الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ وِلَايَةُ الْمَمْلُوكِ لِسَيِّدِهِ]
(فَصْلٌ: وَوِلَايَةُ مَمْلُوكٍ لِسَيِّدِهِ)
؛ لِأَنَّهُ مَالٌ - (وَلَوْ) كَانَ سَيِّدُهُ (غَيْرَ عَدْلٍ) لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْإِنْسَانِ فِي مَالِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَالَتِهِ -.
(وَ) وِلَايَةُ (صَغِيرٍ) عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ (وَبَالِغٍ بِجُنُونٍ) ؛ أَيْ: مَنْ بَلَغَ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَجْنُونًا، وَاسْتَمَرَّ عَلَى جُنُونِهِ، لَا مَنْ عَقَلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ جُنَّ؛ إذْ ذَاكَ لَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِ إلَّا الْحَاكِمُ (أَوْ سَفَهٍ) ، وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ؛ (لِأَبٍ بَالِغٍ) ؛ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ، فَإِنْ أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِابْنِ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ، وَلَمْ يَثْبُتْ بُلُوغُهُ؛ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ وَلَا لِوَصِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ فَلَا يَكُونُ وَلِيًّا.
(رَشِيدٍ) عَاقِلٍ (حُرٍّ عَدْلٍ - وَلَوْ ظَاهِرًا -) لِأَنَّ تَفْوِيضَ الْوِلَايَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ هَذِهِ [صِفَاتُهُ] ؛ تَضْيِيعٌ لِلْمَالِ، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ الْحُرِّ الْعَاقِلِ يَحْتَاجُ إلَى وَلِيٍّ؛ فَلَا يَكُونُ وَلِيًّا عَلَى غَيْرِهِ (أَوْ مُكَاتَبًا عَلَى وَلَدِهِ الْمُكَاتَبِ) ؛
و (لَا) تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى وَلَدِهِ (الْحُرِّ، ثُمَّ) تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ (لِوَصِيِّ الْأَبِ) الْعَدْلِ (وَلَوْ) كَانَ (بِجَعْلٍ) مِنْ الْمُوصِي أَوْ الْحَكَمِ (وَثَمَّ مُتَبَرِّعٌ) بِالْوِلَايَةِ - لِأَنَّهُ نَائِبُ الْأَبِ - أَشْبَهَ وَكِيلَهُ فِي الْحَيَاةِ.
(أَوْ) كَانَ الْأَبُ أَوْ وَصِيُّهُ (كَافِرٌ كَافِرٍ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي دِينِهِ، مُمْتَثِلًا لِمَا يَعْتَقِدُونَهُ وَاجِبًا، مَنْهِيًّا عَمَّا يُحَرِّمُونَهُ، مُرَاعِيًا لِلْمُرُوءَةِ، وَلَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ.
(ثُمَّ) بَعْدَ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ فَالْوِلَايَةُ (لِحَاكِمٍ) ؛ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، فَتَكُونُ لِلْحَاكِمِ؛ كَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ.
(فَإِنْ عُدِمَ) حَاكِمُ أَهْلٍ (فَأَمِينٌ يَقُومُ مَقَامَهُ) ؛ أَيْ: الْحَاكِمِ، (وَقَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ مَالٌ تُطَالِبُهُ الْوَرَثَةُ؛ فَيَخَافُ مِنْ أَمْرِهِ تَرَى أَنْ يُخْبِرَ الْحَاكِمَ وَيَرْفَعَ إلَيْهِ؟ قَالَ:(أَمَّا حُكَّامُنَا الْيَوْمَ هَؤُلَاءِ؛ فَلَا أَرَى أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ شَيْئًا)، وَهَذَا فِي زَمَانِهِ فَكَيْف بِحُكَّامِنَا الْيَوْمَ. (وَيَتَّجِهُ وَهُوَ) ؛ أَيْ: مَا قَالَهُ الْإِمَامُ (الصَّحِيحُ) الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ، (وَكَلَامُهُمْ) ؛ أَيْ: الْأَصْحَابِ (مَحْمُولٌ عَلَى حَاكِمِ أَهْلٍ) إنْ وُجِدَ وَهُوَ أَنْدَرُ
مِنْ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ (وَهَذَا يَنْفَعُك فِي كُلِّ مَوْضِعٍ) اُعْتُبِرَ فِيهِ الْحَاكِمُ (فَاعْتَمِدْهُ) وَاحْفَظْهُ؛ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ جِدًّا وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَالْجَدُّ) لَا وِلَايَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْلِي بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُدْلِي بِالْأَبِ؛ فَهُوَ كَالْأَخِ.
(وَالْأُمُّ وَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَحَلُّ الْخِيَانَةِ وَمَنْ عَدَّ الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا قَاصِرٌ عَنْهُمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى الْمَالِ، (وَقَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ، وَلَهُ مَالٌ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصِيٌّ، وَلَهُمْ أُمٌّ مُشْفِقَةٌ: يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهَا؛ لِتَحْفَظَهُ لَهُمْ.
(وَيَتَّجِهُ أَنَّ لَهَا) ؛ أَيْ: الْأُمِّ (وِلَايَةً فِي الْحِفْظِ) فَقَطْ، (لَا فِي التَّصَرُّفِ) ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَتُسَلِّمُهُ لِثِقَةٍ أَمِينٍ شَرِكَةً أَوْ مُضَارَبَةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا وَيُنَمِّيَهُ، وَتُبَاشِرُ هِيَ أَوْ أَمِينُهَا حِسَابَهُ وَالِاسْتِيفَاءَ، وَلَا تُهْمِلُهُ لِئَلَّا يَضِيعَ أَوْ تُتْلِفَهُ النَّفَقَةُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَحَرُمَ تَصَرُّفُ وَلِيٍّ صَغِيرٍ أَوْ وَلِيٍّ مَجْنُونٍ أَوْ وَلِيِّ سَفِيهٍ إلَّا بِمَا فِيهِ حَظٌّ) لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ (وَإِلَّا) يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ بِمَا فِيهِ حَظٌّ (لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ، وَيَضْمَنُ) نَقْصًا حَصَلَ بِتَصَرُّفِهِ؛
(فَإِنْ تَبَرَّعَ) الْوَلِيُّ بِصَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ، (أَوْ حَابَا) ؛ بِأَنْ بَاعَ مِنْ مَالِ مُوَلِّيه بِأَنْقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ اشْتَرَى لَهُ بِأَزْيَدَ (أَوْ زَادَ) فِي الْإِنْفَاقِ (عَلَى نَفَقَتِهِ) ؛ أَيْ: الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، (أَوْ) زَادَ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى (مَنْ تَلْزَمُهُ) أَيْ: تَلْزَمُ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ (مُؤْنَتُهُ) مِنْ نَحْوِ زَوْجَةٍ
(بِالْمَعْرُوفِ؛ ضَمِنَ) مَا تَبَرَّعَ بِهِ مَا حَابَا بِهِ وَالزَّائِدُ فِي النَّفَقَةِ؛ لِتَفْرِيطِهِ، وَلِلْوَلِيِّ تَعْجِيلُ نَفَقَةِ مُوَلِّيهِ مُدَّةً جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ إنْ لَمْ يُفْسِدْهَا، (وَتُدْفَعُ) النَّفَقَةُ (إنْ أَفْسَدَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ فَإِنْ أَفْسَدَهَا) ؛ أَيْ: النَّفَقَةَ مُوَلًّى عَلَيْهِ بِإِتْلَافٍ أَوْ دَفَعَ لِغَيْرِهِ (أَطْعَمَهُ) الْوَلِيُّ مُعَايَنَةً، وَإِلَّا كَانَ مُفَرِّطًا.
(وَإِنْ أَفْسَدَ كُسْوَتَهُ سَتَرَ عَوْرَتَهُ فَقَطْ فِي بَيْتٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحَيُّلٌ) عَلَى بَقَائِهَا عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ التَّحَيُّلُ (بِتَهْدِيدٍ) وَزَجْرٍ وَصِيَاحٍ عَلَيْهِ، (وَمَتَى أَرَاهُ) الْوَلِيُّ (النَّاسَ أَلْبَسَهُ) ثِيَابَهُ، (فَإِذَا مَضَوْا) ؛ أَيْ: النَّاسُ (نَزَعَ) الثِّيَابَ (عَنْهُ) وَسَتَرَ عَوْرَتُهُ فَقَطْ.
(وَيُقَيَّدُ مَجْنُونٌ بِحَدِيدٍ لِخَوْفٍ) عَلَيْهِ نَصًّا، وَكَذَا إنْ خِيفَ مِنْهُ.
(وَسُنَّ إكْرَامُ يَتِيمٍ وَإِدْخَالُ سُرُورٍ عَلَيْهِ وَدَفْعُ نَقْصٍ وَ) دَفْعُ (إهَانَةٍ عَنْهُ)(فَجَبْرُ قَلْبِهِ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحِهِ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا «أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، وَتُدْرِكَ حَاجَتَك؟ ارْحَمْ الْيَتِيمَ وَامْسَحْ رَأْسَهُ وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِك يَلِينُ قَلْبُك، وَتُدْرِكُ حَاجَتَك» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ ".
(وَلَا يَقْرَأُ) الْوَلِيُّ وَلَا غَيْرُهُ (فِي مُصْحَفِ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ) ذَلِكَ (يُخْلِقُهُ) ؛ أَيْ: يُبْلِيه لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى وَلِيٍّ)(إخْرَاجُ زَكَاةٍ) مِنْ مَالِ مُوَلِّيه (وَ) إخْرَاجُ (فِطْرَةٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيه) ، وَكَذَا فِطْرَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، (وَلَا يَتَوَلَّى سَفِيهٌ ذَلِكَ) ؛ أَيْ: إخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَالْفِطْرَةِ.
(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ) ؛ أَيْ: الْوَلِيُّ (عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى مَنْ وَلِيَهُ بِمَالٍ وَلَا إتْلَافٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ؛ وَأَمَّا تَصَرُّفَاتُهُ النَّافِذَةُ مِنْهُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا؛ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهَا؛ كَالْوَكِيلِ.
(وَلَا) يَصِحُّ أَنْ (يَأْذَنَ لَهُ فِي حِفْظِ مَالِهِ) ؛ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ.
(وَلَا يَصِحُّ أَنْ)(يَبِيعَ) وَلِيٌّ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَمَجْنُونٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ لِنَفْسِهِ،
(أَوْ يَشْتَرِيَ) لِنَفْسِهِ، (أَوْ يَرْتَهِنَ) لِنَفْسِهِ، (وَيَتَّجِهُ أَوْ يَقْتَرِضُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ. مِنْ مَالِ مُوَلِّيه لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التُّهْمَةِ، (غَيْرُ أَبٍ) فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِحَدِيثِ:«أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» .
وَيَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ؛ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ؛ إذْ مِنْ طَبْعِ الْوَالِدِ الشَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ وَالْمَيْلُ إلَيْهِ وَتَرْكُ حَظِّ نَفْسِهِ لِحَظِّهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْوَصِيَّ وَالْحَاكِمَ.
(وَلَهُ) ؛ أَيْ: لِلْأَبِ مُكَاتَبَةُ قِنٍّ مُوَلِّيه، (وَلِغَيْرِهِ) ؛ أَيْ: الْأَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ - وَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ - (مُكَاتَبَةُ قِنِّ مُوَلِّيه) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَيَّدَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِمَا إذَا كَانَ فِيهِ حَظٌّ.
وَلِأَبٍ وَغَيْرِهِ (عِتْقُهُ) ؛ أَيْ: قِنِّهِمَا (عَلَى مَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا حَظٌّ، وَلَيْسَ لَهُ الْعِتْقُ مَجَّانًا.
(وَ) لِأَبٍ وَغَيْرِهِ (إذْنُهُ) ؛ أَيْ: رَقِيقِ مَحْجُورِهِ (فِي تِجَارَةٍ) بِمَالِهِ؛ كَاتِّجَارِ وَلِيِّهِ فِيهِ بِنَفْسِهِ.
وَلِأَبٍ وَغَيْرِهِ (تَزْوِيجُهُ) ؛ أَيْ: قِنِّهِمَا (لِمَصْلَحَةٍ) - وَلَوْ بَعْضًا بِبَعْضٍ - لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إعْفَافًا عَنْ الزِّنَا؛ وَإِيجَابًا لِنَفَقَةِ الْإِمَاءِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابَةِ حَظٌّ) ؛ لَمْ تَصِحَّ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلِوَلِيٍّ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (سَفَرٌ بِمَالِهِ) لِلتِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا (مَعَ أَمْنِ) بَلَدٍ وَطَرِيقٍ؛ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ أَوْ الطَّرِيقُ غَيْرَ آمِنٍ؛ لَمْ يَجُزْ.
(وَيَتَّجِهُ) لِوَلِيٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ السَّفَرُ بِمَالٍ مَحْجُورٍ - (وَلَوْ بَحْرًا) حَيْثُ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ (خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " حَيْثُ قَالَ بِغَيْرِ الْبَحْرِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) لِأَبٍ وَغَيْرِهِ (مُضَارَبَتُهُ بِهِ) ؛ أَيْ: الِاتِّجَارُ بِمَالِهِ بِنَفْسِهِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ، فَلْيَتَّجِرْ بِهِ، وَلَا يَتْرُكُهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ» ) . وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَلِأَنَّهُ أَحَظُّ لِلْمُوَلَّى.
(وَلِمَحْجُورٍ رِبْحُهُ كُلُّهُ) ؛
لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ إلَّا بِعَقْدٍ، وَلَا يَعْقِدُهَا الْوَلِيُّ لِنَفْسِهِ؛ لِلتُّهْمَةِ.
(وَ) لِوَلِيٍّ (دَفْعُهُ) ؛ أَيْ: مَالُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ (مُضَارَبَةً بِجُزْءٍ) مُشَاعٍ مَعْلُومٍ (مِنْ رِبْحِهِ) ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَبْضَعَتْ مَالَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَلِنِيَابَةِ الْوَلِيِّ عَنْ مَحْجُورِهِ فِي كُلِّ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهُ، وَلِلْعَامِلِ مَا شُورِطَ عَلَيْهِ.
(وَ) لِوَلِيِّ (نِسَاءٍ) ؛ أَيْ؛ مَالِ مُوَلِّيه (لِمَلِيءٍ) لِمَصْلَحَتِهِ؛ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ أَكْثَرَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ حَالًا.
(وَيَتَّجِهُ وَ) يَصِحُّ بَيْعُهُ (بِعَرْضِ) تِجَارَةٍ (لِحَظٍّ) ؛ أَيْ: إذَا كَانَ فِي الْعَرْضِ حَظٌّ (وَ) يَتَّجِهُ أَيْضًا (أَنَّهُ يَشْهَدُ حَتْمًا) ؛ أَيْ: وُجُوبًا (فِي نِسَاءٍ) ؛ لِيَأْمَنَ جُحُودَهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) لَهُ (قَرْضُهُ لِمَلِيءٍ أَمِينٍ - وَلَوْ بِلَا رَهْنٍ - لِمَصْلَحَتِهِ) ؛ بِأَنْ يَكُونَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَالٌ فِي بَلَدٍ فَيُرِيدُ الْوَلِيُّ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَيَقْرِضُهُ مِنْ رَجُلٍ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ؛ لِيَقْضِيَهُ بَدَلَهُ فِي بَلَدٍ يَقْصِدُ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ حِفْظَهُ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ فِي نَقْلِ الْمَالِ. أَوْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ مِنْ نَهْبٍ أَوْ غَرَقٍ، أَوْ يَكُونُ الْمَالُ مِمَّا يَتْلَفُ بِتَطَاوُلِ مُدَّتِهِ أَوْ حَدِيثُهُ خَيْرٌ مِنْ قَدِيمِهِ؛ كَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا فَيُقْرِضُهُ خَوْفًا مِنْ السُّوسِ أَوْ مِنْ أَنْ تَنْقُصَ قِيمَتُهُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ؛ لَمْ يَجُزْ قَرْضُهُ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّبَرُّعَ.
(وَلَا يَضْمَنُ) الْوَلِيُّ مَا تَلِفَ مِنْ الْمَالِ بِالْبَيْعِ نَسَاءً وَالْقَرْضُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ؛ (كَخَوْفِ سُوسٍ أَوْ ضَيَاعٍ) ؛ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ.
(وَقَرْضُهُ) ؛ أَيْ: قَرْضُ الْوَلِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ (لِثِقَةٍ أَوْلَى مِنْ إيدَاعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ.
(فَإِنْ أَوْدَعَهُ) الْوَلِيُّ (مَعَ إمْكَانِ قَرْضِهِ؛ جَازَ) لَهُ ذَلِكَ، (وَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إنْ تَلِفَ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ.
تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا لِلْوَلِيِّ قَرْضُهُ بِأَنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً فَلَا يَجُوزُ قَرْضُهُ إلَّا لِمَلِيءٍ أَمِينٍ؛ لِئَلَّا يُعَرِّضَهُ لِلتَّلَفِ، وَكَذَا بَيْعُهُ نَسَاءً، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَرْضُهُ لِمَوَدَّةٍ وَمُكَافَأَةٍ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لِلْوَلِيِّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
(وَلَهُ) ؛ أَيْ: الْوَلِيِّ (هِبَتُهُ بِعِوَضِهِ) قَدْرَ قِيمَتِهِ فَأَكْثَرُ؛ أَمَّا بِدُونِهِمَا فَمُحَابَاةٌ عَلَى مَا سَبَقَ.
(وَ) لَهُ (رَهْنُهُ لِثِقَةٍ) ؛ أَيْ: عِنْدَهُ (لِحَاجَةٍ) .
وَلِلْأَبِ أَنْ يَرْتَهِنَ مَالَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِوَلِيٍّ غَيْرِهِ.
وَلِلْوَلِيِّ أَيًّا كَانَ أَوْ غَيْرِهِ (شِرَاءُ عَقَارٍ) مِنْ مَالِهِمَا؛ لِيَسْتَغِلَّ لَهُمَا مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْمُضَارَبَةِ بِهِ، (وَ) لَهُ (بِنَاؤُهُ) ؛ أَيْ: الْعَقَارُ لَهُمَا مِنْ مَالِهِمَا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشِّرَاءِ؛ إلَّا أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الشِّرَاء وَيَكُونَ أَحَظَّ؛ فَيَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ (بِمَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ) بِالْبِنَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فَيَفْعَلُهُ (لِمَصْلَحَةٍ - وَلَوْ بِلَبِنٍ -) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةً، فَلَا.
(وَ) لَهُ (شِرَاءُ أُضْحِيَّةٍ) لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ (مُوسِرٍ) ، وَتَحْرُمُ صَدَقَتُهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَتَقَدَّمَ، وَحَمَلَهُ فِي " الْمُغْنِي " عَلَى يَتِيمٍ يَعْقِلُهَا؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ وَفَرَحٍ، فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ جَبْرُ قَلْبِهِ وَإِلْحَاقُهُ بِمَنْ لَهُ أَبٌ؛ كَالثِّيَابِ الْحَسَنَةِ مَعَ اسْتِحْبَابِ التَّوْسِعَة فِي هَذَا الْيَوْمِ.
(وَلَهُ مُدَاوَاتُهُ) ؛ أَيْ: الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ - وَلَوْ بِأُجْرَةٍ - لِمَصْلَحَةٍ - وَلَوْ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ - نَصًّا.
