الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا بَقِيَ، وَيَأْخُذُ بِالْقِسْطِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُحْكَى أَنَّ شَخْصَيْنِ مَعَ أَحَدِهِمَا ثَلَاثَةُ أَرْغِفَةٍ وَمَعَ الْآخَرِ خَمْسَةُ، فَخَلَطَا الْجَمِيعَ، فَجَاءَهُمَا ثَالِثٌ، فَأَكَلَ مَعَهُمَا، ثُمَّ أَجَازَهُمَا بِثَمَانِيَةِ دَرَاهِمَ، فَتَرَافَعَا إلَى عَلِيٍّ، فَحَكَمَ لِرَبِّ الثَّلَاثَةِ بِوَاحِدٍ، وَلِرَبِّ الْخَمْسَةِ بِسَبْعَةٍ، وَقَالَ لَهُمَا: لِأَنَّ مَجْمُوعَ الْخُبْزِ يُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ عَدَدِ الْأَشْخَاصِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ تُضْرَبُ أَرْغِفَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي الثَّلَاثَةِ؛ فَلِرَبِّ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ، أُكِلَ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ، وَبَقِيَ وَاحِدٌ، وَلِرَبِّ الْخَمْسَةِ خَمْسَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، أُكِلَ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ، وَبَقِيَ سَبْعَةٌ؛ فَتَمَّ لِكُلٍّ ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ مَجْمُوعُ الْأَرْبَعِ وَعِشْرِينَ.
[تَنْبِيهٌ وَلَا تُعْرَفُ الْأَرْضُ الْمُرَادَةُ لِلْحَرْثِ بِغَيْرِ مُشَاهَدَةٍ]
(تَنْبِيهٌ: وَلَا تُعْرَفُ الْأَرْضُ) الْمُرَادَةُ (لِلْحَرْثِ بِغَيْرِ مُشَاهَدَةٍ) ؛ لِاخْتِلَافِهَا بِالصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ، (وَأَمَّا تَقْدِيرُ الْعَمَلِ، فَيَجُوزُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ، إمَّا بِمُدَّةٍ كَيَوْمٍ، أَوْ تَحْدِيدِ عَمَلٍ) ؛ كَقَوْلِهِ: (هَذِهِ الْقِطْعَةُ، أَوْ) قَوْلِهِ: (اُحْرُثْ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا، أَوْ) بِمِسَاحَةٍ؛ كَقَوْلِهِ لَهُ اُحْرُثْ (جَرِيبًا) ، أَوْ جَرِيبَيْنِ، أَوْ كَذَا ذِرَاعًا فِي كَذَا ذِرَاعًا، (وَمَعَ تَقْدِيرِهِ) - أَيْ الْعَمَلِ - (بِمُدَّةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ بَقَرٍ تَحْرُثُ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا.
(وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِكَحْلِ) عَيْنَيْ أَرْمَدُ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ جَائِزٌ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ، أَوْ اُسْتُؤْجِرَ طَبِيبٌ (لِمُدَاوَاةِ) مَرِيضٍ؛ صَحَّ، (وَاشْتَرَطَ تَقْدِيرَهُ) - أَيْ التَّكْحِيلَ أَوْ الْمُدَاوَاةَ - بِمَا يَنْضَبِطُ بِهِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ مُدَّةٍ، وَلَمَّا جَعَلَ الْمُصَنِّفُ تَقْدِيرَ الْعَمَلِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ؛ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَقُولَ:
(وَيَتَّجِهُ وَلَوْ) كَانَ التَّقْدِيرُ (بِمَرَّةٍ) وَاحِدَةٍ (أَوْ مَرَّاتٍ) مُتَعَدِّدَةٍ حَيْثُ كَانَتْ مَعْلُومَةً، (خِلَافًا لَهُ) أَيْ لِلْإِقْنَاعِ " لِاعْتِبَارِهِ صِحَّةَ تَقْدِيرِ الْعَمَلِ بِالْمُدَّةِ، وَعِبَارَتُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ كَحَّالًا لِيُكْحِلَ عَيْنَهُ، وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِالْمُدَّةِ انْتَهَى.
وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَقْدِيرَ الْعَمَلِ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهِمَ مِنْ الْإِقْنَاعِ " أَنَّهُ مَنَعَ صِحَّةَ التَّقْدِيرِ بِمَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ مَعَ أَنَّ عِبَارَتَهُ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ نَفْيُ مَا عَدَاهُ، فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ لَا حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا نَشَأَ
هَذَا الْخَلَلُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُصَنِّفِ تَقْدِيرَ الْعَمَلِ، فَلَوْ أَسْقَطَ هَذَا الِاشْتِرَاطَ؛ لَحَصَلَ بَيْنَ كَلَامِهِ وَكَلَامِ " الْإِقْنَاعِ " وَغَيْرِهِ كَمَالُ الِارْتِبَاطِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ فِي " الْإِقْنَاعِ " قَوْلُ " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ كَحَّالًا لِيُكَحِّلَ عَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ جَائِزٌ، وَيُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ، وَيَحْتَاجُ أَنْ يُقَدَّرَ ذَلِكَ بِالْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ اشْتِرَاطُ تَقْدِيرِ الْعَمَلِ، (أَوْ) ؛ أَيْ: وَاشْتِرَاطُ تَقْدِيرِ الْعَمَلِ (بِمُدَّةٍ كَشَهْرٍ) ؛ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ بِدُونِهَا؛ وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُ ذَلِكَ (بِزَمَنِ بُرْءٍ؛ لِجَهَالَتِهِ) - أَيْ الْبُرْءِ -.
(وَكَذَا) لَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ إنْسَانًا (لِتَطْيِينِ سَطْحٍ، وَ) تَطْيِينِ (حَائِطٍ وَتَجْصِيصِهِ؛ لِاخْتِلَافِ طِينٍ بِرِقَّةٍ وَغِلَظٍ) ، وَأَرْضُ السَّطْحِ تَخْتَلِفُ، فَمِنْهَا الْعَالِي وَالنَّازِلُ، وَكَذَا الْحِيطَانُ؛ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ، (وَشُرِطَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ - (بَيَانُ عَدَدِ مَا يُكْحِلُهُ كُلَّ يَوْمٍ) فَيَقُولُ:(مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) ، فَإِنْ كَانَ الْكُحْلُ مِنْ الْعَلِيلِ؛ جَازَ؛ لِأَنَّ آلَةَ الْعَمَلِ تَكُونُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ كَاللَّبِنِ فِي الْبِنَاءِ وَالطِّينِ وَالْآجُرِّ وَنَحْوِهَا.
وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْكَحَّالِ جَازَ، خِلَافًا لِلْقَاضِي؛ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ، وَيَشُقُّ عَلَى الْعَلِيلِ تَحْصِيلُهُ، وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَجَازَ ذَلِكَ؛ كَالصَّبْغِ مِنْ الصَّبَّاغِ وَالْحِبْرِ وَالْأَقْلَامِ مِنْ النَّاسِخِ، وَاللَّبَنِ فِي الرَّضَاعِ، وَفَارَقَ لَبِنَ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَحْصِيلُ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ، وَلَا يَشُقُّ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً، فَكَحَّلَهُ؛ فَلَمْ تَبْرَأْ عَيْنُهُ، فَإِنَّهُ (يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ) ؛ لِأَنَّهُ وَفَّى بِالْعَمَلِ الَّذِي وَقَعَ