الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَاحِبُهُ بِنِصْفِهِ الَّذِي أَدَّاهُ عَنْهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ ذَلِكَ - وَلَا بَيِّنَةَ - فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ، وَإِنْ (أَنْكَرَ الْحَاضِرُ) ذَلِكَ فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، (فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِالدَّعْوَى، (وَأَخَذَ) الْمُدَّعِي (مِنْهُ الْأَلْفَ؛ لَمْ يَرْجِعْ) الْغَارِمُ (عَلَى الْغَائِبِ بِشَيْءٍ) ؛ لِإِقْرَارِهِ أَنْ لَا حَقَّ عَلَيْهِمَا، وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ ظَلَمَهُ، (مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ) ؛ أَيْ: يُصَدِّقُ الْغَائِبُ الْغَارِمَ؛ بِأَنْ يَعْتَرِفَ الْغَائِبُ بِمَا عَلَيْهِ، وَيَرْجِعُ الْحَاضِرُ عَنْ إنْكَارِهِ؛ فَلِلْحَاضِرِ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا غَرِمَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا يَعْتَرِفُ لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَى الْحَاضِرِ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْأَلْفِ أَصَالَةً وَضَمَانًا؛ حَلَفَ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَبَرِئَ؛ أَيْ: انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي؛ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنْ أَنْكَرَ مَا كَانَ ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَصَالَةِ وَالضَّمَانِ، وَحَلَفَ؛ بَرِئَ؛ أَيْ؛ انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالدَّعْوَى؛ لَزِمَهُ دَفْعُ الْأَلْفِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِاعْتِرَافِهِ، وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْحَاضِرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْحَاضِرِ.
[فَصْلٌ فِي تَعْرِيف الْكَفَالَةِ]
(فَصْلٌ فِي الْكَفَالَةِ)(وَهِيَ) مَصْدَرُ كَفَلَ بِمَعْنَى (الْتِزَامِ رَشِيدٍ مُخْتَارٍ إحْضَارَ مَنْ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: تَعَلَّقَ بِهِ (حَقٌّ مَالِيٌّ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا (إلَى رَبِّهِ) ؛ أَيْ؛ الْحَقِّ - مُتَعَلِّقٌ بِإِحْضَارٍ - وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهَا؛ لِعُمُومِ حَدِيثِ: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ»
وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الِاسْتِيثَاقِ بِضَمَانِ الْمَالِ أَوْ الْبَدَنِ
، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَمْتَنِعُ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِ، فَلَوْ لَمْ تَجُزْ الْكَفَالَةُ لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ، وَتَعَطَّلَتْ الْمُعَامَلَاتُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا.
(وَيَتَّجِهُ وَتَصِحُّ) الْكَفَالَةُ (مِنْ قِنٍّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) وَكَذَا مِنْ مُكَاتَبٍ [كَبَاقِي الْمُعَامَلَاتِ] ، (وَ) مِنْ (مُفْلِسٍ) بَعْدَ أَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ؛ لِقَبُولِ ذِمَّتِهِ الِالْتِزَامَ، (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ إحْضَارِ مَكْفُولٍ وَتَسْلِيمِهِ؛ (لَزِمَهُ) ؛ أَيْ: الْمُفْلِسَ أَدَاءُ مَا عَلَيْهِ (بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ) ؛ أَيْ: الْمُفْلِسِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا يُعْتَبَرُ) لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ (رِضَى مَكْفُولٍ وَلَا مَكْفُولٍ لَهُ) ؛ لِأَنَّهَا وَثِيقَةٌ لَا قَبْضَ فِيهَا، فَصَحَّتْ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُمَا كَالشَّهَادَةِ.
(وَتَصِحُّ) الْكَفَالَةُ (حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً كَضَمَانٍ) وَثَمَنٍ فِي بَيْعٍ، (وَمَعَ إطْلَاقٍ) ؛ كَقَوْلِهِ: أَنَا كَفِيلٌ بِبَدَنِ فُلَانٍ (فَحَالَّةً) كَالضَّمَانِ إذَا أُطْلِقَ يَكُونُ حَالًّا؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَدْخُلُهُ الْحُلُولُ؛ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالْأُجْرَةِ وَالصَّدَاقِ اقْتَضَى إطْلَاقُهُ الْحُلُولَ.
(وَتَنْعَقِدُ) الْكَفَالَةُ (بِمَا) ؛ أَيْ: لَفْظٍ (يَنْعَقِدُ بِهِ ضَمَانٌ) ؛ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْهُ فَانْعَقَدَتْ بِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْتُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّتُهَا مِمَّنْ يَصِحُّ ضَمَانُهُ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهَا تَنْعَقِدُ (بِشَرْطِ إضَافَةِ اللَّفْظِ لِإِحْضَارِ مَكْفُولٍ) ؛ كَأَنَا ضَامِنٌ إحْضَارَهُ، (وَعَلَى قِيَاسِ كَلَامِ الشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الضَّمَانِ؛ (لَا) تُشْتَرَطُ إضَافَةُ اللَّفْظِ إلَى مَكْفُولٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ، إلَّا مَا اتَّجَهَهُ الْمُصَنِّفُ.
(وَمَنْ ضَمِنَ مَعْرِفَةَ شَخْصٍ) بِأَنْ جَاءَ إنْسَانٌ آخَرُ يَسْتَدِينُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: لَا أُعْطِيك؛ لِأَنَّنِي لَا أَعْرِفُكَ، فَضَمِنَ لَهُ إنْسَانٌ مَعْرِفَتَهُ، فَدَايَنَهُ؛ ثُمَّ غَابَ الْمُسْتَدِينُ، أَوْ تَوَارَى؛ (أُخِذَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - ضَامِنُ الْمَعْرِفَةِ (بِتَعْرِيفِهِ) .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَعْنَاهُ أَنِّي أُعَرِّفُكَ مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ (لَا بِحُضُورِهِ) فِي قَوْلٍ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْكَفِيلِ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ وَإِعْلَامَهُ بِمَكَانِهِ، يَبْرَأُ بِهِ وَيُعَدُّ تَسْلِيمًا، (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ أُخِذَ بِهِ؛ أَيْ بِالْمُسْتَدِينِ نَصًّا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ضَمِنَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ
غَرِمَ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا يُعْطِي أَنَّ أَحْمَدَ جَعَلَ ضَمَانَ مَعْرِفَتِهِ تَوْثِقَةً لِمَنْ لَهُ الْمَالُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: ضَمِنْتُ لَكَ حُضُورَهُ مَتَى حَضَرْتَ كَأَنَّكَ أَنْتَ لَا تَعْرِفُهُ وَلَا يُمْكِنُكَ إحْضَارُ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ فَأُحْضِرُهُ لَكَ مَتَى أَرَدْتَ فَصَارَ كَقَوْلِهِ تَكَفَّلْتُ بِبَدَنِهِ. انْتَهَى.
فَطَالَبَ ضَامِنَ الْمَعْرِفَةِ بِإِحْضَارِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ مَعَ حَيَاتِهِ؛ لَزِمَهُ لِمَنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ لَهُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أُخِذَ بِهِ؛ أَيْ: بِدَلِّ رَبِّ الدَّيْنِ عَلَى اسْمِهِ وَمَكَانِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ.
الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَقَالَ الْإِمَامُ أُمِرَ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ أُخِذَ بِمَعْرِفَتِهِ، وَقَالَ كُلِّفَ تَعْرِيفَهُ، وَفِي قَوْلِهِ أُخِذَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ.
الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَاسْتَغْنَى رَبُّ الدَّيْنِ؛ بِسُؤَالِهِ عَنْ نِسْبَةِ الْمُسْتَدِينِ وَمَكَانِهِ وَإِنْ ارْتَابَ فِي صِحَّةِ قَوْلِهِ حَصَلَ زَوَالُ الرِّيبَةِ بِصِدْقِهِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ مَعْرِفَتِهِ.
الثَّالِثُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ضَمَانِ الْمَعْرِفَةِ التَّوَثُّقُ، فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُنْسَبَ لَهُ أَوْ يُذْكَرَ لَهُ أَنَّهُ سَاكِنٌ بِمَحَلَّةِ كَذَا، وَلَوْ مَعَ غَنَائِهِ، مَعَ غَيْبَتِهِ وَغَيْبَةِ مَالِهِ الرَّاجِحُ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ضَمِنَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَالتَّعْرِيفُ قَادِرٌ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ طُلِبَ مِنْهُ، إمَّا بِلَفْظِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ، أَوْ إشَارَتِهِ إنْ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ التَّلَفُّظِ انْتَهَى.
(فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ) مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ؛ (ضَمِنَ) مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ عَرَّفَهُ ذَلِكَ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ
أَنْ يُحْضِرَهُ.
هَذَا تَتِمَّةُ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ، فَرَّعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ.
(وَتَصِحُّ) الْكَفَالَةُ (بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ عَيْنٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ أَمَانَةٌ) أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ غَصْبٌ، (وَكَفَلَهُ فِي التَّعَدِّي، أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) وَجَبَ أَوْ يَجِبُ غَيْرُ جِزْيَةٍ وَدَيْنِ سَلَمٍ، وَتَصِحُّ بِبَدَنِ كُلِّ مَنْ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، وَيَحْضُرَانِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا) بِالْإِتْلَافِ، وَبِبَدَنِ مَحْبُوسٍ وَغَائِبٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَثِيقَةٍ صَحَّتْ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَالْحُضُورِ؛ صَحَّتْ مَعَ الْحَبْسِ وَالْغَيْبَةِ؛ كَالدَّيْنِ وَضَمَانِ الْمَالِ.
وَ (لَا) تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ (حَدٌّ) لِلَّهِ؛ كَحَدِّ الزِّنَا أَوْ لِآدَمِيٍّ؛ كَحَدِّ قَذْفٍ؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ» وَلِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْإِسْقَاطِ وَالدَّرْءِ بِالشُّبْهَةِ، فَلَا يَدْخُلُهُ الِاسْتِيثَاقُ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ الْجَانِي (أَوْ) عَلَيْهِ (قِصَاصٌ) ؛ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَدِّ (وَلَا بِزَوْجَةٍ) لِزَوْجِهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِيَّةِ لَهُ عَلَيْهَا، (وَ) لَا (بِشَاهِدٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ، وَلَا بِمُكَاتَبٍ لِدَيْنِ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ لَا يَلْزَمُهُ؛ إذْ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ، وَلَا وَلَدٍ بِوَالِدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إحْضَارُهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ (وَلَا إلَى أَجَلٍ أَوْ بِشَخْصٍ مَجْهُولِينَ) ، أَمَّا عَدَمُ صِحَّتِهَا إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ؛ فَلِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ فِيهِ، وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّتِهَا بِشَخْصٍ مَجْهُولٍ؛ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ؛ فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ، بِخِلَافِ ضَمَانِ دَيْنٍ مَجْهُولٍ يَئُولُ إلَى الْعِلْمِ، (وَلَوْ فِي ضَمَانٍ؛ كَإِلَى مَجِيءِ الْمَطَرِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يُسْتَحَقُّ طَلَبٌ فِيهِ) .
(وَكَذَا) لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ (لِحَصَادٍ وَجُذَاذٍ وَعَطَاءٍ) ؛ لِلْجَهَالَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، (وَفِي الْإِقْنَاعِ كَالْمُغْنِي " وَالشَّرْحِ " وَالْأَوْلَى صِحَّتُهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِلَا عِوَضٍ) جَعَلَ لَهُ أَجَلًا لَا يَمْنَعُ حُصُولَ الْمَقْصُودِ مِنْهُ؛ فَصَحَّ؛ كَالنَّذْرِ، وَهَكَذَا
كُلُّ مَجْهُولٍ لَا يَمْنَعُ مَقْصُودَ الْكَفَالَةِ.
(وَإِنْ كَفَلَ) رَشِيدٌ (بِجُزْءٍ مُشَاعٍ) ؛ كَثُلُثِ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ وَرُبُعِهِ، (أَوْ) كَفَلَ (بِعُضْوٍ) مِنْهُ ظَاهِرًا؛ كَرَأْسِهِ وَيَدِهِ، (وَيَتَّجِهُ) أَوْ كَانَ الْعُضْوُ جِسْمًا بَاطِنًا؛ كَقَلْبِهِ أَوْ كَبِدِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ (كَرُوحِهِ أَوْ نَفْسِهِ) ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ إلَّا بِإِحْضَارِ الْكُلِّ.
وَالنَّفْسُ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الذَّاتِ.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(أَوْ) تَكَفَّلَ (بِشَخْصٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَ بِهِ) فَقَدْ بَرِئَ (وَإِلَّا) يَجِئْ بِهِ (فَهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ) مُعَيَّنٍ، (أَوْ) فَهُوَ (ضَامِنٌ مَا عَلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ؛ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ وَالضَّمَانِ عَلَى شَرْطٍ؛ كَضَمَانِ الْعُهْدَةِ، (أَوْ) قَالَ (إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ شَهْرًا؛ صَحَّ) ذَلِكَ (وَ) الْمَسْأَلَةُ (الْأُخْرَى جَمَعَتْ تَعْلِيقًا وَتَوْقِيتًا) وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ مَعَ الِانْفِرَادِ، فَكَذَا مَعَ الِاجْتِمَاعِ.
(وَيَبْرَأُ) مَنْ كَفَلَ شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ (إنْ لَمْ يُطَالِبْ) مَكْفُولٌ لَهُ بِإِحْضَارِهِ (فِيهِ) ؛ أَيْ: الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمُضِيِّهِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا، وَأَمَّا تَوْقِيتُ الضَّمَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، لَكِنْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى " وَإِنْ عَلَّقَ الضَّمَانَ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ؛ صَحَّ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " " وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " " وَالْمُنَوِّرِ " وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ " وَصَاحِبُ " الْفَائِقِ " وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمْ.
(وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ) الْكَفَالَةِ (بِسَبَبِ الْحَقِّ) ؛ كَالْعُهْدَةِ وَالدَّرَكِ وَمَا لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُهُ (بِلَا نِزَاعٍ) فِي ذَلِكَ (كَإِنْ أَقْرَضْتَ فُلَانًا كَذَا فَضَمَانُهُ عَلَيَّ، أَوْ) يَقُولُ (وَأَنَا كَفِيلٌ) بِهِ، (وَ) إنْ قَالَ:(أَبْرِئْ الْكَفِيلَ وَأَنَا كَفِيلٌ؛ فَسَدَ الشَّرْطُ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ أَبْرِئْ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ أَنَا كَفِيلٌ بِبَدَنِ فُلَانٍ إنْ أَبْرَأْتَ فُلَانًا الْكَفِيلَ؛ (فَيَفْسُدُ عَقْدُ الْكَفَالَةِ) لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَتَّجِهُ) لَوْ أَجَابَهُ لِمَا سَأَلَهُ وَأُبْرِئَ الْكَفِيلُ، ثُمَّ امْتَنَعَ السَّائِلُ مِنْ الْكَفَالَةِ؛