الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
المعنى:
يطلبه من غير فتور. تَضَرُّعاً التضرع: التذلل وإظهار الخضوع.
خُفْيَةً الخفية: ضد العلانية. خَوْفاً: هو توقع الشر والمكروه.
طَمَعاً: هو توقع الخير.
المعنى:
إن ربكم ومالك أمركم، ومتولى شئونكم هو الله لا إله إلا هو فاعبدوه وحده واستعينوا به وحده، فهو الذي خلق السموات وعوالمها، وقدرها وأحكم نظامها، وخلق الأرض وجعل فيها رواسى من فوقها، وبارك فيها وقدر أقواتها، كل ذلك في ستة أيام الله أعلم بمقدارها وحدودها: إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ «1» ولو أراد خلقها في لحظة لخلقها إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «2» ولكنه ذكر هذه المدة ليعلم العباد التأنى والتثبت في الأمور، وأن خلق السموات والأرض ليس بالشيء الهين: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ «3» .
وما ورد من أن هذه الأيام الستة هي كأيام الدنيا، وأنه بدئ الخلق يوم الأحد فروايات الله أعلم بها، وأنها إسرائيليات
…
إن ربكم أيها الناس جميعا الله، الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ودبر أمورها وحده، فيجب عليكم أن تعبدوه وحده.
ثم إنه تعالى قد استوى على عرشه، واستقام أمره واستقر على هيئة الله أعلم بها مع البعد عن مشابهة الحوادث في شيء، ولقد سئل مالك- رضى الله عنه- في ذلك فقال: الاستواء معلوم، أى: في اللغة، والكيف- أى: كيفية الاستواء- مجهول، والسؤال عن هذا بدعة، وهذا القدر كاف، وهذا رأى الصحابة- رضى الله عنهم- ورأى السلف: قبول ما جاء من غير تكيف ولا تشبيه، وترك معرفة حقيقتها إلى الله، وأما الخلف فيؤولون ويقولون: استوى على عرشه بعد تكوين خلقه، على معنى أنه يدبر أمره، ويصرف نظامه، على حسب تقديره وحكمته إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ «4» . وإلى رأى السلف أميل، إذ هو رأى الصحابة والتابعين جميعا.
(1) سورة الحج آية 47.
(2)
سورة يس آية 82.
(3)
سورة غافر آية 57.
(4)
سورة يونس آية 3.
والله- سبحانه- جعل الليل يغشى النهار بظلمته. ويستره بلباسه حتى يذهب نور النهار ليتم قوام الحياة، فالليل للسكون، والنهار للمعاش، والليل يطلب النهار دائما من غير فتور مع الإعجال والسرعة.
وخلق الشمس والقمر والنجوم التي لا يعلمها إلا الله حالة كونها مسخرات ومذللات بأمره، كلّ يدور في فلكه إلى أجل مسمى عنده، ألا له الخلق، أى:
المخلوقات كلها كبيرها وصغيرها فلا دخل لهذه الكواكب في شيء. وله الأمر والنهى والتصريف والتدبير، ليس لأحد دخل في شيء، سبحانه وتعالى عما يصفون، وتبارك الله رب العالمين.
ادعوا ربكم الذي تعهدكم وأنعم عليكم نعمه التي لا تحصى، وبخاصة ما مضى في الآية السابقة، ادعوه متضرعين، مبتهلين مخلصين، فالدعاء مخ العبادة. ادعوه مخفين الدعاء متسترين، فالإخفاء حسن مندوب إن لم يكن واجبا، إذا هو أبعد عن الرياء والسمعة، وأنت لا تدعو غائبا أو ناسيا، فالله أقرب إلينا من جبل الوريد، وهو السميع البصير، على أن الله مدح العبد الصالح زكريا فقال: إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا «1» وقد كان دعاء الصحابة وعملهم في الخفاء، إنه لا يحب المعتدين المتجاوزين الحدود المرسومة، خاصة في الدعاء، فمن رفع صوته للرياء أو بالغ في الصيغة، أو طلب غير المشروع. كل هذا تجاوز في حدود الدعاء يجب ألا يكون. أما دعاء غير الله فشرك.
ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها بما خلق فيها، وما هداكم إلى الانتفاع بها وتسخيرها.
والإفساد في الأرض شامل لإفساد النفوس بالقتل والاعتداء، وإفساد المال بالسرقة والنصب، وإفساد الدين بالكفر والمعاصي، وإفساد العقل بالمسكرات.
ادعوه خائفين من عقابه فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.
وادعوه طامعين في ثوابه، مؤملين في جزائه، إن رحمة الله قريب من المحسنين:
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى «2» .
(1) سورة مريم آية 3.
(2)
سورة النجم آية 31.