الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِحَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكَ بْنِ عُمَيْرٍ مَرْفُوعًا: «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ، وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ مَكَّةَ» . (وَمَا لَا عُرْفَ لَهُ هُنَاكَ)، أَيْ: بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ (يُعْتَبَرُ) عُرْفُهُ (فِي مَوْضِعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ شَرْعًا، أَشْبَهَ الْقَبْضَ وَالْحِرْزَ، (فَإِنْ اخْتَلَفَ) عُرْفٌ فِي بِلَادِهِ، (اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ) مِنْهَا، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ عُرْفٌ غَالِبٌ، (رُدَّ إلَى أَقْرَبِ مَا يُشْبِهُهُ بِالْحِجَازِ) ، كَرَدِّ الْحَوَادِثِ إلَى أَقْرَبِ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بِهَا.
(وَكُلُّ مَائِعٍ) ، كَلَبَنٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ (وَحَبٍّ وَثَمَرٍ، كَتَمْرٍ فَدُونَهُ مَكِيلٌ) ، فَرُطَبٌ وَبُسْرٌ وَبَاقِي ثَمَرِ النَّخْلِ، وَكَزَبِيبٍ وَبُنْدُقٍ وَفُسْتُقٍ وَلَوْزٍ وَبُطْمٍ وَعُنَّابٍ وَمِشْمِشٍ يَابِسٍ وَزَيْتُونٍ مَكِيلٌ، وَكَذَا سَائِرُ الْحُبُوبِ، وَالْمِلْحُ وَالْأُشْنَانُ وَالْأَبَازِيرُ وَالصَّعْتَرُ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَيَجُوزُ التَّعَامُلُ بِكَيْلٍ لَمْ يُعْهَدْ. (وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مُطْلَقًا) مَسْبُوكًا كَانَ أَوْ لَا مَوْزُونٌ، (وَغَيْرِ مَعْمُولٍ مِنْ نُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَرَصَاصٍ وَغَزْلِ كَتَّانٍ وَقُطْنٍ وَحَرِيرٍ وَقَزٍّ وَشَعْرٍ) وَصُوفٍ وَوَبَرٍ مَوْزُونٌ، (وَكَذَا شَمْعٌ وَعِنَبٌ وَزَعْفَرَانٌ) وَوَرَسٌ (وَعُصْفُرٌ وَخُبْزٌ وَجُبْنٌ وَلُؤْلُؤٌ) وَزِئْبَقٌ (مَوْزُونٌ، وَمِنْهُ)، أَيْ: الْمَوْزُونِ (زُبْدٌ وَسَمْنٌ جَامِدٌ وَعَجْوَةٌ تَجَبَّلَتْ) وَزُجَاجٌ وَطِينٌ أَرْمَنِيٌّ يُؤْكَلُ دَوَاءً وَلَحْمٌ وَشَحْمٌ، (وَمَا عَدَا ذَلِكَ) الْمَذْكُورَ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، (فَمَعْدُودٌ لَا رِبًا فِيهِ، كَحَيَوَانٍ وَجَوْزٍ وَبَيْضٍ وَرُمَّانٍ وَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ وَسَفَرْجَلٍ وَخَوْخٍ وَخُضَرٍ وَبِقَوْلٍ) بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا، وَإِجَّاصٍ وَكُلِّ فَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، (وَ) كَذَا (مَعْمُولٌ مِنْ مَوْزُونٍ كَثِيَابٍ وَخَوَاتِمَ وَإِبَرٍ وَسَكَاكِينَ، وَنَحْوِهَا) ، كَسُيُوفٍ وَدُرُوعٍ.
[فَصْلٌ حُكْم رِبَا النَّسِيئَةِ]
(فَصْلٌ وَيَحْرُمُ رِبَا النَّسِيئَةِ) - مِنْ النَّسَاءِ بِالْمَدِّ - وَهُوَ التَّأْخِيرُ - (بَيْنَ مَا)، أَيْ: مَبِيعَيْنِ (اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ) ، وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، وَأَمَّا الْجِنْسُ فَشَرْطٌ لِتَحْرِيمِ الْفَضْلِ، كَمَا أَنَّ الزِّنَا عِلَّةُ الْحَدِّ،
وَالْإِحْصَانُ شَرْطٌ لِلرَّجْمِ، كَبَيْعِ (مُدِّ بُرٍّ بِمِثْلِهِ) أَيْ: مُدِّ بُرٍّ (أَوْ بِشَعِيرٍ وَكَبَيْعِ) دِرْهَمٍ مِنْ (قَزٍّ) بِرَطْلٍ مِنْ (خُبْزٍ، فَيُشْتَرَطُ) لِذَلِكَ (حُلُولٌ وَقَبْضٌ بِالْمَجْلِسِ) - سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ - وَتَمَاثَلَ - إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ - وَتَقَدَّمَ، وَلِأَنَّهُمَا مَالَانِ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا عِلَّتُهُمَا مُتَّفِقَةٌ، فَحَرُمَ التَّفَرُّقُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، كَالصَّرْفِ.
تَنْبِيهٌ: التَّقَابُضُ هُنَا وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ، لَا لِصِحَّتِهِ، إذْ الْمَشْرُوطُ لَا يَتَقَدَّمُ شَرْطَهُ.
وَ (لَا) يُعْتَبَرُ ذَلِكَ (إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا) ، أَيْ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، كَسُكَّرٍ بِدَرَاهِمَ، وَحَرِيرٍ بِدَنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَرُمَ النَّسَاءُ فِي ذَلِكَ لَسُدَّ بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَوْزُونَاتِ - وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ الشَّرْعُ - وَأَصْلُ رَأْسِ مَالِهِ النَّقْدَانِ، (إلَّا فِي صَرْفِهِ)، أَيْ: النَّقْدِ (بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ، فَكَنَقْدٍ) ، نَصًّا، فَيُشْتَرَطُ الْحُلُولُ وَالْقَبْضُ، إلْحَاقًا لَهَا بِالنَّقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ " الْمُنَقِّحُ "، وَتَبِعَهُ فِي " الْمُنْتَهَى "، (خِلَافًا لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " حَيْثُ جَوَّزَ النَّسَاءَ فِي صَرْفِ الْفُلُوسِ بِالنَّقْدِ، تَبَعًا لِاخْتِيَارِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
(وَيَحِلُّ نَسَاءٌ)، أَيْ: تَأْخِيرٌ (فِي) بَيْعِ (مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ) ، كَبُرٍّ بِسُكَّرٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ، أَشْبَهَ بَيْعَ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ بِغَيْرِهِ، (وَ) يَحِلُّ نَسَاءٌ (فِيمَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا فَضْلٍ، كَثِيَابٍ) بِثِيَابٍ أَوْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، (وَحَيَوَانٍ) بِحَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَبِنٍ بِتَبِنٍ أَوْ غَيْرِهِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّهُ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلَائِصِ الصَّدَقَةِ، فَكَانَ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَصَحَّحَهُ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كَالِئٍ بِكَالِئٍ) بِالْهَمْزِ، (وَهُوَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ - وَلَوْ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ) - «لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ»
رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي " الْغَرِيبِ "، فَمِنْ صُورَةِ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ حَالًّا مِنْ عُرُوضٍ وَأَثْمَانٍ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ، لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ، فَلَا يَصِحُّ، وَمِنْهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(وَلَا جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ) ، بِأَنْ يَكُونَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ، فَيَقُولَ: جَعَلْتُ مَا فِي ذِمَّتِكَ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ عَلَى كَذَا.
(وَلَا) يَصِحُّ (تُصَارَفُ الْمَدِينَيْنِ بِجِنْسَيْنِ فِي ذِمَّتِهَا مِنْ نَقْدٍ) ، بِأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو ذَهَبٌ، وَلِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ فِضَّةٌ، وَتُصَارِفَاهُمَا، وَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدُهُمَا أَوْ هُمَا، فَلَا يَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَا حَالَّيْنِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ، (أَوْ رِبَوِيٌّ) ، بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا بُرٌّ وَلِلْآخَرِ شَعِيرٌ وَتَبَايَعَاهُمَا.
(وَتَصِحُّ مُعَاوَضَةٌ)، أَيْ: مُصَارَفَةٌ وَغَيْرُهَا (إنْ أُحْضِرَ عِوَضٌ)، أَيْ: أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ، (أَوْ كَانَ) أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دَيْنًا وَالْآخَرُ (أَمَانَةً عِنْدَهُ) أَوْ غَصْبًا أَوْ نَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ، (وَتَعَاوَضَا عَلَى مَا يَرْضَيَانِهِ مِنْ السِّعْرِ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، فَيَجُوزُ مَا تَرَاضَيَا بِهِ، وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى سِعْرٍ لَا يُرِيدُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَنْ تَرَاضٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى سِعْرٍ أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْوَاجِبُ.
(وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ دَيْنًا، فَقَضَاهُ دَرَاهِمَ مُتَفَرِّقَةً) شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَإِنْ أَعْطَاهُ (كُلَّ نَقْدَةٍ بِحِسَابِهَا مِنْهُ)، أَيْ: مِنْ الدِّينَارِ، بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: خُذْ هَذَا الدِّرْهَمَ عَنْ عُشْرِ دِينَارٍ مَثَلًا أَوْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ عَنْ خُمُسِهِ، (صَحَّ) الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ، (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) ، بِأَنْ أَعَطَاهُ، وَسَكَتَ، (ثُمَّ تَحَاسَبَا بَعْدَ) إعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ، (فَصَارَفَهُ بِهَا وَقْتَ الْمُحَاسَبَةِ، فَلَا) يَصِحُّ، (لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ) ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَمَنْ) عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَ (وَكَّلَ غَرِيمَهُ) رَبَّ الْحَقِّ (فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ) لِلْمَدِينِ، (وَ) فِي (أَخْذِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهَا)، أَيْ: السِّلْعَةِ، (فَبَاعَ) الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ (بِغَيْرِ