الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَحْوَهُ) . وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ مَضَى زَمَنُهُ) ؛ أَيْ: الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ (وَلَمْ يُفْسَخْ) بَيْعٌ مَشْرُوطٌ لَهُ؛ (بَطَلَ خِيَارُهُمَا) ؛ أَيْ: الْمُتَبَايِعَيْنِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، أَوْ خِيَارُ أَحَدِهِمَا إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ، (وَلَزِمَ بَيْعٌ إنْ كَانَا تَفَرَّقَا) بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ الْمَجْلِسِ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى بَقَاءِ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّتِهِ الْمَشْرُوطَةِ.
[فَصْلٌ يَنْتَقِلُ مِلْكٌ فِي ثَمَنٍ إلَى بَائِعٍ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ]
(فَصْلٌ: وَيَنْتَقِلُ مِلْكٌ فِي ثَمَنٍ) إلَى بَائِعٍ، (وَفِي مُثَمَّنٍ) إلَى مُشْتَرٍ إذْ كَانَا (مُعَيَّنَيْنِ) أَوْ مَقْبُوضَيْنِ (بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ) ، سَوَاءٌ شُرِطَ الْخِيَارُ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا؛ لِظَاهِرِ حَدِيثِ:«مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَجَعْلُ الْمَالِ لِلْمُبْتَاعِ بِاشْتِرَاطِهِ، وَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ؛ يَشْمَلُ بَيْعَ الْخِيَارِ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ تَمْلِيكٌ؛ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ بِقَوْلِ: مَلَّكْتُكَ؛ فَيَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ؛ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ التَّمْلِيكَ يَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَيَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهِ؛ لَا يُنَافِيهِ، (وَلَوْ فَسَخَاهُ) ؛ أَيْ: الْبَيْعَ (بَعْدُ) بِخِيَارٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ تَقَايُلٍ وَنَحْوِهَا، (أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ، (فَيُعْتَقُ) بِشِرَاءِ (مَنْ) ؛ أَيْ: رَقِيقٍ (يُعْتَقُ عَلَى مُنْتَقِلٍ إلَيْهِ) لِرَحِمٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ اعْتِرَافٍ بِحُرِّيَّةٍ، (وَعَلَيْهِ نَقْصُهُ) ؛ أَيْ: الْمَبِيعِ (إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِحَقِّ تَوَفِّيهِ) ؛ كَغَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ وَالْمَزْرُوعِ (عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى مُشْتَرٍ - وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ - إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ الْبَائِعُ، أَوْ كَانَ مَبِيعًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ زَرْعٍ، وَقَبَضَهُ مُشْتَرٍ بِذَلِكَ، وَتَلِفَ أَوْ نَقَصَ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ؛ فَمِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَلِفَ بِيَدِهِ.
(وَيَلْزَمُهُ) ؛ أَيْ: يَلْزَمُ مَنْ اشْتَرَى قِنًّا بِالْخِيَارِ (فِطْرَتُهُ) بِغُرُوبِ الشَّمْسِ
مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ قَبْلَ فَسْخِهِ، (وَ) تَلْزَمُ (زَكَاتُهُ) ؛ أَيْ: الْمَبِيعِ؛ كَمَا لَوْ اشْتَرَى نِصَابَ مَاشِيَةٍ سَائِمَةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ حَوْلًا؛ زَكَّاهُ الْمُشْتَرِي، أَمْضَى الْبَيْعَ أَوْ فَسَخَهُ؛ لِمُضِيِّ الْحَوْلِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، (وَ) تَلْزَمُهُ (مُؤْنَتُهُ) ؛ أَيْ: الْمَبِيعِ مِنْ نَفَقَةٍ وَأُجْرَةِ مَخْزَنٍ وَكُلْفَةِ نَقْلٍ أَوْ نَشْرٍ احْتَاجَ إلَيْهِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ.
(وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ) إذَا كَانَ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ، وَاشْتَرَى الْآخَرُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُجَامِعُ الْمِلْكَ.
(وَكَسْبُ) مَبِيعٍ (وَنَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ) مِنْهُ مُدَّةَ خِيَارٍ (لَهُ) أَيْ: لِمُشْتَرٍ؛ لِحَدِيثِ: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَيَتْبَعُ نَمَاءٌ مُتَّصِلٌ الْمَبِيعَ؛ لِتَعَذُّرِ انْفِصَالِهِ، (وَمَا أَوْلَدَ) ؛ أَيْ: أَحْبَلَ مُشْتَرٍ مِنْ أَمَةٍ مَبِيعَةٍ وَطِئَهَا زَمَنَ الْخِيَارِ (فَأُمُّ وَلَدٍ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ مِلْكًا لَهُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْبَلَهَا بَعْدَ مُدَّةِ الْخِيَارِ، إذْ الْوِلَادَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ مُجَرَّدُ الْعُلُوقِ.
(وَوَلَدُهُ) ؛ أَيْ: الْمُشْتَرِي (حُرٌّ) ثَابِتُ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَمْلُوكَتِهِ؛ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ وَلَدِهِ، وَإِذَا فَسَخَ الْبَائِعُ ثَبَتَ لَهُ قِيمَتُهَا؛ لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ فِيهَا نَفْسِهَا، (لَكِنْ لَا شُفْعَةَ مُدَّةَ خِيَارٍ) - وَلَوْ قُلْنَا بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ - لِقُصُورِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ؛ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةُ الْخِيَارِ، وَأَمَّا الشَّفِيعُ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ؛ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ انْتِزَاعُ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ ثَانِيًا مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ الشَّفِيعِ حَالَ بَيْعِهِ، سَوَاءٌ أُمْضِيَ الْبَيْعُ أَوْ فُسِخَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُهُ شَرِيكًا حَالَ الْبَيْعِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْبَائِعُ؛ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ؛ لِبَيْعِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِشِرَائِهِ؛ كَمَا يَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ.
(وَعَلَى مُنْتَقِلٍ عَنْهُ) الْمِلْكِ وَهُوَ الْبَائِعُ (بِوَطْءِ) مَبِيعَةٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (الْمَهْرُ) لِمُشْتَرٍ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ جَهِلَ، وَعَلَيْهِ (مَعَ عِلْمِ تَحْرِيمِهِ) ؛ أَيْ: الْوَطْءِ (وَ) عِلْمِ (زَوَالِ مِلْكِهِ) عَنْ مَبِيعٍ بِعَقْدٍ، (وَأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِوَطْئِهِ) الْمَبِيعَةَ (الْحَدَّ، نَصًّا) ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكًا، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ.
(وَيَتَّجِهُ لَا حَدَّ) عَلَى الْبَائِعُ بِوَطْئِهِ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ، سَوَاءٌ عَلِمَ التَّحْرِيمَ أَوْ جَهِلَهُ؛ (لِلشُّبْهَةِ) بِسَبَبِ الِاخْتِلَافِ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَكُونُ الْمِلْكُ لَهُ.
