الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَتَّجِهُ يَصِحُّ) بَيْعُ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ (قَبْلَهَا)، أَيْ: قَبْلَ الْقُرْعَةِ (إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُهُ) بِأَمَارَةٍ لَا خَفَاءَ مَعَهَا؛ لِزَوَالِ الِاشْتِبَاهِ الْمَوْقِعِ فِي الرِّيبَةِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
[فَصْلٌ الْبَيْع فِي الْمَسْجِد]
(فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعٌ) - وَلَوْ قَلَّ الْمَبِيعُ - (وَلَا شِرَاءٌ) وَلَا إجَارَةٍ (فِي الْمَسْجِدِ) لِمُعْتَكِفٍ وَغَيْرِهِ، احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ لَا هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْبَيْعِ وَعَنْ تَنَاشُدِ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسَاجِدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ.
(خِلَافًا لِلْمُوَفَّقِ وَجَمْعٍ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُصُولِ " وَالشَّارِحِ " وَالْمُسْتَوْعِبِ " فَإِنَّهُمْ جَزَمُوا بِالْكَرَاهَةِ.
(وَلَا يَصِحُّ) بَيْعٌ وَشِرَاءُ (مِمَّنْ تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ) - وَلَوْ بِغَيْرِهِ - (بَعْدَ) شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي نِدَائِهَا؛ أَيْ: الْجُمُعَةِ (الَّذِي عِنْدَ الْمِنْبَرِ) عَقِبَ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ؛ (لِوُجُودِ الْبَيْعِ إذَنْ) ؛ أَيْ: وَقْتِ النِّدَاءِ الثَّانِي.
وَأَمَّا النِّدَاءُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ حَدَثَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وقَوْله تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] ظَاهِرٌ فِي تَحْرِيمِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ، وَيَكُونُ ذَرِيعَةً إلَى فَوَاتِهَا، وَالشِّرَاءُ أَحَدُ شِقَّيْ الْعَقْدِ؛ فَكَانَ كَالشِّقِّ الْآخَرِ.
قَالَ (الْمُنَقِّحِ: أَوْ قَبْلَهُ) ؛ أَيْ: النِّدَاءِ الثَّانِي (لِمَنْ مَنْزِلُهُ بَعِيدٌ، بِحَيْثُ إنَّهُ) إذَا سَعَى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ (يُدْرِكُهَا) ؛ أَيْ: الصَّلَاةَ مَعَ الْخُطْبَةِ (انْتَهَى) .
(وَإِنْ تَعَدَّدَ نِدَاءٌ كَجَامِعَيْنِ) فِي الْبَلَدِ فَأَكْثَرَ؛ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِمَا، لِسَعَةِ الْبَلَدِ وَنَحْوِهَا؛ (امْتَنَعَ بَيْعٌ) بِنِدَاءٍ فِي جَامِعٍ (أَوَّلَ) قَبْلَ نِدَاءِ الْجَامِعِ الْآخَرِ.
صَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَفِي نُسْخَةٍ فِي " الْفُصُولِ ".
(وَيَتَّجِهُ هَذَا) ؛ أَيْ: امْتِنَاعُ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِنِدَاءِ أَوَّلِ الْجَامِعَيْنِ (فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مَعَ إمَامِهِ) ؛ أَيْ: إمَامِ الْجَامِعِ الَّذِي سَبَقَ نِدَاؤُهُ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَ مَنْ فِي الْجَامِعِ الْمُتَأَخِّرِ نِدَاؤُهُ؛ فَتَسْتَمِرُّ صِحَّةُ عُقُودِهِ إلَى الشُّرُوعِ فِي نِدَاءِ الْجَامِعِ الْآخَرِ؛ كَمَا يَصِحُّ الشُّرُوعُ فِي النَّافِلَةِ بَعْدَ إقَامَةِ صَلَاةٍ لِمَنْ لَا يُرِيدُ الدُّخُولَ فِيهَا مَعَ إمَامِهَا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيَصِحُّ) الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ الثَّانِي؛ (فِي اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي، وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ) ؛ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ.
وَيَصِحُّ الْبَيْعُ (لِحَاجَةٍ؛ كَمُضْطَرٍّ لِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ يُبَاعُ) ؛ فَلَهُ شِرَاؤُهُ لِحَاجَتِهِ، (وَكَعُرْيَانٍ وَجَدَ سُتْرَةً، وَكَمُحْدِثٍ) وَجَدَ (مَاءً [فَلَهُ] ) ؛ شِرَاءُ ذَلِكَ، (وَكَكَفَنٍ وَمُؤْنَةِ تَجْهِيزٍ لِمَيِّتٍ خِيفَ فَسَادُهُ بِتَأَخُّرِ) تَجْهِيزِهِ حَتَّى تُصَلَّى، (وَكَوُجُودِ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ) كَأُمِّهِ وَأَخِيهِ (يُبَاعُ مَعَ مَنْ لَوْ تَرَكَهُ) حَتَّى يُصَلِّيَ؛ (لَذَهَبَ) بِهِ.
(وَيَتَّجِهُ أَوْ يَبِيعُهُ لِغَيْرِهِ) ، وَلَا يُمْكِنُهُ اسْتِخْلَاصُهُ مِمَّنْ يَشْتَرِيهِ بِطِيبِ نَفْسِهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَكَشِرَاءِ مَرْكُوبٍ لِعَاجِزٍ) عَنْ الْمَشْيِ إلَى الْجُمُعَةِ، (أَوْ شِرَاءِ ضَرِيرٍ عَدِمَ قَائِدًا) يَقُودُهُ إلَى الْجُمُعَةِ، (وَحَيْثُ جَازَ شِرَاءٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ) الْجُمُعَةُ؛ جَازَ مِنْ غَيْرِهِ (بَيْعٌ لَهُ، وَصَحَّ) ؛ لِإِذْنِ الشَّارِعِ فِي ذَلِكَ (لَا إنْ بَاعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ) الْجُمُعَةُ؛ كَمَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ وَعَبْدٍ (لِمَنْ تَلْزَمُهُ) ؛ فَلَا يَصِحُّ (بِلَا حَاجَةٍ) وَتَقَدَّمَ.
(وَيُبَاحُ) الْبَيْعُ (بِلَا كَرَاهَةٍ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُ) الْجُمُعَةُ (لِمِثْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا.
(وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ) مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَمِنْ الصِّنَاعَاتِ كُلِّهَا، مِنْ الشُّرُوعِ فِي الْأَذَانِ الثَّانِي، أَوْ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي إذَا سَعَى فِيهِ أَدْرَكَهَا مِنْ مَنْزِلٍ بَعِيدٍ (إلَى فَرَاغِهَا) ؛ أَيْ: فَرَاغِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ.
(وَكَذَا) يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْخَمْسُ الْمَكْتُوبَاتُ، (لَوْ تَضَايَقَ وَقْتُ مَكْتُوبَةٍ) غَيْرِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ فِعْلِ الْمَكْتُوبَةِ، لَتَعَيَّنَ ذَلِكَ الْوَقْتُ لَهَا، فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا؛ لَمْ يَحْرُمْ الْبَيْعُ، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْرُمَ إذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ بِذَلِكَ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ أُخْرَى حَيْثُ قُلْنَا: بِوُجُوبِهَا، انْتَهَى. فَإِنْ لَمْ يُؤَذَّنْ لِلْجُمُعَةِ حَرُمَ الْبَيْعُ إذَا تَضَايَقَ وَقْتُهَا.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ وَلَوْ) كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي تَضَايَقَ (وَقْتَ اخْتِيَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ؛ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ انْعِقَادِ النَّافِلَةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ فَوَاتَهُ كَفَوَاتِ الْوَقْتِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَمَتَى قَالُوا: فُوِّتَ وَقْتٌ، فَمَا كَانَتْ ذَاتَ وَقْتٍ كَالْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ، فَمُرَادُهُمْ فُوِّتَ الْوَقْتُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَا كَانَتْ ذَاتَ [وَقْتَيْنِ كَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، فَوَقْتُ الِاخْتِيَارِ] ، تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ كَغَيْرِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيَصِحُّ إمْضَاءُ بَيْعِ خِيَارٍ، وَبَقِيَّةُ الْعُقُودِ؛ كَنِكَاحٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ وَرَهْنٍ) وَقَرْضٍ وَغَيْرِهَا بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لَا يُسَاوِيهِ فِي التَّشَاغُلِ الْمُؤَدِّي إلَى فَوَاتِهَا.
(وَيَتَّجِهُ وَيَحْرُمُ) إمْضَاءُ بَيْعٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بَعْدَ النِّدَاءِ الثَّانِي؛ لِلِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ الْإِمْضَاءَ لَيْسَ بِبَيْعٍ؛ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَتَحْرُمُ مُسَاوَمَةٌ وَمُنَادَاةٌ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَشْغَلُ) عَنْ الْجُمُعَةِ بَعْدَ نِدَائِهَا الثَّانِي؛ كَالْبَيْعِ بَعْدَهُ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا قُصِدَ بِهِ الْحَرَامُ إنْ عَلِمَ) الْبَائِعُ ذَلِكَ - وَلَوْ بِقَرَائِنَ - (كَعِنَبٍ أَوْ عَصِيرِهِ لِمُتَّخِذِهِ خَمْرًا) ، وَكَذَا زَبِيبٌ وَنَحْوُهُ، (وَلَوْ) كَانَ بَيْعُ ذَلِكَ لِذِمِّيٍّ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ.
(وَ) لَا يَصِحُّ بَيْعُ [سِلَاحٍ وَنَحْوِهِ] فِي فِتْنَةٍ وَلِأَهْلِ حَرْبٍ أَوْ قُطَّاعِ طَرِيقٍ أَوْ بُغَاةٍ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ ذَلِكَ مِنْ مُشْتَرِيهِ - وَلَوْ بِقَرَائِنَ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] ، وَيَصِحُّ بَيْعُ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْعَدْلِ لِقِتَالِ الْبُغَاةِ، وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.
(وَ) لَا يَصِحُّ [بَيْعُ](مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَمَشْمُومٍ وَقَدَحٍ لِمَنْ يَشْرَبُ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى الْمَأْكُولِ وَالْمَشْمُومِ وَالْمَشْرُوبِ مُسْكِرًا، (أَوْ) لِمَنْ يَشْرَبُ (بِهِ) ؛ أَيْ: الْقَدَحِ (مُسْكِرًا) ، (وَ) لَا بَيْعُ (نَحْوِ جَوْزٍ وَبَيْضٍ لِقِمَارٍ) ، (وَ) لَا بَيْعُ (غُلَامٍ وَأَمَةٍ لِمَنْ عُرِفَ بِوَطْءِ دُبُرٍ أَوْ لِغِنَاءٍ) ، وَكَذَا إجَارَتُهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إثْمٌ وَعُدْوَانٌ.
(وَيَتَّجِهُ) إنَّمَا يَحْرُمُ بَيْعُ الْأَمَةِ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ لِتُغَنِّيَ (بِآلَةِ لَهْوٍ) مُطْلَقًا، (أَوْ) اُشْتُرِيَتْ لِتُغَنِّيَ (لِلنَّاسِ) ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تُغَنِّي لِسَيِّدِهَا
بِلَا آلَةِ لَهْوٍ؛ فَلَا رَيْبَ فِي إبَاحَةِ بَيْعِهَا وَاقْتِنَائِهَا لِذَلِكَ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (دَرَاهِمَ) رَدِيئَةٍ (لِمَنْ يُدَلِّسُ فِيهَا) ، وَيُرَوِّجُهَا عَلَى النَّاسِ، (وَلَا) بَيْعُ (أَوَانِي نَحْوِ فِضَّةٍ) ؛ كَذَهَبٍ (لِمَنْ يَقْتَنِيهَا) - وَلَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا - لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُيَلَاءِ، وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ، وَتَضْيِيقِ النَّقْدَيْنِ، وَأَمَّا أَوَانِي الْجَوَاهِرِ، فَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَاِتِّخَاذُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا خَوَاصُّ النَّاسِ.
(وَ) لَا بَيْعُ (نَحْوِ لُجُمٍ وَسَرْجٍ) كَرِكَابٍ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ، أَوْ (مُحَلَّاةٍ بِهِ، وَ) لَا بَيْعُ (دِيبَاجٍ لِرِجَالٍ، وَهُوَ) ؛ أَيْ: تَحْرِيمُ بَيْعِ مَا ذُكِرَ (ظَاهِرُ عِبَارَةِ " الْمُغْنِي ") ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا؛ كَإِجَارَةِ الْأَمَةِ لِلزِّنَى أَوْ الْغِنَاءِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ شَيْءٍ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى بِهِ أَوْ فِيهِ؛ كَبَيْعِ الْغِلْمَانِ لِمَنْ يُوقِنُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِهِمْ، أَوْ يَخْصِيهِمْ، وَبَيْعِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ لِمَنْ يُوقِنُ أَنْ يُدَلِّسَ فِيهَا، وَكَبَيْعِ الْحَرِيرِ مِمَّنْ يُوقِنُ أَنَّهُ يَلْبَسُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] انْتَهَى. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ اُتُّهِمَ بِغُلَامِهِ، فَدَبَّرَهُ أَوْ لَا، وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْمُتَّهَمُ (فَاجِرٌ مُعْلِنٌ) لِفُجُورِهِ (حِيلَ بَيْنَهُمَا) ؛ أَيْ الرَّجُلِ وَغُلَامِهِ؛ خَوْفًا مِنْ إتْيَانِهِ لَهُ؛ كَمَا لَوْ لَمْ يُدَبِّرْهُ، (وَكَمَجُوسِيٍّ تُسْلِمُ أُخْتُهُ) أَوْ نَحْوُهَا، (وَيُخَافُ أَنْ يَأْتِيَهَا) ؛ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا؛ دَفْعًا لِذَلِكَ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقِيقِنَا، وَ) لَوْ كَانَ رَقِيقُنَا (كَافِرًا لِكَافِرٍ) .
أَمَّا فِي الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ فَوَاضِحٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَأَمَّا فِي الْكَافِرِ فَقَالَ الْمَجْدُ: لَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ عَبْدًا كَافِرًا مِنْ كَافِرٍ؛ لَمْ
يَجُزْ بَيْعُهُ مِنْ ذِمِّيٍّ وَلَا حَرْبِيٍّ، عَلَى ظَاهِرِ مَا رَوَاهُ الْمَيْمُونِيُّ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَإِنَّهُ شَرَطَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ لَا يَتَّخِذُوا شَيْئًا مِنْ الرَّقِيقِ الَّذِي جَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ مَا مَلَكْنَاهُ بِالسَّبْيِ أَوْ بِالشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.
(وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (وَكِيلَ مُسْلِمٍ) فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ (إلَّا إنْ عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ الْكَافِرِ الْمُشْتَرَى لَهُ بِمِلْكِهِ إيَّاهُ لِقَرَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ؛ فَيَصِحُّ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى حُرِّيَّتِهِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ) قِنٌّ (فِي يَدِهِ) ؛ أَيْ: الْكَافِرِ، أَوْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ إرْثٍ؛ (أُجْبِرَ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ) بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ؛ لِلْآيَةِ (وَلَا تَكْفِي كِتَابَتُهُ) ؛ أَيْ: الْقِنِّ الْمُسْلِمِ بِيَدِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْهُ، وَقَدْ يَعْجَزُ عَنْ الْأَدَاءِ فَيَعُودُ إلَى الرِّقِّ، (وَلَا يَكْفِي بَيْعُهُ بِخِيَارٍ) ؛ لِأَنَّ عَلَاقَتَهُ لَمْ تَنْقَطِعْ.
(وَيَدْخُلُ رَقِيقُنَا - وَلَوْ مُسْلِمًا - فِي مِلْكِ الْكَافِرِ فِيمَا مَرَّ) مِنْ شِرَاءِ قَرِيبِهِ أَوْ إسْلَامِهِ فِي يَدِهِ، (وَ) كَذَا يَمْلِكُهُ (بِإِرْثٍ) مِنْ قَرِيبٍ أَوْ مَوْلًى أَوْ زَوْجٍ، (وَبِاسْتِرْجَاعِهِ بِإِفْلَاسِ مُشْتَرٍ) ؛ بِأَنْ اشْتَرَى [كَافِرٌ] قِنًّا كَافِرًا مِنْ كَافِرٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْقِنُّ، وَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي، وَحُجِرَ عَلَيْهِ، فَفَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ، (وَبِرُجُوعِهِ) ؛ أَيْ: الْكَافِرِ (فِي هِبَةٍ لِوَلَدِهِ) ؛ بِأَنْ وَهَبَ قِنَّهُ الْكَافِرَ لِوَلَدِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْقِنُّ، وَرَجَعَ الْأَبُ فِي هِبَتِهِ، (وَبِرَدِّهِ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ) ؛ بِأَنْ بَاعَهُ كَافِرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ، فَرَدَّهُ بِهِ، أَوْ رَدَّهُ (بِشَرْطِ خِيَارِ) مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، وَأَسْلَمَ الْقِنُّ فِيهَا، وَفَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ.
