الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَطَيُّ الْآبَارِ وَأَسَاسَاتُ الْحِيطَانِ أَوْ كَتَأْثِيرِهِ فِي مَنْعِ الْأَرْضِ الَّتِي امْتَدَّتْ إلَيْهَا الْعُرُوقُ مِنْ نَبَاتِ شَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ؛ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، أَوْ لَمْ يُؤَثِّرْ الْمُمْتَدُّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؛ فَالْحُكْمُ فِي قَطْعِهِ وَفِي الصُّلْحِ عَنْهُ كَالْحُكْمِ فِي الْأَغْصَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلًا.
(وَحَرُمَ)(إخْرَاجُ نَحْوِ دَكَّةٍ) كَدُكَّانٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالدَّكَّةُ - بِالْفَتْحِ - وَالدُّكَّانُ - بِالضَّمِّ - بِنَاءٌ يَصْلُحُ أَعْلَاهُ لِلْمَقْعَدِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَرُمَّانِ الْحَانُوتِ (بِطَرِيقٍ نَافِذٍ - وَلَوْ) كَانَ الطَّرِيقُ (وَاسِعًا) - سَوَاءٌ ضَرَّ بِالْمَارَّةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ حَالًا فَقَدْ يَضُرُّ مَآلًا - (وَ) لَوْ (أَذِنَ فِيهِ إمَامٌ) - لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِيمَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ؛ لَا سِيَّمَا مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَضُرَّ؛ (فَيَضْمَنُ) مُخْرِجُ دُكَّانٍ أَوْ دَكَّةٍ (مَا تَلِفَ بِهِ) ؛ لِتَعَدِّيهِ؛ كَمَا يَحْرُمُ (حَفْرُ بِئْرٍ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ) ، وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ.
[تَتِمَّةٌ لَا يَحْفِر فِي الطَّرِيقِ النَّافِذِ بِئْرًا لِنَفْسِهِ]
تَتِمَّةٌ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْفِرَ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذِ بِئْرًا لِنَفْسِهِ، سَوَاءٌ جَعَلَهَا لِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ اسْتَخْرَجَ مِنْهَا مَاءً عَذْبًا يَنْتَفِعُ بِهِ بِلَا ضَرَرٍ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وَإِذْنُهُمْ كُلُّهُمْ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، وَإِذَا أَرَادَ حَفْرَهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَنَفْعَهُمْ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، أَوْ كَانَتْ الطَّرِيقُ وَاسِعَةً، وَأَرَادَ حَفْرَهَا فِي مَمَرِّ النَّاسِ بِحَيْثُ يُخَافُ سُقُوطُ إنْسَانٍ أَوْ دَابَّةٍ فِيهَا، أَوْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ مَمَرَّهُمْ؛ لَمْ يَجُزْ.
وَإِنْ حَفَرَهَا فِي زَاوِيَةٍ مِنْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهَا مَا يَمْنَعُ الْوُقُوفَ فِيهَا؛ جَازَ؛ كَتَمْهِيدِهَا وَبِنَاءِ رَصِيفٍ فِيهَا.
وَحَفْرُ الْبِئْرِ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: (لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُخْرِجَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا مِنْ أَجْزَاءِ الْبِنَاءِ حَتَّى إنَّهُ يُنْهَى عَنْ تَجْصِيصِ الْحَائِطِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ) رَبُّ الْحَائِطِ بِهِ (فِي حَدِّهِ بِقَدْرِ غِلَظِ الْجِصِّ) انْتَهَى.