(وَلَهُ تَرْكُ صَبِيٍّ بِمَكْتَبٍ) ؛ كَجَعْفَرٍ - وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَوْضِعُ تَعَلُّمِ الْخَطِّ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَحَلِّ تَعَلُّمِ مَا يَنْفَعُهُ مِنْ قُرْآنٍ وَغَيْرِهِ - و (لَوْ بِأُجْرَةٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ، أَشْبَهَ مَأْكُولُهُ (كَتَعْلِيمِ خَطٍّ وَرِمَايَةٍ وَأَدَبٍ وَمَا يَنْفَعُهُ) ، وَكَذَا تَرْكُهُ بِدُكَّانٍ لِتَعَلُّمِ صِنَاعَةٍ.
(وَلَهُ حَمْلُهُ لِيَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ) عَلَيْهِ، نَصًّا، قَالَهُ فِي " الْمُجَرَّدِ " وَ " الْفُصُولِ ".
وَلَهُ إذْنُهُ فِي صَدَقَةٍ يَسِيرَةٍ، نَصًّا؛ لِلتَّمَرُّنِ.
وَلَهُ أَيْضًا
تَجْهِيزُهَا إذَا زَوَّجَهَا أَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِنْ لِبَاسٍ وَحُلِيٍّ وَفِرَاشٍ عَلَى عَادَتِهِنَّ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ.
(وَ) لِلْوَلِيِّ (بَيْعُ عَقَارِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ) نَصًّا؛ (كَحَاجَةِ نَفَقَةٍ) أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، (وَلِخَوْفِ خَرَابِ) الْعَقَارِ، وَكَوْنِهِ فِي مَكَان لَا غَلَّةَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ غَلَّةٌ يَسِيرَةٌ، أَوْ لَهُ جَارُ سَوْءٍ أَوْ لِيُعَمِّرَ بِهَا عَقَارَهُ الْآخَرَ وَنَحْوَهُ، (أَوْ لِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ) الْعَقَارُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي بَيْعِهِ غِبْطَةٌ - وَهِيَ أَنْ يَبْذُلَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ الثُّلُثَ - أَوْ رَأَى الْوَلِيُّ شَيْئًا يُبَاعُ، فِي شِرَائِهِ غِبْطَةً لَا يُمْكِنُهُ شِرَاؤُهُ إلَّا بِبَيْعِ عَقَارِهِ، وَأَشْبَاهُ هَذَا مِمَّا لَا يَنْحَصِرُ، فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَرَاهُ مَصْلَحَةً، (وَ) إنْ بَاعَهُ الْوَلِيُّ (بِأَنْقَصَ) مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ؛ (لَمْ يَصِحَّ) .
ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَفِي " حَوَاشِي ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ " وَبَيْعُ الْوَلِيِّ بِدُونِ الْقِيمَةِ صَحِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، يَعْنِي وَيَضْمَنُ النَّقْصُ كَالْوَكِيلِ.
(وَيَجِبُ) عَلَى الْوَلِيِّ (قَبُولُ وَصِيَّةٍ لَهُ) ؛ أَيْ: الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) مِنْ أَقَارِبِهِ (إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ لِإِعْسَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ) ؛ كَوُجُودِ أَقْرَبَ مِنْهُ أَوْ قُدْرَةِ عَتِيقٍ عَلَى تَكَسُّبٍ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْوَصِيَّةِ إذَنْ مَصْلَحَةٌ مَحْضَةٌ، (وَإِلَّا) بِأَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ؛ (حَرُمَ) قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بِهِ؛ لِتَفْوِيتِ مَالِهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ.
(وَيَتَّجِهُ وَيَعْتِقُ) مُوصًى بِهِ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِقَبُولِ وَلِيِّهِ لَهُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوصِي - وَلَوْ حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ لَهُ - لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) ؛ أَيْ: الْوَلِيُّ (تَخْلِيصُ حَقِّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِرَفْعِ مَدِينٍ لَهُ لِوَالٍ يَظْلِمُهُ رَفَعَهُ) الْوَلِيُّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي جَرَّ الظُّلْمَ إلَى نَفْسِهِ؛ (كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّ مَغْصُوبٍ) إلَى مَالِكِهِ (إلَّا بِكُلْفَةٍ عَظِيمَةٍ) ، فَلِرَبِّهِ إلْزَامُ غَاصِبِهِ رَدَّهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.