الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الرِّبَا وَالصَّرْفِ]
الرِّبَا مَقْصُورٌ يُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَهُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ، قَالَ تَعَالَى:{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5]، أَيْ: عَلَتْ وَارْتَفَعَتْ، وَقَالَ تَعَالَى:{أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} [النحل: 92] ، أَيْ أَكْثَرَ عَدَدًا، وَهُوَ (مِنْ الْكَبَائِرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] .
وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» وَهُوَ) شَرْعًا (تَفَاضُلٌ فِي)[أَشْيَاءَ] كَمَكِيلٍ بِجِنْسِهِ، أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ، (وَنَسَاءٌ فِي أَشْيَاءَ) ، كَمَكِيلٍ بِمَكِيلٍ، وَمَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ - وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ - (مُخْتَصٌّ بِأَشْيَاءَ) ، وَهِيَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ، (وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهَا)، أَيْ: تَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا، نَصًّا فِي الْبَعْضِ، وَقِيَاسًا فِي الْبَاقِي مِنْهَا، كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ.
(فَيَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ فِي كُلِّ مَكِيلٍ) بِجِنْسِهِ، (أَوْ مَوْزُونٍ) مِنْ نَقْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ، مَطْعُومٍ، كَسُكَّرٍ أَوْ غَيْرِهِ، كَقُطْنٍ (بِجِنْسِهِ)، لِمَا رَوَى عُبَادَةَ بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَيَجْرِي الرِّبَا فِي كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ، (وَلَوْ) كَانَ (غَيْرَ مَطْعُومٍ) ، كَأُشْنَانٍ وَنَوْرَةٍ وَقُطْنٍ وَحَرِيرٍ وَصُوفٍ وَحِنَّاءٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنَحْوِهَا، (أَوْ قَلَّ)
الْمَبِيعُ، (كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ) ، أَوْ تَمْرَةٍ بِتَمْرَتَيْنِ، لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِتَسَاوِيهَا فِي الْكَيْلِ، (وَفِيمَا)، أَيْ: يَسِيرٍ (دُونَ الْأَرُزَّةِ مِنْ نَقْدِ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ.
و (لَا) يَحْرُمُ الرِّبَا (فِي مَاءٍ) بِحَالٍ، لِإِبَاحَتِهِ أَصْلًا، وَعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَةً. قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْعِلَّةُ عِنْدَنَا لَيْسَتْ هِيَ الْمَالِيَّةَ، لَكِنْ لَمَّا ضَعُفَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي هِيَ الْكَيْلُ فِيهِ، فَلَمْ تُؤَثِّرْ.
(وَلَا) رِبَا (فِيمَا لَا يُوزَنُ عُرْفًا لِصِنَاعَتِهِ) ، لِارْتِفَاعِ سِعْرِهِ بِهَا (مِنْ غَيْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) ، فَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، فَيَحْرُمُ فِيهِمَا مُطْلَقًا، (كَمَعْمُولٍ مِنْ نُحَاسٍ) ، كَأَسْطَالٍ وَدُسُوت، (وَ) مَعْمُولٍ مِنْ (حَدِيدٍ) ، كَنِعَالٍ وَسَكَاكِينَ (وَ) كَمَعْمُولٍ مِنْ حَرِيرٍ و (قُطْنٍ) ، كَثِيَابٍ (وَنَحْوِهِ) ، كَأَكْسِيَةٍ مِنْ صُوفٍ وَثِيَابٍ مِنْ كَتَّانٍ، (فَمَصْنُوعٌ مِنْ نَقْدٍ يُبَاعُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا لَا قِيمَةً) سَوَاءٌ مَاثَلَهُ فِي الصِّنَاعَةِ أَوْ لَا لِعُمُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ، (خِلَافًا لِلشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ حَيْثُ جَوَّزَ بَيْعَ مَصْنُوعٍ مُبَاحِ الِاسْتِعْمَالِ، كَخَاتَمٍ وَنَحْوِهِ بِجِنْسِهِ بِقِيمَتِهِ حَالًّا، جَعْلًا لِلزَّائِدِ فِي مُقَابَلَةِ الصَّنْعَةِ.
(وَلَا) رِبَا (فِي فُلُوسٍ) يُتَعَامَلُ بِهَا (عَدَدًا - وَلَوْ) كَانَتْ (نَافِقَةً - حَيْثُ لَا نَسَاءَ) ، لِخُرُوجِهَا عَنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَعَدَمٍ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، فَعِلَّةُ الرِّبَا فِي [الذَّهَبِ] وَالْفِضَّةِ كَوْنُهُمَا مَوْزُونَيْ جِنْسٍ، وَفِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ كَوْنُهُنَّ مَكِيلَاتِ جِنْسٍ، نَصًّا، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلُّ مَوْزُونٍ وَمَكِيلٍ، لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، فَيَجِبُ اسْتِخْرَاجُ عِلَّةِ هَذَا الْحُكْمِ، وَإِثْبَاتُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَثْبُتُ عِلَّتُهُ فِيهِ، وَلَا يَجْرِي فِي مَطْعُومٍ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ، كَجَوْزٍ وَبَيْضٍ وَحَيَوَانٍ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ صُبْرَةٍ) مِنْ مَكِيلٍ بِصُبْرَةٍ مِنْ (جِنْسِهَا) ، كَصُبْرَةِ تَمْرٍ بِصُبْرَةِ تَمْرٍ (إنْ عَلِمَا كَيْلَهُمَا)، أَيْ: الصُّبْرَتَيْنِ، وَعَلِمَا (تَسَاوِيَهُمَا وَخُلُوَّهُمَا عَنْ
مُخَالِفٍ لَهُمَا) ، لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ التَّمَاثُلُ، (لَكِنْ لَا يَضُرُّ) فِي التَّمَاثُلِ وُجُودُ (يَسِيرٍ نَحْوِ حَبَّاتِ شَعِيرٍ) أَوْ تِبْنٍ، أَوْ عَقْدٍ (بِحِنْطَةٍ) وَنَحْوِهَا، إذْ لَا تَخْلُو الْحُبُوبُ غَالِبًا مِنْ ذَلِكَ، (أَوْ لَا)، أَيْ: أَوْ لَمْ يَعْلَمَا كَيْلَهُمَا وَلَا تَسَاوِيَهُمَا، (وَتَبَايَعَاهُمَا مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَكُيِّلَتَا، فَكَانَتَا سَوَاءً) ، لِوُجُودِ التَّمَاثُلِ، فَإِنْ نَقَصَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى، بَطَلَ، وَكَذَا زُبْرَةُ حَدِيدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، لَمْ يَجِبْ التَّمَاثُلُ. وَيَأْتِي. لَكِنْ إنْ تَبَايَعَا صُبْرَةً مِنْ بُرٍّ بِصُبْرَةٍ مِنْ شَعِيرٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَكُيِّلَتَا فَزَادَتْ إحْدَاهُمَا، فَالْخِيَارُ.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (حَبٍّ جَيِّد) بِحَبٍّ (خَفِيفٍ) مِنْ جِنْسِهِ، إنْ تَسَاوَيَا كَيْلًا؛ لِأَنَّهُ مِعْيَارُهُمَا الشَّرْعِيُّ، وَلَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُ الْقِيمَةِ.
و (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ حَبٍّ بِحَبٍّ (مُسَوَّسٍ) مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلَى الْعِلْمِ بِالتَّمَاثُلِ، وَالْجَهْلُ بِهِ كَالْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (مَكِيلٍ) ، كَتَمْرٍ وَبُرٍّ وَشَعِيرٍ (بِجِنْسِهِ وَزْنًا) ، كَرِطْلِ تَمْرٍ بِرِطْلِ تَمْرٍ، (وَ) لَا بَيْعُ (مَوْزُونٍ) ، كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَزَبَدٍ (بِجِنْسِهِ كَيْلًا)، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا، بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ مَرْفُوعًا:«الْبُرُّ بِالْبُرِّ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ، فَمَنْ زَادَ، أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى» . فَاعْتَبَرَ الشَّارِعُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْمَوْزُونَاتِ بِالْوَزْنِ وَفِي الْمَكِيلَاتِ بِالْكَيْلِ، فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ، خَرَجَ عَنْ الْمَشْرُوعِ الْمَأْمُورِ بِهِ، إذْ الْمُسَاوَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، هِيَ الْمُسَاوَاةُ فِي مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ. (إلَّا إذَا عُلِمَ مُسَاوَاتُهُ لَهُ)، أَيْ: الْمَكِيلِ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ وَزْنًا، أَوْ الْمَوْزُونِ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ كَيْلًا (فِي مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ) فَيَصِحُّ الْمَبِيعُ، لِلْعِلْمِ بِالتَّمَاثُلِ.
(وَيَصِحُّ) الْبَيْعُ (إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ) ، كَتَمْرٍ بِبُرٍّ (كَيْلًا) - وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْزُونًا - (وَوَزْنًا) - وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا - (وَجُزَافًا) ،
لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا، فَجَازَ جُزَافًا، وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ بِالصُّبْرَةِ مِنْ الطَّعَامِ لَا يُدْرَى مَا كَيْلُ هَذَا وَمَا كَيْلُ هَذَا، مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.
(وَ) يَصِحُّ (بَيْعُ لَحْمٍ بِمِثْلِهِ) وَزْنًا (مِنْ جِنْسِهِ) رَطْبًا وَيَابِسًا (إذَا نُزِعَ عَظْمُهُ) ، فَإِنْ بِيعَ يَابِسٌ مِنْهُ بِرَطْبٍ، لَمْ يَصِحَّ، لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ، أَوْ لَمْ يُنْزَعْ عَظْمُهُ، لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ لَحْمٍ (بِحَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) ، كَقِطْعَةٍ مِنْ نَحْوِ إبِلٍ بِشَاةٍ؛ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ بِيعَ بِغَيْرِ أَصْلِهِ وَلَا جِنْسِهِ، فَجَازَ.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (عَسَلٍ بِمِثْلِهِ) كَيْلًا (إذَا صُفِّيَ) كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ شَمْعَةٍ، وَإِلَّا، لَمْ يَصِحَّ لِمَا سَبَقَ، إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، وَإِلَّا، جَازَ التَّفَاضُلُ كَعَسَلِ قَصَبٍ بِعَسَلِ نَحْلٍ.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (فَرْعٍ) مِنْ جِنْسٍ (مَعَهُ)، أَيْ: الْفَرْعِ (غَيْرُهُ لِمَصْلَحَتِهِ) ، كَجُبْنٍ، فَإِنَّ فِيهِ مِلْحًا لِمَصْلَحَتِهِ، أَوْ مُنْفَرِدًا لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، كَسَمْنٍ (بِنَوْعِهِ، كَجُبْنٍ بِجُبْنٍ مُتَمَاثِلًا) وَزْنًا، وَكَسَمْنٍ بِسَمْنٍ مُتَمَاثِلًا كَيْلًا إنْ كَانَ مَائِعًا، وَإِلَّا فَوَزْنًا، (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ فَرْعٍ مَعَهُ غَيْرُهُ لِمَصْلَحَتِهِ أَوْ لَا (وَ) بِنَوْعٍ (غَيْرِ نَوْعِهِ، كَزُبْدٍ بِمَخِيضٍ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا) ، كَرَطْلِ زُبْدٍ بِرَطْلِ مَخِيضٍ، لِاخْتِلَافِهِمَا نَوْعًا بَعْدَ الِانْفِصَالِ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا مَا دَامَ الِانْفِصَالُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ، كَالتَّمْرِ وَنَوَاهُ.
و (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ (مِثْلِ زُبْدٍ بِسَمْنٍ، لِاسْتِخْرَاجِهِ)، أَيْ: السَّمْنِ (مِنْهُ)، أَيْ: الزُّبْدِ فَيُشْبِهُ بَيْعَ السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ.
(وَلَا) بَيْعُ (مَا)، أَيْ: شَيْءٍ (مَعَهُ مَا) ، أَيْ شَيْءٌ (لَيْسَ لِمَصْلَحَتِهِ،
كَكِشْكٍ بِنَوْعِهِ) ، أَيْ كِشْكٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ. (أَوْ)، أَيْ: وَلَا بَيْعُ فَرْعٍ مَعَهُ غَيْرُهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ (بِفَرْعِ غَيْرِهِ، كَكِشْكٍ بِجُبْنٍ) أَوْ بِهَرِيسَةٍ، لِعَدَمِ إمْكَانِهِ التَّمَاثُلَ.
(وَلَا بَيْعُ فَرْعٍ بِأَصْلِهِ، كَأَقِطٍ أَوْ جُبْنٍ) أَوْ زُبْدِ أَوْ لَبَنٍ أَوْ مَخِيضٍ (بِلَبَنِ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَخْرَجٌ مِنْهُ، أَشْبَهَ بَيْعَ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ، و (لَا) بَيْعُ (زَيْتٍ بِزَيْتُونٍ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ (وَ) لَا (شَيْرَجٍ بِسِمْسِمٍ) ، لِمَا مَرَّ.
(وَلَا) بَيْعُ (نَوْعٍ مَسَّتْهُ النَّارُ) ، كَخُبْزِ شَعِيرٍ (بِنَوْعِهِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ) ، كَعَجِينِ شَعِيرٍ، لِذَهَابِ النَّارِ بِبَعْضِ رُطُوبَةِ أَحَدِهِمَا، فَيُجْهَلُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا.
(وَالْجِنْسُ مَا)، أَيْ: مُسَمًّى خَاصٌّ (شَمِلَ أَنْوَاعًا) ، أَيْ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً بِالْحَقِيقَةِ، وَالنَّوْعُ مَا شَمِلَ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً بِالشَّخْصِ، وَقَدْ يَكُونُ النَّوْعُ جِنْسًا بِاعْتِبَارِ مَا تَحْتَهُ، وَالْجِنْسُ نَوْعًا بِاعْتِبَارِ مَا فَوْقَهُ، (كَالذَّهَبِ) يَشْمَلُ الْبَنْدُوقِيَّ وَالتَّكْرُورِيَّ وَغَيْرَهُمَا، (وَالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ) لِشُمُولِ كُلِّ اسْمٍ مِنْ ذَلِكَ الْأَنْوَاعَ (وَ) فُرُوعُ الْأَجْنَاسِ كَالْأَدِقَّةِ (وَالْأَخْبَازِ وَالْأَدْهَانِ) وَالْخُلُولِ وَنَحْوِهَا أَجْنَاسٌ، فَدَقِيقُ الْبُرِّ جِنْسٌ، وَخُبْزُهُ جِنْسٌ، وَدَقِيقُ الشَّعِيرِ جِنْسٌ، وَخُبْزُهُ جِنْسٌ، وَزَيْتُ الْقُرْطُمِ جِنْسٌ، وَزَيْتُ السَّلْجَمِ جِنْسٌ، وَزَيْتُ الْكَتَّانِ جِنْسٌ، وَهَكَذَا، وَدُهْنُ وَرْدٍ وَبَنَفْسَجٍ وَيَاسَمِينٍ وَنَحْوِهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ إنْ كَانَتْ مِنْ دُهْنٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَقَاصِدُهَا. (وَاللَّحْمُ وَاللَّبَنُ وَالْجُبْنُ وَالسَّمْنُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهَا) ، فَلَحْمُ الْإِبِلِ جِنْسٌ، وَلَبَنُهَا جِنْسٌ وَجُبْنُهَا جِنْسٌ، وَسَمْنُهَا جِنْسٌ، وَهَكَذَا الْبَقَرُ وَالضَّأْنُ (لَكِنَّ الْبَقَرَ وَالْجَامُوسَ) نَوْعَا (جِنْسٍ) وَاحِدٍ، (وَالضَّأْنَ وَالْمَعْزَ) نَوْعَا (جِنْسٍ) ، لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَكَذَا الْبَخَاتِيُّ وَالْعُرْبُ.
(وَاللَّحْمُ الْأَبْيَضُ، كَسَمِينِ الظَّهْرِ) وَالْجَنْبِ، (وَاللَّحْمُ الْأَحْمَرُ جِنْسٌ) وَاحِدٌ يَتَنَاوَلُهُ اللَّحْمُ (وَنَحْرُ بَقَرٍ أَهْلِيَّةٍ وَ) بَقَرٍ (وَحْشِيَّةٍ جِنْسَانِ) ، فَيَجُوزُ بَيْعُ بَقَرَةٍ أَهْلِيَّةٍ، بِبَقَرَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ، (وَالشَّحْمُ
وَالْمُخُّ وَالْأَلْيَةُ) - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ - (وَالْقَلْبُ وَالطِّحَالُ) - بِكَسْرِ الطَّاءِ - وَالرِّئَةُ وَالْكُلْيَةُ وَالْكَبِدُ وَالْكَارِعُ أَجْنَاسٌ، فَيَجُوزُ بَيْعُ رَطْلَيْ لَحْمِ بَقَرٍ بِرَطْلِ شَحْمٍ مِنْهُ، وَرَطْلِ شَحْمٍ مِنْهُ بِرَطْلَيْ مُخٍّ مِنْهُ - وَالْمُخُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْعِظَامِ - وَرَطْلُ شَحْمٍ بِرَطْلِ أَلْيَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ دَقِيقٍ رِبَوِيٍّ) كَدَقِيقِ ذُرَةٍ (بِدَقِيقٍ) مِثْلًا بِمِثْلٍ، (إذَا اسْتَوَيَا) أَيْ: الدَّقِيقَانِ (نُعُومَةً، لِتَسَاوِيهِمَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْصِ) فَجَازَ، كَبَيْعِ التَّمْرِ.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (مَطْبُوخِهِ)، أَيْ: الرِّبَوِيِّ (بِمَطْبُوخِهِ) مِنْ جِنْسِهِ، كَرَطْلِ سَمْنٍ بَقَرِيٍّ بِرَطْلٍ مِنْهُ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (خُبْزِهِ بِخُبْزِهِ) ، كَخُبْزِ بُرٍّ بِخُبْزِ بُرٍّ مِثْلًا بِمِثْلٍ، (إذَا اسْتَوَيَا)، أَيْ: الْخُبْزَانِ (نِشَافًا أَوْ رُطُوبَةً) ، لَا إنْ اخْتَلَفَا، (لَكِنْ لَا يَضُرُّ يَسِيرُ زِيَادَةِ أَخْذِ نَارٍ مِنْ أَحَدِهِمَا) ، أَيْ الْخُبْزَيْنِ (أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ) ، لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ عَادَةً.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (عَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ) كَمُدِّ مَاءِ عِنَبٍ بِمِثْلِهِ، (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (رَطْبِهِ بِرَطْبِهِ) ، كَرُطَبٍ بِرُطَبٍ، وَعِنَبٍ بِعِنَبٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ، (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (يَابِسِهِ بِيَابِسِهِ) ، كَتَمْرٍ بِتَمْرٍ، وَزَبِيبٍ بِزَبِيبٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ، (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (مَنْزُوعٍ نَوَاهُ) مِنْ زَبِيبٍ وَتَمْرٍ (بِمِثْلِهِ) مَنْزُوعِ النَّوَى مِنْ جِنْسِهِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، كَمَا لَوْ كَانَا مَعَ نَوَاهُمَا، (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (نَوًى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى - وَلَوْ مُتَفَاضِلًا -) يَدًا بِيَدٍ، (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (تَمْرٍ فِيهِ نَوًى بِمِثْلِهِ)، أَيْ: بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى مِثْلًا بِمِثْلٍ، و (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ مَنْزُوعٍ نَوَاهُ (مَعَ نَوَاهُ بِمَا)، أَيْ: بِمَنْزُوعِ النَّوَى (مَعَ نَوَاهُ) ، لِزَوَالِ التَّبَعِيَّةِ، فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، (وَلَا) بَيْعُ (مَنْزُوعٍ نَوَاهُ بِمَا نَوَاهُ فِيهِ) ، لِعَدَمِ التَّسَاوِي، (وَلَا) بَيْعُ (خَلِّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ) - وَلَوْ مُتَمَاثِلًا - لِانْفِرَادِ خَلِّ الزَّبِيبِ بِالْمَاءِ (بَلْ) يَجُوزُ بَيْعُ (خَلِّ كُلٍّ مِنْهُمَا)، أَيْ: الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ (بِمِثْلِهِ) ، لِتَسَاوِيهِمَا