(وَاخْتَارَهُ) ؛ أَيْ: الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ (جَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ: الْمُوَفَّقُ فِي " الْمُغْنِي "" وَالشَّارِحُ " وَالْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ " وَالنَّاظِمُ وَصَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ "؛ (لِقَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ: بِعَدَمِ نَقْلِ مِلْكٍ عَمَّنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ) ، وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي " الْكَافِي ": الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ انْتَهَى.
قَالَ أَصْحَابُنَا: عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا عَلِمَ زَوَالَ مِلْكِهِ، وَأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِالْوَطْءِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ، وَيَأْتِي فِي حَدِّ الزِّنَا.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُحَدُّ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ.
(وَوَلَدُهُ) ؛ أَيْ: الْبَائِعِ (قِنٌّ) لِمُشْتَرٍ لَا يَلْحَقُ الْبَائِعَ نَسَبُهُ، وَأَمَّا مَعَ جَهْلِهِ بِوَاحِدٍ مِمَّا سَبَقَ؛ فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَيَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وِلَادَةٍ لِمُشْتَرٍ، وَلَا حَدَّ.
(وَالْحَمْلُ) الْمَوْجُودُ (وَقْتَ عَقْدِ مَبِيعٍ) مَعَ أُمِّهِ، (لَا نَمَاءَ) لِلْمَبِيعِ؛ فَهُوَ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
جَزَمَ بِهِ " الْمُوَفَّقُ "" وَالشَّارِحُ " وَغَيْرُهُمَا؛ (فَتُرَدُّ الْأُمَّاتُ) ؛ مِنْ الْبَهَائِمِ (بِفَسْخِ) مُشْتَرٍ لِعَيْبٍ وُجِدَ (فِيهَا بِقِسْطِهَا) مِنْ الثَّمَنِ؛ كَعَيْنٍ مَعِيبَةٍ بِيعَتْ مَعَ غَيْرِهَا.
(وَيَتَّجِهُ هَذَا) ؛ أَيْ: رَدُّ الْأُمَّاتِ بِفَسْخٍ لِعَيْبٍ - (إنْ وَضَعَتْهُ) ؛ أَيْ: الْوَلَدَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ - لِيَصِيرَ مُنْفَصِلًا عَنْهَا، وَيُمْكِنُ تَقْوِيمُهَا، وَيُعْلَمُ قِسْطُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (أَوْ) كَانَ قَدْ (بَيَّنَ ثَمَنَ كُلٍّ) مِنْ الْأُمِّ وَحَمْلِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ (لِيُعْلَمَ الْقِسْطُ [فَضَعِيفٌ] ، وَلَا يُرَدُّ) وَلَدُ بَهِيمَةٍ مَبِيعَةٍ حَامِلٍ وَلَدَتْهُ فِي مُدَّةِ
الْخِيَارِ، ثُمَّ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارِ شَرْطٍ (مَعَهَا) ؛ أَيْ: أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ؛ كَثَمَرَةٍ جُزَّتْ، (خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ:" لِلْإِقْنَاعِ " حَيْثُ جَزَمَ بِرَدِّ الْوَلَدِ مَعَهَا.
وَمَا قَالَهُ فِي " الْإِقْنَاعِ " تَبِعَ فِيهِ الْقَاضِي، وَابْنَ عَقِيلٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ " الْمُصَنِّفُ "، كَمَا فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ مِنْ نَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ - وَلَوْ مِنْ عَيْنِهِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ - فَهُوَ لِمُشْتَرٍ، هَذَا فِي الْبَهَائِمِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ.
(وَحَرُمَ تَصَرُّفُهُمَا) أَيْ: الْمُتَبَايِعَيْنِ (مَعَ خِيَارِهِمَا) أَيْ: مَعَ شَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا زَمَنَهُ (مُطْلَقًا)، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لِلْغَيْرِ وَحْدَهُ، وَإِلَّا فَفَاسِدٌ؛ كَمَا تَقَدَّمَ.
(فِي ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ) أَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَقَبْضٍ (وَمُثَمَّنٍ) ؛ لِزَوَالِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، وَعَدَمِ انْقِطَاعٍ عُلِّقَ زَائِلُ الْمِلْكِ عَنْهُ، (وَ) كَذَا يَحْرُمُ تَصَرُّفُ مُؤَجِّرٍ فِي (أُجْرَةٍ، وَ) مُسْتَأْجِرٍ فِي شَيْءٍ (مُؤَجَّرٍ) مُدَّةَ الْخِيَارِ.
(وَيَسْقُطُ خِيَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَصَرُّفِهِ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، بِنَحْوِ سَوْمٍ) ؛ كَتَعْرِيضٍ لِلْبَيْعِ، لَا بِتَجْرِبَتِهِ وَنَقْدِهِ وَتَثْمِينِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ سَوْمًا، (أَوْ) تَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ (بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ لَمْسِ) أَمَةٍ مَبِيعَةٍ (لِشَهْوَةٍ وَنَحْوِهِ) كَتَقْبِيلِهَا، فَمَتَى وُجِدَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ سَقَطَ خِيَارُهُ وَكَذَا يَسْقُطُ خِيَارٌ بِرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَمُسَاقَاةٍ وَنَحْوِهَا، (وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) ؛ أَيْ: أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (إنْ كَانَ الْخِيَارُ
لَهُ وَحْدَهُ فَقَطْ) ؛ أَيْ: دُونَ صَاحِبِهِ، وَيَسْقُطُ خِيَارُهُ، فَإِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا فَتَصَرُّفُهُ فِي الْمَبِيعِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَائِعًا فَتَصَرُّفُهُ فِي الثَّمَنِ كَذَلِكَ؛ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا مَعًا فَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا (مَعَ شَرِيكِهِ) ؛ بِأَنْ بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ؛ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ، (أَوْ) بَاعَ السِّلْعَةَ مُشْتَرٍ لِأَجْنَبِيٍّ (بِإِذْنِهِ) ؛ أَيْ: بِإِذْنِ شَرِيكِهِ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ؛ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ مِنْهُمَا، (وَإِلَّا) يَكُنْ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ، وَتَصَرَّفَ لَا مَعَ شَرِيكِهِ وَلَا بِإِذْنِهِ؛ (فَلَا) يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، (إلَّا) إذَا كَانَ الْمُتَصَرِّفُ الْمُشْتَرِيَ، وَتَصَرَّفَ (بِعِتْقِ) الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ، فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ رَقِيقًا وَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِيهِ بِالْعِتْقِ.
وَ (لَا) يَبْطُلُ الْخِيَارُ (بِتَصَرُّفِهِ) ؛ أَيْ: أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (فِيمَا انْتَقَلَ عَنْهُ) ؛ كَتَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ، وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ، (وَلَا يَنْفُذُ) تَصَرُّفُ بَائِعٍ فِي مَبِيعٍ وَلَا مُشْتَرٍ فِي ثَمَنٍ (مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعَ أَوْ غَيْرَهُ، وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، (إلَّا) إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ (بِتَوْكِيلٍ مُنْتَقَلٍ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، (وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا إنْ كَانَ) تَوْكِيلُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ (فِيمَا) ؛ أَيْ: تَصَرُّفٍ (يَنْقُلُ الْمِلْكَ) ؛ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَوَقْفٍ، وَوَكِيلُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِثْلُهُمَا فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ كَفِعْلِ مُوَكِّلِهِ.
(وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ) مُشْتَرٍ (بِتَصَرُّفٍ) فِي مَبِيعٍ (لِتَجْرِبَةٍ؛ كَرُكُوبِ) دَابَّةٍ (لِمَعْرِفَةِ سَيْرِهَا، وَحَلْبِ) شَاةٍ (لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ لَبَنِهَا) ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ زَمَنَ الْخِيَارِ؛ فَلَمْ يَبْطُلْ بِهِ، (وَلَا) يَسْقُطُ (بِاسْتِخْدَامِ قِنٍّ - وَلَوْ) كَانَ اسْتِخْدَامُهُ (لِغَيْرِ تَجْرِبَةٍ) - لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يَسْقُطُ إنْ (قَبَّلَتْهُ) الْأَمَةُ (الْمَبِيعَةُ، وَلَمْ يَمْنَعْهَا) ، نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى إبْطَالِهِ، وَالْخِيَارُ لَهُ، لَا لَهَا، (أَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ) حَالَ كَوْنِهِ (نَائِمًا، وَلَمْ تَحْبَلْ) ؛ كَمَا لَوْ قَبَّلَتْ الْبَائِعَ.
(وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا) ؛ أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ خِيَارَ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ (بِتَلَفِ مَبِيعٍ) لَا يَحْتَاجُ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ - وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ - عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، (خِلَافًا) " لِلْمُنْتَهَى " حَيْثُ قَالَ: بَعْدَ قَبْضٍ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَيَبْطُلُ خِيَارٌ فِي مَبِيعٍ (احْتَاجَ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ) ؛ كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَزْرُوعٍ بِيعَ بِذَلِكَ، وَتَلِفَ قَبْلَ قَبْضٍ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ لَا يَتَأَتَّى عَلَيْهِ الْفَسْخُ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ فَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الْخِيَارُ؛ لَكِنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي؛ (كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ) ؛ أَيْ: الْمَبِيعَ (مُشْتَرٍ) ؛ فَمِنْ ضَمَانِهِ، وَيَسْقُطُ الْخِيَارُ، سَوَاءٌ قُبِضَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ، اشْتَرَى بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، أَوْ لَا؛ لِاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ.
(وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا) أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي؛ (بَطَلَ خِيَارُهُ وَحْدَهُ) ، وَلَمْ يُورَثْ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ فَسْخٍ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ؛ فَلَمْ يُورَثْ؛ كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، (لَا إنْ طَالَبَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ، فَإِنْ طَالَبَ بِهِ قَبْلَهُ؛ (فَيُورَثُ؛ كَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) .
قَالَ أَحْمَدُ: الْمَوْتُ يَبْطُلُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: الشُّفْعَةُ، وَالْحَدُّ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ، وَالْخِيَارُ إذَا مَاتَ الَّذِي اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لَمْ تَكُنْ لِلْوَرَثَةِ، هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَشْيَاءَ إنَّمَا هِيَ بِالطَّلَبِ، فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ فَلَيْسَ يَجِبُ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنِّي عَلَى حَقِّي مِنْ كَذَا أَوْ كَذَا، أَوْ أَنِّي قَدْ طَلَبَتْهُ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ؛ كَانَ لِوَارِثِهِ الطَّلَبُ بِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي إرْثِ خِيَارٍ غَيْرِ خِيَارِ الشَّرْطِ.
(وَإِنْ جُنَّ) مَنْ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ، (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ؛ فَوَلِيُّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ) ؛ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ، أَمَّا فِي الْمَجْنُونِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ فَلَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ لِأَحَدٍ، (وَكَذَا إنْ خَرِسَ) مَنْ اشْتَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ، (فَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ) فَهُوَ؛ كَمَجْنُونٍ، وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ؛ قَامَتْ مَقَامَ نُطْقِهِ.
(وَيُورَثُ خِيَارُ عَيْبٍ وَتَدْلِيسٍ مُطْلَقًا) ، سَوَاءٌ طَلَبَهُ مُسْتَحِقُّهُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ فِيهِ الْمَالُ لِمُورَثٍ، فَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ؛ كَقَبُولِ
الْوَصِيَّةِ؛ بِخِلَافِ خِيَارٍ.
الْقِسْمُ (الثَّالِثُ) مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ (خِيَارُ غَبْنٍ يَخْرُجُ عَنْ عَادَةٍ) ، نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَحْدِيدِهِ، فَرُجِعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ؛ كَالْقَبْضِ وَالْحَرْزِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَادَةٍ؛ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ.
(وَيَثْبُتُ) خِيَارُ غَبْنٍ وَلَوْ [كَانَ] وَكِيلًا قَبْلَ إعْلَامِ مُوَكِّلِهِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: (لِرُكْبَانٍ) - جَمْعُ رَاكِبٍ - يَعْنِي الْقَادِمَ مِنْ سَفَرٍ، (وَلِمُشَاةٍ تَلَقَّوْا) ؛ أَيْ: تَلَقَّاهُمْ حَاضِرٌ عِنْدَ قُرْبِهِمْ مِنْ الْبَلَدِ - (وَلَوْ) كَانَ التَّلَقِّي (بِلَا قَصْدٍ) - نَصًّا؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِإِزَالَةِ ضَرَرِهِمْ بِالْغَبْنِ، وَلَا أَثَرَ لِلْقَصْدِ فِيهِ، (إذَا بَاعُوا) ؛ أَيْ: الرُّكْبَانُ، (أَوْ اشْتَرَوْا) قَبْلَ الْعِلْمِ بِالسِّعْرِ، (وَغُبِنُوا) ؛ لِحَدِيثِ:«لَا تَتَلَقَّوْا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ، فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَصَحَّ الشِّرَاءُ مَعَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِعَيْبٍ فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْخَدِيعَةِ، وَيُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا بِالْخِيَارِ؛ أَشْبَهَ الْمُصَرَّاةَ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَلِمُسْتَرْسِلٍ) ؛ أَيْ مُعْتَمِدٍ عَلَى صِدْقِ غَيْرِهِ؛ لِسَلَامَةِ سَرِيرَتِهِ، فَيَنْقَادُ لَهُ انْقِيَادَ الدَّابَّةِ
[ (غَبْنٌ) فِي مَبِيعٍ. وَيَتَّجِهُ بِ (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ: (وَ) مَحَلُّ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِمُسْتَرْسِلٍ](إذَا لَمْ يَتَوَلَّ طَرَفَيْ عَقْدٍ) ، أَمَّا إذَا تَوَلَّاهُمَا؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَهُوَ) مَنْ اسْتَرْسَلَ إذَا اطْمَأَنَّ وَاسْتَأْنَسَ، وَشَرْعًا (مَنْ جَهِلَ الْقِيمَةَ) ؛ أَيْ: قِيمَةَ الْمَبِيعِ، (وَلَا يُحْسِنُ تَمَاكُسًا) ؛ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: تَمَاكَسَا فِي الْبَيْعِ تَشَاحَّا؛ وَمَاكَسَهُ شَاحَّهُ.
(مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الْغَبْنُ بِجَهْلِهِ بِالْبَيْعِ؛ أَشْبَهَ الْقَادِمَ مِنْ سَفَرٍ، (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي جَهْلِ قِيمَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ
الْأَصْلُ (بِلَا قَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ) فِي دَعْوَى الْجَهْلِ؛ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ (وَلَا خِيَارَ لِذِي خِبْرَةٍ بِسِعْرِ) مَبِيعٍ، وَيَدْخُلُ عَلَى بَصِيرَةٍ بِالْغَبْنِ، (وَلَا لِمُسْتَعْجِلٍ غُبِنَ لِاسْتِعْجَالِهِ) فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ فِيهِ، وَلَمْ يَتَعَجَّلْ لَمْ يُغْبَنْ؛ لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ، وَكَذَا إجَارَةٌ يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْغَبْنِ إذَا جَهِلَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَلَمْ يُحْسِنْ الْمُمَاكَسَةَ فِيهَا.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَفِي نَجْشٍ بِأَنْ يُزَايِدَهُ) ؛ أَيْ: الْمُشْتَرِيَ (مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً) لِغَيْرِهِ - مِنْ نَجَشْتُ الصَّيْدَ إذَا أَثَرْتَهُ، كَأَنَّ الْمُنَاجِشَ يُثِيرُ كَثْرَةَ الثَّمَنِ بِنَجْشِهِ -.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ " وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حِذْقِ الَّذِي زَادَ فِيهَا، لِأَنَّ تَغْرِيرَ الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا، فَلَوْ كَانَ عَارِفًا، وَاغْتَرَّ بِذَلِكَ؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِعَجَلَتِهِ، وَعَدَمِ تَأَمُّلِهِ، (وَلَوْ) كَانَتْ زِيَادَةَ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً (بِلَا مُوَاطَأَةٍ) مِنْ الْبَائِعِ مَعَ مَنْ يَزِيدُ فِيهَا، أَوْ زَادَ فِيهَا الْبَائِعُ نَفْسُهُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، (وَمِنْهُ) ؛ أَيْ: النَّجْشِ، قَوْلُ بَائِعٍ (أُعْطِيتُ) فِي السِّلْعَةِ (كَذَا، وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْبَائِعُ (كَاذِبٌ. وَهُوَ) ؛ أَيْ: النَّجْشُ حَرَامٌ؛ (لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْرِيرِ مُشْتَرٍ، وَلِذَا حَرُمَ عَلَى بَائِعٍ سَوْمُ مُشْتَرٍ كَثِيرًا لِيَبْذُلَ) الْمُشْتَرِي (قَرِيبًا مِنْهُ) ؛ أَيْ: مِمَّا سَامَهُ.
(ذَكَرَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ. وَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا، وَكَانَ زَائِدًا عَمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ؛ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ، وَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ.
صَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ ".
(وَيَتَّجِهُ) حُرْمَةُ (هَذَا) ؛ أَيْ: فِعْلُ مُزَايَدَةِ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ (إنْ زَايَدَهُ) تَرْغِيبًا لَهُ فِي أَخْذِ السِّلْعَةِ (لِيُغْرِهِ) بِهَا، فَيَأْخُذَهَا بِثَمَنٍ زَائِدٍ عَلَى قِيمَتِهَا، (فَإِنْ زَادَ فِيهَا)، أَوْ سَامَهَا بَائِعٌ كَثِيرًا (لِيَبْلُغَ الْقِيمَةَ) ؛ أَيْ: قِيمَةَ الْمِثْلِ؛ (فَلَا تَحْرِيمَ) فِي ذَلِكَ؛ لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا أَرْشَ فِي غَبْنٍ مَعَ إمْسَاكِ) مَبِيعٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ، وَلَمْ
يَفُتْ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ مَبِيعٍ يَأْخُذُ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَتِهِ، (لَكِنْ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ) فِي " شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ ":(يُحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ) ؛ أَيْ: يَسْقُطُ عَنْهُ (مَا غُبِنَ بِهِ) ، وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ.
قَالَ (الْمُنَقِّحُ: وَلَمْ نَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ قِيَاسُ خِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّدْلِيسِ عَلَى قَوْلٍ. انْتَهَى) كَلَامُ الْمُنَقِّحِ.
اخْتَارَ الْقَوْلَ فِي التَّدْلِيسِ أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّنْبِيهِ " وَصَاحِبُ " الْمُبْهِجِ "" وَالتَّلْخِيصِ "" وَالتَّرْغِيبِ "" وَالْبُلْغَةِ " وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى " " وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ".
(وَمَنْ قَالَ) مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ (عِنْدَ الْعَقْدِ لَا خِلَابَةَ أَيْ: لَا خَدِيعَةَ؛ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا خُلِبَ) ؛ أَيْ: خُدِعَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إذَا لَمْ تَغْلِبْ فَاخْلِبْ، رُوِيَ:«أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ: إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ ثَمَرَةَ قَوْلِ عَاقِدٍ: لَا خِلَابَةَ.
ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ، (وَلَوْ) كَانَ غَبْنُهُ (يَسِيرًا) لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ عَادَةً، (وَإِلَّا فَهُوَ) ؛ أَيْ: الْخِيَارُ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ (ثَابِتٌ شَرْعًا؛ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) عَاقِدٌ شَيْئًا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَخِيَارُ غَبْنٍ مُتَرَاخٍ) كَخِيَارِ (عَيْبٍ) ؛ لِثُبُوتِهِ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ؛ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا رِضًا؛ كَالْقِصَاصِ، (وَلَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ) لِغَبْنٍ (تَعَيُّبُهُ) ؛ أَيْ: حُدُوثُ عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ عِنْدَ مُشْتَرٍ، (وَعَلَى مُشْتَرٍ الْأَرْشُ) لِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ إذَا رَدَّهُ؛ كَالْمَعِيبِ إذَا تَعَيَّبَ عِنْدَهُ وَرَدَّهُ، (وَلَا) يَمْنَعُ الْفَسْخَ (تَلَفُهُ) ؛ أَيْ: الْمَبِيعِ، (وَعَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الْمُشْتَرِي، (قِيمَتُهُ) لِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا.
(وَلِلْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ، (وَيَتَّجِهُ أَوْ نَائِبِهِ) لِأَمِيرٍ أَوْ الْقَاضِي؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا هُنَا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(جَعْلُ عَلَامَةٍ تَنْفِي الْغَبْنَ عَمَّنْ يَغْبِنُ كَثِيرًا) ، لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ
(وَكَبَيْعٍ) فِي غَبْنٍ (إجَارَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ.
