الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَحْوِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا فِي نَظِيرِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا أَوْ تَنَاوُبُهُ مَعَهُ؛ لَمْ يَضْمَنْ بِلَا تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ.
(وَيَتَّجِهُ لَوْ اسْتَعْمَلَهَا) - أَيْ: الدَّابَّةَ - (بِإِذْنِ) شَرِيكِهِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا (فِي مُقَابَلَةِ عَلَفِهَا؛ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ) ؛ لِاشْتِرَاطِ عَلَفِهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إجَارَةٌ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ يُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا، وَفِي " التَّلْخِيصِ " إذَا أَعَارَهُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ الْآخَرُ فَرَسَهُ؛ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَهَذَا رُجُوعٌ إلَى أَنَّهَا كِنَايَةٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ [، وَالْفَسَادُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِاشْتِرَاطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ آخَرَ،] وَإِمَّا لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ، وَعَلَيْهِ خَرَّجَهُ الْحَارِثِيُّ، وَقَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَ عَبْدِي لِتُمَوِّنَّهُ أَوْ دَابَّتِي لِتَعْلِفَهَا، فَعَلَى كُلٍّ لَا ضَمَانَ بِلَا تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّ مَا لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهِ، لَا ضَمَانَ فِي فَاسِدِهِ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.
تَتِمَّةٌ: وَمَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا، ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا؛ فَلِمَالِكِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِعَدَمِ إذْنِهِ فِي اسْتِعْمَالِهِ.
يُطَالِبُ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، أَمَّا الدَّافِعُ فَلِتَعَدِّيهِ بِالدَّفْعِ، وَأَمَّا الْقَابِضُ فَلِقَبْضِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ رَجَعَ عَلَى الْمُعِيرِ بِمَا غَرِمَ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ عَالِمًا بِالْحَالِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُعِيرَ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِالْأُجْرَةِ عَلَى أَحَدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ عَالِمًا، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ والمعار إلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ]
(فَصْلٌ: وَإِنْ دَفَعَ) إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا، ثُمَّ (اخْتَلَفَا) - أَيْ: الْمَالِكُ وَالْقَابِضُ - (فَقَالَ) الْمَالِكُ: (آجَرْتُك. قَالَ) الْقَابِضُ: (بَلْ أَعَرْتنِي) ، وَكَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ (قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ) مِنْ الْقَبْضِ (لَهَا أُجْرَةٌ؛ فَقَوْلُ قَابِضٍ) بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجَارَةِ،
وَتُرَدُّ لِمَالِكِهَا. (وَ) إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا (بَعْدَهَا) - أَيْ: بَعْدَ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ - فَالْقَوْلُ (قَوْلُ مَالِكٍ فِي مَا مَضَى) مِنْ الْمُدَّةِ (فَقَطْ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي كَيْفِيَّةِ انْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إلَى مِلْكِ الْقَابِضِ، فَقُدِّمَ قَوْلُ الْمَالِكِ؛ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنٍ، فَادَّعَى الْمَالِكُ بَيْعَهَا وَالْآخَرُ هِبَتَهَا؛ إذْ الْمَنَافِعُ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَعْيَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، وَأَمَّا الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَالِكِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ.
(وَ) إذَا حَلَفَ الْمَالِكُ (فَلَهُ أَجْرُ مِثْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَثْبُتُ بِدَعْوَى الْمَالِكِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَ الْمَنْفَعَةِ، وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ قَدْ تَلِفَتْ، وَقَالَ الْمَالِكُ: آجَرْتُكهَا، وَقَالَ الْقَابِضُ: أَعَرْتنِيهَا؛ لَمْ يَسْتَحِقَّ صَاحِبُهَا الْمُطَالَبَةَ بِقِيمَتِهَا، لِإِقْرَارِهِ بِمَا يُسْقِطُ ضَمَانَهَا، وَهُوَ الْإِجَارَةُ، وَلَا نَظَرَ إلَى إقْرَارِ الْمُسْتَعِيرِ بِالْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ [رَدَّ] قَوْلَهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْإِجَارَةِ؛ فَبَطَلَ إقْرَارُهُ، (وَكَذَا [لَوْ] ادَّعَى) زَارِعٌ أَرْضَ غَيْرِهِ (أَنَّهُ زَرَعَ) الْأَرْضَ (عَارِيَّةً، وَقَالَ رَبُّهَا) : زَرَعْتَهَا (إجَارَةً) ؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ، وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، (وَ) إنْ قَالَ الْقَابِضُ لِلْمَالِكِ:(أَعَرْتَنِي، أَوْ) .
قَالَ لَهُ: (آجَرْتَنِي، قَالَ) الْمَالِكُ: بَلْ (غَصَبْتَنِي) ، فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا عَقِبَ الْعَقْدِ - وَالْبَهِيمَةُ قَائِمَةٌ - أَخَذَهَا مَالِكُهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَلَمْ يَفُتْ مِنْهَا شَيْءٌ لِيَأْخُذَهَا الْمَالِكُ عِوَضَهُ، وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا - وَقَدْ مَضَى مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ - فَقَوْلُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَابِضِ لِمَالِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ، فَتَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَابِضِ لِلْعَيْنِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ، وَاخْتَلَفَا فَفِي مَسْأَلَةُ دَعْوَى الْقَابِضُ الْعَارِيَّةَ وَالْمَالِكُ الْغَصْبَ هُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى ضَمَانِ الْعَيْنِ إذْ كُلٌّ مِنْ الْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ مَضْمُونٌ مُخْتَلِفَانِ فِي الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِيهَا لِدَعْوَاهُ الْغَصْبَ، وَالْقَابِضُ يُنْكِرُهَا بِدَعْوَاهُ الْعَارِيَّةَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، فَيَحْلِفُ، وَتَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَابِضِ؛ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَفِي دَعْوَى الْقَابِضِ
الْإِجَارَةِ مَعَ دَعْوَى الْمَالِكِ الْغَصْبَ هُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ، مُخْتَلِفَانِ فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، فَيَغْرَمُ الْقَابِضُ قِيمَتَهَا فِي صُورَتَيْ دَعْوَى الْإِجَارَةِ وَدَعْوَى الْعَارِيَّةِ حَيْثُ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ فِيهِمَا، وَيَغْرَمُ الْقَابِضُ أَيْضًا أُجْرَةَ مِثْلِهَا إلَى حِينِ التَّلَفِ فِيهِمَا، (أَوْ) قَالَ الْمَالِكُ:(أَعَرْتُكَ الْعَيْنَ قَالَ) الْقَابِضُ: (بَلْ آجَرْتَنِي - وَالْبَهِيمَةُ تَالِفَةٌ - فَقَوْلُ مَالِكٍ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَابِضِ بِمَالِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ، (وَكَذَا) لَوْ قَالَ الْقَابِضُ:(أَعَرْتَنِي، أَوْ قَالَ: آجَرْتَنِي، فَقَالَ) الْمَالِكُ: (غَصَبْتَنِي) - وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ - فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ (فِي) وُجُوبِ (الْأُجْرَةِ، وَ) فِي وُجُوبِ (رَفْعِ الْيَدِ) وَرَدِّ الْعَيْنِ لِمَالِكِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْقَابِضُ، (وَ) إنْ قَالَ الْمَالِكُ:(أَعَرْتُكَ)، فَقَالَ الْقَابِضُ: أَوْدَعْتَنِي؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ، (أَوْ) قَالَ الْمَالِكُ:(غَصَبْتَنِي، فَقَالَ) الْقَابِضُ: (أَوْدَعْتَنِي؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ) بِيَمِينِهِ، (وَلَهُ) - أَيْ: الْمَالِكُ - عَلَى الْقَابِضِ (قِيمَةُ) عَيْنٍ (تَالِفَةٍ) ؛ لِثُبُوتِ حُكْمِ الْعَارِيَّةِ بِحَلِفِهِ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ (وَكَذَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي (عَكْسِهَا) ؛ كَقَوْلِ الْمَالِكِ: (أَوْدَعْتُكَ، فَقَالَ) الْقَابِضُ: بَلْ (أَعَرْتَنِي) ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ أَيْضًا؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (وَلَهُ) - أَيْ: الْمَالِكُ - عَلَى الْقَابِضِ (أُجْرَةُ مَا انْتَفَعَ بِهَا) - أَيْ: الْعَيْنِ - وَيَرُدُّهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَنَافِعِ عَلَيْهِ، وَدَعْوَاهُ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهَا بِأَنْ قَالَ مُسْتَعِيرٌ: رَدَدْتُهَا، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ، وَكَالْمَدِينِ إذَا ادَّعَى أَدَاءَ الدَّيْنِ.
تَتِمَّةٌ: قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: مَنْ بَعَثَ رَسُولًا يَسْتَعِيرُ لَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ مَثَلًا، فَجَاءَ إلَى الْمُعِيرِ، فَاسْتَعَارَهَا مِنْهُ لِيَرْكَبَهَا إلَى الْحِلَّةِ، فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْكُوفَةِ، وَلَا يَدْرِي، فَعَطِبَتْ؛ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّسُولِ إنْ اعْتَرَفَ بِالْكَذِبِ، وَإِنْ قَالَ لِلْمُسْتَعِيرِ: كَذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَعِيرُ؛ فَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ هُنَا شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ خَصَمٌ، وَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ إلَى الْكُوفَةِ.