(وَكَذَا جَنَاحٌ - وَهُوَ الرَّوْشَنُ) عَلَى أَطْرَافِ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ مَدْفُونَةٍ فِي الْحَائِطِ - (وَسَابَاطٌ - وَهُوَ سَقِيفَةٌ) مُسْتَوْفِيَةٌ لِلطَّرِيقِ (بَيْنَ حَائِطَيْنِ) ؛ أَيْ: عَلَى جِدَارَيْنِ - (وَمِيزَابٌ) ؛ فَيَحْرُمُ إخْرَاجُهَا بِنَافِذٍ
(إلَّا بِإِذْنِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِذْنُهُ كَإِذْنِهِمْ، وَلِحَدِيثِ أَحْمَدَ «أَنَّ عُمَرَ اجْتَازَ عَلَى دَارِ الْعَبَّاسِ، وَقَدْ نَصَبَ مِيزَابًا إلَى الطَّرِيقِ، فَقَلَعَهُ، فَقَالَ: تَقْلَعُهُ - وَقَدْ نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ - فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا تَنْصِبُهُ إلَّا عَلَى ظَهْرِي، فَانْحَنَى حَتَّى صَعِدَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَنَصَبَهُ» ، وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ، (وَلَا ضَرَرَ بِأَنْ؛ يُمْكِنَ عُبُورُ مَحْمِلٍ) كَمَجْلِسٍ وَمِقْوَدٍ (وَنَحْوِهِ تَحْتَهُ) ؛ أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ الرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ وَالْمِيزَابِ، (وَإِلَّا) يُمْكِنُ عُبُورُ نَحْوِ الْمَحْمَلِ؛ (لَمْ يَجُزْ) وَضْعُهُ، وَلَا الْإِذْنُ فِيهِ.
(قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ) : وَالسَّابَاطُ الَّذِي يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ مِثْلُ أَنْ يَحْتَاجَ الرَّاكِبُ أَنْ يَحْنِيَ رَأْسَهُ إذَا مَرَّ هُنَاكَ، وَإِنْ غَفَلَ الرَّاكِبُ عَنْ نَفْسِهِ رَمَى السَّابَاطُ عِمَامَتَهُ، أَوْ شَجَّ رَأْسَهُ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَمُرَّ هُنَاكَ جَمَلٌ عَالٍ إلَّا كَسَرَ السَّابَاطُ قَتَبَهُ، وَالْجَمَلُ الْمُحَمَّلُ لَا يَمُرُّ هُنَاكَ، فَمِثْلُ هَذَا السَّابَاطِ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ عَلَى طَرِيقِ الْمَارَّةِ (بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ) ، بَلْ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ إزَالَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ إلْزَامُهُ بِإِزَالَتِهِ حَتَّى يَزُولَ الضَّرَرُ. انْتَهَى.
(وَقَالَ) الشَّيْخُ أَيْضًا: (إخْرَاجُ الْمَيَازِيبِ إلَى الدَّرْبِ النَّافِذِ هُوَ السُّنَّةُ) ، لِخَبَرِ الْعَبَّاسِ، وَتَقَدَّمَ.
(فَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مُنْخَفِضًا) وَقْتَ وَضْعِ السَّابَاطِ، (ثُمَّ ارْتَفَعَ) الطَّرِيقُ (لِطُولِ الزَّمَنِ؛ وَجَبَ) عَلَى رَبِّهِ (إزَالَتُهُ) دَفْعًا لِضَرَرِهِ، (وَيَحْرُمُ فِعْلُ ذَلِكَ) ؛ أَيْ: إخْرَاجِ دَكَّةٍ وَدُكَّانٍ وَجَنَاحٍ وَسَابَاطٍ وَمِيزَابٍ (فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ هَوَائِهِ) ؛ أَيْ: الْغَيْرِ، (أَوْ) فِي (دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ، أَوْ فَتْحِ بَابٍ فِي ظَهْرِ دَارٍ فِيهِ) ؛ أَيْ: الدَّرْبِ غَيْرِ النَّافِذِ (لِاسْتِطْرَاقٍ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ) إنْ كَانَ
الْمَالِكُ غَيْرَهُ، (أَوْ) إلَّا بِإِذْنِ (أَهْلِهِ) ؛ أَيْ: الدَّرْبِ غَيْرِ النَّافِذِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ؛ فَلَمْ يَجُزْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِلَا إذْنِهِمْ، (وَيَجُوزُ صُلْحٌ عَنْ ذَلِكَ) ؛ أَيْ: عَنْ إخْرَاجِ دُكَّانٍ وَدَكَّةٍ بِمِلْكِ غَيْرِهِ وَجَنَاحٍ وَسَابَاطٍ وَمِيزَابٍ بِهَوَاءِ غَيْرِهِ، أَوْ عَنْ الِاسْتِطْرَاقِ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ (بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ يَصِحُّ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ؛ كَالْقَرَارِ؛ كَمَا سَبَقَ، وَمَحَلُّهُ فِي الْجَنَاحِ وَنَحْوُهُ إذَا عَلِمَ مِقْدَارَ خُرُوجِهِ وَعُلْوِهِ (وَيَجُوزُ فَتْحُهُ)، أَيْ: الْبَابِ فِي ظَهْرِ دَارٍ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ بِلَا إذْنِ أَهْلِهِ (لِغَيْرِ اسْتِطْرَاقٍ كَالضَّوْءِ وَهَوَاءٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِأَهْلِهِ فِي الِاسْتِطْرَاقِ؛ وَلَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيهِ، وَلِأَنَّ غَايَتَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِرَفْعِ بَعْضِ حَائِطِهِ.
(وَ) يَجُوزُ (نَقْلُ بَابٍ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ) مِنْ آخِرِهِ (إلَى أَوَّلِهِ) لِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ فِي الِاسْتِطْرَاقِ؛ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ (بِلَا ضَرَرٍ) ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ؛ مُنِعَ مِنْهُ؛ كَأَنْ فَتَحَهُ (فِي مُقَابَلَةِ بَابِ غَيْرِهِ) ، وَكَنَحْوِهِ؛ كَمَا لَوْ (فَتَحَهُ عَالِيًا) يَصْعَدُ إلَيْهِ بِسُلَّمٍ (لِيُشْرِفَ مِنْهُ عَلَى دَارِ غَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ) ؛ أَيْ: الْبَابِ بِدَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى دَاخِلٍ مِنْهُ نَصًّا (إنْ لَمْ يَأْذَنْ مَنْ فَوْقَهُ) ؛ أَيْ: الدَّاخِلِ عَنْهُ؛ لِتَقَدُّمِهِ إلَى مَوْضِعٍ لَا اسْتِطْرَاقَ لَهُ فِيهِ، (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ مَنْ فَوْقَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَيَكُونُ (إعَارَةً لَازِمَةً) ، فَلَا رُجُوعَ لِلْآذِنِ بَعْدَ فَتْحِ الدَّاخِلِ وَسَدِّ الْأَوَّلِ؛ كَإِذْنِهِ فِي نَحْوِ بِنَاءٍ عَلَى جِدَارِهِ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ، فَإِنْ سَدّ الْمَالِكُ بَابَهُ الدَّاخِلَ، ثُمَّ أَرَادَ فَتْحَهُ؛ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا بِإِذْنٍ ثَانٍ.
(وَحَقُّ ذِي بَابَيْنِ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ إلَى دَاخِلٍ وَمَا بَعْدَهُ؛ فَلِلْآخَرِ) ؛ أَيْ: لَوْ كَانَ فِي الدَّرْبِ غَيْرِ النَّافِذِ بَابَانِ فَقَطْ لِرَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا قَرِيبٌ إلَى بَابِ الزُّقَاقِ، وَالْبَابُ الْآخَرُ مِنْ دَاخِلِهِ، فَتَنَازَعَ الرَّجُلَانِ فِي الدَّرْبِ؛ حُكِمَ بِالدَّرْبِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي أَوَّلَ الدَّرْبِ بَيْنَهُمَا، وَلَهُمَا الِاسْتِطْرَاقُ فِيهِ جَمِيعًا: وَحُكِمَ بِمَا بَعْدَ الْبَابِ الْأَوَّلِ إلَى صَدْرِ الدَّرْبِ لِلْآخَرِ (يَخْتَصُّ بِهِ مِلْكًا لَهُ) ؛ أَيْ: إنَّ الِاسْتِطْرَاقَ فِي ذَلِكَ لَهُ وَحْدَهُ، فَلَهُ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ فِيمَا جَاوَزَ بَابَهُ، (وَلَهُ) ؛ أَيْ: