الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَكَّلْتُك وَكُلَّمَا عَزَلْتُك، أَوْ) كُلَّمَا (انْعَزَلْت فَقَدْ وَكَّلْتُك، أَوْ) كُلَّمَا (انْعَزَلْت فَأَنْتَ وَكِيلِي) ، فَكُلَّمَا عَزَلَهُ أَوْ انْعَزَلَ عَادَ وَكِيلًا، (وَيَصِحُّ عَزْلُهُ) - أَيْ الْوَكِيلِ وَكَالَةً دَوْرِيَّةً - بِقَوْلِ مُوَكِّلٍ لَهُ:(كُلَّمَا وَكَّلْتُك أَوْ) كُلَّمَا (عُدْت وَكِيلِي لَقَدْ عَزَلْتُك)، فَيَنْعَزِلُ (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ (مِثْلَ) قَوْلِهِ (كُلَّمَا) قَوْلُهُ (مَهْمَا) عُدْت وَكِيلِي فَقَدْ عَزَلْتُك (أَوْ) مِثْلُ قَوْلِهِ: كُلَّمَا، قَوْلُهُ (مَتَى) عُدْت وَكِيلِي فَقَدْ عَزَلْتُك وَهَذَا مُتَّجِهٌ. (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلٌ بَعْدَ عَزْلِهِ دُورًا) - أَيْ فِي الدُّورِ - بِقَوْلِهِ: كُلَّمَا وَكَّلْتُك أَوْ عُدْت وَكِيلِي فَقَدْ عَزَلْتُك (وَ) يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ (بِدُونِهِ) - أَيْ بِدُونِ الْعَزْلِ الدَّوْرِيِّ (إذْ غَايَتُهُ) - أَيْ الْعَزْلِ الْمَذْكُورِ - أَنَّهُ (فَسْخٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ) - وَهُوَ التَّوْكِيلُ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ الثَّانِي غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا صَارَ وَكِيلًا انْعَزَلَ؛ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ بَعْدَ عَزْلِهِ. قَالَ الْفَتُوحِيُّ مَنْ قَالَ لِإِنْسَانٍ. كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَقَدْ عَزَلْتُك، ثُمَّ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك فِي كَذَا؛ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ؛ لِوُجُودِ الْعَزْلِ الْمُعَلَّقِ بِوُجُودِ الْوَكَالَةِ انْتَهَى. وَقَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْت: حَتَّى لَوْ وَكَّلَهُ وَكَالَةً دَوْرِيَّةً لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ؛ لِمَا سَبَقَ
[فَصْلٌ أَحْكَامُ عُقُودِ الْوَكِيلِ]
(فَصْلٌ) : فِي حُكْمِ عُقُودِ الْوَكِيلِ وَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى
تَصَرُّفِهِ مِنْ ضَمَانٍ (وَحُقُوقُ الْعَقْدِ) كَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَضَمَانِ الدَّرْكِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ مِمَّا تَجُوزُ إضَافَتُهُ إلَى الْوَكِيلِ؛ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، أَوْ لَا كَالنِّكَاحِ (مُتَعَلِّقَةٌ بِمُوَكِّلٍ) ؛ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ لَهُ، (فَلَا يُعْتَقُ مَنْ) اشْتَرَاهُ وَكِيلٌ مِنْ أَقَارِبِهِ كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِمَّنْ (يُعْتَقُ عَلَى وَكِيلٍ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلْعَبْدِ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ، فَاشْتَرَاهُ بِالْوَكَالَةِ؛ لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الْوَكِيلِ (وَيَنْتَقِلُ مِلْكٌ) بِمُجَرَّدِ عَقْدِ (الْمُوَكِّلِ) لِقَبُولِ الْوَكِيلِ؛ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ، وَكَمَا لَوْ تَزَوَّجَ لَهُ، (وَيُطَالَبُ) الْمُوَكِّلُ (بِثَمَنِ) مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ، (وَيَبْرَأُ مِنْهُ) مُوَكِّلٌ (بِإِبْرَاءِ بَائِعٍ وَكِيلًا لَمْ يَعْلَمْ) بَائِعٌ (أَنَّهُ وَكِيلٌ) ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِشَيْءٍ.
