الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيُعْتَبَرُ لِجَوَازِ قَبْضٍ) ، كَثُلُثٍ وَنِصْفٍ مِمَّا (يُنْقَلُ) ، كَنِصْفِ فَرَسٍ أَوْ بَعِيرٍ (إذْنُ شَرِيكِهِ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ نَقْلُهُ، وَلَا يَتَأَتَّى إلَّا بِنَقْلِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْر بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرَامٌ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ قَبْضَ مَشَاعٍ لَا يُنْقَلُ، كَنِصْفِ عَقَارٍ، لَا يُعْتَبَرُ لَهُ إذْنُ شَرِيكٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ تَخْلِيَةٌ، وَلَيْسَ فِيهَا تَصَرُّفٌ، (فَإِنْ أَبَى) الشَّرِيكُ الْإِذْنَ لِلْبَائِعِ فِي تَسْلِيمِ الْكُلِّ، قِيلَ لِلْمُشْتَرِي: وَكِّلْ الشَّرِيكَ فِي الْقَبْضِ، لِيَصِلَ إلَى مَقْصُودِهِ، فَإِنْ (تَوَكَّلَ) الشَّرِيكُ (فِيهِ)، أَيْ: الْقَبْضِ (عَنْ مُشْتَرٍ)، قَبَضَهُ نِيَابَةً عَنْهُ. وَفِي نُسْخَةٍ: عَنْ بَاذِلِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ عَنْ مُشْتَرٍ، وَلَعَلَّهَا سَبْقُ قَلَمٍ، أَوْ تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ.
(فَإِنْ أَبَى) الْمُشْتَرِي أَنْ يُوَكِّلَ، أَوْ أَبَى الشَّرِيكُ أَنْ يَتَوَكَّلَ، (نَصَّبَ حَاكِمٌ مَنْ يَقْبِضُ) الْكُلَّ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، فَيَكُونُ فِي يَدِ الْقَابِضِ أَمَانَةً، أَوْ بِأُجْرَةٍ، وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِمَا، (فَلَوْ سَلَّمَهُ) بَائِعٌ (بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ) ، فَالْبَائِعُ (غَاصِبٌ) لِحِصَّةِ شَرِيكِهِ، لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهَا بِلَا إذْنِهِ، (وَقَرَارُ الضَّمَانِ) - فِيهِ إنْ تَلِفَ - (عَلَيْهِ)، أَيْ: الْبَائِعِ، لِتَغْرِيرِهِ الْمُشْتَرِيَ، (مَا لَمْ يَعْلَمْ آخِذٌ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي، أَنَّ لِلْبَائِعِ شَرِيكًا لَمْ يَأْذَنْ فِي تَسْلِيمِ حِصَّتِهِ، فَإِنْ عَلِمَ، فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الشَّرِكَةَ، وَجَهِلَ وُجُوبَ الْإِذْنِ، وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ، فَتَلِفَ أَوْ بَعْضُهُ، فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْبَائِعِ، لِمَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ إقَالَةُ النَّادِمِ]
(فَصْلٌ: وَإِقَالَةُ النَّادِمِ مُسْتَحَبَّةٌ)، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
(وَهِيَ)، أَيْ: الْإِقَالَةُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ، لَا بَيْعٌ؛ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ الرَّفْعِ وَالْإِزَالَةِ. يُقَالُ: أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَكَ، أَيْ: أَزَالَهَا، وَبِدَلِيلِ جَوَازِهَا فِي السَّلَمِ مَعَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، (فَتَصِحُّ) الْإِقَالَةُ (قَبْلَ قَبْضِ) مَا بِيعَ مِنْ (نَحْوِ مَكِيلٍ) ، كَمَوْزُونٍ
وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ، وَمَبِيعٍ فِي ذِمَّةٍ أَوْ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، وَفِي سَلَمٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، (وَبَعْدَ نِدَاءِ جُمُعَةٍ) كَسَائِرِ الْفُسُوخِ.
(وَ) تَصِحُّ الْإِقَالَةُ (مِنْ مُضَارِبٍ وَشَرِيكٍ، وَلَوْ بِلَا إذْنِ) رَبِّ الْمَالِ وَالشَّرِيكِ الْآخَرِ، (وَ) تَصِحُّ مِنْ (مُفْلِسٍ بَعْدَ حَجْرِ) الْحَاكِمِ عَلَيْهِ.
(وَيَتَّجِهُ وَ) يَصِحُّ مِنْ (نَاظِرِ) وَقْفٍ (وَ) مِنْ (وَلِيِّ) نَحْوِ يَتِيمٍ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (لِمَصْلَحَةٍ فِيهِنَّ) ؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا.
(وَ) تَصِحُّ (بِلَا شُرُوطِ بَيْعٍ) ، كَمَا لَوْ تَقَايَلَا فِي آبِقٍ أَوْ شَارِدٍ، كَمَا لَوْ فُسِخَ فِيهَا لِخِيَارِ شَرْطٍ، بِخِلَافِ بَيْعٍ.
وَتَصِحُّ بِلَفْظِهَا (وَبِلَفْظِ صُلْحٍ، وَ) بِلَفْظِ (بَيْعٍ، وَبِمَا يَدُلُّ عَلَى مُعَاطَاةٍ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَعْنَى فَيُكْتَفَى بِمَا أَدَّاهُ، كَالْبَيْعِ.
(وَلَا خِيَارَ فِيهَا)، أَيْ: الْإِقَالَةِ، لَا لِمَجْلِسٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ، وَالْفَسْخُ لَا يُفْسَخُ.
(وَلَا شُفْعَةَ) فِيهَا، نَصًّا، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
(وَلَا يَحْنَثُ بِهَا)، أَيْ: الْإِقَالَةِ (مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ) ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ، (وَعَكْسُهُ)، أَيْ: لَا يَبَرُّ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعَنَّ، سَوَاءٌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا.
(وَمُؤْنَةُ رَدِّ) مَبِيعٍ تَقَايَلَا فِيهِ (عَلَى بَائِعٍ) ، لِرِضَاهُ بِبَقَاءِ الْمَبِيعِ أَمَانَةً بِيَدِ مُشْتَرٍ بَعْدَ التَّقَايُلِ، فَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ رَدِّهِ، كَوَدِيعٍ، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، لِاعْتِبَارِهِ مَرْدُودًا.
(وَلَا تَمْنَعُ) الْإِقَالَةُ (رُجُوعَ أَبٍ فِي هِبَةٍ)، أَيْ: لَوْ وَهَبَ وَالِدٌ وَلَدَهُ شَيْئًا، ثُمَّ بَاعَ الْوَلَدُ مَا وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْوَلَدِ بِإِقَالَةٍ، لَمْ يَمْنَعْ رُجُوعَ الْأَبِ فِيهِ، كَمَا لَوْ رَجَعَ إلَى الِابْنِ بِفَسْخِ الْخِيَارِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ رُجُوعَ الْأَبِ.
(وَلَا تَصِحُّ مَعَ تَلَفِ مُثَمَّنٍ) ، سَوَاءٌ احْتَاجَ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ أَوْ لَا، لِفَوَاتِ مَحَلِّ
الْفَسْخِ، وَتَصِحُّ مَعَ تَلَفِ ثَمَنٍ، (وَ) لَا مَعَ (مَوْتِ عَاقِدٍ) بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ، لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا.
(وَ) كَذَا لَا تَصِحُّ مَعَ (غَيْبَةِ أَحَدِهِمَا)، فَلَوْ قَالَ: أَقِلْنِي وَهُوَ غَائِبٌ، لَمْ تَصِحَّ، لِاعْتِبَارِ رِضَاهُ، وَالْغَائِبُ حَالُهُ مَجْهُولٌ.
(وَلَا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنٍ) مَعْقُودٍ بِهِ، (أَوْ) مَعَ (نَقْصِهِ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْإِقَالَةِ رَدُّ الْأَمْرِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَرُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى مَا كَانَ لَهُ، فَلَوْ قَالَ مُشْتَرٍ لِبَائِعٍ: أَقِلْنِي، وَلَك كَذَا، فَفَعَلَ، فَقَدْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ، لِشَبَهِهِ بِمَسَائِلِ الْعِينَةِ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا، وَيَبْقَى لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَضْلُ دَرَاهِمَ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: لَكِنَّ مَحْذُورَ الرِّبَا هُنَا بَعِيدٌ جِدًّا، (مَا لَمْ يَسْتَأْنِفَا)، أَيْ: الْمُتَبَايِعَانِ بَيْعًا آخَرَ بِزِيَادَةٍ عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ نَقْصٍ عَنْهُ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، فَيَجُوزُ.
(وَيَتَّجِهُ وَلَا) يُبَاحُ (قَصْدُ) عَاقِدٍ بِالْإِقَالَةِ (مَسْأَلَةَ عِينَةٍ) ، فَإِنْ فَعَلَهَا، وَقَصَدَ بِهَا الْمُعَيَّنَةَ، صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَلَمْ يَطْلُبْ لَهُ أَكْلُ الزِّيَادَةِ، لِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا) تَصِحُّ الْإِقَالَةُ (مِنْ وَكِيلٍ) فِي عَقْدٍ (بِلَا إذْنِ مُوَكِّلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكَّلْ فِي الْفَسْخِ.
(وَتَصِحُّ) الْإِقَالَةِ فِي إجَارَةٍ (مِنْ مُؤَجِّرِ وَقْفٍ) إنْ كَانَ (الِاسْتِحْقَاقُ كُلُّهُ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَالِكِ لَهُ، وَظَاهِرُهُ إنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ مُشْتَرَكًا أَوْ لِمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ، أَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جُمْلَةٍ، لَمْ تَصِحَّ الْإِقَالَةُ، وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ.
(وَالْفَسْخُ) بِالْإِقَالَةِ أَوْ غَيْرِهَا (رَفْعُ عَقْدٍ مِنْ حِينِ فَسْخٍ) ، لَا مِنْ أَصْلِهِ، كَالْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ. هَذَا الْمَذْهَبُ، (فَمَا حَصَلَ مِنْ) كَسْبٍ و (نَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ، فَلِمُشْتَرٍ)، لِحَدِيثِ:«الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ) .
(وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ) حَاكِمٍ (بِصِحَّةِ) عَقْدِ (بَيْعٍ فَاسِدٍ بَعْدَ) تَقَايُلٍ، لِحُصُولِ (فَسْخِ) الْعَقْدِ وَارْتِفَاعِهِ، فَلَمْ يَبْقَ مَا يُحْكَمُ بِهِ.