الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّوْجِ؛ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الصَّدَقَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، لَا مِمَّا هُوَ مَفْرُوضٌ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُ بِقَبْضِهَا.
(وَمَنْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَاهُ مِنْ قِنٍّ عَيْبًا، فَقَالَ) الْقِنُّ: (أَنَا غَيْرُ مَأْذُونٍ لِي) فِي التِّجَارَةِ؛ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ.
(وَلَوْ صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ) فِي عَدَمِ الْإِذْنِ.
نَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ قَدِمَ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ، فَاشْتَرَاهُ النَّاسُ مِنْهُ، فَقَالَ: أَنَا غَيْرُ مَأْذُونٍ لِي فِي التِّجَارَةِ قَالَ: هُوَ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهِ مَأْذُونًا لَهُ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ، وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي فَسَادَ الْعَقْدِ، وَالْخَصْمُ يَدَّعِي صِحَّتَهُ.
(وَيَتَّجِهُ أَنَّ فَائِدَتَهُ) رَدُّ الْمَبِيعِ عَلَى الْقِنِّ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ (أَوْ إمْسَاكُهُ) ؛ أَيْ؛ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ، و (لَا) يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي (أَخْذُ أَرْشٍ) مَعَ الْإِمْسَاكِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ لَمَّا صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ عَلَى عَدَمِ الْإِذْنِ؛ صَارَ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ
[بَابُ الْوَكَالَةِ]
(بَابُ الْوَكَالَةِ) الْوَكَالَةُ: - بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا - التَّفْوِيضُ، يَقُولُ وَكَّلَهُ؛ أَيْ: فَوَّضَ إلَيْهِ، وَكَّلْت أَمْرِي إلَى فُلَانٍ؛ أَيْ: فَوَّضْت إلَيْهِ، وَاكْتَفَيْت بِهِ. وَقَدْ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْحِفْظُ، وَمِنْهُ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ؛ أَيْ: الْحَفِيظُ {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: 107] ؛ أَيْ: حَفِيظٍ.
وَشَرْعًا (اسْتِنَابَةُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ (مِثْلَهُ) ؛ أَيْ: جَائِزِ التَّصَرُّفِ، وَهُوَ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ فِعْلُ مَا وُكِّلَ فِيهِ، فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ ذَكَرَيْنِ كَانَا أَوْ أُنْثَيَيْنِ. أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (فِي الْحَيَاةِ) ، احْتِرَازًا عَنْ الْوَصِيَّةِ (فِيمَا) ؛ أَيْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَعَقْدٍ وَفَسْخٍ وَقَبْضٍ (تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ) مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.
وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
وَهِيَ جَائِزَةٌ إجْمَاعًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] ؛ أَيْ: الزَّكَاةُ، فَجُوِّزَ الْعَمَلُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْمُسْتَحَقِّينَ وقَوْله تَعَالَى:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} [الكهف: 19] وَقَوْلُهُ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] الْآيَةَ، وَلِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ وَكَّلَ عُرْوَةَ بْنَ الْجَعْدِ فِي شِرَاءِ الشَّاةِ.
قَالَ عُرْوَةُ: «عَرَضَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَلَبٌ فَأَعْطَانِي دِينَارًا، فَقَالَ يَا عُرْوَةُ: ائْتِ الْجَلَبَ، فَاشْتَرِ لَنَا شَاةً قَالَ: فَأَتَيْت الْجَلَبَ، فَسَاوَمْت صَاحِبَهُ، فَاشْتَرَيْت شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ، فَجِئْت أَسُوقُهُمَا أَوْ أَقُودُهُمَا، فَلَقِيَنِي رَجُلٌ بِالدِّينَارِ وَالشَّاةِ، فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذَا دِينَارُكُمْ وَهَذِهِ شَاتُكُمْ» الْحَدِيثَ «قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ» . «وَوَكَّلَ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي تَزَوُّجِ أُمِّ حَبِيبَةَ وَأَبَا رَافِعٍ فِي قَبُولِ نِكَاحِ مَيْمُونَةَ وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا» ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ كُلَّ أَحَدٍ فِعْلُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِنَفْسِهِ.
