الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَكَبَيْعِ مَا)، أَيْ: عَرَضٍ (مَلَكَ مِنْ نَحْوِ مَكِيلٍ) ، كَمَوْزُونٍ (بِعَقْدٍ مَوْصُوفٍ) بِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْعِوَضِ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي (إجَارَةٍ، وَعِوَضٍ) مُعَيَّنٍ فِي (صُلْحٍ) بِمَعْنَى بَيْعٍ، بِأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَصَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ، (وَ) عِوَضٍ مُعَيَّنٍ فِي (هِبَةٍ) بِمَعْنَى بَيْعٍ، (وَقِسْمَةٍ، بِمَعْنَى بَيْعٍ فِي انْفِسَاخِ) الْعَقْدِ (بِتَلَفِهِ) قَبْلَ قَبْضِهِ، (وَفِي صِحَّةِ تَصَرُّفٍ) فِيهِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ، (وَمَنْعِهِ)، أَيْ: التَّصَرُّفِ، إنْ كَانَ كَذِبًا بِمُعَيَّنٍ عَتَقَ.
(وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي غَيْرِ انْفِسَاخِ) عَقْدِهِ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، (كَمَا مَلَكَ بِعِوَضِ عِتْقٍ، وَصَدَاقٍ، وَخُلْعٍ، وَطَلَاقٍ، وَمَهْرٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ، وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ) ، فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ نَحْوِ عِتْقٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، إنْ احْتَاجَ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ، وَإِلَّا جَازَ، (وَيَجِبُ بِتَلَفِهِ) عَلَى مَنْ تَلِفَ ذَلِكَ بِيَدِهِ قَبْلَ إقْبَاضِهِ (مِثْلُهُ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، (أَوْ قِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ مُسْتَحِقُّهُ، إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَبِيعِ، وَلَا فَسْخَ بِتَلَفِ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ.
(وَلَوْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ)، أَيْ: الْجَائِزِ التَّصَرُّفِ (فِي شَيْءٍ مَلَكَهُ بِلَا عِوَضٍ، كَمَوْرُوثٍ، وَوَصِيَّةٍ، وَغَنِيمَةٍ، وَصَدَقَةٍ، فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) ، لِتَمَامِ مِلْكِهِ، وَعَدَمِ تَوَهُّمِ عَدَمِ الْفَسْخِ فِيهِ، (وَكَوَدِيعَةٍ، وَعَارِيَّةٍ، وَمَالِ شَرِكَةٍ) ، فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، لِمَا تَقَدَّمَ، و [لَا] تَصَرُّفَ قَبْلَ قَبْضٍ (فِيمَا قَبْضُهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، كَصَرْفٍ وَ) رَأْسِ مَالِ (سَلَمٍ، وَرِبَوِيٍّ) بِرِبَوِيٍّ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ تَامٍّ، أَشْبَهَ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ.
[فَصْلٌ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ]
(فَصْلٌ) فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ (وَيَحْصُلُ قَبْضُ مَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ بِذَلِكَ)، أَيْ: بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ، لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا:«إذَا بِعْتُ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. وَحَدِيثِ: «إذَا سَمَّيْتَ الْكَيْلَ فَكِلْ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلَا
يُعْتَبَرُ نَقْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، (بِشَرْطِ - حُضُورِ مُسْتَحِقِّهِ) لِمَكِيلٍ وَنَحْوِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ» ) . (أَوْ) حُضُورِ (نَائِبِهِ)، أَيْ: الْمُسْتَحِقِّ، لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ. (وَوِعَاؤُهُ)، أَيْ: الْمُسْتَحِقِّ (كَيَدِهِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا مَا فِيهِ كَانَ لِرَبِّهِ.
(وَيَصِحُّ الْقَبْضُ جُزَافًا إنْ عَلِمَا) ، أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (قَدْرَهُ)، أَيْ:(الْمَقْبُوضِ، كَمَا لَوْ شَاهَدَا كَيْلَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ بِهِ) ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي إعَادَةِ كَيْلِهِ ثَانِيًا، (لَا إنْ اُشْتُرِيَ مَعْدُودًا) ، كَجَوْزٍ وَنَحْوِهِ، (فَعَدَّ مِنْهُ أَلْفًا، وَوَضَعَهُ)، أَيْ: الْأَلْفَ (بِكَيْلٍ)، أَيْ: مِكْيَالٍ، (ثُمَّ اكْتَالَ بِهِ)، أَيْ: بِذَلِكَ الْمِكْيَالِ (بِلَا عَدٍّ. وَتَقَدَّمَ) فِي أَوَاخِرِ السَّادِسِ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ.
(وَتُكْرَهُ زَلْزَلَةُ الْكَيْلِ) عِنْدَ الْقَبْضِ، نَصًّا، لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي كَيْفِيَّةِ الِاكْتِيَالِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ فِي أَسْوَاقِهِمْ، وَلَمْ تُعْهَدْ فِيهَا.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهَا تُكْرَهُ زَلْزَلَةُ الْكَيْلِ (مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهَا زِيَادَةٌ مُحَقَّقَةٌ) ، فَإِنْ حَصَلَ بِهَا زِيَادَةٌ مُحَقَّقَةٌ عَلَى الْوَاجِبِ، (فَيَحْرُمُ) فِعْلُهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] الْآيَةَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَسْمَحُ بِالزِّيَادَةِ عَادَةً، وَكَلَامُ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى زِيَادَةٍ يُتَسَامَحُ بِهَا فِي الْعَادَةِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَا يَكُونُ) الْكَيْلُ (مَمْسُوحًا) بَلْ مُعَرَّمًا، (مَا لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ) ، فَيُعْمَلُ بِهَا.
(وَيَصِحُّ قَبْضُ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ) ، بِأَنْ يَكُونَ لِمَدِينٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ
رَبِّ الدَّيْنِ مِنْ جِنْسِهِ، فَيُوَكِّلُهُ فِي أَخْذِ قَدْرِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ نَفْسِهِ، فَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْهَا، (إلَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَالِهِ)، أَيْ: الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ دَنَانِيرَ، الْوَدِيعَةُ دَرَاهِمَ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمَا عِوَضُ الدَّنَانِيرِ، (لِافْتِقَارِهِ)، أَيْ: الْأَخْذِ (لِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ) ، وَلَمْ يُوجَدْ. (وَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ)، أَيْ: صِحَّةُ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ فِي صُورَةِ مَا (لَوْ وَكَّلَهُ)، أَيْ: وَكَّلَ مُسْتَدِينٌ دَرَاهِمَ مَدِينَهُ الَّذِي عِنْدَهُ دَنَانِيرُ وَوَدِيعَةٌ (فِي عَقْدٍ) مَعَ نَفْسِهِ، بِأَنْ يَقْبِضَ الدَّنَانِيرَ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّهَا لِمُوَكِّلِهِ، (وَقَبْضٍ) لِلدَّنَانِيرِ عِوَضًا عَنْ مَالِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِي قَبْضٍ مِنْ نَفْسِهِ وَصَرْفِهِ مِنْهَا، وَذَلِكَ جَائِزٌ، فَيَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ وَجَدَ مَا قَبَضَهُ) مِنْ نَحْوِ مَكِيلٍ (زَائِدًا مَا)، أَيْ: قَدْرًا (لَا يُتَغَابَنُ بِهِ) عَادَةً، (أَعْلَمَ رَبَّهُ وُجُوبًا) ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّدُّ بِلَا طَلَبٍ، (وَ) إنْ وَجَدَهُ (نَاقِصًا، فَإِنْ) كَانَ (قَبَضَهُ ثِقَةٌ بِقَوْلِ بَاذِلٍ: أَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ، وَلَمْ يَحْصُرْ نَحْوَ كَيْلٍ) ، كَعَدٍّ وَذَرْعٍ (وَوَزْنٍ) ، ثُمَّ اخْتَبَرَهُ، وَوَجَدَهُ نَاقِصًا، (قُبِلَ قَوْلُهُ)، أَيْ: الْقَابِضِ (فِي) قَدْرِ نَقْصِهِ، إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَتَلِفَ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي بَقَائِهِ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى بَقَائِهِ بِحَالِهِ، اُعْتُبِرَ بِالْكَيْلِ وَنَحْوِهِ، (وَإِنْ صَدَّقَهُ) قَابِضٌ فِي قَدْرِ نَحْوِ الْمَكِيلِ، بَرِئَ مُقْبِضٌ مِنْ عُهْدَتِهِ، (فَلَا) تُقْبَلُ دَعْوَى نَقْصِهِ بَعْدَ تَصْدِيقِهِ وَتَلَفِهِ عَلَيْهِ، (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَابِضٌ بِنَحْوِ بَيْعٍ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ،