الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
الصِّيامُ في اللغة: الإمساك، وفي عرف الشرع: إمساك عن الأكل والشرب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس احتسابا لوجه الله. يُطِيقُونَهُ لا يقال: هو يطيق حمل نواة أو ريشة وإنما هو يطيق حمل قنطارين من الحديد مثلا إذا كان يحملها بمشقة وشدة، فالذين يطيقون الصوم هم الذين يتحملونه بمشقة وجهد، ويؤيد هذا قراءة يطوقونه، وذلك كالكبير المسن والحامل والمرضع والعامل في العمل الشاق الشديد وهو مضطر إليه. لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ: لتعظموه وتشكروه.
المعنى:
الصيام رياضة روحية، وعمل سلبي للنفس، وتهيئة للتقوى بالمراقبة في السر والعلن، وتربية للإرادة، وتعويد للصبر وتحمل المشاق، ولذا قيل: الصوم نصف الصبر، وهو شاق على النفس حقيقة، شديد عليها أن تحرم مما في يدها، ولذا نرى القرآن الكريم يتلطف في الأمر منه.
إذ ناداهم بوصف الإيمان المقتضى للامتثال والمسارعة فيه، ثم قال: إنه فرض عليكم كما فرض على الذين من قبلكم من الأمم، فاقبلوه كما قبله غيركم، ثم هو مطهرة للنفس ومرضاة للرب فرضه عليكم لعلكم به تتقون الله، وهو أيام معدودات قلائل في العام شهر واحد:
«لو علمت أمتى ما في رمضان من الخير لتمنت أن يكون السنة كلها» «1» .
وليس واجبا إلا على القادر والمستطيع الصحيح، وأما المسافر والمريض فلا حرج عليهما في الفطر لأن المرض والسفر مشقة والمشقة تجلب التيسير، وعليهما القضاء، ولم يحدد القرآن السفر ولا المرض لأن هذا يختلف باختلاف الأحوال، ولو علم الله خيرا في التحديد لحدد، ولكنه متروك لضميره ودينه.
وقيل: السفر الذي يصح فيه الفطر وقصر الصلاة قدر بحوالى ثمانين كيلو مترا.
ومن يتحمل الصوم بمشقة شديدة كالشيخ المسن والمريض مرضا مزمنا لهما الفطر وعليهما الفدية، وهي طعام المسكين يوما من القوت الغالب الشائع في البلد، والحامل
(1) أخرجه أبو يعلى والطبراني وغيرهما مجمع الزوائد 3/ 141.
والمرضع إن خافتا على أولادهما فقط لهما الفطر، وعليهما القضاء والفدية، وإن خافتا على أنفسهما ولو مع أولادهما لهما الفطر، وعليهما الفدية أو القضاء.
فمن تطوع وأطعم أكثر من مسكين لليوم الواحد فهو خير له وأحسن.
وصيامكم أيها المتحملون للصوم بمشقة خير لكم إن كنتم تعلمون أن الصوم خير وأجدى.
ثم أراد القرآن أن يحببنا في الصوم أكثر فقال: هذه الأيام القليلة هي شهر رمضان، وهو شهر مبارك ميمون، فيه ابتدأ الله نزول القرآن الذي هو هدى للناس وآيات بينات واضحات لا غموض فيها من جملة ما هدى الله به وفرق بين الحق والباطل.
وبعضهم فسر نزول القرآن في شهر رمضان، وأنه أنزل في ليلة القدر المباركة التي هي خير من ألف شهر. بأن القرآن نزل إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، وليلة القدر في شهر رمضان.
أما وقد ظهر أن الصوم نعمة من الله وتكليف لمصلحة العباد، فمن حضر منكم الشهر وهو سليم معافى لا عذر له من سفر أو مرض فالواجب عليه الصيام، إذ هو ركن من أركان الدين، ثم أعاد الله الرخصة في الإفطار مرة ثانية خوفا من أن يفهم الناس بعد هذا الواجب الصريح: فَلْيَصُمْهُ أنه لا يجوز الفطر لعذر وخاصة بعد هذه المرغبات الكثيرة.
شرع لكم الرخصة في جواز الإفطار مع العذر الشرعي لأنه يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، وما جعل عليكم في الدين من حرج، وأمركم بالقضاء والفدية لأنه يريد أن تكملوا عدة هذا الشهر، وإنما أباح الفطر مع الفدية أو القضاء، وعلمنا كيف نخرج من الحرج مع الوفاء، لنكبر الله ونعظمه ونشكره على تلك النعم، وفقنا الله للخير.