الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَكَذَا إنْ احْتَاجَ لِعِمَارَةِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ دُولَابٍ أَوْ نَاعُورَةٍ أَوْ قَنَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ؛ فَيُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْعِمَارَةِ إنْ امْتَنَعَ، وَفِي النَّفَقَةِ مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْ الْعِمَارَةِ إذَا أَرَادَهَا كَالْحَائِطِ، فَإِنْ عَمَرَهُ أَحَدُهُمْ؛ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَا يَخْتَصُّ الْمُعَمِّرُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ مِلْكِهِمَا، وَإِنَّمَا أَثَّرَ أَحَدُهُمْ فِي نَقْلِ الطِّينِ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِيهِ عَيْنُ مَالٍ. وَالْحُكْمُ فِي الرُّجُوعِ بِالنَّفَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَائِطِ
[تَتِمَّةٌ إذَا كَانَ بَعْضُ شُرَكَاءَ فِي نَهْرٍ أَقْرَبَ إلَى أَوَّلِهِ مِنْ بَعْضٍ]
تَتِمَّةٌ إذَا كَانَ بَعْضُ شُرَكَاءَ فِي نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَقْرَبَ إلَى أَوَّلِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ اشْتَرَكَ الْكُلُّ فِي كَرْيِهِ وَإِصْلَاحِهِ حَتَّى يَصِلُوا إلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ إذَا وَصَلُوا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِانْتِهَاءِ اسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ، وَيَشْتَرِكُ الْبَاقُونَ حَتَّى يَصِلُوا إلَى الثَّانِي، ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لَمَا تَقَدَّمَ، وَيَشْتَرِكُ مَنْ بَعْدَ الثَّانِي حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الثَّالِثِ، ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا كُلَّمَا انْتَهَى الْعَمَلُ إلَى مَوْضِعِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ فِيمَا وَرَاءَ مَوْضِعِهِ.
(وَمَنْ هَدَمَ بِنَاءً) مُشْتَرَكًا مِنْ حَائِطٍ أَوْ سَقْفٍ (لَهُ فِيهِ حِصَّةٌ. وَيَتَّجِهُ أَوْ لَا) حِصَّةَ لَهُ فِيهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(إنْ خِيفَ سُقُوطُهُ) ؛ وَجَبَ هَدْمُهُ لِذَلِكَ، (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ، (وَإِلَّا) يَخَفْ سُقُوطَهُ؛ وَهَدْمَهُ لِحَاجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، (لَزِمَهُ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ) ؛ لِتَعَدِّيهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَا يُمْكِنُ الْخُرُوجُ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ إلَّا بِإِعَادَتِهِ جَمِيعِهِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يُلْزِمُ أَرْشَ نَقْصِهِ بِالنَّقْضِ.
(وَإِنْ بَنَيَا مَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) مِنْ الْحَائِطِ أَوْ غَيْرِهِ، (وَالنَّفَقَةُ نِصْفَيْنِ عَلَى أَنْ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ) مِمَّا لِلْآخَرِ؛ بِأَنْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَيْنِ مَثَلًا؛ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ صَالَحَ عَنْ بَعْضِ مِلْكِهِ بِبَعْضِهِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ، فَصَالَحَهُ بِسُكْنَاهَا،
(أَوْ) بَنَيَاهُ عَلَى (أَنْ كُلًّا مِنْهُمَا يُحَمِّلُهُ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ؛ لَمْ يَصِحَّ - وَلَوْ وُصِفَ الْحَمْلُ) لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ.
(وَإِنْ عَجَزَ قَوْمٌ عَنْ عِمَارَةِ نَحْوِ قَنَاتِهِمْ) كَنَهَرِهِمْ (وَيَتَّجِهُ أَوْ لَمْ يَعْجِزُوا) عَنْ ذَلِكَ؛ فَالْمَفْهُومُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] . وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (فَأَعْطَوْهَا لِمَنْ يَعْمُرُهَا، وَيَكُونُ لَهُ مِنْهَا جُزْءٌ مَعْلُومٌ) كَنِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ؛ (صَحَّ) كَدَفْعِ رَقِيقٍ لِمَنْ يُرَبِّيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ، وَغَزْلٍ لِمَنْ يَنْسِجُهُ كَذَلِكَ.
(وَمَنْ لَهُ عُلُوٌّ) مِنْ طَبَقَتَيْنِ وَالسُّفْلَى لِلْآخَرِ، (أَوْ لَهُ طَبَقَةٌ ثَانِيَةٌ) ، وَمَا تَحْتَهَا لِغَيْرِهِ، فَانْهَدَمَ السُّفْلُ فِي الْأُولَى وَالْوَسَطِ، أَوْ هُمَا فِي الثَّانِيَةِ؛ (لَمْ يُشَارِكْ) رَبُّ الْعُلُوِّ (فِي) النَّفَقَةِ [عَلَى](بِنَاءِ) مَا (انْهَدَمَ تَحْتَهُ) مِنْ سُفْلٍ أَوْ وَسَطٍ؛ لِأَنَّ الْحِيطَانَ إنَّمَا تُبْنَى لِمَنْعِ النَّظَرِ وَالْوُصُولِ إلَى السَّاكِنِ، وَهَذَا يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ تَحْتَهُ، دُونَ رَبِّ الْعُلُوِّ، (وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى بِنَائِهِ (مَالِكُهُ) ؛ أَيْ: الْمُنْهَدِمِ تَحْتَهُ؛ لِيَتَمَكَّنَ رَبُّ الْعُلُوِّ مِنْ انْتِفَاعِهِ بِهِ.
وَلَوْ كَانَ السُّفْلُ لِوَاحِدٍ وَالْعُلُوُّ لِآخَرَ، وَتَنَازَعَا فِي السَّقْفِ - وَلَا بَيِّنَةَ - فَالسَّقْفُ بَيْنَهُمَا؛ لِانْتِفَاعِ كُلٍّ بِهِ، لَا لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَحْدَهُ. وَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا.