَاصَبَةِ فَإِنَّهُ هُنَا يَسْتَحِقُّ ثَمَرَةَ كُلِّ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ إلَى أَنْ تَبِيدَ.
(وَالْمُنَاصَبَةُ وَهِيَ الْمُغَارَسَةُ دَفْعُهُ) - أَيْ الشَّجَرِ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ - (بِلَا غَرْسٍ) أَيْ غَيْرَ مَغْرُوسٍ - (مَعَ أَرْضٍ، وَلَوْ) كَانَ دَفْعُ الشَّجَرِ وَالْأَرْضِ (مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ لِمَنْ يَغْرِسُهُ) فِيهَا، (وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ شَجَرِهِ) - أَيْ مِنْ عَيْنِ الشَّجَرِ - فَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ وَأَنَّ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمَ بِلُزُومِهَا فِي مَحِلِّ النِّزَاعِ فَقَطْ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِالْحَاجَةِ مَا يَجُوزُ مَعَهُ بَيْعُ الْوَقْفِ، وَيَأْتِي أَوْ مَا لَمْ يَصِرْ الشَّجَرُ شَالِيًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، إلَّا حَطَبًا، (وَتَدْخُلُ ثَمَرَةٌ) - أَيْ ثَمَرَةُ الشَّجَرِ - (تَبَعًا) لَهُ، (أَوْ) بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ (مِنْ ثَمَرَةٍ، أَوْ) بِجُزْءٍ (مِنْهُمَا) - أَيْ مِنْ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ - اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَصَاحِبُ
الْفَائِقِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: اغْرِسْ فِي أَرْضِي هَذِهِ شَجَرًا أَوْ نَخْلًا، فَمَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ فَلَكَ بِعَمَلِكَ هَذَا، فَأَجَازَهُ، وَاحْتَجَّ فِي حَدِيثِ خَيْبَرَ، فَهَذَا نَصٌّ فِيمَا إذَا جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ النَّمَاءِ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَظَاهِرُ نَصِّهِ وَبِجُزْءٍ مِنْهُ - أَيْ الشَّجَرِ - وَمِنْهُمَا كَالْمُزَارَعَةِ. انْتَهَى.
وَاشْتِرَاطُ كَوْنِ الْغَرْسِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ مُعْتَبَرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ دَفَعَ أَرْضًا وَشَجَرًا لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ؛ لَمْ يَصِحَّ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَلَمْ نَعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الْأَصْلِ فَفَسَدَ؛ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الشَّجَرَ بِلَا أَرْضٍ لِيَكُونَ الْأَصْلُ وَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا، أَوْ شَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ كَوْنَ الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ بَيْنَهُمَا.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ وَكَذَا) - أَيْ مِثْلُ دَفْعِ الشَّجَرِ مَعَ الْأَرْضِ - (دَفْعُ نَوَى نَحْوِ ثَمَرٍ) ؛ كَزَيْتُونٍ وَنَوَى (مِشْمِشٍ) مَعَ أَرْضٍ، وَيُعْمَلُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَنْبُتَ وَيَصِيرَ نَصْبًا، ثُمَّ يَصِيرُ شَجَرًا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الثَّمَرِ أَوْ مِنْهُمَا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَالْمُزَارَعَةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ يَزْرَعُهُ) وَيَقُومُ عَلَيْهِ، (أَوْ دَفْعُ حَبٍّ مَزْرُوعٍ يُنَمَّى) بِالْعَمَلِ (لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ) الْمَدْفُوعُ لَهُ (بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمُتَحَصِّلِ) ، وَتُسَمَّى مُخَابَرَةً مِنْ الْخَبَارِ - بِفَتْحِ الْخَاءِ - وَهِيَ الْأَرْضُ اللَّيِّنَةُ وَمُوَاكَرَةً أَيْضًا، وَالْعَامِلُ فِيهَا خَبِيرٌ وَأَكَّارٌ وَمُوَاكِرٌ، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهَا السُّنَّةُ. فَمِنْهَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ:«عَامَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَرْطِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ. ثَمَانُونَ وَسْقًا تَمْرًا وَعِشْرُونَ وَسْقًا شَعِيرًا» ، فَقَسَّمَ عُمَرُ خَيْبَرَ، فَخُيِّرَتْ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطِعَ
لَهُنَّ مِنْ الْمَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ الْأَوْسُقَ، فَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْأَرْضَ وَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْوَسْقَ، فَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتْ الْأَرْضَ ".
وَالْمَعْنَى دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ أَصْحَابَ الْأَرْضِ قَدْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى زَرْعِهَا وَالْعَمَلِ عَلَيْهَا، وَالْأَكْثَرُ يَحْتَاجُونَ إلَى الزَّرْعِ وَالْأَرْضِ لَهُمْ، فَاقْتَضَتْ الْحِكْمَةُ جَوَازُ الْمُزَارَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، بَلْ الْحَاجَةُ هُنَا آكَدُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الزَّرْعِ آكَدُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهِ؛ لِكَوْنِهِ مُقْتَاتًا، وَلِكَوْنِ الْأَرْضِ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بِالْعَمَلِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الْمَالِ.
(وَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاةٌ) عَلَى (مَا) - أَيْ: شَجَرٍ - (لَا ثَمَرَ لَهُ يُؤْكَلُ كَصَفْصَافٍ وَقَرَظٍ) - وَهُوَ وَرَقُ السَّلَمِ يُدْبَغُ بِهِ - وَدُلْبٍ وَحَوَرٍ وَسَرْوٍ - (وَلَوْ) كَانَ لَهُ خَشَبٌ يُقْصَدُ أَوْ - (كَانَ لَهُ وَرَقٌ أَوْ زَهْرٌ يُقْصَدُ كَتُوتٍ وَوَرْدٍ) وَنَرْجِسِ وَيَاسَمِينٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، (خِلَافًا لِلْمُوَفَّقِ) وَالشَّارِحِ، فَإِنَّهُمَا قَالَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَا يُقْصَدُ وَرَقُهُ أَوْ زَهْرُهُ إجْرَاءً لِلْوَرَقِ وَالزَّهْرِ مَجْرَى الثَّمَرَةِ.
(وَلَا) تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ مِنْ أُصُولِ الْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ مِنْ (نَحْوِ قُطْنٍ) يُؤْخَذُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَلَا عَلَى الْمَقَاثِي مِنْ نَحْوِ بِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ (وَبَاذِنْجَانٍ) وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَجَرٍ. وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
(وَلَا) يَصِحُّ (كَوْنُ غَرْسٍ لِوَاحِدٍ وَالْأَرْضِ لِآخَرَ) ؛ لِاشْتِرَاكِ كَوْنِهِمَا مِنْ وَاحِدٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، (فَإِنْ وَقَعَ) الْغَرْسُ مِنْ الْعَامِلِ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ، وَ (خُيِّرَ رَبُّهَا) - أَيْ: الْأَرْضِ -، (بَيْنَ قَلْعِهِ) - أَيْ: تَكْلِيفِ رَبِّ الْغِرَاسِ قَلْعَهُ - (وَضَمَانِ نَقْصِهِ) لَهُ (أَوْ تَمَلُّكِهِ) بِقِيمَتِهِ لِغَارِسِهِ، إلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّهُ أَخْذَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَهُ فَلَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ بَذَلَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ الْقِيمَةَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَلَمْ يَمْنَعْ تَحْوِيلَهُ، (أَوْ تَرْكَهُ بِأُجْرَتِهِ) بِاتِّفَاقِهِمَا.
(وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ مُسَاقَاةٍ وَمُنَاصَبَةٍ وَمُزَارَعَةٍ (كَوْنُ عَاقِدِ كُلٍّ) مِنْهَا
(نَافِذَ التَّصَرُّفِ) بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا رَشِيدًا؛ لِأَنَّهَا عُقُودُ مُعَاوَضَةٍ، فَاعْتُبِرَ لَهَا ذَلِكَ كَالْبَيْعِ.
(وَتَصِحُّ) مُسَاقَاةٌ (بِلَفْظِهَا) كَسَاقَيْتُكَ عَلَى هَذَا الْبُسْتَانِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظُهَا الْمَوْضُوعُ لَهَا، (وَ) تَصِحُّ (بِلَفْظِ مُعَامَلَةٍ وَمُفَالَحَةٍ، وَ) بِلَفْظِ (اعْمَلْ بِبُسْتَانِي هَذَا) حَتَّى تَكْمُلَ ثَمَرَتُهُ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا (وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ الْعَقْدُ، فَإِذَا دَلَّ عَلَيْهِ أَيُّ لَفْظٍ كَانَ؛ صَحَّ كَالْبَيْعِ.
وَ (تَصِحُّ) الْمُسَاقَاةُ (بِمُعَاطَاةٍ) ، وَقَبُولُهَا كَذَلِكَ يَصِحُّ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ وَبِالْمُعَاطَاةِ، وَالشُّرُوعُ مِنْ الْعَامِلِ فِي الْعَمَلِ قَبُولُهُ.
