الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتَأْجَرَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْأُرَيْقِطِ هَادِيًا خِرِّيتًا - وَهُوَ الْمَاهِرُ - بِالْهِدَايَةِ لِيَدُلَّهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ إلَى الْمَدِينَةِ» ، (أَوْ يُلَازِمَ غَرِيمًا) يَسْتَحِقُّ مُلَازَمَةً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُحِقٌّ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ فِي الظَّاهِرِ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِالْحَقِّ، (أَوْ يَخِيطَ، أَوْ يُقَصِّرَ ثَوْبًا أَوْ يَقْلَعَ سِنًّا) أَوْ ضِرْسًا مُعِينَيْنِ.
(أَوْ) اسْتِئْجَارُهُ (لِفَصْدٍ أَوْ خَتْنٍ) أَوْ حَلْقِ شَعْرٍ أَوْ تَقْصِيرِهِ أَوْ قَطْعِ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ؛ لِلْحَاجَةِ إلَى قَطْعِهِ لِنَحْوِ أَكْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَلَا يُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ، وَمَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى قَطْعِ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ؛ يَحْرُمُ الْقَطْعُ، وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَنْعَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ.
قَالَ الْبُهُوتِيُّ: وَمِثْلُهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ؛ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ.
أَوْ اسْتِئْجَارُ طَبِيبٍ (لِمُدَاوَاةِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ) ؛ فَيَصِحُّ، (أَوْ حَلْبِ) حَيَوَانٍ (وَذَبْحِ أَوْ سَلْخِ حَيَوَانٍ) مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا أَعْمَالٌ مُبَاحَةٌ، لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ؛ فَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا؛ كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ.
(وَ) كَاسْتِئْجَارِ (رَحًى لِطَحْنِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ) مِنْ حَبٍّ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ، فَمِنْهُ مَا يَسْهُلُ؛ وَمِنْهُ مَا يَعْسُرُ.
[تَنْبِيهٌ مَا لَا عَمَلَ لَهُ كَدَارٍ وَأَرْضٍ لَا يُؤَجَّرُ إلَّا لِمُدَّةٍ]
قَالَهُ الْمَجْدُ (وَمَا لَهُ عَمَلٌ يَنْضَبِطُ يَجُوزُ تَقْدِيرُ إيجَارِهِ بِمُدَّةٍ وَعَمَلٍ) ، وَيَكْفِي ذِكْرُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، (وَشَرْطُ عِلْمِ) كُلِّ (عَمَلٍ) اُسْتُؤْجِرَ لَهُ، (وَضَبْطُهُ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكَانَ مَجْهُولًا؛ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ مَعَهُ، (فَيُعْتَبَرُ فِي إجَارَةٍ دَابَّةٍ لِإِدَارَةِ رَحًى مَعْرِفَةُ) صَاحِبِ الدَّابَّةِ (الْحَجَرَ، إمَّا بِنَظَرِ أَوْ وَصْفٍ) ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْبَهِيمَةِ يَخْتَلِفُ بِثِقَلِهِ وَخِفَّتِهِ، (وَ) يُعْتَبَرُ [تَقْدِيرُ عَمَلٍ] بِزَمَانٍ؛ (كَيَوْمٍ) أَوْ يَوْمَيْنِ (أَوْ طَعَامٍ) اُعْتُبِرَ ذِكْرُ كَيْلِهِ؛ (كَقَفِيزٍ، وَ) اُعْتُبِرَ (ذِكْرُ جِنْسٍ مَطْحُونٍ؛ كَاسْتِئْجَارِ رَحًى لِطَحْنِ بُرٍّ) أَوْ شَعِيرٍ أَوْ ذُرَةٍ.
(وَ) إنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً (لِإِدَارَةِ دُولَابٍ؛ اُعْتُبِرَ مُشَاهَدَتُهُ) - أَيْ الدُّولَابِ - (مَعَ) مُشَاهَدَةِ (دِلَائِهِ) ؛ لِاخْتِلَافِهَا، (وَ) اُعْتُبِرَ (تَقْدِيرُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ (بِزَمَنٍ أَوْ مِلْءِ نَحْوِ حَوْضٍ، وَلَا) يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ (بِسَقْيِ أَرْضٍ لِتُرْوَى) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ.
وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً (لِسَقْيٍ بِدَلْوٍ اُعْتُبِرَ مُشَاهَدَتُهُ) - أَيْ الدَّلْوِ - (وَ) اُعْتُبِرَ (تَقْدِيرُهُ بِعَدَدِ) الدِّلَاءِ، (أَوْ زَمَنٍ) كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ، (أَوْ بِمَاءٍ نَحْوَ حَوْضٍ) كَبِرْكَةٍ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَإِنْ قُدِّرَ السَّقْيُ (بِشُرْبِ مَاشِيَةٍ) ؛ جَازَ؛ (لِأَنَّ شُرْبَهَا يَتَقَارَبُ غَالِبًا) ؛ كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيرُهُ (بِبَلِّ تُرَابٍ مَعْرُوفٍ) لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالْعُرْفِ.
وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً (لِسَقْيٍ عَلَيْهَا؛ اُعْتُبِرَ مَعْرِفَةُ الْآلَةِ) الَّتِي يَسْقِي فِيهَا (مِنْ رَاوِيَةِ أَوْ قِرْبَةٍ أَوْ جِرَارٍ) إمَّا بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ وَيُقَدَّرُ الْعَمَلُ بِالزَّمَانِ؛ كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ، أَوْ بِالْعَدَدِ، أَوْ بِمِثْلِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنْ قُدِّرَ الْعَمَلُ بِقَدْرِ الْمَرَّاتِ احْتَاجَ إلَى (مَعْرِفَةِ) الْمَكَانِ الَّذِي يَسْتَقِي مِنْهُ، وَمَعْرِفَةِ (الْمَكَانِ) الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ بِالْمَاءِ، وَيَصُبُّ فِيهِ (لِلسَّقْيِ مِنْ قُرْبٍ وَبُعْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ.
وَمَنْ اكْتَرَى زَوْرَقًا - هُوَ نَوْعٌ مِنْ السُّفُنِ - فَزَوَاهُ؛ بِأَنْ جَمَعَهُ مَعَ زَوْرَقٍ لَهُ، فَغَرِقَا؛ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى الْمُسَاوَاةِ كَكِفَةِ الْمِيزَانِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْرًا لِاسْتِقَاءِ مَاءٍ، فَقَرَنَهُ بِثَوْرٍ آخَرَ لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، فَتَلِفَ؛ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّتَيْنِ وَاحِدَةً لِمَكَّةَ، وَالْأُخْرَى لِلْمَدِينَةِ؛ بَيَّنَ) الدَّابَّةَ (الَّتِي لِمَكَّةَ) ، وَبَيَّنَ الدَّابَّةَ (الَّتِي لِلْمَدِينَةِ) قَطْعًا لِلنِّزَاعِ.
(وَ) إنْ اسْتَأْجَرَ (لِحَفْرِ نَحْوِ بِئْرٍ) كَمَغَارَةٍ (أَوْ)[حَفْرِ](نَهْرٍ) أَوْ سَاقِيَةٍ؛ (اُعْتُبِرَ مَعْرِفَةُ أَرْضٍ تُحْفَرُ، وَ) اُعْتُبِرَ مَعْرِفَةُ (دُورِ بِئْرٍ، وَ) اُعْتُبِرَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ (عُمْقِهَا) ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَخْتَلِفُ بِالصَّلَابَةِ وَضِدِّهَا، (وَ) اُعْتُبِرَ مَعْرِفَةُ (آلَتِهَا إنْ طَوَاهَا) ؛ أَيْ: بَنَاهَا، وَاعْتُبِرَ مَعْرِفَةُ (طُولِ نَهْرٍ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ.
وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِهَا، (فَعَلَيْهِ نَقْلُ تُرَابِهَا مِنْهَا) - أَيْ الْبِئْرِ - لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْحَفْرُ إلَّا بِهِ، فَقَدْ تَضْمَنَّهُ الْعَقْدُ، (فَإِنْ تَهَوَّرَ) فِيهَا (تُرَابٌ مِنْ جَانِبِهَا، أَوْ سَقَطَ فِيهَا) - أَيْ الْبِئْرِ - (نَحْوُ بَهِيمَةٍ) فَانْهَالَ
بِهَا تُرَابٌ؛ (لَمْ يَلْزَمْهُ) - أَيْ الْأَجِيرَ - (إخْرَاجُهُ) - أَيْ التُّرَابِ - (وَهُوَ عَلَى مُكْتَرٍ) لِحَفْرِهَا، إنْ أَرَادَ تَنْظِيفَهَا؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ فِيهَا مِنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَتَضَمَّنْ عَقْدَ الْإِجَارَةِ رَفْعَهُ.
(وَإِنْ وَصَلَ الْأَجِيرُ) فِي الْحَفْرِ (لِصَخْرَةٍ أَوْ مَحَلٍّ صُلْبٍ) - بِضَمِّ الصَّادِ؛ أَيْ: جَمَادٍ - (يَمْنَعُ الْحَفْرَ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ) - أَيْ الْأَجِيرَ - (حَفْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) الصَّخْرَ وَنَحْوَهُ (مُخَالِفٌ لَمَا شَاهَدَهُ فَوْقَ) ، فَإِذَا ظَهَرَ فِي الْأَرْضِ مَا يُخَالِفُ الْمُشَاهَدَةَ؛ كَانَ لِلْأَجِيرِ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ؛ كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ.
(فَإِنْ فَسَخَ) الْأَجِيرُ؛ (فَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِسْطِ مَا عَمِلَ) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْإِتْمَامِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ، فَيَسْقُطُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْعَمَلِ، وَعَلَى مَا عَمِلَ الْأَجِيرُ، (فَيُقَالُ: كَمْ أَجْرُ مَا عَمِلَ وَكَمْ أَجْرُ مَا بَقِيَ) ؟ فَيَسْقُطُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا، فَإِذَا فَرَضْنَا أَنَّ أَجْرَ مَا عَمِلَ عَشْرَةٌ وَمَا بَقِيَ خَمْسَةً عَشَرَ؛ فَلَهُ خُمُسَانِ، (وَلَا يُقَسَّطُ عَلَى عَدَدِ الْأَذْرُعِ؛ لِأَنَّ أَعْلَى الْبِئْرِ يَسْهُلُ نَقْلُ التُّرَابِ مِنْهُ، وَأَسْفَلَهُ يَشُقُّ) هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَ " وَالْمُبْدِعِ " وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
(فَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ بِئْرِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ طُولًا وَعَشَرَةً عَرْضًا وَعَشَرَةً عُمْقًا، فَحَفَرَ الْأَجِيرُ خَمْسَةً طُولًا فِي خَمْسَةٍ عَرْضًا فِي خَمْسَةٍ عُمْقًا) ؛ وَأَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ لَهُ، (فَاضْرِبْ عَشَرَةً بِعَشَرَةٍ فِي مِائَةٍ، فَاضْرِبْهَا فِي عَشَرَةٍ بِأَلْفٍ) ؛ فَهِيَ الَّتِي اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِهَا (وَاضْرِبْ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، فَاضْرِبْهَا فِي خَمْسَةٍ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ) ، وَذَلِكَ الَّذِي حَفَرَهُ (وَهُوَ) - أَيْ الْخَارِجُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَلْفِ - (ثَمَنُ الْأَلْفِ فَلَهُ) - أَيْ الْأَجِيرِ - (ثَمَنُ الْأُجْرَةِ) ؛ لِأَنَّهُ وَفَّى بِثَمَنِ الْعَمَلِ، وَهَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا قَدَّمَهُ، فَتَنَبَّهْ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ " وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ، وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْأَوَّلَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ.
وَإِنْ نَبَعَ مِنْ الْمَحْفُورِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ مَا مَنَعَ الْأَجِيرَ مِنْ الْحَفْرِ؛ فَكَالصَّخْرَةِ فِي الْحُكْمِ، لِلْأَجِيرِ الْفَسْخُ، وَيُقَسَّطُ الْمُسَمَّى عَلَى مَا عَمِلَ