الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
حِذْرَكُمْ الحذر والحذر بمعنى واحد، وهو: التيقظ والاستعداد، والمراد:
احترسوا واستعدوا. فَانْفِرُوا النفر: الانزعاج عن الشيء وإلى الشيء، والمراد:
اخرجوا إلى الجهاد. ثُباتٍ: جمع ثبة، وهي الجماعة، أى: اخرجوا جماعة تلو جماعة. لَيُبَطِّئَنَّ: ليثبطن غيره عن القتال، أو ليبطئن هو، أى: يتباطأ.
يَشْرُونَ الْحَياةَ أى: يبيعونها ويأخذون بدلها نعيم الآخرة وثوابها. الطَّاغُوتِ تقدم تفسيره وقريبا. كَيْدَ الكيد: السعى في الإفساد على جهة الاحتيال.
المعنى:
بعد أن بين الله لنا السياسة الدينية والاجتماعية التي بينت لنا حدود التعامل مع الناس خاصة الأقارب واليتامى والمساكين وغيرهم، وأحوالنا الشخصية من نكاح وإرث وزواج
…
إلخ، وأيد ذلك بضرب الأمثال بمن سبقنا من الأمم أخذ يذكر السياسة الحربية التي بها نحمى ذمارنا ونرد أعداءنا حتى تستوي دعوتنا قائمة وحتى يكون الدين كله لله، وهذه السياسة تتلخص في وجوب الاستعداد للحرب، وفي تنظيف الجبهة الداخلية، وفي الحث على الجهاد ببيان جزائه، وبذكر أحوال الضعفاء المستعبدين إخواننا في الدين! وأن الواجب أن تكون الحرب لغرض شريف فقال ما معناه:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ واحترسوا من عدوكم واستعدوا دائما لملاقاته، فالاستعداد له قد يمنع الحرب، ويكون بتنظيم الجيوش وإعداد العدة المناسبة في كل عصر وحين وبث العيون (المخابرات والجواسيس) ودراسة حاله وبلده وطرقه
…
إلخ ما هو معروف في الأصول الحربية، وإذا أخذتم حذركم فاخرجوا إليه جماعات إن اقتضى الحال ذلك، وإلا فأعلنوا التعبئة العامة واخرجوا إليه مجتمعين وفي هذا إشارة إلى تنظيم الأمة عسكريا وتعليم شبابها الفنون العسكرية حتى إذا دعا داعي الوطن وجدنا الكل يحمل السلاح، أما الجبهة الداخلية فلا تخلو أمة من الأمم من الجبناء الرعاديد والمنافقين الذين يثبطون الهمم، ويعوقون عن القتال ويقعدون عنه لفرط حبهم للدنيا وانخلاع قلوبهم من الحرب لضعف إيمانهم وخور عزيمتهم، فاعرفوهم وعالجوا ضعفهم، ولذا يقول القرآن: وإن منكم لجماعة يثبطون الهمم ويقعدون عن الحرب فإن أصابتكم مصيبة في
الحرب كالهزيمة أو القتل مثلا قالوا: قد أنعم الله علينا وتفضل حيث لم نكن معكم، ولئن أصابكم فضل من الله وانتصار على العدو قالوا: يا ليتنا كنا معكم فأخذنا نصيبنا من الغنيمة، كأنه لم تكن بينكم وبينهم مودة وصلة إذ الصلة والمودة التي يظهرونها تقتضي أن يكونوا معكم في السراء والضراء، والله أعلم بقلوبهم وما عندهم من الحسد والحقد، ولكنه سمى مودة تهكما بهم وبحالهم.
وإذا كان هذا واجبكم نحو العدو والاستعداد له وقد عرفتم أن فيكم المنافقين الجبناء الذين لا يخلو منهم زمان أبدا. فليقاتل في سبيل الله ولإعلاء كلمته ونصرة دينه- دين الحق والعدل والكرامة والقوة والمدينة- أولئك المسلمون المخلصون الذين باعوا دنياهم الفانية بالآخرة الباقية ونعيمها الدائم حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى والله عزيز ذو انتقام، والمقاتلون في سبيل الله ينتظرون إحدى الحسنيين إما الاستشهاد في سبيل الله وإما النصرة والغلبة على الأعداء، وفي كلا الحالين سوف يؤتيهم الله أجرا حسنا، وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي سبيل هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان؟ وقد كان المسلمون الذين هم في مكة قبل الفتح ولم يتمكنوا من الهجرة في عذاب أليم وتعب مقيم فكانوا يلاقون من عنت الكفار الجبابرة الشيء الكثير، وما قصص بلال وصهيب وعمار عنكم ببعيد!!.
وهؤلاء يقولون من شدة الألم: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، واجعل لنا من لدنك وليا يلي أمورنا ويحمى ذمارنا، واجعل لنا من لدنك نصيرا ينصرنا فقد عز الناصر وقل المدافع وسدت الأبواب إلا بابك يا كريم يا قوى يا حكيم.
والقتال الذي يضع القرآن سياسته ليس قتال ظلم وتعد وتوسع في الملكية واستعباد للشعوب كما نرى الآن، وإنما هو قتال في سبيل الله ولإعلاء كلمة الحق والإنصاف:
إنصاف الشعوب والأمم، ولذا كانت الحركة الإسلامية تزحف على الشعوب وتجرف الأمم كالسيل المنهمر، وظل الحال كذلك حتى ابتعد المسلمون عن الدين. فابتعدوا عن المثل العليا وضعف فيهم الوازع الديني فطمع فيهم كل طامع وغلبهم كل مغلب.
ولذا يحدد القرآن الغاية من القتال في الإسلام بقوله: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، وأما الذين كفروا فإنهم يقاتلون في سبيل الطاغوت الذي هو الظلم والجبروت والطغيان والتعدي على حقوق الأمم والأفراد، فقاتلوا أيها المسلمون أولياء الشيطان