(وَتَصِحُّ) الْمُسَاقَاةُ بِلَفْظِ إجَارَةٍ (مَعَ مُزَارَعَةٍ) ؛ أَيْ: وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا (بِلَفْظِ إجَارَةٍ) كَ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَعْمَلَ عَلَى هَذَا الْبُسْتَانِ حَتَّى تَكْمُلَ ثَمَرَتُهُ بِثُلُثِهَا، أَوْ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَزْرَعَ هَذَا الْحَبَّ بِهَذِهِ الْأَرْضِ، وَتَعْمَلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتِمَّ بِالرُّبْعِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُؤَدٍّ لِلْمَعْنَى.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ) مَعْلُومَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِنَقْدٍ مَعْلُومٍ وَعَرُوضٍ مَعْلُومَةٍ، (وَبِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ) كَالنِّصْفِ وَنَحْوِهِ (مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ نَحْوِ بُرٍّ أَوْ) غَيْرِهِ (كَقُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ) ، وَهُوَ إجَارَةٌ حَقِيقِيَّةٌ؛ كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا بِنَقْدٍ، فَيُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطُ الْإِجَارَةِ، فَكَمَا تَصِحُّ بِالدَّرَاهِمِ تَصِحُّ بِالْخَارِجِ مِنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ (مِنْ نَحْوِ شَجَرٍ) ؛ لِطُولِ مُكْثِهِ فِي الْأَرْضِ، وَرُبَّمَا احْتَاجَ رَبُّ الْأَرْضِ تَفْرِيغَهَا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ الشَّجَرِ قَائِمًا نَامِيًا، بِخِلَافِ الْبُرِّ وَنَحْوِهِ؛ فَإِنَّهُ يَزُولُ بِنَبْتِهِ، وَتَتَفَرَّغُ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.
(فَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ) الْأَرْضُ، أَوْ زُرِعَتْ فَلَمْ تَنْبُتْ، أَوْ نَبَتَتْ ثُمَّ تَلِفَ، وَلَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْهُ حَبٌّ، سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا مُزَارَعَةٌ أَوْ إجَارَةٌ عَلَى النَّصِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ (نُظِرَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - (إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ) - مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ - إلَى الْمُغَلِّ الْمُعَدَّلِ - (أَيْ: الْمُوَازِي لِمَا يَخْرُجُ) مِنْهَا (لَوْ زُرِعَتْ - فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى) فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ فَسَدَتْ فَأَجْرُ الْمِثْلِ.
(وَ) تَصِحُّ إجَارَةٌ أَرْضٍ (بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِ الْخَارِجِ) مِنْهَا (أَوْ غَيْرِهِ) - أَيْ: غَيْرِ جِنْسِهِ - كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا سَنَةً لِزَرْعِ بُرٍّ بِقَفِيزِ بُرٍّ، وَلَمْ يَقُلْ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا، أَوْ بِقَفِيزِ شَعِيرٍ وَنَحْوِهَا؛ كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ.
(وَلَوْ عَمِلَا) - أَيْ: الشَّرِيكَانِ - (فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ) بِأَنْ قَالَا: إنَّ لَكَ الثُّلُثَ، وَلِي الثُّلُثَانِ؛ (صَحَّ) ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ قَدْ يَكُونُ أَقْوَى عَلَى الْعَمَلِ مِمَّنْ شُرِطَ لَهُ الثُّلُثُ وَأُعْرَفَ بِهِ مِنْهُ، (بِخِلَافِ مُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِنِصْفِهِ) - أَيْ: الثَّمَرِ - أَوْ ثُلُثِهِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْمُسَاقَاةَ هُنَا فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ الْمَشْرُوطَ لَهُ النِّصْفُ يَسْتَحِقُّهُ بِمِلْكِهِ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْئًا، وَإِنْ شُرِطَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ؛ فَقَدْ جَعَلَ لِغَيْرِ الْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ، وَيَعْمَلُهُ بِلَا عِوَضٍ؛ فَلَا يَصِحُّ، فَإِذَا عَمِلَ الْعَامِلُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ كَانَ الثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ؛ لِتَبَرُّعِهِ بِهِ، (أَوْ) ؛ أَيْ: وَبِخِلَافِ مُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ (بِكُلِّهِ) ؛ أَيْ: الثَّمَرِ؛ فَلَا يَصِحُّ. قَالَهُ فِي " التَّلْخِيصِ ". (أَوْ لَهُ) - أَيْ: الْعَامِلِ - (أُجْرَتُهُ) - أَيْ: أُجْرَةُ مِثْلِهِ - (فِي) شَرْطِ (كُلِّهِ) - أَيْ: الثَّمَرِ - لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَقْتَضِي عِوَضًا، وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ الْعِوَضُ، فَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ.
(وَمَنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ) فِي أَرْضٍ شَائِعَةٍ بَيْنَهُمَا (فِي نَصِيبِهِ) مِنْهَا (بِفَضْلٍ) - أَيْ: جُزْءٍ زَائِدٍ - (عَنْ حِصَّتِهِ) مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَأَخْرَجَا الْبَذْرَ نِصْفَيْنِ، وَجَعَلَا لِلْعَامِلِ عَلَيْهَا مِنْهَا الثُّلُثَيْنِ؛ (صَحَّ) وَالسُّدُسُ فِي