(وَيَتَّجِهُ فَإِنْ عَلِمَهُ) بَائِعٌ وَكِيلًا فَأَبْرَأَهُ؛ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ يُبْرِئُهُ مِنْهُ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الِاتِّجَاهِ
(وَمَا وُهِبَ لَهُ) ؛ أَيْ: لِلْوَكِيلِ فِي (مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ) - أَيْ: خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ - فَهُوَ (لِمُوَكِّلِهِ) . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا دَفَعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ، فَفَعَلَ، فَوَهَبَ لَهُ الْمُشْتَرِي مِنْدِيلًا، فَالْمِنْدِيلُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي " إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْمِنْدِيلِ سَبَبُهَا الْبَيْعُ، فَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ.
(وَيَرُدُّ مُوَكِّلٌ) بِوُجُودِ (عَيْبٍ) فِيمَا اشْتَرَاهُ وَكِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ، فَمَلَكَ الطَّلَبَ بِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ.
(وَيَحْنَثُ) مُوَكِّلٌ (بِحَلِفِهِ) أَنَّهُ (لَا يَبِيعُ) الشَّخْصُ الْفُلَانِيُّ بِبَيْعِ وَكِيلِهِ إيَّاهُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ.
(وَيَضْمَنُ) الْمُوَكِّلُ (الْعُهْدَةَ) إذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ أَوْ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ، (إنْ أَعْلَمَ الْوَكِيلُ الْعَاقِدَ) بِوَكَالَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ
الْعَاقِدُ بَائِعًا لِلْوَكِيلِ أَوْ مُشْتَرِيًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ (بِوَكَالَتِهِ) ؛ فَضَمَانُ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً؛ لِلتَّغْرِيرِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَمْلِكُ مُشْتَرٍ طَلَبَ بَائِعٍ بِإِقْبَاضِ مَا بَاعَهُ لَهُ وَكِيلُهُ، لَكِنْ إذَا بَاعَ وَكِيلٌ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ؛ فَلِكُلٍّ مِنْ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ الطَّلَبُ بِهِ لِصِحَّةِ قَبْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَهُ. (وَ) قَدْ مَرَّ (فِي بَابِ) الرَّهْنِ مَا صُورَتُهُ (وَإِنْ اشْتَرَى وَكِيلٌ فِي ذِمَّتِهِ ثَبَتَ فِيهَا) ؛ أَيْ: فِي ذِمَّتِهِ (تَبَعًا، وَ) ثَبَتَ (فِي ذِمَّةِ مُوَكِّلِهِ أَصْلًا) ؛ كَمَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ أَصْلًا وَفِي ذِمَّةِ (الضَّامِنِ) تَبَعًا، (وَيُطَالِبُ) الْبَائِعُ (كُلًّا مِنْهُمَا) - أَيْ: مِنْ وَكِيلٍ وَمُوَكِّلٍ -[وَيَبْرَآنِ بِبَرَاءَةِ مُوَكِّلٍ] لَا إنْ أُبْرِئَ وَكِيلٌ فَقَطْ، فَلَا يَبْرَأُ الْمُوَكِّلُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِيُوَافِقَ مَا سَبَقَ
(وَيَخْتَصُّ وَكِيلٌ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ لَمْ يَحْضُرْهُ مُوَكِّلٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَعَلُّقِ الْعَاقِدِ كَالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَإِنْ حَضَرَهُ مُوَكِّلٌ كَانَ الْأَمْرُ لَهُ، إنْ شَاءَ حَجَرَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ مَعَ كَوْنِهِ يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ حَقِيقَةٌ لَهُ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَكِيلٍ لِنَفْسِهِ) ؛ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ.
هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (شِرَاؤُهُ مِنْهَا) - أَيْ نَفْسِهِ - (لِمُوَكِّلِهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي الْبَيْعِ بَيْعُ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِهِ فَحُمِلَتْ الْوَكَالَةُ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، وَلِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ تَمَامُهُ، وَيَتَنَافَى الْغَرَضَانِ فِي بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ وَشِرَائِهِ مِنْهَا؛ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ نَهَاهُ.
(وَلَوْ زَادَ عَلَى ثَمَنِهِ فِي النِّدَاءِ) ، أَوْ وَكَّلَ
مَنْ يَبِيعَهُ، (إلَّا إنْ أَذِنَ) مُوَكِّلٌ (لَهُ) فِي بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ شِرَائِهِ مِنْهَا؛ (فَيَصِحُّ) لِلْوَكِيلِ إذَنْ (تَوَلِّي طَرَفَيْ عَقْدٍ فِيهِمَا) ؛ أَيْ: فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ وَالشِّرَاءِ مِنْهَا (كَأَبِ وَلِيٍّ) لِنَحْوِ صَغِيرٍ؛ فَيَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ " وَشَفَقَتَهُ تَحْمِلُهُ عَلَى عَمَلِ الْحَقِّ، وَرُبَّمَا زَادَهُ خَيْرًا، مَا لَمْ يَكُنْ الِابْنُ بَالِغًا أَوْ وَلَدَ زِنًى؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا وَلِيُّ نَحْوِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبٍ، وَبَاعَ مِنْ مَالِهِ لِمُوَلِّيهِ، أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ لِنَفْسِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ. قَالَ فِي الْمُغْنِي " وَبَيْعٌ طِفْلٍ يَلِي عَلَيْهِ بَيْعٌ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَشْتَرِي لَهُ انْتَهَى.
(وَكَتَوْكِيلٍ) - أَيْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ - (فِي بَيْعِهِ وَ) تَوْكِيلِ (آخَرَ) لِذَلِكَ الْوَكِيلِ (فِي شِرَائِهِ) ، فَيَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ، (وَمِثْلُهُ) ؛ أَيْ: عَقْدِ الْبَيْعِ (نِكَاحٌ) ؛ بِأَنْ يُوَكِّلَ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ يُوَكِّلَا وَاحِدًا، أَوْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ بِأَمَتِهِ، فَيَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ، (وَ) مِثْلُهُ (دَعْوَى) ؛ بِأَنْ [يُوَكِّلَهُ] الْمُتَدَاعِيَانِ فِي الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ عَنْهَا وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ " وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فِي " الدَّعْوَى ": الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ لَا يَصِحُّ لِلتَّضَادِّ.
(وَوَلَدُهُ) - أَيْ الْوَكِيلِ - (وَإِنْ نَزَلَ وَوَالِدُهُ وَإِنْ عَلَا) وَمُكَاتَبُهُ وَنَحْوُهُمْ؛ كَزَوْجَتِهِ، (وَكُلُّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) كَوَلَدِ بِنْتِهِ وَوَالِدِ أُمِّهِ (كَنَفْسِهِ) ؛ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ لِأَحَدِهِمْ، وَلَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ فِي حَقِّهِمْ، وَيَمِيلَ إلَى تَرْكِ الِاسْتِقْصَاءِ عَلَيْهِمْ فِي الثَّمَنِ كَتُهْمَةٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، هَذَا مَعَ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا مَعَ الْإِذْنِ فَيَجُوزُ.
وَيَصِحُّ بَيْعُ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ لِإِخْوَتِهِ وَأَقَارِبِهِ كَعَمِّهِ وَابْنِ أَخِيهِ، وَقَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قُلْتُ: حَيْثُ حَصَلَ تُهْمَةٌ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ.
(وَكَذَا) ؛ أَيْ: كَالْوَكِيلِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (حَاكِمٌ وَأَمِينُهُ وَوَصِيٌّ وَنَاظِرُ وَقْفٍ وَمُضَارِبٌ) قَالَ (الْمُنَقِّحُ: وَشَرِيكُ عِنَانٍ وَوُجُوهٍ) وَكَذَا
أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ؛ فَلَا يَبِيعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْهُ نَفْسَهُ وَلَا مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَلَا يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إجَارَةُ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي " جَمْعِ الْجَوَامِعِ " إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى نَفْسِ النَّاظِرِ، فَإِجَارَتُهُ لِوَلَدِهِ صَحِيحَةٌ؛ بِلَا نِزَاعٍ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَوْجُهٌ مِنْهَا الصِّحَّةُ، وَحَكَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ قُضَاتِنَا، مِنْهُمْ الْبُرْهَانُ بْنُ مُفْلِحٍ، وَالثَّانِي تَصِحُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَقَطْ، وَالثَّالِثُ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا، وَهُوَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ بَعْضُ إخْوَانِنَا، وَالْمُخْتَارُ مِنْ ذَلِكَ الثَّانِي. انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا. قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ " وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ مَشَايِخُنَا عَدَمُ الصِّحَّةِ. أَقُولُ: عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا يَعْدِلُ عَنْ فَحْوَاهُ، وَلَا تَمِيلُ الْأَنْفُسُ السَّلِيمَةُ إلَى سِوَاهُ خُصُوصًا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي تُعْجِزُ حِيَلُ أَهْلِهِ حُكَمَاءَ الْيُونَانِ
(وَإِنْ بَاعَ وَكِيلٌ) فِي بَيْعٍ، (أَوْ) بَاعَ (مُضَارِبٌ بِزَائِدٍ عَلَى) ثَمَنٍ (مُقَدَّرٍ) ؛ أَيْ: قَدَّرَهُ لَهُ رَبُّ الْمَالِ؛ صَحَّ، (أَوْ) بَاعَا بِزَائِدٍ عَلَى (ثَمَنِ مِثْلٍ) إنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُمَا ثَمَنٌ، (وَلَوْ كَانَ الزَّائِدُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا أُمِرَا بِهِ) - أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ بِالْبَيْعِ بِهِ - (صَحَّ) أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا ثَوَابًا أَوْ نَحْوَهُ، (وَكَذَا) ؛ أَيْ: وَكَمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِزَائِدٍ عَلَى مِقْدَارٍ أَوْ ثَمَنِ مِثْلٍ، (إنْ بَاعَا) -؛ أَيْ: الْوَكِيلُ وَالْمُضَارِبُ - (بِأَنْقَصَ) عَنْ مُقَدَّرٍ، (وَاشْتَرَيَا بِأَزْيَدَ) عَنْ مُقَدَّرٍ أَوْ ثَمَنِ مِثْلٍ، نَصَّ الْإِمَامُ عَلَى الصِّحَّةِ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَنَّ مَنْ صَحَّ بَيْعُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ بِثَمَنٍ؛ صَحَّ بِأَنْقَصَ مِنْهُ وَأَزْيَدَ كَالْمَرِيضِ.
(وَيَتَّجِهُ وَيَحْرُمُ) بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِأَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ؛ لِلْمُخَالَعَةِ، (وَأَنَّ الصِّحَّةَ) - أَيْ؛ صِحَّةَ الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ بِذَلِكَ - (حَيْثُ لَا نَهْيَ) مِنْ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نَهْيٌ مِنْهُ؛ لَمْ يَصِحَّ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ
(وَ) عَلَى الْمَذْهَبِ (يَضْمَنَانِ) ؛
أَيْ: الْوَكِيلُ وَالْمُضَارِبُ (فِي شِرَاءٍ) بِأَزْيَدَ عَنْ مُقَدَّرٍ أَوْ ثَمَنِ مِثْلِ (الزَّائِدَ) عَنْهُمَا، (وَ) يَضْمَنَانِ (فِي بَيْعٍ) بِأَنْقَصَ عَنْ مُقَدَّرٍ أَوْ ثَمَنِ مِثْلٍ (كُلَّ النَّقْصِ عَنْ مُقَدَّرٍ، وَ) يَضْمَنَانِ فِي بَيْعٍ إنْ لَمْ يُقَدَّرْ لَهُمَا ثَمَنُ كُلِّ (مَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ عَادَةً) ؛ كَأَنْ يُعْطِيَ لِوَكِيلِهِ ثَوْبًا ثَمَنُ مِثْلِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ لِيَبِيعَهُ لَهُ، وَلَمْ يُقَدِّرْ لَهُ الثَّمَنَ، فَيَبِيعُهُ بِثَمَانِينَ، وَالْحَالُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الثَّوْبِ قَدْ يَبِيعُهُ غَيْرُهُ بِخَمْسَةٍ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا، فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الَّتِي نَقَصَتْ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ مِمَّا يُتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ، فَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ بَاعَ بِمِثْلِ هَذَا النَّقْصِ؛ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ مِثْلِهِ عَسِرٌ، لَكِنَّهُ بَاعَ بِنَقْصٍ لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ بَيْنَ التُّجَّارِ - وَهُوَ عِشْرُونَ مِنْ مِائَةٍ - فَيَضْمَنُ جَمِيعَ الْعِشْرِينَ (عَنْ ثَمَنِ مِثْلٍ فِي زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيطٌ بِتَرْكِ الِاحْتِيَاطِ وَطَلَبِ الْأَحَظِّ لِمُوَكِّلِهِ فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ وَتَضْمِينِ الْمُفَرِّطِ جَمْعٌ بَيْنَ حَظِّ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ الْفَسْخِ، وَحَظِّ الْبَائِعِ، فَوَجَبَ التَّضْمِينُ، وَكَذَا شَرِيكٌ وَوَصِيٌّ وَنَاظِرُ وَقْفٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ [إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ](وَأَمَّا مَا يُتَغَابَنُ بِهِ) عَادَةً (كَدِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ - وَلَا تَقْدِيرَ) مِنْ الْمُوَكِّلِ - (فَلَا) يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ وَلَا الْمُضَارِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَيَضْمَنَانِ كُلَّ النَّقْصِ، وَلَوْ كَانَ يُتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً فِي الْمُقَدَّرِ؛ بِأَنْ قَالَ: بِعْهُ بِعَشَرَةٍ، وَبَاعَهُ بِتِسْعَةٍ؛ ضَمِنَ الْوَاحِدَ؛ لِلْمُخَالَفَةِ.
(وَلَا يَضْمَنُ قِنٌّ) مَأْذُونٌ مِنْ سَيِّدِهِ فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ، فَبَاعَ بِأَنْقَصَ، أَوْ اشْتَرَى بِأَزْيَدَ (لِسَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ الدَّيْنُ.
(وَلَا) يَضْمَنُ (صَغِيرٌ) أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي التِّجَارَةِ، فَبَاعَ كَذَلِكَ (لِنَفْسِهِ) ؛ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى نَفْسِهِ.
(وَإِنْ) أَرَادَ وَكِيلٌ وَمُضَارِبٌ بَيْعَ سِلْعَةٍ، (فَزِيدَ) فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ (عَلَى ثَمَنِ مِثْلٍ قَبْلَ بَيْعٍ؛ لَمْ يَجُزْ) لِوَكِيلٍ وَلَا مُضَارَبٍ بَيْعُهَا بِهِ - أَيْ بِثَمَنِ مِثْلٍ - لِأَنَّ عَلَيْهِ طَلَبَ الْأَحَظِّ لِآذِنِهِ، وَبَيْعُهَا كَذَلِكَ مَعَ مَنْ يَزِيدُنَا فِيهِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ أَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَى الزِّيَادَةِ، لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطَ وَطَلَبَ الْحِفْظِ لِمُوَكِّلِهِ، (وَ) أَنَّهُ (يَضْمَنُ) الزِّيَادَةَ إذَا بَاعَ بِدُونِهَا؛ لِتَفْرِيطِهِ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهَا.
هُوَ مُتَّجِهٌ.
وَإِنْ زِيدَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهَا بَعْدَ أَنْ بِيعَتْ (فِي مُدَّةِ خِيَارِ) مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ (لَمْ يَلْزَمْ) وَكِيلًا وَلَا مُضَارِبًا (فَسْخُ) بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إذَنْ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، فَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا. (وَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ) ؛ أَيْ: صِحَّةُ الْفَسْخِ لِلزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِذَلِكَ، (وَإِنْ حَرُمَ) الْفَسْخُ عَلَى الزَّائِدِ وَالْوَكِيلِ (مَعَ أَنَّهُ) تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ يَحْرُمُ، وَ (لَا يَصِحُّ شِرَاءٌ عَلَى شِرَاءِ مُسْلِمٍ) فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، بَلْ يُسَمَّى بَيْعًا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِ وَالْإِفْسَادِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " احْتِمَالًا بَعْدَ أَنْ قَالَ: وَإِنْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، فَحَضَرَ مَنْ يَزِيدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، لَمْ يَلْزَمْهُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي الصَّحِيحِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْمُزَايِدَ قَدْ لَا يَثْبُتُ عَلَى الزِّيَادَةِ، فَلَا يَلْزَمُ الْفَسْخُ بِالشَّكِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَاءَ بِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالنَّهْيُ يَتَوَجَّهُ إلَى الَّذِي زَادَ، لَا إلَى الْوَكِيلِ، فَأَشْبَهَ مَنْ جَاءَتْهُ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْبَيْعِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ. انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ لُزُومِ الْفَسْخِ، وَأَنَّ لُزُومَ الْفَسْخِ
مُحْتَمَلٌ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا، وَأَنَّ الشِّرَاءَ يَحْرُمُ، وَلَا يَصِحُّ
وَمَنْ دَفَعَ لِوَكِيلِهِ شَيْئًا، (وَ) قَالَ:(بِعْهُ بِدِرْهَمٍ، فَبَاعَهُ بِهِ) - أَيْ: الدَّرَاهِمِ - (وَبِعَرْضٍ) كَثَوْبٍ؛ صَحَّ، (أَوْ) بَاعَهُ (بِدِينَارٍ؛ صَحَّ) الْبَيْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى بِالْمَأْذُونِ فِيهِ حَقِيقَةً وَزِيَادَةً تَنْفَعُ الْمُوَكِّلَ وَلَا تَضُرُّهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ بَاعَ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ عُرْفًا؛ فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ بِدِرْهَمٍ رَضِيَ مَكَانَهُ بِدِينَارٍ
(أَوْ) قَالَ لِوَكِيلِهِ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ: (اشْتَرِهِ بِدِينَارٍ، فَاشْتَرَاهُ بِدِرْهَمٍ؛ صَحَّ) الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا، فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ بِبَذْلِ دِينَارٍ؛ رَضِيَ مَكَانَهُ بِدِرْهَمٍ.
وَ (لَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ إذَا قَالَ: بِعْهُ بِدِرْهَمٍ (إنْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ يُسَاوِي دِينَارًا) ؛ لِلْمُخَالَفَةِ، كَقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ:(بِعْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَبَاعَهُ) الْوَكِيلُ (بِثَمَانِينَ) دِرْهَمًا (وَعِشْرِينَ ثَوْبًا) ؛ لَمْ يَجُزْ.
(وَ) إنْ قَالَ: (اشْتَرِهِ بِمِائَةٍ، وَلَا تَشْتَرِهِ بِدُونِهَا) أَيْ: الْمِائَةِ - (فَخَالَفَهُ) ، وَاشْتَرَاهُ بِتِسْعِينَ (لَمْ يَجُزْ) الشِّرَاءُ؛ لِمُخَالَفَتِهِ مُوَكِّلَهُ. (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ أَنَّ (هَذَا) الشِّرَاءَ لَمْ يَجُزْ إنْ كَانَ أَذِنَهُ الْمُوَكِّلُ فِي شِرَاءِ فَرْدٍ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَذِنَهُ (فِي) شِرَاءِ (غَيْرِ
فَرْدٍ مُعَيَّنٍ) ؛ فَلَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهِ، وَالْقَوَاعِدُ لَا تَأْبَاهُ.