(وَتَصِحُّ) الْوَكَالَةُ (مُطْلَقَةً) وَمُنَجَّزَةً (وَمُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ) ؛ كَأَنْتَ وَكِيلِي شَهْرًا أَوْ سَنَةً، (فَلَا يَتَصَرَّفُ) الْوَكِيلُ؛ أَيْ: لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ (قَبْلَهَا) ؛ أَيْ: الْمُدَّةِ (وَلَا بَعْدَهَا) ؛ أَيْ: الْمُدَّةِ الَّتِي ضَرَبَهَا لَهُ الْمُوَكِّلُ.
(وَ) تَصِحُّ (مُعَلَّقَةً) بِشَرْطٍ، نَصًّا كَوَصِيَّةٍ وَإِبَاحَةِ أَكْلٍ وَقَضَاءٍ وَإِمَارَةٍ؛ (كَقَوْلِهِ: إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ)
فَافْعَلْ كَذَا، (أَوْ) إذَا [جَاءَ](الشِّتَاءُ فَاشْتَرِ لَنَا كَذَا) أَوْ إذَا طَلَب مِنْك أَهْلِي شَيْئًا فَادْفَعْهُ إلَيْهِمْ، أَوْ إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي كَذَا، أَوْ فَأَنْتَ وَكِيلِي وَنَحْوُهُ.
(وَ) تَصِحُّ (بِكُلِّ قَوْلٍ) يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، نَصًّا، نَحْوَ افْعَلْ كَذَا، أَوْ أَذِنْتُ لَك فِيهِ، أَوْ بِعْهُ، أَوْ اعْتِقْهُ، أَوْ كَاتِبْهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَأَقَمْتُكَ مَقَامِي، أَوْ جَعَلْتُك نَائِبًا عَنِّي؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ دَلَّ عَلَى الْإِذْنِ، فَصَحَّ كَلَفْظِ الْوَكَالَةِ الصَّرِيحِ.
(أَوْ) أَيْ: وَتَصِحُّ (بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَى إذْنٍ) .
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَدَلَّ كَلَامُ الْقَاضِي عَلَى انْعِقَادِهَا بِفِعْلٍ دَالٍّ؛ كَبَيْعٍ؛ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ - يَعْنِي الْمُوَفَّقَ - فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أَوْ خَيَّاطٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ وَكَالْقَبُولِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَيَتَخَرَّجُ انْعِقَادُهَا بِالْخَطِّ أَوْ الْكِتَابَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَعَلَّهُ دَاخِلٌ بِقَوْلِهِ: بِفِعْلٍ دَلَّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْمُنْتَهَى.
(وَ) يَصِحُّ (قَبُولُ) وَكَالَةٍ (بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ) مِنْ الْوَكِيلِ (دَلَّ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ وُكَلَاءَهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ سِوَى امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَلِأَنَّهُ أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ، فَجَازَ قَبُولُهُ بِالْفِعْلِ؛ كَأَكْلِ الطَّعَامِ، (وَلَوْ) كَانَ الْقَبُولُ (مُتَرَاخِيًا) عَنْ الْإِذْنِ، فَلَوْ بَلَغَهُ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ سِلْعَتِهِ مُنْذُ شَهْرٍ، فَقَبِلَ، أَوْ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّ قَبُولَ وُكَلَائِهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِفِعْلِهِمْ، وَكَانَ مُتَرَاخِيًا، وَلِأَنَّ الْإِذْنَ بَاقٍ، مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ.
(وَكَذَا) ؛ أَيْ: كَالْوَكَالَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ (كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ كَمُسَاقَاةٍ) . وَمُزَارَعَةٍ وَشَرِكَةٍ فِي أَنَّ الْقَبُولَ يَصِحُّ بِالْفِعْلِ فَوْرًا وَمُتَرَاخِيًا؛ لِمَا سَبَقَ.
(وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ وَكَالَةٍ (تَعْيِينُ وَكِيلٍ وَمُوَكَّلٍ فِيهِ) ؛ كَأَنْ يَقُولَ: وَكَّلْت فُلَانًا فِي كَذَا، (فَلَا يَصِحُّ) أَنْ يَقُولَ (وَكَّلْت أَحَدَ هَذَيْنِ) ؛ لِلْجَهَالَةِ،
(أَوْ) وَكَّلْتُك (فِي شِرَاءِ أَحَدِ هَذَيْنِ) ؛ لِلْجَهَالَةِ أَيْضًا.
(وَ) قَالَ (فِي " الِانْتِصَارِ ": لَوْ وَكَّلَ زَيْدًا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ) ؛ لَمْ تَصِحَّ؛ لِوُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْعِلْمِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ إمَّا بِنِسْبَةٍ أَوْ إشَارَةٍ إلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُعَيِّنُهُ.
(أَوْ لَمْ يُعَرِّفْ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ) ؛ بِأَنْ قِيلَ لَهُ وَكَّلَك زَيْدٌ وَلَمْ يَنْسِبْ إلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مِنْ وَصْفِهِ أَوْ شُهْرَتِهِ مَا يُمَيِّزُهُ؛ (لَمْ تَصِحَّ) ؛ لِلْجَهَالَةِ (انْتَهَى) كَلَامُ الِانْتِصَارِ.
(وَفِيهِ تَأَمُّلٌ) ؛ لِشُمُولِ كَلَامِهِ مَنْ لَهُ تَمْيِيزٌ بِصِفَةٍ أَوْ شُهْرَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَتَمَيَّزَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْهَا، فَأَمَّا إذَا ذَكَرَهَا فَالْوَكَالَةُ صَحِيحَةٌ.
(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي مُخَاصَمَةِ غُرَمَائِهِ) ؛ أَيْ: الْمُوَكِّلِ، صَحَّ التَّوْكِيلُ (- وَإِنْ جَهِلَهُمْ مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ -) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ عَيْنِ مَا وُكِّلَ بِهِ.
(وَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ) فِي قَوْلِ الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ: (أَعْتِقْ أَحَدَ عَبْدِي أَوْ طَلِّقْ إحْدَى امْرَأَتَيَّ) ؛ فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَحَدُهُمَا حُرٌّ أَوْ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ طَالِقٌ عَتَقَ فِي الْأُولَى، وَيَخْرُجُ بِقُرْعَةٍ، وَطَلُقَتْ فِي الثَّانِيَةِ، وَتَخْرُجُ بِقُرْعَةٍ أَيْضًا، (فَإِنْ) عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِبْهَامِ، (ثُمَّ أَوْقَعَ) الْوَكِيلُ الْعِتْقَ أَوْ الطَّلَاقَ؛ (احْتَمَلَ) الْوُقُوعَ عَلَى مَنْ عَيَّنَ، وَاحْتَمَلَ الْإِخْرَاجَ بِقُرْعَةٍ؛ كَمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ، أَوْ أَوْقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَلَا مَنْوِيَّةٍ أُخْرِجَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِقُرْعَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ؛ كَمُعَيَّنَةٍ مَنْسِيَّةٍ، وَكَقَوْلِهِ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ، وَإِلَّا يَكُنْ غُرَابًا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ وَجَهِلَ؛ فَإِنَّهُ يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَتَطْلُقُ مَنْ أَخْرَجَتْهَا الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّهُ سَبِيلٌ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهَا عَيْنًا وَمُحَافَظَةً عَلَى الْعِتْقِ وَصِيَانَةً لِلْفُرُوجِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ التَّصَرُّفُ بِالْوَكَالَةِ (عِلْمُهُ) ؛ أَيْ: الْوَكِيلِ (بِهَا) ؛ أَيْ: الْوَكَالَةِ، فَلَوْ بَاعَ إنْسَانٌ عَبْدَ زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ فُضُولِيٌّ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنْ سَيِّدَهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ.
(وَلَهُ) ؛ أَيْ: لِلْوَكِيلِ (التَّصَرُّفُ) فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ (بِخَبَرِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ) بِتَوْكِيلِ زَيْدٍ مَثَلًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ صِدْقُهُ؛ كَقَبُولِ هَدِيَّةٍ وَإِذْنِ غُلَامٍ فِي دُخُولٍ. (وَيَضْمَنُ) الْوَكِيلُ مَا تَرَتَّبَ مِنْ تَصَرُّفِهِ إنْ أَنْكَرَ زَيْدٌ التَّوْكِيلَ.
(وَيَتَّجِهُ وَلَا يَرْجِعُ) الْوَكِيلُ (عَلَى مُخْبِرِهِ) بِالْوَكَالَةِ؛ (لِتَقْصِيرِهِ) ؛ أَيْ: الْوَكِيلِ بَعْدَ تَفَحُّصِهِ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُبَاشِرَ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعَ عَلَى مُخْبِرِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ.
