الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلضَّرَرِ عَلَى الْبَائِعِ، (وَلَا) يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي (قِيمَةَ) النَّعْلِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِفِعْلِهِ، (بَلْ) عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ (يَصْبِرَ لِسُقُوطِهِ)، أَيْ: النَّعْلِ، أَوْ مَوْتِ الدَّابَّةِ، (فَيَأْخُذَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ.
[تَتِمَّةٌ اشْتَرَى ثَوْبًا مَطْوِيًّا فَنَشَرَهُ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا]
تَتِمَّةٌ: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا مَطْوِيًّا، إمَّا بِالصِّفَةِ، أَوْ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ الدَّالِّ عَلَى بَقِيَّتِهِ، فَنَشَرَهُ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْقِصُهُ النَّشْرُ، فَلَهُ رَدُّهُ مَجَّانًا، وَإِنْ كَانَ يُنْقِصُهُ النَّشْرُ، كالهسنجاني الَّذِي يُطْوَى عَلَى طَاقَيْنِ، فَكَجَوْزِ هِنْدٍ كَسَرَهُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ، فَلَهُ ذَلِكَ مَعَ رَدِّ أَرْشِهِ، لِنَقْصِهِ بِالنَّشْرِ، وَلَهُ أَخْذُ أَرْشِهِ إنْ أَمْسَكَهُ
[فَصْلٌ خِيَارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ]
(فَصْلٌ: وَخِيَارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ) ، كَخِيَارٍ (لِإِفْلَاسِ مُشْتَرٍ) بِالثَّمَنِ (وَ) خِيَارِ (خُلْفٍ فِي صِفَةٍ) أَوْ لِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ مُتَرَاخٍ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ رَدُّ ضَرَرٍ مُسْتَحَقٍّ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِالتَّأْخِيرِ، كَالْقِصَاصِ، (لَا يَسْقُطُ إلَّا إنْ وُجِدَ دَلِيلُ رِضَا مُشْتَرٍ) ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ الرِّضَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِهِ، (كَتَصَرُّفِهِ) فِي مَبِيعٍ (بَعْدَ عِلْمِهِ) بِعَيْبِهِ (وَقَبْلَ فَسْخٍ) بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ، (أَوْ قَبْلَ اخْتِيَارِ إمْسَاكٍ) فِي مَبِيعٍ، (وَكَاسْتِعْمَالِهِ) الْمَبِيعَ (لِغَيْرِ، تَجْرِبَةٍ) ، كَوَطْءٍ وَحَمْلٍ عَلَى دَابَّةٍ، (فَيَسْقُطُ أَرْشٌ، كَرَدٍّ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا.
وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي بَعْضِهِ، فَلَهُ أَرْشُ الْبَاقِي، لَا رَدُّهُ (وَعَنْهُ)، أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (لَهُ الْأَرْشُ) فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. (اخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ " الرِّعَايَةِ " وَاسْتَظْهَرَهُ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: فِيهِ بُعْدٌ. وَقَالَ الْمُوَفَّقُ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، (وَصَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ ") قَالَ فِي " الشَّرْحِ "" وَالْفَائِق " وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِبَةِ وَالْبَيْعِ.
(وَيَتَّجِهُ صِحَّتُهُ)، أَيْ: الْقَوْلِ بِالْإِمْسَاكِ مَعَ الْأَرْشِ، إنْ وُجِدَ دَلِيلُ الرِّضَا (مِنْ جَاهِلٍ) بِالْحُكْمِ، أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِهِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَا أَرْشَ.
وَفِي هَذَا الِاتِّجَاهِ مِنْ صِنَاعَةِ التَّعْبِيرِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاقِدِ الْبَصِيرِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَتَصْحِيحِ كِلْتَا الْعِبَارَتَيْنِ، بِفَهْمٍ أَنِيقً وَنَظَرٍ دَقِيقٍ.
(وَلَا يَفْتَقِرُ رَدُّ) مُشْتَرٍ مَبِيعًا لِنَحْوِ عَيْبٍ (إلَى حُضُورِ بَائِعٍ، وَلَا إلَى رِضَاهُ، وَلَا لِحُكْمِ) حَاكِمٍ، كَالطَّلَاقِ، (وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ) فِي الْمُعَامَلَاتِ (قُلْنَا إنَّ لَهُ)، أَيْ: الْعَاقِدِ (الْفَسْخَ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ) ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ.
(وَلِمُشْتَرٍ مَعَ غَيْرِهِ) ، بِأَنْ اشْتَرَى شَخْصَانِ فَأَكْثَرُ (مَعِيبًا) صَفْقَةً وَاحِدَةً، أَوْ اشْتَرَيَا مَعِيبًا (بِشَرْطِ خِيَارٍ) ، أَوْ غُبِنَا، أَوْ دُلِّسَ عَلَيْهِمَا (إذَا رَضِيَ الْآخَرُ) بِالْبَيْعِ، وَأَمْضَاهُ (الْفَسْخُ فِي نَصِيبِهِ) مِنْ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ، فَجَازَ، (كَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ) شَيْئًا، ثُمَّ بَانَ عَيْبُهُ، أَوْ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَنَحْوِهِ، فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ لَهُ، وَلَا تَشْقِيصَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُشَقَّصًا قَبْلَ الْبَيْعِ، و (لَا) يَرُدُّ وَاحِدٌ نَصِيبَهُ مِنْ مَعِيبٍ أَوْ مَبِيعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ أَوْ نَحْوِهِ (إذَا وَرِثَ) الْمَعِيبَ أَوْ خِيَارَ الشَّرْطِ، (فَرَضِيَ بَعْضُ وَرَثَةٍ) ، لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَشْقِيصِ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ أَحَدِهِمْ دُونَ الْبَاقِي، وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْبَائِعُ عَنْ مِلْكِهِ غَيْرَ مُنْتَقِصَةٍ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا لِوَاحِدٍ، لَكِنْ لِمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْ الْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْأَرْشِ لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ.
(وَيَتَّجِهُ مَا لَمْ يَكُنْ) الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ (نَحْوَ مَكِيلٍ) ، كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ، رَضِيَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِنَصِيبِهِ مِنْهُ مَعِيبًا، فَلِمَنْ سَخِطَهُ رَدُّ حِصَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ [وَهُوَ مُتَّجِهٌ] .
(وَلِحَاضِرٍ [مِنْ] مُشْتَرِي نَحْوِ مَكِيلٍ) ، كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ (نَقْدُ ثَمَنِ نِصْفِهِ)، أَيْ: الْمَبِيعِ لَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً، (وَقَبْضُ نِصْفِهِ) ، لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ مُشَقَّصًا.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ، أَيْ: مِنْ جَوَازِ فَسْخِ الْحَاضِرِ وَرَدِّ حِصَّتِهِ، وَمِنْ نَقْدِهِ ثَمَنَ النِّصْفِ وَأَخْذِهِ، (جَوَازُ تَصَرُّفِ شَرِيكٍ فِي مَبِيعٍ مِثْلِيٍّ) ، كَمَكِيلٍ وَنَحْوِهِ (بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِيهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ نَقَدَهُ)، أَيْ: الثَّمَنَ (كُلَّهُ) عَنْ نَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ، (لَمْ يَقْبِضْ إلَّا نِصْفَهُ)، أَيْ: الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِالْعَقْدِ غَيْرَهُ، وَهَذَا فِي الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ، فَإِذَا كَانَ عَبْدًا أَوْ نَحْوَهُ، فَلَيْسَ لِبَائِعٍ إقْبَاضُهُ، بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ، (وَرَجَعَ) مُقْبِضُ كُلِّ الثَّمَنِ (عَلَى غَائِبٍ) بِنَظِيرِ مَا عَلَيْهِ مِنْهُ، إنْ نَوَى الرُّجُوعَ.
وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ: (بِعْتُكُمَا) بِكَذَا وَكَذَا، (فَقَالَ: أَحَدُهُمَا قَبِلْت) وَسَكَتَ الْآخَرُ، صَحَّ الْبَيْعُ (لَهُ)، أَيْ: لِلْقَائِلِ: قَبِلْتُ: (فِي نِصْفِهِ)، أَيْ: نِصْفِ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ، بِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ مَعَهُ.
(وَمَنْ اشْتَرَى مَعِيبَيْنِ) مِنْ وَاحِدٍ صَفْقَةً، (أَوْ) اشْتَرَى (مَعِيبًا فِي وِعَاءَيْنِ صَفْقَةً، لَمْ يَمْلِكْ رَدَّ أَحَدِهِمَا)، أَيْ: أَحَدِ الْمَعِيبَيْنِ أَوْ مَا فِي أَحَدِ الْوِعَاءَيْنِ (بِقِسْطِهِ) مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلصَّفْقَةِ مَعَ إمْكَانِ عَدَمِهِ، أَشْبَهَ رَدَّ بَعْضَ الْمَعِيبِ الْوَاحِدِ، وَلَهُ مَعَ الْإِمْسَاكِ الْأَرْشُ، (إلَّا إنْ تَلِفَ الْآخَرُ) فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِقِسْطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ، كَرَدِّ الْجَمِيعِ، (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ)، أَيْ: الْمُشْتَرِي (بِيَمِينِهِ فِي قِيمَةِ تَالِفٍ) لِيُوَزِّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لَمَا يَدَّعِيه الْبَائِعُ مِنْ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ (وَمَعَ عَيْبِ أَحَدِهِمَا)، أَيْ: أَحَدِ الْمَعِيبَيْنِ أَوْ مَا فِي الْوِعَاءَيْنِ (فَقَطْ) دُونَ الْآخَرِ (لَهُ رَدُّهُ)، أَيْ: الْمَعِيبِ (بِقِسْطِهِ)