(وَيَتَّجِهُ وَصُلْحٌ) عَنْ حَقٍّ مُقَرٍّ بِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِمَعْنَى بَيْعٍ، (وَ) كَذَا (هِبَةٌ) عَلَى عِوَضٍ (بِمَعْنَاهُ) ؛ أَيْ: الْمَبِيعِ، فَإِذَا وَجَدَ مُصَالَحٌ أَوْ مُتَّهَبٌ فِي عَيْنٍ مُصَالَحٍ بِهَا أَوْ مَوْهُوبَةٍ غَبْنًا فَاحِشًا؛ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَهُوَ مُتَّجِهُ.
(وَتَبْطُلُ قِسْمَةُ) تَرَاضٍ: وَهِيَ مَا فِيهَا ضَرَرٌ، أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) ظَهَرَ بَعْدَ أَنْ تَمَّتْ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ؛ إذْ صَاحِبُ الزَّائِدِ بَذَلَ الْمَالَ عِوَضًا عَمَّا حَصَلَ لَهُ مِنْ حَقِّ شَرِيكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْبَيْعُ، (لَا نِكَاحَ) ؛ فَلَا فَسْخَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إنْ غُبِنَ فِي الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ رُكْنًا فِي النِّكَاحِ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَلِكَ) لَا فَسْخَ فِي (خُلْعٍ، وَلَا فِي بَقِيَّةِ عُقُودٍ) لَازِمَةً كَانَتْ أَوْ جَائِزَةً سِوَى الْمَذْكُورَاتِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(فَإِنْ فَسَخَ) مَغْبُونٌ مِنْ مُؤَجِّرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ (فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ إجَارَةٍ؛ ارْتَفَعَ الْعَقْدُ) ؛ أَيْ: عَقْدُ الْإِجَارَةِ (مِنْ أَصْلِهِ) ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَيَتَّجِهُ وَكَذَا بَيْعٌ) فُسِخَ لِغَبْنٍ (فَيُرَدُّ نَمَاءٌ) انْفَصَلَ عَنْ
مَبِيعٍ قَبْلَ الْفَسْخِ؛ لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ؛ فَغَبْنٌ، نُظِرَ؛ لِمَا يَأْتِي فِي آخِرِ فَصْلِ الْإِقَالَةِ، وَالْفَسْخُ رَفْعُ عَقْدٍ مِنْ حِينِ فَسْخٍ، فَمَا حَصَلَ مِنْ نَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ؛ فَلِمُشْتَرٍ، (وَ) حَيْثُ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ فَسْخِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَعَقْدِ الْبَيْعِ، فَإِنْ فَسَخَ مُؤَجِّرٌ لِغَبْنٍ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، (أَخَذَ) مِنْ مُسْتَأْجِرٍ (الْقِسْطَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ) ، لِمَا مَضَى، (وَلَا) يَأْخُذُ الْقِسْطَ مِنْ أَجْرٍ (مُسَمًّى) فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَدْرِكَ ظُلَامَةَ الْغَبْنِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ بِمُؤَجَّرَةٍ، فَفَسَخَ؛ فَيَرْجِعُ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ ظُلَامَتَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِسْطِهِ مِنْهَا مَعِيبًا؛ فَيَرْتَفِعُ عَنْهُ الضَّرَرُ بِذَلِكَ.
نَقَلَهُ الْمَجْدُ عَنْ الْقَاضِي.
(وَرَجَعَ مَغْبُونٌ) فِي عَقْدِ إجَارَةٍ (بِمَا زَادَ) عَنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ.
وَإِنْ كَانَ الْمَغْبُونُ الْمُؤَجِّرَ؛ فَيَرْجِعُ بِمَا نَقَصَ عَنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ؛ لِمَا مَضَى.
(وَبِفَسْخِ) عَقْدِ إجَارَةٍ (لِعَيْبٍ) ظَهَرَ فِي عَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ (يُؤْخَذُ) ؛ أَيْ: يَأْخُذُ مُؤَجِّرٌ (الْقِسْطَ مِنْ) الْأَجْرِ (الْمُسَمَّى) فِي الْعَقْدِ، (وَيَرْجِعُ) مُسْتَأْجِرٌ عَلَى مُؤَجِّرٍ (بِأَرْشِ عَيْبٍ) ، فَلَوْ كَانَ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ عَشَرَةً عَنْ مُدَّةِ سَنَةٍ، وَاسْتَوْفَى مُسْتَأْجِرٌ نِصْفَهَا، ثُمَّ فَسَخَ لِعَيْبٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ، وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ مَعَ الْعَيْبِ تُسَاوِي ثَمَانِيَةً؛ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِوَاحِدٍ بَدَلَ أَرْشِ الْعَيْبِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ مَعَ الْعَيْبِ؛ فَلَا أَرْشَ لَهُ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْمُسَمَّى كَامِلًا.
الْقِسْمُ (الرَّابِعُ) مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ (خِيَارُ تَدْلِيسٍ) - مِنْ الدَّلَسِ بِالتَّحْرِيكِ
بِمَعْنَى الظُّلْمَةِ - كَأَنَّ الْبَائِعَ بِفِعْلِهِ الْآتِي صَيَّرَ الْمُشْتَرِيَ فِي ظُلْمَةٍ (بِمَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنَ) ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا.
(وَيَتَّجِهُ أَوْ) بِمَا يَزِيدُ بِهِ (الْأُجْرَةَ) فِي الْمَأْجُورِ، صَرَّحَ بِمِثْلِهِ فِي " مُخْتَارِ الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ " وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(كَتَصْرِيَةِ لَبَنٍ) ؛ أَيْ: (بِضَرْعٍ) ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا، إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: لَا تُصَرُّوا - بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ - وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، (وَكَتَحْمِيرِ وَجْهٍ، وَتَسْوِيدِ شَعْرٍ) رَقِيقٍ، (وَتَجْعِيدِهِ) ؛ أَيْ: الشَّعْرِ، (وَجَمْعِ مَاءِ رَحًى، وَإِرْسَالِهِ عِنْدَ عَرْضٍ) لِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ، لِيَشْتَدَّ دَوَرَانُهَا، فَيَظُنُّهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ عَادَتَهَا، فَيَزِيدُ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ؛ فَلَهُ الْخِيَارُ؛ كَالْمُصَرَّاةِ، وَلِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ، فَأَشْبَهَ النَّجْشَ، (وَ) كَذَا (تَحْسِينُ وَجْهِ صُبْرَةٍ) ، أَوْ تَصَنُّعُ نَسَّاجٍ وَجْهَ (ثَوْبٍ) ، وَصَقْلَ وَجْهِ مَتَاعٍ، وَنَحْوَهُ، (وَيَحْرُمُ فِعْلُ ذَلِكَ؛ كَمَا يَحْرُمُ كَتْمُ عَيْبٍ، فَيَجِبُ بَيَانُهُ عَلَى عَالِمٍ بِهِ) ؛ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إلَّا بَيَّنَهُ لَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ.
(وَ) يَثْبُتُ (لِمُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ) بِالتَّدْلِيسِ، خِيَارُ رَدٍّ، (وَلَوْ حَصَلَ تَدْلِيسٌ بِلَا قَصْدٍ؛ كَحُمْرَةِ وَجْهِ جَارِيَةٍ بِخَجَلٍ أَوْ تَعَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إزَالَةِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ عَلِمَ مُشْتَرٍ بِتَدْلِيسٍ؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَكَذَا لَوْ دَلَّسَهُ بِمَا لَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ؛ كَتَسْبِيطِ الشَّعْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ بِذَلِكَ عَلَى مُشْتَرٍ.
