الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
هاجَرُوا: تركوا دار الكفر وذهبوا إلى دار الإسلام. آوَوْا: أنزلوا وأسكنوا، يقال: آواه: أنزله دارا وأسكنه إياها. وَلايَتِهِمْ: الولاية مصدر وليه يليه، أى: ملك أمره وقام به. تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ: تحصل فتنة عظيمة، والمراد ضعف الإيمان وظهور الكفر.
المعنى:
ما مضى كان في الكلام على الكفار وأسراهم وكيفية معاملتنا لهم ضاربين بقرابتهم عرض الحائط مستبدلين بها قرابة الإسلام، ولذا تكلم القرآن هنا على رابطة الإسلام.
إن الذين آمنوا بالله ورسوله إيمانا صادقا كاملا، وهاجروا في سبيله، هجروا أوطانهم الحبيبة إلى نفوسهم، وتركوا مالهم كل ذلك لله، وجاهدوا في سبيله، وبذلوا النفس والنفيس، أولئك هم المهاجرون الذين تركوا مكة وعزهم وشرفهم ونسبهم فيها
إلى يثرب التي قطنها الرسول الكريم، إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله، والذين آووا المهاجرين وأنزلوهم ديارهم وشاركوهم في أموالهم، ونصروا رسول الله ومنعوه مما يمنعون به أزواجهم وأولادهم فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1» أولئك هم الأنصار هؤلاء المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض، يتولون أنفسهم بالرعاية والعناية، والسهر على المصالح فهم جسد الأمة الإسلامية، إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فرابطة الإسلام بينهم أقوى رابطة، والإيمان هو الصلة المحكمة، وهكذا المسلمون في كل زمان ومكان اجتمعوا على الإيمان بالله، والتقوى عند محبة الرسول الأكرم ولذا يقول الله فيهم: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ «2» فالأخوة في الإسلام إذا ما كانت لله حقا كانت هي الدعامة الوحيدة لتماسك بناء الأمة، وقيل: المراد بالولاية هنا الميراث، ونخست الآية بآية المواريث، والذين آمنوا بالله ورسوله ولم يهاجروا بأن اعترضتهم عقابات لم يستطيعوا التغلب عليها، وقد كانت الهجرة في مبدأ الإسلام علامة الإيمان الكامل هؤلاء ليس لكم ولاية عليهم، وليس بينكم توارث، وإن كانوا ذوى قربى حتى يهاجروا.
ولكن إن استنصروكم في الدين، وطلبوا إليكم أن تمدوا إليهم يد المساعدة لهم على أعدائهم بقدر الطاقة فانصروهم إلا على قوم بينكم وبينهم معاهدة وميثاق، والله بما تعملون بصير.
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ليس لكم أن توالوهم أو تتخذوهم أصدقاء مهما كانوا من القرابة والصلة، إن لم تفعلوا هذا، وتقوموا بهذه الأوامر تحصل فتنة في الأرض وفساد كبير، وذلك بضعف الإسلام وكسر شوكته، وظهور الكفر، وعلو رايته!!! يا سبحان الله أنت عالم الغيب والشهادة وأنت الخبير البصير، فلقد ظل الإسلام كما هو حتى اتخذ المسلمون بطانتهم من غيرهم ووالوا أعداء الدين بحجة السياسة مرة أو الحاجة أخرى فأصبحوا ولا حول لهم ولا قوة، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدينا، نعم وسنظل على ذلك حتى نعود إلى الدين والقرآن نفعل ما يريده ونتجنب ما ينهى عنه.
(1) سورة الأعراف آية 157.
(2)
سورة الحجرات آية 10.
والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله، والذين آووا الرسول وعزروه ونصروه، وهم المهاجرون والأنصار، أولئك المؤمنون حقا، فالهجرة والنصرة دليل على صدق الإيمان وكمال الإسلام، ولهم مغفرة من الله ورضوان، ولهم رزق في الدنيا والآخرة كريم، أى: حسن وكبير.
هؤلاء هم السابقون المقربون، ومن أتى بعدهم فهذا حالهم والذين آمنوا من بعد ذلك، أى: بعد أن قويت شوكة المسلمين وامتد بهم الزمن وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله معكم فأولئك منكم، وأنت منهم، بعضكم أولياء بعض، وأولو الأرحام وذوو القرابات في الإسلام بعضهم أولى ببعض فقد جمعوا بين الأخوة في الله والأخوة في النسب، هذا الحكم في كتاب الله، وقيل: المراد ميراث ذوى الأرحام، وقد كان المهاجرون والأنصار يتوارثون في بداية الإسلام حتى نزلت آية المواريث، ومنها هذه الآية، واعلموا أن الله بكل شيء عليم.
وليس في الآيات تكرار فالأولى لبيان أن رابطة الإسلام أقوى من رابطة النسب، والثانية لبيان مكانتهم وأنهم هم المؤمنون حقا، والثالثة لبيان أن الذين جاءوا بعدكم وآمنوا بعد ظهور الإسلام فأولئك منكم والله أعلم.