(وَيَتَّجِهُ أَوْ إبَانَةُ) كَافِرَةٍ أَصْدَقَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ قِنًّا كَافِرًا، فَأَسْلَمَ الْقِنُّ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ هِيَ، أَوْ فَسَخَتْ نِكَاحَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ، وَيَسْقُطُ صَدَاقُهَا لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا، وَيَسْتَرِدُّ الزَّوْجُ قِنَّهُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَبِاسْتِيلَاءِ حَرْبِيٍّ) عَلَى رَقِيقٍ مُسْلِمٍ قَهْرًا؛ فَيَمْلِكُهُ بِذَلِكَ، وَبِقَوْلِهِ؛ أَيْ: الْكَافِرِ (لِمُسْلِمٍ: اعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي، وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ) ، فَفَعَلَ الْمُسْلِمُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَلَاءِ.
فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ يَدْخُلُ فِيهَا الْمُسْلِمُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً وَيُزَادُ.
عَاشِرَةٌ: إذَا وَجَدَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ مَعِيبًا، فَرَدَّهُ وَاسْتَرْجَعَ الْقِنَّ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ.
وَحَادِيَةَ عَشَرَ: إذَا اسْتَوْلَدَ الْكَافِرُ أَمَةً مُسْلِمَةً لِوَلَدِهِ؛ فَإِنْ مَلَكَهَا تُنْقَلْ إلَى الْأَبِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ.
وَثَانِيَةَ عَشَرَ: إذَا وَطِئَ الْمُسْلِمُ أَمَةً لِكَافِرٍ شُبْهَةً، فَوَلَدَتْ؛ فَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ وَمِلْكُهُ لِلْكَافِرِ تَبَعًا لِأُمِّهِ.
(وَحَرُمَ وَلَا يَصِحُّ بَيْعٌ عَلَى بَيْعِ مُسْلِمٍ) زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ.
وَ (لَا) يَحْرُمُ بَيْعٌ عَلَى بَيْعِ (كَافِرٍ) ؛ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ (كَقَوْلِهِ لِمُشْتَرٍ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ) : أَنَا أُعْطِيكَ مِثْلَهُ بِتِسْعَةٍ، أَوْ (قَالَ أُعْطِيكَ خَيْرًا مِنْهُ بِعَشَرَةٍ، أَوْ يَعْرِضُ عَلَى مُشْتَرٍ سِلْعَةً يَرْغَبُ فِيهَا) الْمُشْتَرِي (لِيَفْسَخَ) الْبَيْعَ، وَيَعْقِدَ مَعَهُ؛ فَلَا يَصِحُّ؛ لِلْخَبَرِ
(وَ) يَحْرُمُ، وَلَا يَصِحُّ (شِرَاءٌ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى شِرَاءِ مُسْلِمٍ؛ (كَقَوْلِهِ لِبَائِعٍ شَيْئًا بِتِسْعَةٍ: أُعْطِيكَ فِيهِ عَشَرَةً زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ) ؛ أَيْ: خِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، بَلْ يُسَمَّى بَيْعًا؛ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِ، وَالْإِفْسَادِ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ الْخِيَارِ وَلُزُومِ الْبَيْعِ؛ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفَسْخِ إذَنْ.
