الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخُسْرَانِ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَخَذَ خَمْسِينَ؛ بَقِيَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ الْمَالِ؛ فَسَقَطَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْخُسْرَانِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ، يَبْقَى مَا ذُكِرَ
[فَصْلٌ تَنْفَسِخُ مُضَارَبَةٌ فِيمَا تَلِفَ قَبْلَ عَمَلِ الْعَامِلِ]
فَصْلٌ (وَتَنْفَسِخُ) مُضَارَبَةٌ (فِيمَا تَلِفَ) مِنْ مَالِهَا (قَبْلَ عَمَلِ) الْعَامِلِ فِي مَالِهَا، وَيَصِيرُ الْبَاقِي رَأْسَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْعَمَلِ لَمْ يُصَادِفْ إلَّا الْبَاقِيَ، فَكَانَ هُوَ رَأْسَ الْمَالِ، بِخِلَافِ مَا تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ، لِأَنَّهُ دَارَ بِالتَّصَرُّفِ، فَوَجَبَ إكْمَالُهُ؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ الرِّبْحَ، لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الشَّرْطِ.
(فَإِنْ تَلِفَ) بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ فِيهِ، انْفَسَخَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي التَّالِفِ، وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ هُوَ الْبَاقِي خَاصَّةً، لِأَنَّهُ مَالٌ هَلَكَ عَلَى جِهَتِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، أَشْبَهَ التَّالِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفَارَقَ مَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ، لِأَنَّهُ دَارَ فِي التِّجَارَةِ، وَشُرِعَ فِيمَا قُصِدَ بِالْعَقْدِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الرِّبْحِ.
(وَإِنْ تَلِفَ الْكُلُّ) ؛ أَيْ: كُلُّ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، (ثُمَّ اشْتَرَى) الْعَامِلُ (لِلْمُضَارَبَةِ شَيْئًا) مِنْ السِّلَعِ؛ فَهُوَ (كَفُضُولِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَيْسَتْ مِنْ الْمُضَارَبَةِ؛ لِانْفِسَاخِ الْمُضَارَبَةِ بِتَلَفِ الْمَالِ، فَبَطَلَ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ، فَقَدْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، فَكَانَ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ، وَثَمَنُهُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ تَلَفَ الْمَالِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ جَهِلَهُ، مَا لَمْ يُجِزْ رَبُّ الْمَالِ شِرَاءَهُ فَيَكُونُ لَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ سِلْعَةً وَلَمْ يُسَمِّهِ.
(وَإِنْ تَلِفَ) مَالُ الْمُضَارَبَةِ (بَعْدَ شِرَائِهِ) - أَيْ: الْعَامِلِ - (فِي ذِمَّتِهِ وَقَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِ) مَا اشْتَرَاهُ؛ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا.
(أَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ) ؛ أَيْ: مَالُ الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ الْعَمَلِ (مَعَ مَا اشْتَرَاهُ) لَهَا؛ (فَالْمُضَارَبَةُ) بَاقِيَةٌ (بِحَالِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِفَسْخِهَا هُوَ التَّلَفُ، وَلَمْ يُوجَدْ حِينَ الشِّرَاءِ وَلَا قَبْلَهُ، وَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ؛ كَالْمُوَكِّلِ، وَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ الثَّمَنَ دُونَ التَّالِفِ؛ لِتَلَفِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(وَيُطَالَبَانِ) ؛ أَيْ: رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ (بِالثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ الْعَامِلُ؛ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ، وَلِمُبَاشَرَةِ الْعَامِلِ، فَإِنْ غَرِمَهُ رَبُّ الْمَالِ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِتَعَلُّقِ حُقُوقِ الْعَقْدِ بِهِ.
(وَيَرْجِعُ بِهِ) - أَيْ: الثَّمَنِ - (عَامِلٌ) ، إنْ دَفَعَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ؛ لِلُزُومِهِ لَهُ أَصَالَةً، وَالْعَامِلُ بِمَنْزِلَةِ الضَّامِنِ.
(وَإِنْ أَتْلَفَ) الْعَامِلُ (مَا اشْتَرَاهُ لَهَا) - أَيْ: لِلشَّرِكَةِ (فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ نَقَدَ) الْعَامِلُ (الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنِ) رَبِّ الْمَالِ؛ (لَمْ يَرْجِعْ رَبُّ الْمَالِ عَلَيْهِ) - أَيْ: الْعَامِلِ - (بِشَيْءٍ) ، وَالْعَامِلُ بَاقٍ عَلَى الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَامِلِ بِشَيْءٍ (إنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ) ، أَمَّا إذَا ظَهَرَ رِبْحٌ؛ فَلِلْمَالِكِ الرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ؛ لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْمُضَارَبَةِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَالْمُضَارَبَةُ) بَاقِيَةٌ (بِحَالِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِفَسْخِهَا هُوَ التَّلَفُ، وَلَمْ يُوجَدْ حِينَ الشِّرَاءِ وَلَا قَبْلَهُ.
(وَإِنْ قُتِلَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ - (قِنُّهَا) ؛ بِأَنْ قَتَلَ عَبْدٌ لِأَجْنَبِيٍّ عَبْدًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَمْدًا؛ (فَلِرَبِّ الْمَالِ) أَنْ يَقْتَصَّ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَقْتُولِ، وَتَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ فِيهِ؛ لِذَهَابِ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَهُ (الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، وَيَكُونُ) الْمَالُ الْمَعْفُوُّ عَلَيْهِ (كَبَدَلِ مَبِيعٍ) ؛ أَيْ: ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْهُ، (وَالزِّيَادَةُ) فِي الْمَالِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ (عَلَى قِيمَتِهِ) ؛ أَيْ: الْمَقْتُولِ، الَّتِي اُشْتُرِيَ بِهَا (رِبْحٌ) فِي الْمُضَارَبَةِ، فَتَكُونُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ.
مِثَالُ الزِّيَادَةِ: (كَأَنْ صُولِحَ) رَبُّ الْمَالِ (عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) ؛ أَيْ: الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ فِي قَتْلِ عَمْدٍ، فَيَقْسِمَانِهَا عَلَى مَا شَرَطَا؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ
الرِّبْحِ (وَمَعَ) ظُهُورِ (رِبْحٍ) فِي الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا، (الْقَوَدُ لَهُمَا) ؛ أَيْ: لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ كَالْمُصَالَحَةِ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا شَرِيكَيْنِ بِظُهُورِ الرِّبْحِ.
(وَاذَا طَلَبَ عَامِلٌ الْبَيْعَ) ؛ أَيْ: بَيْعَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، (وَقَدْ فُسِخَتْ) الْمُضَارَبَةُ (أَوَّلًا، فَأَبَى مَالِكٌ) الْبَيْعَ؛ (أُجْبِرَ) عَلَيْهِ (إنْ كَانَ) فِي الْمَالِ (رِبْحٌ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِالْبَيْعِ، فَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَنْ تَوْفِيَتِهِ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ ظَاهِرٌ؛ لَمْ يُجْبَرْ الْمَالِكُ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَقَدْ رَضِيَهُ مَالِكُهُ عَرْضًا.
(وَمِنْهُ) - أَيْ: وَمِنْ الرِّبْحِ (مَهْرٌ) وَجَبَ بِوَطْءِ أَمَةٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، أَوْ بِتَزْوِيجِهَا بِاتِّفَاقِهِمَا. (وَثَمَرَةٌ) ظَهَرَتْ مِنْ شَجَرٍ اُشْتُرِيَ مِنْ مَالِهَا، (وَأُجْرَةٌ) وَجَبَتْ بِعَقْدٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، أَوْ بِتَعَدٍّ عَلَيْهِ، (وَأَرْشُ) عَيْبٍ، وَأَرْشُ جِنَايَةٍ، (وَنِتَاجٌ) نَتَجَتْهُ بِمُهِمَّتِهَا.
(وَإِتْلَافُ مَالِكٍ) الْمَالَ (كَقِسْمَةِ) الرِّبْحِ، (فَيَغْرَمُ) رَبُّ الْمَالِ (حِصَّةَ عَامِلٍ مِنْ رِبْحٍ) ؛ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ (أَجْنَبِيٌّ) ؛ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلْعَامِلِ حِصَّتَهُ، وَلِرَبِّ الْمَالِ رَأْسُ مَالِهِ وَحِصَّتُهُ.
(وَحَيْثُ فُسِخَتْ) الْمُضَارَبَةُ، (وَالْمَالُ عَرْضٌ أَوْ دَرَاهِمُ، وَكَانَ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسَهُ) ، بِأَنْ كَانَ دَنَانِيرَ وَأَصْلُهُ دَرَاهِمَ، (فَرَضِيَ رَبُّهُ بِأَخْذِهِ) ؛ أَيْ: مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا؛ (قَوَّمَهُ) - أَيْ: مَالَ الْمُضَارَبَةِ - (وَدَفَعَ حِصَّتَهُ) - أَيْ: الْعَامِلِ - مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي ظَهَرَ بِتَقْوِيمِهِ، (وَمَلَكَهُ) ؛ أَيْ: مَلَكَ رَبُّ الْمَالِ مَا قَابَلَ حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْ الْعَامِلِ الْبَيْعَ، وَقَدْ صَدَّقَهُ عَلَى الرِّبْحِ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ حَظٍّ يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِي بَيْعِهِ.
فَإِنْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ عَلَى الْمَالِكِ، وَدَفَعَ حِصَّةَ الْعَامِلِ؛ لَمْ يُطَالِبْ الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ بِقِسْطِهِ؛ كَمَا لَوْ ارْتَفَعَ بَعْدَ بَيْعِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، (إنْ لَمْ يَكُنْ) فَعَلَ رَبُّ الْمَالِ ذَلِكَ (حِيلَةً عَلَى قَطْعِ رِبْحِ عَامِلٍ؛ كَشِرَائِهِ نَحْوَ جُزْءٍ) كَطَعَامٍ (فِي
الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ فِي الشِّتَاءِ؛ فَيَبْقَى حَقُّهُ فِي رِبْحِهِ) .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنْ قَصَدَ رَبُّ الْمَالِ الْحِيلَةَ لِيَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ؛ بِأَنْ كَانَ الْعَامِلُ اشْتَرَى خَزًّا فِي الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ فِي الشِّتَاءِ، أَوْ يَرْجُو دُخُولَ مَوْسِمٍ أَوْ قَفْلٍ؛ فَإِنَّ حَقَّهُ يَبْقَى فِي الرِّبْحِ.
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قُلْتُ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَلَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُخَالِفُونَ ذَلِكَ. قَالَ الْأَزَجِيُّ: أَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَلَ لَا أَثَرَ لَهَا. انْتَهَى.
(وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ فَسْخِ مُضَارَبَةٍ بِأَخْذِ الْعِوَضِ أَوْ الدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ طَلَبَ الْبَيْعَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ فَسْخِ مُضَارَبَةٍ؛ (فَعَلَى عَامِلٍ بَيْعُهُ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ (وَقَبْضُ ثَمَنِهِ) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رَدَّ الْمَالِ نَاضًّا كَمَا أَخَذَهُ.
(وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْمَالِ (رِبْحٌ) ، فَإِنْ نَضَّ الْعَامِلُ رَأْسَ الْمَالِ جَمِيعَهُ، وَطَلَبَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَنِضَّ لَهُ الْبَاقِيَ؛ لَزِمَ الْعَامِلَ أَنْ يَنِضَّ الْبَاقِيَ. وَلَوْ كَانَ صِحَاحًا فَنَضَّ قُرَاضَةً، أَوْ مُكَسَّرَةً؛ لَزِمَ الْعَامِلَ رَدُّهُ إلَى الصِّحَاحِ بِطَلَبِ رَبِّهَا، فَيَبِيعُهَا بِصِحَاحٍ أَوْ بِعَرَضٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِهِ؛ كَمَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ بَعْدَ فَسْخِ الْمُضَارَبَةِ (تَقَاضِيهِ) - أَيْ: مَالِ الْمُضَارَبَةِ - (لَوْ كَانَ دَيْنًا) مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، لِاقْتِضَاءِ الْمُضَارَبَةِ رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى صِفَةٍ، وَالدُّيُونُ لَا تَجْرِي مَجْرَى النَّاضِّ، فَلَزِمَهُ أَنْ يَنِضَّهُ، وَلَا يَقْتَصِرُ فِي التَّقَاضِي عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَيْهِمَا عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، وَوُصُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى حَقِّهِ مِنْهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَقَاضِيهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَقَاضِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَضَى عَقْدِ الْوَكَالَةِ.
(وَإِنْ قَضَى عَامِلٌ بِرَأْسِ الْمَالِ دَيْنَهُ، ثُمَّ اتَّجَرَ بِوَجْهِهِ) ؛ أَيْ: اشْتَرَى بِذِمَّتِهِ بِجَاهِهِ، وَبَاعَ، وَحَصَلَ رِبْحٌ، (وَأَعْطَى رَبَّهُ) ؛ أَيْ: رَبَّ الْمَالِ الَّذِي قَضَى بِهِ دَيْنَهُ، (حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ) مِنْ تِجَارَتِهِ بِوَجْهِهِ (مُتَبَرِّعًا بِهَا) لِرَبِّ الْمَالِ؛