(وَلَا يَثْبُتُ) خِيَارٌ (بِتَسْوِيدِ كَفِّ عَبْدٍ وَ) تَسْوِيدِ (ثَوْبِهِ لِيُظَنَّ أَنَّهُ
كَاتِبٌ أَوْ حَدَّادٌ) ؛ لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي؛ إذْ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غُلَامًا لِأَحَدِهِمَا.
(وَلَا خِيَارَ بِعَلَفِ نَحْوِ شَاةٍ لِيَظُنَّ أَنَّهَا حَامِلٌ، أَوْ كَانَتْ كَبِيرَةَ ضَرْعٍ خِلْقَةً، فَظَنَّهَا كَثِيرَةَ لَبَنٍ) ؛ لِأَنَّ كِبَرَ الْبَطْنِ وَالضَّرْعِ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْحَمْلِ وَكَثْرَةِ اللَّبَنِ، (أَوْ تَصَرَّفَ) الْمُشْتَرِي (فِي مَبِيعٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَدْلِيسٍ) ؛ فَلَا خِيَارَ؛ لِتَعَذُّرِهِ.
(وَمَتَى عَلِمَ) مُشْتَرٍ (التَّصْرِيَةَ خُيِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ [فَقَطْ] مُنْذُ عَلِمَ) بِهَا: لِحَدِيثِ: «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ إنْ حَلَبَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(بَيْنَ إمْسَاكٍ بِلَا أَرْشٍ) ؛ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، (وَبَيْنَ رَدٍّ مَعَ صَاعِ تَمْرٍ سَلِيمٍ إنْ حَلَبَهَا) ؛ لِلْخَبَرِ - (وَلَوْ زَادَ) صَاعُ التَّمْرِ (عَلَيْهَا قِيمَةً) - نَصًّا؛ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، (وَيَتَعَدَّدُ صَاعٌ بِتَعَدُّدِ مُصَرَّاةٍ) ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَتَقَدَّمَ.
وَلَهُ رَدُّهَا بَعْدَ رِضَاهُ بِالتَّصْرِيَةِ بِعَيْبِ غَيْرِهَا، (فَإِنْ عُدِمَ تَمْرٌ) بِمَحَلِّ الْمُصَرَّاةِ؛ فَعَلَيْهِ (قِيمَتُهُ) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مِثْلِهِ عِنْدَ إعْوَازِهِ (مَوْضِعَ عَقْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
(وَاخْتَارَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ صَاعٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِهِ وِفَاقًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ) ؛ لِأَنَّ التَّمْرَ غَالِبُ قُوتِ الْحِجَازِ إذْ ذَاكَ، (وَيُقْبَلُ رَدُّ اللَّبَنِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا (بِحَالِهِ بَدَلَ التَّمْرِ) لِأَنَّ اللَّبَنَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالتَّمْرُ إنَّمَا وَجَبَ بَدَلًا عَنْهُ، فَإِذَا رَدَّ الْأَصْلَ؛ أَجْزَأَ؛ كَسَائِرِ الْأُصُولِ مَعَ مُبْدَلَاتِهَا، (فَإِنْ تَغَيَّرَ) اللَّبَنُ (بِحُمُوضَةٍ؛ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ، (وَإِنْ رَضِيَ) مُشْتَرٍ بِأَخْذِ (مُصَرَّاةٍ) فَأَمْسَكَهَا، (ثُمَّ رُدَّتْ) ؛ أَيْ: رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ؛ إذْ رِضَاهُ بِعَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ [بِعَيْبٍ] آخَرَ؛ (لَزِمَ) الْمُشْتَرِيَ التَّمْرُ عِوَضَ (اللَّبَنِ) الَّذِي حَلَبَهُ مِنْهَا؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَخِيَارُ غَيْرِهَا) ؛ أَيْ: الْمُصَرَّاةِ (عَلَى التَّرَاخِي) ؛ كَخِيَارِ (مَعِيبٍ) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَبْنِ.
(وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا) ؛ أَيْ: الْمُصَرَّاةِ (عَادَةً؛ يَسْقُطُ الرَّدُّ؛ كَعَيْبٍ زَالَ) لِزَوَالِ الضَّرَرِ، (وَكَأَمَةٍ مُزَوَّجَةٍ) اشْتَرَاهَا، (وَبَانَتْ) قَبْلَ رَدٍّ؛ فَيَسْقُطُ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ فَلَا، (وَإِنْ كَانَ) وَقْتَ عَقْدٍ (بِغَيْرِ مُصَرَّاةٍ لَبَنٌ كَثِيرٌ فَحَلَبَهُ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ؛ رَدَّهُ) ؛ أَيْ: اللَّبَنَ إنْ بَقِيَ (أَوْ رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عُدِمَ) اللَّبَنُ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ وَلَا بُدَّ لَهُ، وَمَا حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَرُدُّهُ، وَإِنْ كَثُرَ؛ فَإِنَّهُ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ (وَلَهُ) ؛ أَيْ: الْمُشْتَرِي (رَدّ مُصَرَّاةٍ مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ كَآدَمِيَّةٍ وَفَرَسٍ مَجَّانًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعَاضُ عَنْهُ عَادَةً.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": كَذَا قَالُوا، وَلَيْسَ بِمَانِعٍ، قَالَ (الْمُنَقِّحُ: بَلْ بِقِيمَةِ مَا تَلِفَ مِنْ اللَّبَنِ) إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ.
(وَيَتَّجِهُ) مَحَلُّ [رَدِّ] قِيمَةِ لَبَنٍ تَلِفَ إذَا كَانَ (غَيْرَ لَبَنِ أَتَانٍ) أَمَّا لَبَنُهَا فَغَيْرُ مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ بَخْسٌ فَلَا قِيمَةَ لَهُ تُعْتَبَرُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
الْقِسْمُ (الْخَامِسُ) مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ (خِيَارُ عَيْبٍ، وَمَا بِمَعْنَاهُ) ؛ أَيْ: الْعَيْبِ. وَيَأْتِي.
(وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْعَيْبُ وَمَا بِمَعْنَاهُ (نَقْصُ عَيْنِ مَبِيعٍ؛ كَخِصَاءِ) رَقِيقٍ، (وَلَوْ زَادَ) بِهِ الرَّقِيقُ (قِيمَةً) ، لَكِنْ يَفُوتُ بِهِ.
غَرَضٌ صَحِيحٌ، (أَوْ نَقْصِ قِيمَتِهِ عُرْفًا) ؛ أَيْ: فِي عُرْفِ التُّجَّارِ - وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ عَيْنُهُ - (كَمَرَضٍ) بِحَيَوَانٍ عَلَى جَمِيعِ حَالَاتِهِ، (وَبَخَرٍ) فِي فَمٍ أَوْ تَحْتَ إبِطٍ أَوْ فَرْجٍ، (وَحَوَلٍ) فِي عَيْنٍ، (وَحَوَصٍ - بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ - هُوَ ضِيقُ الْعَيْنِ، وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ضِيقُهَا) ؛ أَيْ: الْعَيْنِ (مَعَ عَوَرِهَا، وَسَبَلٍ وَهُوَ زِيَادَةُ أَجْفَانِ) الْعَيْنِ، (وَلَخَصٍ) : هُوَ (غِلَظُ جَفْنٍ أَسْفَلَ) مِنْ الْعَيْنِ، (وَقِيلَ) إنَّ اللَّخَصَ (مَيْلُ أَحَدِ الْحَدَقَتَيْنِ لِلْأُخْرَى فِي نَظَرِهَا)، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْحَوَلِ؛ وَفِي الْقَامُوسِ: لَخِصَتْ عَيْنُهُ كَفَرِحَ، وَرِمَ مَا حَوْلَهَا، وَاللَّخَصُ مُحَرَّكَةٌ أَيْضًا كَوْنُ الْجَفْنِ الْأَعْلَى لَحْمًا، (وَمَيَلٍ: هُوَ كَوْنُ إحْدَى الْخَدَّيْنِ مَائِلًا إلَى الْآخَرِ، وَصَدَرٍ) هُوَ (مَيَلُ عُنُقٍ، وَزَوَرٍ:
مَيَلُ مَنْكِبٍ) ، وَوَكَعٍ: وَهُوَ إقْبَالُ الْإِبْهَامِ عَلَى السَّبَّابَةِ مِنْ الرِّجْلِ حَتَّى يُرَى أَصْلُهَا خَارِجًا؛ كَالْعُقْدَةِ، (وَظُفْرٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالظُّفْرُ جُلَيْدَةٌ تُغَشِّي الْعَيْنَ كَالظَّفَرَةِ مُحَرَّكَةً، وَقَدْ ظَفِرَتْ الْعَيْنُ كَفَرِحَ فَهِيَ ظَفِرَةٌ (وَكَثْرَةِ كَذِبٍ) ، فَإِنَّهُ أَقْبَحُ الْعُيُوبِ، (وَإِهْمَالِ أَدَبٍ بِمَوْضِعِهِ) ؛ أَيْ: الْأَدَبِ، (وَلَعَلَّهُ) ؛ أَيْ: إهْمَالَ الْأَدَبِ، يَكُونُ عَيْبًا (فِي غَيْرِ) رَقِيقِ (جَلْبٍ، وَ) فِي غَيْرِ (صَغِيرٍ) ، أَمَّا فِيهِمَا؛ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ، (وَضِرْسٍ، وَكَلْفٍ) : هُوَ تَبْقِيعُ الْوَجْهِ فِي السَّوَادِ، (وَطَرَشٍ، وَقَرَعٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيحٌ مُنْكَرَةٌ، (وَخُنُوثَةٍ) ؛ أَيْ: تَكَسُّرٍ وَتَثَنٍّ، (وَتَخَنُّثٍ) إذَا خَنَّثَ غَيْرَهُ، يُقَال: خَنَّثَهُ تَخْنِيثًا: عَطَفَهُ، فَتَخَنَّثَ، (وَتَحْرِيمِ عَامٍّ) بِمِلْكٍ وَنِكَاحٍ؛ (كَمَجُوسِيَّةٍ، لَا) تَحْرِيمٍ خَاصٍّ بِمُشْتَرٍ (نَحْوِ) أُخْتِهِ مِنْ (رَضَاعٍ، وَعَفَلٍ) ، وَهُوَ لَحْمٌ يَحْدُثُ فِي الْفَرْجِ، فَيَسُدُّهُ، (وَقَرْنٍ) : هُوَ عَظْمٌ أَوْ غُدَّةٌ تَمْنَعُ وُلُوجَ الذَّكَرِ، (وَفَتْقٍ) : هُوَ انْخِرَاقُ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ، (وَرَتْقٍ) : هُوَ كَوْنُ الْفَرْجِ مَسْدُودًا مُلْتَصِقًا لَا يَسْلُكُهُ ذَكَرٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ (وَاسْتِحَاضَةٍ، وَجُنُونٍ، وَسُعَالٍ، وَبُحَّةٍ، وَحَمْلِ أَمَةٍ دُونَ بَهِيمَةٍ،) فَالْحَمْلُ زِيَادَةٌ فِيهَا (إنْ لَمْ يَضُرَّ) حَمْلُهَا (بِلَحْمٍ، وَتَزَوَّجَهَا) ؛ أَيْ: الْأَمَةَ، (وَدَيْنٍ بِرَقَبَةِ قِنٍّ - وَالسَّيِّدُ مُعْسِرٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ - فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ فَلَا فَسْخَ لِلْمُشْتَرِي، وَيَتْبَعُ رَدُّ الدَّيْنِ الْبَائِعَ، (وَ) جِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ (لِقَوَدٍ) فِي النَّفْسِ أَوْ مَا دُونَهَا، (وَآثَارِ قُرُوحٍ) وَجُرُوحٍ وَشِجَاجٍ، وَجَفَافِ ضَرْعٍ، وَوَسَخٍ يَرْكَبُ أُصُولَ أَسْنَانٍ، وَهُوَ الْحَفْرُ، (وَثُلُومٍ فِيهَا) ؛ أَيْ: الْأَسْنَانِ (وَوَشْمٍ) فِي وَجْهٍ رَقِيقٍ، لِأَنَّهُ يَشِينُهُ، (وَشَامَاتٍ) بِغَيْرِ مَوْضِعِهَا، (وَمَحَاجِمَ بِغَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَشَرْطٍ يَشِينُ) ؛ أَيْ: يَعِيبُ (وَأَكْلِ طِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إلَّا مَنْ بِهِ مَرَضٌ، (وَذَهَابِ جَارِحَةٍ؛ كَإِصْبَعٍ)، أَوْ ذَهَابِ (سِنٍّ مِنْ كَبِيرٍ؛ أَيْ؛ مِمَّنْ ثُغِرَ) أَيْ: دُقَّ فَمُهُ، فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهُ، وَلَوْ كَانَ السَّاقِطُ مِنْهَا آخِرَ الْأَضْرَاسِ، (وَزِيَادَتِهَا) ؛ أَيْ: الْجَارِحَةِ؛ كَإِصْبَعِ جَارِحَةٍ، أَوْ السِّنِّ، (وَاخْتِلَافِ
أَضْلَاعٍ وَأَسْنَانٍ) ، وَطُولِ أَحَدِ ثَدْيَيْ أُنْثَى، وَخَرْمٍ؛ أَيْ: شَقِّ (شَفَةٍ) عُلْيَا أَوْ سُفْلَى، وَفِي " الْإِقْنَاعِ " وَحَرُمَ شُنُوفُهَا قَالَ فِي " الصِّحَاحِ ": الشُّنُوفُ جَمْعُ شَنْفٍ، وَهُوَ الْقُرْطُ الْأَعْلَى، (وَزِنَى مَنْ بَلَغَ عَشْرًا) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ، وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ، وَكَذَا لِوَاطَتُهُ فَاعِلًا كَانَ أَوْ مَفْعُولًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْبَحُ مِنْ الزِّنَا، (وَشُرْبِهِ مُسْكِرًا) ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ. (وَيَتَّجِهُ وَلَوْ كَانَ) الرَّقِيقُ (كَافِرًا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ اعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ لَا يَعْتَقِدُ بِتَرْكِهِ خَلَلًا فِي دِينِهِ؛ فَلَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهِ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ عِنْدَهُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَسَرِقَتِهِ، وَإِبَاقِهِ، وَبَوْلِهِ بِفِرَاشِهِ - وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ -) وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَيْبًا فِي الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يَدُلُّ عَلَى نُقْصَانِ عَقْلِهِ، وَضَعْفِ بِنْيَتِهِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى دَاءٍ فِي بَطْنِهِ، (وَحُمْقٍ بَالِغٍ، وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْحُمْقُ (ارْتِكَابُهُ الْخَطَأَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَلَا يُبَالِي بِمَا يَعْقُبُهُ مِنْ الْمَضَارِّ، وَاسْتِطَالَتِهِ) ؛ أَيْ: الْبَالِغِ (عَلَى النَّاسِ وَفَزَعِهِ شَدِيدٍ، أَوْ عَدَمِ خِتَانِهِ) - إنْ كَانَ (ذَكَرًا) كَبِيرًا - لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ، (لَا أُنْثَى) ، وَلَا صَغِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ عَلَيْهِمَا، (وَكَوْنُهُ) ؛ أَيْ: الرَّقِيقِ (أَعْسَرَ لَا يَعْمَلُ بِيَمِينِهِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ) ، فَإِنْ عَمِلَهُ؛ فَزِيَادَةُ خَيْرٍ، (لَا ثُيُوبَةَ) ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ عَلَى الْجَوَارِي، وَالْإِطْلَاقُ لَا يَقْتَضِي خِلَافَهَا، [وَلَا كَوْنُ الرَّقِيقِ (وَلَدَ زِنًا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ] ، (وَلَا مَعْرِفَةَ غِنَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِي قِيمَةٍ وَلَا عَيْنٍ، (وَلَا عَدَمَ حَيْضٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ لَا يَقْتَضِي الْحَيْضَ وَلَا عَدَمَهُ؛ فَلَيْسَ فَوَاتُهُ عَيْبًا، (وَ) لَا عَدَمَ (مَعْرِفَةِ طَبْخٍ وَنَحْوِهِ) ؛ كَعَجْنٍ وَخَبْزٍ، (وَ) لَا كُفْرٍ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الرَّقِيقِ، (وَلَا فِسْقٍ بِاعْتِقَادٍ) ؛ كَرَفْضٍ (أَوْ فِعْلٍ) غَيْرِ زِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا
سَبَقَ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْكُفْرِ، (وَلَا تَفْضِيلَ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الرَّقِيقِ عَدَمُ الْحِذْقِ، (وَ) لَا (عُجْمَةَ لِسَانٍ وَلُثْغٍ وَتَمْتَمَةٍ) أَوْ فَأْفَأَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِيهِ، (وَلَا إحْرَامَ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، (إنْ مَلَكَ بَائِعٌ تَحْلِيلَهُ) ؛ كَمَا لَوْ عَقَدَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، (وَلَا عِدَّةَ بَائِنٍ) ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَيْبًا؛ بِخِلَافِ عِدَّةِ رَجْعِيَّةٍ؛ فَهِيَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ، (وَلَا قَرَابَةٍ) وَرَضَاعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَالِيَّةِ، وَالتَّحْرِيمُ خَاصٌّ بِهِ، (وَلَا صُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَيْنِ، وَ) لَا (سُقُوطِ آيَاتٍ يَسِيرَةٍ) عُرْفًا (بِمُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ) ؛ كَسُقُوطِ بَعْضِ كَلِمَاتٍ بِالْكُتُبِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ غَالِبًا.
(قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَنْ اشْتَرَى مُصْحَفًا، فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ؛ لَيْسَ هَذَا عَيْبًا قَالَ الْقَاضِي) أَبُو يَعْلَى: (لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ عَادَةً مِنْ ذَلِكَ) قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: لَا يُنْقِصُ شَيْئًا مِنْ أُجْرَةِ النَّاسِخِ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ؛ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ [عَنْهُ غَالِبًا، وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ لِمَا وَضَعَهُ النَّاسِخُ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ، وَعَلَيْهِ نَسْخُهُ فِي مَكَانِهِ] ، وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْكَاغِدِ؛ لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ.
(وَ) لَا يَضُرُّ (يَسِيرُ تُرَابٍ وَ) يَسِيرُ (عَقْدِ بِئْرٍ) فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ؛ فَلَهُ الْخِيَارُ.
(وَمِنْ الْعَيْبِ عَثْرَةُ مَرْكُوبٍ وَكَدْمُهُ) ؛ أَيْ: عَضُّهُ بِأَدْنَى (فَمِهِ، وَرَفْسُهُ، وَحِرَانُهُ، وَقُوَّةُ رَأْسِهِ، وَكَيُّهُ، وَكَوْنُهُ شَمُوسًا، أَوْ كَوْنُهُ بِعَيْنِهِ ظُفْرَةً) : وَهِيَ جُلَيْدَةٌ تُغَشِّي الْعَيْنَ، (أَوْ بِأُذُنِهِ شَقٌّ قَدْ خُيِّطَ، أَوْ بِحَلْقِهِ غُدَّةٌ) ؛ أَوْ نَغَانِغُ وَهِيَ: لَحْمَاتٌ تَكُونُ فِي الْحَلْقِ عِنْدَ اللَّهَاةِ، وَاحِدُهَا نُغْنُغٌ بِالضَّمِّ، (أَوْ بِهِ زَوَرٌ: وَهُوَ) ؛ أَيْ الزَّوَرُ (نُتُوءٌ) ؛ أَيْ: ارْتِفَاعُ (صَدْرٍ عَنْ بَطْنٍ، أَوْ بِيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ شِقَاقٌ، أَوْ بِقَدَمِهِ فَدَعٌ: وَهُوَ نُتُوءٌ وَسَطَ الْقَدَمِ) . قَالَ فِي " الصِّحَاحِ ": رَجُلٌ أَفْدَعُ بَيِّنُ الْفَدَعِ: وَهُوَ الْمُعْوَجُّ الرُّسْغِ مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ، (أَوْ بِهِ دخش وَهُوَ وَرَمٌ حَوْلَ حَافِرٍ، أَوْ كَوْعٌ: وَهُوَ خُرُوجُ عُرْقُوبِ رِجْلَيْنِ عَنْ قَدَمٍ) ، وَفِي " الْإِنْصَافِ " الْكَوْعُ انْقِلَابُ أَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ عَلَيْهِمَا، (أَوْ بِعَقِبَيْهِمَا) ؛ أَيْ: الرِّجْلَيْنِ (حَكَكٌ: وَهُوَ تَقَارُبُهُمَا؛ أَوْ بِالْفَرَسِ خَيَفٌ: