الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُتَصَدِّقُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ بَيْعُهُ - وَلَوْ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ - وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ؛ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي " تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ " اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ فِي بَيْعِهِ إنْ كَانَ أَمِينًا (وَلَا يَسْتَوْفِي) الْمُرْتَهِنُ (حَقَّهُ مِنْ الثَّمَنِ) الَّذِي بَاعَ بِهِ الرَّهْنَ، (نَصًّا) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ. قَالَ فِي " تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ ": وَالصَّوَابُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا عَدِمَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ، (وَعَنْهُ) ؛ أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (بَلَى) ؛ أَيْ: لَهُ أَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا، (وَإِنْ بَاعَهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنَ (حَاكِمٌ، وَوَفَّاهُ) حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ؛ (جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَهُ [وِلَايَةُ] مَالِ الْغَائِبِ، (وَيَأْتِي فِي) بَابِ (الْغَصْبِ تَتِمَّتُهُ) ؛ أَيْ: تَتِمَّةُ هَذَا الْبَحْثِ مُسْتَوْفًى.
[بَابُ الضَّمَانِ]
(بَابُ الضَّمَانِ) الضَّمَانُ: جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ إجْمَاعًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ، وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«الزَّعِيمُ غَارِمٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ. وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الضَّمِّ أَوْ مِنْ التَّضْمِينِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَتَضَمَّنُ الْحَقَّ أَوْ مِنْ الضِّمْنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ فِي ضِمْنِ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ وَثِيقَةٍ. وَشَرْعًا (الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) ، وَهُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا سَفِيهٍ؛ لِأَنَّهُ إيجَابُ مَالٍ بِعَقْدٍ؛ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمْ؛ كَالشِّرَاءِ (بِمَا) ؛ أَيْ: دَيْنٍ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْتِزَامٍ (وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ) ، (أَوْ بِمَا يَجِبُ) عَلَى غَيْرِهِ مَعَ بَقَاءِ مَا وَجَبَ أَوْ يَجِبُ عَلَى الْغَيْرِ، (غَيْرَ) ضَمَانِ مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ (جِزْيَةٍ) - وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ - لِأَنَّهَا إذَا أُخِذَتْ مِنْ الضَّامِنِ فَاتَ صِغَارُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَكَذَا الْكَفَالَةُ، (أَوْ الْتِزَامُ مُفْلِسٍ، وَيَتَّجِهُ أَوْ) الْتِزَامُ (سَفِيهٍ لَمْ يُحْجَرْ
عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُمَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فِي مَالِهِمَا لَا فِي ذِمَّتِهِمَا؛ كَالرَّاهِنِ يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ الرَّهْنِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَ) كَذَا الْتِزَامُ (مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ) ؛ فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ (أَوْ) الْتِزَامُ (قِنٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّهِ فَإِذَا أَذِنَهُمَا؛ انْفَكَّ؛ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْهُمَا فِيهِ؛ لَمْ يَصِحَّ، سَوَاءٌ أَذِنَ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا؛ إذْ الضَّمَانُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إيجَابَ مَالٍ؛ كَالنِّكَاحِ. (وَيُؤْخَذُ) مَا ضَمِنَ فِيهِ مُكَاتَبٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (مِمَّا بِيَدِ مُكَاتَبٍ) ؛ كَثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ وَنَحْوِهِ، (وَ) يُؤْخَذُ (مَا ضَمِنَهُ قِنٌّ) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (مِنْ سَيِّدِهِ) ؛ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ؛ كَاسْتِدَانَةٍ، (إلَّا) الْقِنَّ (الْمَأْذُونَ لَهُ) فِي الضَّمَانِ (لِيَقْضِيَ مِمَّا) ؛ أَيْ: مَالٍ (بِيَدِهِ) ؛ فَيَصِحُّ ذَلِكَ، (وَيَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِهِ) مِنْ الْمَالِ (خَاصَّةً) ؛ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهُ كَذَلِكَ؛ (كَقَوْلِ حُرٍّ ضَمِنْتُ) لَكَ هَذَا (الدَّيْنَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ) مَا ضَمِنْتُهُ (مِنْ مَالِي هَذَا) ، فَيَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ الَّذِي عَيَّنَهُ، فَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ سَقَطَ الضَّمَانُ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِبَدَلِهِ، (وَ) يُؤْخَذُ (مَا ضَمِنَهُ مَرِيضٌ) مَرَضَ الْمَوْتِ (مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ؛ فَهُوَ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ، وَكَالْوَصِيَّةِ، وَقِيَاسُ الْمَرِيضِ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ بِاللُّجَّةِ عِنْدَ الْهَيَجَانِ، أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ، وَنَحْوَهُمَا مِمَّا أَلْحَقَ بِالْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ، كَمَا سَيَأْتِي فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ. (وَ) يُؤْخَذُ (مِمَّا بِيَدِ مُفْلِسٍ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ) كَسَائِرِ دُيُونِهِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ الثَّابِتَةِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ.