(وَ) إنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: (اشْتَرِ) لِي (نِصْفَهُ بِمِائَةٍ، وَلَا تَشْتَرِهِ جَمِيعَهُ، فَاشْتَرَى) الْوَكِيلُ (أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَأَقَلَّ مِنْ الْكُلِّ) بِمِائَةٍ (صَحَّ) الشِّرَاءُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ؛ كَقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ: (بِعْهُ بِأَلْفِ نَسَاءً، فَبَاعَهُ) الْوَكِيلُ (بِهِ) ؛ - أَيْ: الْأَلْفِ - (حَالًا) ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا، فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ، فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ - (وَلَوْ مَعَ) حُصُولِ (ضَرَرٍ) لِلْمُوَكِّلِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ مِنْ حَيْثُ حِفْظُهُ أَوْ خِيفَ تَلَفُهُ أَوْ تَعَدٍّ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ - اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ؛ إذْ النَّادِرُ لَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ، (مَا لَمْ يَنْهَهُ) صَرِيحًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: لَا تَبِعْ حَالًا، فَلَا يَصِحُّ؛ لِلْمُخَالَفَةِ، وَكُلُّ تَصَرُّفٍ خَالَفَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ فِيهِ؛ فَكَتَصَرُّفِ فُضُولِيٍّ. .
(وَ) إنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ فِي بَيْعِ شَيْءٍ (بِعْهُ) كُلَّهُ، (فَبَاعَ بَعْضَهُ بِدُونِ ثَمَنِ كُلِّهِ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ؛ لِضَرَرِهِ فِي تَبْعِيضِهِ عَلَيْهِ - وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إذْنٌ فِي ذَلِكَ نُطْقًا وَلَا عُرْفًا - وَلِلْوَكِيلِ بَيْعُ مَا بَقِيَ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ صَفْقَةً بِزِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ، (مَا لَمْ يَبِعْ) الْوَكِيلُ (بَاقِيَهُ) فَيَصِحُّ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِتَشْقِيصِهِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ مَا لَمْ يَرْضَ مُوَكِّلُهُ) بَيْعَ الْبَعْضِ؛ فَيَصِحُّ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ لُزُومَ الْبَيْعِ مَوْقُوفٌ عَلَى بَيْعِ الْبَاقِي فِي الْأُولَى وَإِجَازَةِ الْمُوَكِّلِ فِي الثَّانِيَةِ.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ
(أَوْ يَكُنْ) مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ (نَحْوُ صُبْرَةِ) بُرٍّ، (أَوْ) يَكُنْ (مَعْدُودًا كَعَبِيدٍ؛ فَيَصِحُّ) مُفَرَّقًا؛ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، وَعَدَمُ الضَّرَرِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِي الْإِفْرَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِيهِ وَلَا تَشْقِيصَ، (مَا لَمْ يَقُلْ) مُوَكِّلٌ: بِعْ هَذِهِ (صَفْقَةً) ؛ لِدَلَالَةِ تَنْصِيصِهِ عَلَيْهِ فِي غَرَضِهِ فِيهِ، (وَكَذَا شِرَاءٌ، فَيَصِحُّ شِرَاءُ) شَيْءٍ (وَاحِدٍ مِمَّنْ أَمَرَ بِهَا) ؛ - أَيْ: بِشِرَائِهِمَا قَالَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ "
وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَشَرَةَ شِيَاهٍ أَوْ عَشَرَ أَمْدَادِ بُرٍّ أَوْ عَشَرَةَ أَرْطَالِ حَرِيرٍ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ذَلِكَ صَفْقَةً وَشَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، لَا إنْ أَمَرَهُ بِشِرَائِهِمَا (صَفْقَةً) ، فَاشْتَرَاهُمَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ؛ فَلَا يَصِحُّ.
وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَيْنِ صَفْقَةً، فَاشْتَرَى عَبْدَيْنِ لِاثْنَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَكِيلِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ؛ جَازَ.
(وَ) إنْ قَالَ: بِعْ هَذَا (الْعَبْدَ بِمِائَةٍ، فَبَاعَ نِصْفَهُ بِهَا) ؛ - أَيْ: الْمِائَةِ - (صَحَّ) الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ، وَزَادَهُ زِيَادَةً تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ، (وَلَهُ) ؛ - أَيْ: الْوَكِيلِ - (بَيْعُ النِّصْفِ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي بَيْعِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ كُلَّهُ بِمِثْلَيْ ثَمَنِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ: (بِعْهُ بِأَلْفٍ فِي سُوقِ كَذَا، فَبَاعَهُ بِهِ) ؛ - أَيْ: الْأَلْفِ - (فِي) سُوقٍ (آخَرَ؛ صَحَّ) الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بَيْعُهُ، وَتَنْصِيصُهُ عَلَى أَحَدِ السُّوقَيْنِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْغَرَضِ إذْنٌ فِي الْآخَرِ؛ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَوْ اسْتَعَارَ أَرْضًا لِزِرَاعَةِ شَيْءٍ، فَإِنَّهُ إذْنٌ فِي زِرَاعَةِ مِثْلِهِ، (مَا لَمْ يَنْهَهُ) الْمُوَكِّلُ عَنْ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ؛ لِلْمُخَالَفَةِ، (أَوْ) مَا لَمْ (يَكُنْ لَهُ) - أَيْ: لِلْمُوَكِّلِ - (فِيهِ) ؛ - أَيْ: السُّوقِ الَّذِي عَيَّنَهُ - (غَرَضٌ) صَحِيحٌ؛ (كَحِلِّ نَقْدِهِ أَوْ
مَوَدَّةِ أَهْلِهِ) أَوْ صَلَاحِهِمْ؛ فَلَمْ يَجُزْ فِي غَيْرِهِ؛ لِتَفْوِيتِ غَرَضِهِ عَلَيْهِ.
(وَ) إنْ قَالَ: (بِعْهُ لِزَيْدٍ، فَبَاعَهُ لِغَيْرِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ؛ لِلْمُخَالَفَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ نَفْعَ زَيْدٍ، فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ": إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِقَرِينَةٍ أَوْ صَرِيحٍ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي عَيْنِ الْمُشْتَرِي.
(وَ) إنْ قَالَ: بِعْهُ (بِبَلَدِ كَذَا، فَبَاعَهُ بِغَيْرِهِ) ؛ - أَيْ: الْبَلَدِ الَّذِي عَيَّنَهُ (حَرُمَ) عَلَى الْوَكِيلِ بَيْعُهُ، وَيَضْمَنُ الْمَبِيعَ إنْ تَلِفَ؛ لِتَعَدِّيهِ وَعَدَمِ تَضَمُّنِ الْإِذْنِ لِذَلِكَ، (وَصَحَّ) الْبَيْعُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّعَدِّيَ لَا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ.
وَإِنْ نَقَلَ الْمَبِيعَ إلَى غَيْرِ الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِي بَيْعِهِ بِهِ وَبَاعَهُ بِهِ (مَعَ مُؤْنَةِ نَقْلٍ) لِلْمَبِيعِ؛ (لَا يَصِحُّ) الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ، وَأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ. ذَكَرَهُ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى " بَحْثًا.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا نُقِلَ لِغَيْرِ بَلَدٍ مَأْذُونٍ فِي بَيْعِهِ بِهِ - (وَلَوْ حَمَلَهُ الْوَكِيلُ) إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ (بِنَفْسِهِ) - لِلْمُخَالَفَةِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) مَنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ عَنْ شَيْءٍ (اشْتَرِهِ بِكَذَا، فَاشْتَرَاهُ) الْوَكِيلُ (بِهِ) - أَيْ: بِالثَّمَنِ الَّذِي قَدَّرَهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ - (مُؤَجَّلًا) صَحَّ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا وَلَوْ تَضَرَّرَ، مَا لَمْ يَنْهَهُ
(أَوْ) قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي (شَاةً بِالدِّينَارِ، فَاشْتَرَى) بِالدِّينَارِ (شَاتَيْنِ تُسَاوِيهِ) ؛ - أَيْ: الدِّينَارِ - (إحْدَاهُمَا) ؛ صَحَّ - (وَإِنْ لَمْ تُسَاوِهِ) الشَّاةُ (الْأُخْرَى - وَيَصِحُّ بَيْعُهَا) ؛ - أَيْ: إحْدَى الشَّاتَيْنِ - (بِلَا إذْنِ) مُوَكِّلٍ؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ شَبِيبٍ هُوَ ابْنُ غَرْقَدَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْحَيَّ يُخْبِرُونَ