الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ أَحَالَ ضَامِنٌ رَبَّ دَيْنٍ بِهِ وَلَمْ يَنْوِ رُجُوعًا عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ بِمَا قَضَاهُ]
[فَصْلٌ] : (وَإِنْ)(قَضَى الدَّيْنَ ضَامِنٌ، أَوْ أَحَالَ) ضَامِنٌ رَبَّ دَيْنٍ (بِهِ، وَلَمْ يَنْوِ) ضَامِنٌ (رُجُوعًا) عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ بِمَا قَضَاهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ عَنْهُ - (وَلَوْ) كَانَ عَدَمُ نِيَّةِ الرُّجُوعِ (ذُهُولًا) - (لَمْ يَرْجِعْ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ وَالْقَضَاءُ وَالْحَوَالَةُ بِإِذْنِ الْمَضْمُونِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ مُبَرِّئٌ مِنْ دَيْنٍ وَاجِبٍ، فَكَانَ مِنْ ضَمَانِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ؛ كَالْحَاكِمِ إذَا قَضَى عَنْهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ - (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) الْمَضْمُونُ (فِي ضَمَانٍ وَلَا قَضَاءٍ) - لِمَا سَبَقَ.
وَأَمَّا قَضَاءُ عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ عَنْ الْمَيِّتِ، فَكَانَ تَبَرُّعًا؛ لِقَصْدِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ عِلْمِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً.
وَالْكَلَامُ فِيمَنْ نَوَى الرُّجُوعَ، لَا مَنْ تَبَرَّعَ
وَيَرْجِعُ ضَامِنٌ (بِالْأَقَلِّ مِمَّا قَضَى، وَلَوْ) كَانَ مَا قَضَاهُ لَا (قِيمَةَ عِوَضٍ عَوَّضَهُ) الضَّامِنُ (بِهِ) ؛ أَيْ: الدَّيْنِ (أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ) ، فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً وَوَفَّاهُ عَنْهُ ثَمَانِيَةً، أَوْ عَوَّضَهُ عَنْهُ عِوَضًا قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ؛ رَجَعَ بِالثَّمَانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ أَقَلَّ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ، وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ غَرِيمٌ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الدَّيْنَ فَالزَّائِدُ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمَضْمُونِ فَالضَّامِنُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ.
(وَكَذَا) فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ (كَفِيلٌ وَكُلُّ مُؤَدٍّ عَنْ غَيْرِهِ دَيْنًا وَاجِبًا) ، فَيَرْجِعُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ.
وَإِلَّا فَلَا، (بِخِلَافِ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ؛ فَلَا يَرْجِعُ قَاضِيهِ) عَلَى الْمَدِينِ (قَبْلَ حُلُولِهِ) ؛ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ
(وَيَتَّجِهُ فِي دَيْنِ كِتَابَةٍ) إذَا قَضَاهُ شَخْصٌ عَنْ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ حُلُولِ نَجْمِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِنَظِيرِهِ؛ فَلَهُ (الرُّجُوعُ) ؛ لِأَنَّهُ قَضَى عَنْهُ دَيْنًا وَاجِبًا صُورَةً، (وَ) أَمَّا إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ النَّجْمِ، فَيَتَّجِهُ (عَدَمُهُ) ؛ أَيْ: الرُّجُوعِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْجِزُ نَفْسَهُ وَيَعُودُ إلَى الرِّقِّ، فَيَفُوتُ الْمَالُ عَلَى الدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ مَالًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ؛ أَشْبَهَ الْمُتَبَرِّعَ.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَ (لَا) يَرْجِعُ مُؤَدٍّ عَنْ غَيْرِهِ (زَكَاةً وَنَحْوَهَا) مِمَّا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ؛ كَكَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ، (لَكِنْ يَرْجِعُ ضَامِنُ الضَّامِنِ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى الضَّامِنِ (وُجُوبًا) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الدَّفْعَ عَنْ الَّذِي ضَمِنَهُ دُونَ الْأَصِيلِ، (وَهُوَ) ؛ أَيْ: الضَّامِنُ لِلْأَصِيلِ يَرْجِعُ (عَلَى الْأَصِيلِ) الْمَضْمُونِ عَنْهُ.