(وَكَذَا) أَيْ: كَالْبَيْعِ (إجَارَةٌ) ؛ فَيَحْرُمُ أَنْ يُؤَجِّرَ أَوْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى مُسْلِمٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَيَحْرُمُ (اقْتِرَاضُهُ عَلَى اقْتِرَاضِهِ) بِالْقَافِ بِأَنْ يَعْقِدَ مَعَهُ الْقَرْضَ، فَيَقُولَ لَهُ آخَرُ: أَقْرِضْنِي ذَلِكَ قَبْلَ تَقْبِيضِهِ لِلْأَوَّلِ، فَيَفْسَخُهُ وَيَدْفَعُهُ لِلثَّانِي، (وَ) يَحْرُمُ (افْتِرَاضُهُ بِالْفَاءِ فِي الدِّيوَانِ) عَلَى افْتِرَاضِهِ، وَاتِّهَابُهُ عَلَى اتِّهَابِهِ (وَ) مِثْلُهُ (طَلَبُ الْعَمَلِ مِنْ الْوِلَايَاتِ) بَعْدَ طَلَبِ غَيْرِهِ (وَكَذَا) طَلَبُ
(مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ وَجَعَالَةٍ وَنَحْوِهَا) ؛ كَشَرِكَةٍ، فَهَذِهِ كُلُّهَا كَالْبَيْعِ؛ فَتَحْرُمُ وَلَا تَصِحُّ إذَا سَبَقَتْ لِلْغَيْرِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيذَاءِ، وَ (لَا) يَحْرُمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (بَعْدَ رَدٍّ لِلْعَقْدِ) لِأَنَّ الرِّضَا بَعْدَ الرَّدِّ غَيْرُ مَوْجُودٍ (وَلَا) يَحْرُمُ (بَذْلٌ بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى كَقَوْلِهِ لِمُشْتَرٍ) شَيْئًا (بِعَشَرَةٍ) : أَنَا (أُعْطِيكَ مِثْلَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَأْبَى إجَابَتَهُ.
(وَحَرُمَ سَوْمٌ عَلَى سَوْمِهِ) ؛ أَيْ: الْمُسْلِمِ (مَعَ الرِّضَا) مِنْ الْبَائِعِ (صَرِيحًا) ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَسُمْ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيَصِحُّ عَقْدٌ) مَعَ سَوْمِهِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ السَّوْمُ لَا الْبَيْعُ، وَ (لَا) يَحْرُمُ (زِيَادَةٌ فِي مُنَادَاةٍ) قَبْلَ الرِّضَا إجْمَاعًا، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَزَالُوا يَتَبَايَعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُزَايَدَةِ.
(وَإِنْ حَضَرَ) ؛ أَيْ: قَدِمَ (غَرِيبٌ) بَلَدًا غَيْرَ بَلَدِهِ (لِبَيْعِ سِلْعَتِهِ بِسِعْرِ يَوْمِهَا) ؛ أَيْ: ذَلِكَ الْوَقْتِ (وَجَهِلَهُ) ؛ أَيْ: جَهِلَ الْغَرِيبُ سِعْرَ سِلْعَتِهِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ (وَقَصَدَهُ) ؛ أَيْ: الْغَرِيبُ (حَاضِرٌ) بِالْبَلَدِ (عَارِفٌ بِهِ) ؛ أَيْ: السِّعْرِ (وَبِالنَّاسِ إلَيْهَا) ؛ أَيْ: السِّلْعَةِ (حَاجَةٌ، حَرُمَتْ مُبَاشَرَتُهُ) ؛ أَيْ: الْحَاضِرِ (الْبَيْعَ لَهُ) ؛ أَيْ: الْغَرِيبِ؛ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ مَتَى تَرَكَ الْغَرِيبَ يَبِيعُ سِلْعَتَهُ اشْتَرَاهَا النَّاسُ بِرُخْصٍ وَوَسَّعَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا تَوَلَّى الْحَاضِرُ بَيْعَهَا امْتَنَعَ مِنْهُ إلَّا بِسِعْرِ الْبَلَدِ فَيُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ.