وَ (لَا) يَصِحُّ (ضَمَانُ أَوْ كَفَالَةُ جِزْيَةٍ) وَجَبَتْ أَوْ تَجِبُ - (وَلَوْ) كَانَ الضَّامِنُ (كَافِرًا) - لِفَوَاتِ الصِّغَارِ. وَتَقَدَّمَ (خِلَافًا لِمَفْهُومِهِ) ؛ أَيْ: فِي
الْإِقْنَاعِ "، فَإِنَّهُ قَالَ: غَيْرُ ضَمَانِ مُسْلِمٍ جِزْيَةً وَكَفَالَتُهُ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ صِحَّةُ ضَمَانِ الْكَافِرِ الْجِزْيَةَ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ.
(وَصَحَّ) الضَّمَانُ (بِلَفْظِ ضَمِينٍ وَكَفِيلٍ وَقَبِيلٍ وَحَمِيلٍ وَصَبِيرٍ وَزَعِيمٍ) بِمَا عَلَيْهِ، يُقَالُ: قَبِلَ بِهِ - بِكَسْرِ الْبَاءِ - فَهُوَ قَبِيلٌ، وَحَمَلَ بِهِ حَمَالَةً فَهُوَ حَمِيلٌ، وَزَعَمَ بِهِ يَزْعُمُ - بِالضَّمِّ - زَعْمًا، وَصَبَرَ يَصْبِرُ - بِالضَّمِّ - صَبْرًا أَوْ صَبَارَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ مَعْنَى كَفَلَ. وَيَصِحُّ الضَّمَانُ أَيْضًا بِلَفْظِ (ضَمِنْتُ دَيْنَكَ، أَوْ تَحَمَّلْتُهُ، وَهُوَ) ؛ أَيْ: دَيْنُكَ (عِنْدِي، أَوْ) هُوَ (عَلَيَّ، أَوْ لَا تَعْرِفُهُ إلَّا مِنِّي، أَوْ بِعْهُ أَوْ زَوِّجْهُ، وَعَلَيَّ الثَّمَنُ أَوْ الْمَهْرُ) .
(وَ) يَصِحُّ الضَّمَانُ (بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِنْ أَخْرَسَ) ؛ كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهَا كَاللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ، وَ (لَا) يَصِحُّ ضَمَانُهُ بِإِشَارَةٍ خَفِيَّةٍ (غَيْرِ مَفْهُومَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ) مُنْفَرِدَةٍ عَنْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ مِنْهَا قَصْدُهُ الضَّمَانَ [ (لِكَتْبِهِ) ؛ أَيْ: الْأَخْرَسِ] (نَحْوَ تَجْوِيدِ) خَطٍّ أَحْيَانًا وَعَبَثًا وَتَجْرِبَةً؛ فَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا بِالِاحْتِمَالِ. وَمَنْ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ لَا يَصِحَّ - وَلَوْ بِكِتَابَةٍ - لِأَنَّهَا لَيْسَتْ صَرِيحَةً، وَكَذَلِكَ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ؛ فَتَصِحُّ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ، لَا بِكِتَابَةٍ مُفْرَدَةٍ عَنْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ بِهَا الْمَقْصُودُ، وَلَا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ إشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ. وَتَأْتِي صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ. (وَيَتَّجِهُ) عَدَمُ صِحَّةِ ضَمَانِ الْأَخْرَسِ بِالْكِتَابَةِ الْمُنْفَرِدَةِ عَنْ الْإِشَارَةِ (حَيْثُ لَا قَرِينَةَ) تَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ؛ كَكَوْنِ الْمَضْمُونِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَخْرَسِ مُخَالَطَةٌ وَمُعَامَلَةٌ، فَكَتَبَ لِشَخْصٍ أَنْ ادْفَعْ لِهَذَا كَذَا وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، فَدَفَعَ لَهُ بِكِتَابَتِهِ، فَيُعْمَلُ بِهَا.
(وَ) يَتَّجِهُ (وَلَا) يَصِحُّ الضَّمَانُ بِلَفْظِ (ضَمِنْت فُلَانًا أَوْ ضَمَانُهُ عَلَيَّ، وَيَكُونُ) قَوْلُهُ ذَلِكَ (كَفَالَةً، مَا لَمْ يَنْوِ الدَّيْنَ) ، أَمَّا لَوْ نَوَى الدَّيْنَ فَلَا رَيْبَ فِي