(وَلَوْ شَهِدَ بِهَا) ؛ أَيْ: الْوَكَالَةِ (اثْنَانِ) ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ مَحَلَّ الشَّهَادَةِ لِاثْنَيْنِ بِالْوَكَالَةِ (مَعَ غَيْبَةِ مُوَكِّلٍ) عَنْ بَلَدِ الْوَكِيلِ
(مَسَافَةَ قَصْرٍ) ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: عَزَلَهُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَحْكُمْ بِهَا) ؛ أَيْ: الْوَكَالَةِ حَاكِمٌ قَبْلَ قَوْلِهِ عَزَلَهُ؛ (لَمْ تَثْبُتْ) الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ، (وَلَوْ أَعَادَ) الْقَائِلُ أَنَّهُ عَزَلَهُ، (أَوْ قَالَهُ وَاحِدٌ غَيْرُهُمَا) قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ؛ (لَمْ يَقْدَحْ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ بِهِ؛ كَمَا تَمَّتْ بِالتَّوْكِيلِ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْعَزْلُ، (وَإِنْ قَالَاهُ) ؛ أَيْ: قَالَ الشَّاهِدَانِ عَزَلَهُ؛ (قَدَحَ) ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ؛ لِثُبُوتِهَا بِشَهَادَتِهِمَا فَعَزْلُهُ كَذَلِكَ.
(وَإِنْ شَهِدَ لَهُ) أَنْ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَهُ (بِهَا، فَقَالَ) الْوَكِيلُ: (مَا عَلِمْتهَا) ؛ أَيْ: الْوَكَالَةَ وَأَنَا أَتَصَرَّفُ عَنْهُ؛ (ثَبَتَتْ) الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَمْ أَعْلَمْ إلَى الْآنَ.
وَقَبُولُ الْوَكَالَةِ يَجُوزُ مُتَرَاخِيًا، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِالتَّوَكُّلِ، (لَا) إنْ قَالَ الْوَكِيلُ:(مَا أَعْلَمُ صِدْقَ الشَّاهِدَيْنِ) ؛ لَمْ تَثْبُتْ؛ (لِقَدْحِهِ فِيهِمَا)، وَإِنْ قَالَ: مَا عَلِمْت فَقَطْ قِيلَ لَهُ: فَسِّرْ، فَإِنْ فَسَّرَ بِالْأَوَّلِ ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ، وَإِنْ فَسَّرَ بِالثَّانِي؛ لَمْ تَثْبُتْ.
(وَإِنْ أَبَى) وَكِيلٌ (قَبُولَهَا) ؛ أَيْ: الْوَكَالَةِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ فُلَانٌ وَكَّلَك، فَقَالَ لَا أَقْبَلُهَا، (فَكَعَزْلِهِ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمْ تَتِمَّ.
(وَمَيْلُ) زَيْنِ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ (مَنْ)(ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ لِزَيْدٍ وَأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا، وَأَقَامَ) الْمُدَّعِي (الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ) ؛ أَيْ: بِالْوَكَالَةِ عَنْ زَيْدٍ وَبِالْأَلْفِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَجْلِسٍ؛ (أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ) قَوْلُهُ، وَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِدَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ الدَّيْنَ كَانَتْ قَبْلَ ثُبُوتِ وَكَالَتِهِ؛ فَلَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ؛ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ، فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهَا عَنْ غَيْرِ دَعْوَى؛ (بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ، وَهُوَ) ؛ أَيْ: مَا قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ (حَسَنٌ) .
قَالَ الْقَاضِي: فِي خِلَافِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إنَّهَا تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَالْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ تَقَدُّمِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ انْتَهَى.
وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ
عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ؛ كَشَهَادَةِ الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ وَأَوْلَى.
وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ فِيمَا لَمْ يُوَكَّلْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، فَإِنْ شَهِدَ الْوَكِيلُ بِمَا كَانَ وَكِيلًا فِيهِ بَعْدَ عَزْلِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ أَيْضًا، سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ خَاصَمَ فِيهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ لَمْ يُخَاصِمْ؛ لِأَنَّهُ بِعَقْدِ الْوَكَالَةِ صَارَ خَصِيمًا فِيهِ، فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِيهِ؛ كَمَا لَوْ خَاصَمَ فِيهِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلٌ فِي شَيْءٍ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهَا (إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) ؛ أَيْ: فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَنِيبَ غَيْرَهُ فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ سَفِيهٍ فِي نَحْوِ عِتْقِ عَبْدِهِ.
(سِوَى) تَوْكِيلِ (أَعْمَى) رَشِيدٍ (وَمُوَكِّلٍ) غَائِبٍ (فِيمَا) ؛ أَيْ: شِقْصٍ (لَمْ يَرَهُ) ؛ كَمَنْ يُرِيدُ شِرَاءَ عَقَارٍ لَمْ يَرَهُ.
وَكَمَنْ وَكَّلَ (عَالِمًا) بِالْمَبِيعِ بَصِيرًا (فِيمَا يَحْتَاجُ لِرُؤْيَةٍ) ؛ كَجَوْهَرٍ وَعَقَارٍ، فَيَصِحُّ - وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ - لِأَنَّ مَنْعَهُمَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ لِعَجْزِهِمَا عَنْ الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ لَا لِمَعْنَى فِيمَا يَقْتَضِي مَنْعَ التَّوْكِيلِ.
(وَمِثْلُهُ) ؛ أَيْ: مِثْلُ التَّوْكِيلِ فِيمَا ذُكِرَ (تَوَكَّلَ) عَنْ غَيْرِهِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَكَّلَ فِي شَيْءٍ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ لِنَفْسِهِ، (فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوجِبَ) عَنْ غَيْرِهِ (نِكَاحًا مَنْ لَا يَصِحُّ) مِنْهُ " إيجَابُهُ (لِمُوَلِّيَتِهِ) لِنَحْوِ فِسْقٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَوَلَّاهُ أَصَالَةً، فَلَمْ يَجُزْ بِالنِّيَابَةِ؛ كَالْمَرْأَةِ، (وَلَا يَقْبَلُهُ) ؛ أَيْ: النِّكَاحَ (مَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ) قَبُولُهُ (لِنَفْسِهِ) ؛ كَالْكَافِرِ يَتَوَكَّلُ فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ لِمُسْلِمٍ.
(وَيَتَّجِهُ فَلَا) يَصِحُّ أَنْ (يَتَوَكَّلَ مُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ فِي نِكَاحِ ابْنَته) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَرْطِ الْوِلَايَةِ اتِّفَاقُ الدِّينَيْنِ إلَّا فِي سَيِّدٍ زَوَّجَ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ لِكَافِرٍ؛ فَيَصِحُّ (مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ الْكَافِرُ كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ (كَعَكْسِهِ) ؛
أَيْ: كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَكَّلَ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ فِي تَزْوِيجِ ابْنَته؛
(وَلَا) يَصِحُّ أَنْ يَتَوَكَّلَ (كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ فِي شِرَاءِ مُصْحَفٍ، وَ) لَا فِي شِرَاءِ (قِنٍّ مُسْلِمٍ، وَ)
لَا فِي (مُعَاقَبَتِهِ) ؛ أَيْ: مُعَاقَبَةِ الْمُسْلِمِ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(سِوَى قَبُولِ نِكَاحِ نَحْوِ أُخْتِهِ) ؛ كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ وَحَمَاتِهِ (لِأَجْنَبِيٍّ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ، إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّنْزِيهِ، لَا لِمَعْنًى فِيهِ يَقْتَضِي مَنْعَ التَّوْكِيلِ
(وَ) سِوَى تَوَكُّلِ (حُرٍّ وَاجِدِ الطُّولِ نِكَاحَ أَمَةٍ لِمَنْ تُبَاحُ لَهُ) الْأَمَةُ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ عَادِمِ الطُّولِ خَائِفِ الْعَنَتِ.
وَسِوَى تَوَكُّلِ (مَنْ) ؛ أَيْ: غَنِيٌّ (حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي قَبْضِهَا) ؛ أَيْ: الزَّكَاةِ (لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ) ؛ كَفَقِيرٍ.
(وَ) سِوَى (طَلَاقِ امْرَأَةٍ نَفْسِهَا وَ) طَلَاقِهَا (غَيْرِهَا) ؛ كَضَرَّتِهَا أَوْ غَيْرِهَا (بِوَكَالَةٍ) ؛ فَيَصِحُّ فِيهِنَّ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا مَلَكَتْ طَلَاقَ نَفْسِهَا بِجَعْلِهِ إلَيْهَا مَلَكَتْ طَلَاقَ غَيْرِهَا.
(وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ كَافِرًا فِيمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) ؛ أَيْ: الْكَافِرُ فِيهِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ، وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ (فِي شِرَاءِ خَمْرٍ) ، وَلَا عِنَبٍ يُرَادُ لَهُ، (وَ) لَا فِي شِرَاءِ (خِنْزِيرٍ) وَطُنْبُورٍ وَجُنْكٍ وَعُودٍ وَكُلِّ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُوَكِّلِ اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ؛ كَأَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ.
(وَإِنْ وَكَّلَ) إنْسَانٌ [عَبْدَ غَيْرِهِ] ؛ صَحَّ فِيمَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ فِعْلُهُ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ كَالصَّدَقَةِ بِالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ، وَأَمَّا مَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالشِّرَاءِ؛ فَلَا (وَلَوْ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ؛ فَيَصِحُّ) إنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّهِ، فَإِذَا أَذِنَ صَارَ كَالْحُرِّ، وَإِذَا جَازَ الشِّرَاءُ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَإِذْ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ غَيْرَهُ مِنْ سَيِّدِهِ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ، (وَإِلَّا) يَأْذَنُ لَهُ سَيِّدُهُ؛ (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ (فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ) كَعَقْدِ (بَيْعٍ) وَإِجَارَةٍ (وَإِيجَابٍ فِي نِكَاحٍ وَقَبُولِهِ. وَيَتَّجِهُ وَعِتْقُ) قِنٍّ لِآخَرَ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ
بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ، (وَكَذَا) ؛ أَيْ: كَالْعَبْدِ (كُلُّ مَحْجُورٍ) عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ؛ لَا يَتَوَكَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِلَا إذْنِهِ إلَّا الصَّغِيرَ؛ فَلَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ فِي الطَّلَاقِ، وَإِذَا كَانَ يَعْقِلُهُ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (بِخِلَافِ نَحْوِ طَلَاقٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْإِنْشَاءِ، فَجَازَ فِي الْإِزَالَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَرَجْعَةٍ وَصَدَقَةٍ بِنَحْوِ رَغِيفٍ) وَفَلْسٍ وَتَمْرَةٍ، فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ.
(وَلِمُكَاتَبٍ أَنْ يُوَكَّلَ فِي كُلِّ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ) مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَشَرِكَةٍ، (وَلَهُ) ؛ أَيْ: الْمُكَاتَبِ (أَنْ يَتَوَكَّلَ بِجَعْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اكْتِسَابِ الْمَالِ، وَلَا يُمْنَعُ الْمُكَاتَبُ مِنْ الِاكْتِسَابِ، (لَا بِدُونِهِ) ؛ أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ جَعْلٍ، إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ كَأَعْيَانِ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ بَذْلُ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ (بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ) فَإِنْ أَذِنَهُ جَازَ. وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ؛ كَالْقِنِّ، وَكَذَا الْمُبَعَّضُ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَقَعُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَيَصِحُّ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فِي نَوْبَتِهِ؛ لِعَدَمِ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِالسَّيِّدِ.
(وَلَا تَصِحُّ) الْوَكَالَةُ (فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ أَوْ فِي طَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يَمْلِكُهُ حِينَ التَّوْكِيلِ، وَيَصِحُّ إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى مِلْكِهِ بِخِلَافِ إنْ تَزَوَّجَتْ فُلَانَةُ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي طَلَاقِهَا.
(وَيَتَّجِهُ وَلَا تَصِحُّ) الْوَكَالَةُ (فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ) عَقِبَ الْوَكَالَةِ (تَبَعًا) لِلْمَبِيعِ الـ (مَمْلُوكِ) لَهُ وَقْتَ التَّوْكِيلِ؛ كَقَوْلِ الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ: (بِعْ هَذَا) الْحَيَوَانَ (وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ) ؛ أَيْ: الْحَيَوَانِ مِنْ نِتَاجِهِ، (أَوْ بِعْهُ وَاشْتَرِ بِثَمَنِهِ كَذَا) ؛ أَيْ: شِقْصًا مَعْلُومًا، فَأَمَّا قَوْلُ الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ:(بِعْ مَا يَحْصُلُ مِنْ نَحْوِ لَبَنِ الْبَهِيمَةِ) كَنِتَاجِهَا وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا؛ (فَلَا يَصِحُّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