(وَبَطَلَ) بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْغَرِيبِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (رَضَوْا) ؛ أَيْ: أَهْلُ الْبَلَدِ بِذَلِكَ (أَوْ لَا) ؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ
(فَإِنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ) بِأَنْ كَانَ الْقَادِمُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، أَوْ بَعَثَ بِهَا لِلْحَاضِرِ، أَوْ قَدِمَ الْغَرِيبُ لَا لِبَيْعِ السِّلْعَةِ، أَوْ لِبَيْعِهَا لَا بِسِعْرِ
الْوَقْتِ، أَوْ لِبَيْعِهَا بِهِ وَلَكِنْ لَا يَجْهَلُهُ، أَوْ جَهِلَهُ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْحَاضِرُ الْعَارِفُ، أَوْ قَصَدَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِالنَّاسِ إلَيْهَا حَاجَةٌ؛ (صَحَّ) الْبَيْعُ؛ لِزَوَالِ الْمَنْعِ الَّذِي لِأَجْلِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ لَهُ (كَشِرَاءِ حَاضِرٍ لِبَادٍ) ؛ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ بِلَفْظِهِ وَلَا مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشِّرَاءِ لَهُ تَوْسِعَةٌ عَلَى النَّاسِ وَلَا تَضْيِيقٌ.
(وَكَتَعْلِيمِهِ) ؛ أَيْ: الْبَادِي (كَيْفَ يَبِيعُ بِلَا مُبَاشَرَةٍ) لِلْبَيْعِ لَهُ؛ فَيَجُوزُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَجِبُ) عَلَى عَارِفٍ بِالسِّعْرِ (إخْبَارُ مُسْتَخْبِرٍ) جَاهِلٍ بِهِ (عَنْ سِعْرٍ جَهِلَهُ؛ لِوُجُوبِ نُصْحِ الْمُسْتَنْصِحِ) لِحَدِيثِ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» .
(وَمَنْ خَافَ ضَيْعَةَ مَالِهِ بِنَهْبٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ غَصْبٍ) وَنَحْوِهِ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ (وَلَا تَوَاطُؤُ) مَعَ الْمُشْتَرِي بِجَعْلِ الْبَيْعِ تَلْجِئَةً أَوْ أَمَانَةً (أَوْ) خَافَ (أَخْذَهُ) مِنْهُ (ظُلْمًا) فَبَاعَهُ؛ (صَحَّ بَيْعُهُ لَهُ) ؛ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ
(وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ مَالٍ، فَبَاعَ نَحْوَ دَارِهِ فِي ذَلِكَ؛ صَحَّ) الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ. (وَكُرِهَ الشِّرَاءُ مِنْهُ) ؛ وَيُسَمَّى بَيْعَ الْمُضْطَرِّينَ. قَالَ فِي " الْمُنْتَخَبِ " لِبَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِهِ.
(وَمَنْ)(اسْتَوْلَى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا حَقٍّ) ؛ كَغَصْبِهِ (أَوْ حَجْزِهِ) ؛ أَيْ: حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ إيَّاهُ، (أَوْ مَنَعَهُ) إلَى الْغَيْرِ حَقَّهُ (حَتَّى يَبِيعَهُ إيَّاهُ فَفَعَلَ) ؛ أَيْ: بَاعَهُ إيَّاهُ لِذَلِكَ؛ (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَيْهِ (إنْ ثَبَتَ) اسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهِ، أَوْ جَحَدَهُ أَوْ مَنْعِهِ إيَّاهُ وَنَحْوَهُ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِذَلِكَ، (فَمَنْ أَشْهَدَ) ؛ أَيْ: أَوْدَعَ شَهَادَةً مَعَ جَمَاعَةٍ خَوْفًا عَلَى ضَيَاعِ مَالِهِ فَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي (أَبِيعُهُ) ؛ أَيْ: مِلْكِي لِزَيْدٍ مَثَلًا خَوْفًا وَتَقِيَّةً، (أَوْ) أَنِّي (أَتَبَرَّعُ بِهِ) لَهُ (خَوْفًا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، (وَتَقِيَّةً) لِشَرِّهِ، ثُمَّ بَاعَهُ لَهُ، أَوْ تَبَرَّعَ لَهُ بِهِ، (عُمِلَ بِهِ) ؛ أَيْ: بِإِيدَاعِهِ الشَّهَادَةَ، لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى حِفْظِ مَالِهِ؛ إذْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إنْ بَاعَهُ أَوْ تَبَرَّعَ خَوْفًا وَتَقِيَّةً بِلَا بَيِّنَةٍ