(وَإِنْ أُحِيلَ) ؛ أَيْ: أَحَالَ رَبَّ الدَّيْنِ بِهِ (عَلَى الضَّامِنِ؛ فَلَهُ) ؛ أَيْ: الضَّامِنِ (مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ) عَنْهُ (بِمُجَرَّدِهَا) ؛ أَيْ: الْحَوَالَةِ؛ كَالِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ، (فَلَوْ مَاتَ الضَّامِنُ) قَبْلَ أَدَاءِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَخْلُفْ تَرِكَةً؛ فَلِمُحْتَالٍ مُطَالَبَةُ وَرَثَتِهِ) ؛ أَيْ: الضَّامِنِ الْمَيِّتِ، (وَ) لِوَرَثَتِهِ (أَنْ يُطَالِبُوا الْأَصِيلَ) وَيَدْفَعُوا لِلْمُحْتَالِ، (وَلَهُمْ الِامْتِنَاعُ) مِنْ الدَّفْعِ وَالْمُطَالَبَةِ؛ (لِعَدَمِ لُزُومِ الدَّيْنِ حِينَئِذٍ) لَهُمْ؛ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَجِدُوا تَرِكَةً، (وَيَرْفَعُ) الْمُحْتَالُ (الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ، فَيَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنْ الْأَصِيلِ، وَيَدْفَعُهُ لِمُحْتَالٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ دَيْنُهُ؛ لِعَدَمِ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ لَهُ تَرِكَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَسْتَحِقُّ بِذِمَّةِ الْأَصِيلِ) ، وَكَذَا إذَا أَدَّى ضَامِنُ الضَّامِنِ وَمَاتَ الضَّامِنُ، قَبْلَ أَدَائِهِ إلَى ضَامِنِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا.
(قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ) بَحْثًا.
وَهُوَ ضَعِيفٌ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
ثُمَّ (قَالَ وَقَدْ نُقِلَ لِي أَنَّ) شَيْخَ الْإِسْلَامِ (الْبُلْقِينِيَّ الشَّافِعِيَّ أَفْتَى بِذَلِكَ انْتَهَى) .
(وَإِنْ أَبْرَأَ مُحْتَالٌ الضَّامِنَ بَرِئَ، وَطَالَبَ) مُحْتَالٌ (الْأَصِيلَ وَتَرَدَّدَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ) فِي ذَلِكَ.
(فَإِنْ أَنْكَرَ مُقْتَضِي الْقَضَاءِ) ؛ أَيْ: أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخْذَهُ مِنْ نَحْوِ ضَامِنٍ، (وَحَلَفَ) رَبُّ الْحَقِّ؛ (لَمْ يَرْجِعْ قَاضٍ) ؛ أَيْ مُدَّعِي الْقَضَاءِ (عَلَى
مَدِينٍ) ؛ لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ بِهَذَا الْقَضَاءِ (وَلَوْ صَدَّقَ) مَدِينٌ عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ - لِأَنَّ عَدَمَ الرُّجُوعِ لِتَفْرِيطِ الضَّامِنِ وَنَحْوِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَصْدِيقِهِ وَتَكْذِيبِهِ، (إلَّا إنْ ثَبَتَ) الْقَضَاءُ بِبَيِّنَةٍ (أَوْ حَضَرَهُ) ؛ أَيْ: الْقَضَاءَ مَضْمُونٌ عَنْهُ، (وَثَبَتَ) حُضُورُهُ بِاعْتِرَافٍ أَوْ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، (أَوْ أَشْهَدَ) دَافِعُ الدَّيْنِ (وَمَاتَ شُهُودُهُ أَوْ غَابُوا) ؛ أَيْ: شُهُودُهُ، (وَصَدَّقَهُ) ؛ أَيْ: الدَّافِعُ - وَإِنْ أَنْكَرَ الْحُضُورَ - فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَدِينٍ عَلَى حُضُورِهِ أَوْ غَيْبَةِ شُهُودِهِ أَوْ مَوْتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ، وَلَيْسَ الْمَوْتُ أَوْ الْغَيْبَةُ مِنْ فِعْلِهِ.
(وَيَتَّجِهُ فَيَرْجِعُ ضَامِنٌ) عَلَى مَدِينٍ ادَّعَى أَنَّهُ قَضَى عَنْهُ الدَّيْنَ، وَأَنْكَرَهُ الدَّائِنُ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ ثَانِيًا، وَكَانَ قَدْ أَشْهَدَ عَلَى الْقَضَاءِ، وَمَاتَ شُهُودُهُ، أَوْ غَابُوا، وَصَدَّقَهُ الْمَدِينُ فِي دَعْوَاهُ، وَيَأْخُذُ مِنْ الْمَدِينِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ الَّذِي دَفَعَهُ أَوَّلًا؛ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِهِ بَاطِنًا، وَ (لَا) يَرْجِعُ عَلَيْهِ (بِمَا أَخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا) ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الدَّائِنَ ظَلَمَهُ؛ فَلَا يَحْمِلُ ظُلْمَهُ لِغَيْرِهِ، (وَعَكْسُهُ وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ) ؛ أَيْ: لَمْ يُصَدِّقْ الْمَضْمُونُ عَنْهُ الضَّامِنَ وَلَا بَيِّنَةَ؛ فَيَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ الدَّائِنُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَمْ يَبْرَأْ ظَاهِرًا إلَّا فِي الْقَضَاءِ الثَّانِي وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ) ؛ أَيْ: الشُّهُودِ (بِنَحْوِ فِسْقٍ ظَاهِرٍ؛ لَمْ يَرْجِعْ) الضَّامِنُ؛ لِتَفْرِيطِهِ، وَإِنْ رُدَّتْ (بِأَمْرٍ خَفِيٍّ) ؛ كَالْفِسْقِ الْبَاطِنِ، أَوْ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ مُخْتَلَفًا فِيهَا؛ كَشَهَادَةِ الْعَبِيدِ؛ (فَاحْتِمَالَانِ) أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ (وَيَرْجِعُ مَعَ شَاهِدٍ) وَاحِدٍ (وَيَمِينٍ) .
قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى (وَصَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ ") لِقَبُولِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْأَمْوَالِ.
(وَإِنْ اعْتَرَفَ رَبُّ دَيْنٍ بِالْقَضَاءِ وَأَنْكَرَ مَدِينٌ؛ لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ) ؛ لِاعْتِرَافِ رَبِّ الْحَقِّ بِأَنَّ الَّذِي لَهُ صَارَ لِلضَّامِنِ؛ فَوَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ.
(وَمَنْ)(أَرْسَلَ آخَرَ إلَى مَنْ لَهُ) ؛ أَيْ: الْمُرْسِلِ (عِنْدَهُ) ؛ أَيْ: الْمُرْسَلِ إلَيْهِ (مَالٌ لِأَخْذِ دِينَارٍ) مِنْ الْمَالِ، (فَأَخَذَ) الرَّسُولُ مِنْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ (أَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ، فَضَاعَ؛ (ضَمِنَهُ) ؛ أَيْ: الْمَأْخُوذَ (مُرْسِلٌ) لِأَنَّهُ الْمُسَلِّطُ لِلرَّسُولِ، (وَرَجَعَ) مُرْسَلٌ (بِهِ) ؛ أَيْ: الْمَأْخُوذِ (عَلَى رَسُولِهِ) .
نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِنْصَافِ فِي بَابِ الْحَوَالَةِ وَابْنُ رَجَبٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهِ، وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ (إنْ ثَبَتَ) أَخْذُهُ الْأَكْثَرَ (بِاعْتِرَافِهِ) ؛ أَيْ: الرَّسُولِ (أَوْ إقَامَةِ بَيِّنَةِ دَافِعٍ) بِذَلِكَ، فَإِنْ ضَمِنَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ؛ لِحُصُولِ التَّلَفِ بِيَدِهِ.
(وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا) نَصًّا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَلِأَنَّهُ مَالٌ لَزِمَ مُؤَجَّلًا بِعَقْدٍ، فَكَانَ كَمَا الْتَزَمَهُ؛ كَالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ، وَالْحَقُّ يَتَأَجَّلُ فِي ابْتِدَاءِ ثُبُوتِهِ إذَا كَانَ ثُبُوتُهُ بِعَقْدٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الضَّامِنِ حَالًّا وَتَأَجَّلَ، وَيَجُوزُ تَخَالُفُ مَا فِي الذِّمَّتَيْنِ.
وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ؛ لَمْ يُطَالِبْ قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (فَلَا يُطَالَبُ ضَامِنٌ قَبْلَ
حُلُولِهِ) ؛ أَيْ: الْأَجَلِ، (وَ) لِلدَّائِنِ مُطَالَبَةُ (مَدِينٍ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَأَجَّلْ فِي حَقِّهِ.
(وَضَامِنُ) دَيْنٍ (مُؤَجَّلٍ حَالًا لَا يَلْزَمُهُ) أَدَاؤُهُ (قَبْلَ حُلُولِهِ) ؛ أَيْ: أَجَلِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ، فَلَا يُلْزَمُ مَا لَا يَلْزَمُ الْمَضْمُونَ عَنْهُ؛ كَمَا أَنَّ الْمَضْمُونَ لَوْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ تَعْجِيلَ [الْمُؤَجَّلِ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ تَأْجِيلُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْحَالَ ثَابِتٌ] مُسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ، فَإِذَا ضَمِنَهُ مُؤَجَّلًا؛ فَقَدْ الْتَزَمَ بَعْضَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ؛ فَصَحَّ؛ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً، فَضَمِنَ خَمْسَةً، وَأَمَّا الْمُؤَجَّلُ؛ فَلَا يُسْتَحَقُّ قَضَاؤُهُ إلَّا عِنْدَ أَجَلِهِ؛ فَإِذَا ضَمِنَهُ حَالًا؛ الْتَزَمَ مَا لَمْ يَجِبْ؛ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً، فَضَمِنَ عِشْرِينَ.
(وَإِنْ عَجَّلَهُ) ؛ أَيْ: الْمُؤَجَّلَ ضَامِنٌ (بِلَا إذْنِ مَدِينٍ؛ لَمْ يَرْجِعْ) ضَامِنٌ عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ (حَتَّى يَحِلَّ) الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ لَا يُغَيِّرُهُ عَنْ تَأْجِيلِهِ؛ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَذِنَ مَضْمُونٌ عَنْهُ بِتَعْجِيلِهِ؛ (رَجَعَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ.
(وَلَا يَحِلُّ) دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ (بِمَوْتِ مَضْمُونٍ) عَنْهُ، (وَ) لَا بِمَوْتِ (ضَامِنٍ إنْ وَثَّقَ الْوَرَثَةُ)[رَبَّ الدَّيْنِ] بِرَهْنٍ بِحِرْزٍ أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ، (وَإِلَّا) تَوَثَّقَ الْوَرَثَةُ؛ (حَلَّ) الدَّيْنُ، فَيُطَالَبُونَ بِهِ فِي الْحَالِ.
(وَمَنْ ضَمِنَ أَوْ كَفَلَ) شَخْصًا، (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الْمَضْمُونِ أَوْ الْمَكْفُولِ (حِينَئِذٍ) ؛ أَيْ: حِينَ ضَمِنْته أَوْ كَفَلْته (حَقٌّ) لِلْمَضْمُونِ أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ؛ (صَدَّقَ خَصْمُهُ) ؛ أَيْ: الْمَضْمُونُ أَوْ الْمَكْفُولُ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ مَضْمُونٌ وَمَكْفُولٌ لَهُ؛ قُضِيَ عَلَيْهِ بِبَرَاءَةِ الضَّمِينِ وَالْأَصِيلِ.
(فَرْعٌ مَنْ ادَّعَى أَلْفًا عَلَى حَاضِرٍ وَغَائِبٍ وَأَنَّ كُلًّا) مِنْهُمَا (ضَمِنَ صَاحِبَهُ) مَا عَلَيْهِ، فَإِنَّ اعْتَرَفَ الْحَاضِرُ بِذَلِكَ فَلِلْمُدَّعِي أَخْذُ الْأَلْفِ مِنْهُ؛ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِهِ أَصَالَةً وَضَمَانًا، فَإِذَا رَجَعَ الْغَائِبُ، وَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ؛ رَجَعَ عَلَيْهِ