الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلّى الله عليه وسلّم قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي» فذكر الحديث (وهو المسمى بحديث الشفاعة) إلى أن قال: «وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي»
، والنفل: الزيادة عن الواجب، ألا ترى إلى صلاة النوافل؟ ذاتَ بَيْنِكُمْ: حقيقة ما بينكم، والبين من معانيه: الاتصال، والمراد: الوصلة الإسلامية وإصلاحها ويكون بالأمور التي تحققها من مودة وإخاء وترك النزاع والجفاء. وَجِلَتْ: فزعت وخافت.
سبب النزول:
عن عبادة بن الصامت: نزلت فينا معشر أصحاب بدر حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا فجعله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه بين المسلمين على السواء، وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله، وإصلاح ذات البين.
وروى أبو داود والنسائي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل قتيلا فله كذا وكذا، ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا»
فأما الشيوخ فثبتوا تحت الرايات، وحول رسول الله، وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم، فقال الشيوخ للشبان: إنا كنا لكم ردءا ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا. فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت.
المعنى:
لقد وقع خلاف بين المسلمين في غنائم بدر فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهي للمهاجرين أم للأنصار؟ أهي للشبان أم للشيوخ؟ أم لهم جميعا؟ فقيل له: قل لهم: إن حكمها لله خاصة ويقسمها الرسول على حسب أمر الله فلا رأى لأحد، وفي هذه الآية إجمال بيّن في آية وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ
…
[سورة الأنفال آية 41] .
وللإمام أن ينفل من شاء من الجيش بما شاء تحريضا على القتال وإثارة للنفوس كما
وهذا النفل زيادة عن سهمه في الغنيمة.
وإذا كان الأمر كذلك فاتقوا الله واجتنبوا ما أنتم فيه من شجار ونزاع وخلاف، فإن هذا يغضب الله لا سيما في حالة الحرب وأصلحوا ذات بينكم من الأحوال حتى تتحقق الوصلة الإسلامية فتكونوا في ألفة ومحبة واتفاق، وفي ذلك تقوى الله، وطاعة
رسوله، وإصلاح ذات البين، وأطيعوا الله ورسوله في كل ما أمر ففي طاعتهما الخير والفلاح، والهدى والرشاد، أطيعوهما إن كنتم مؤمنين حقا، فهذه أمور ثلاثة لا بد منها لصلاح حال الجماعة: تقوى الله ورسوله، أى: طاعة القيادة الرشيدة الحكيمة.
وها هي ذي صفات المؤمنين الخمسة التي تحقق هذه الأوصاف الثلاثة إنما المؤمنون حقا الكاملون المخلصون في إيمانهم هم:
1-
الذين إذا ذكروا الله بقلوبهم واستشعروا عظمته وجلاله وتذكروا وعده ووعيده خافت قلوبهم واضطربت أرواحهم.
2-
والذين إذا تليت عليهم آياته القرآنية المنزلة على عبده وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ازداد إيمانهم، وكمل يقينهم لتظاهر الأدلة وتمامها، نعم المؤمن كلما كثرت الأدلة وتعاضدت الآيات والحجج ازداد قوة في الإيمان، ورسوخا في العقيدة، ونشاطا في العمل، انظر إلى إبراهيم الخليل حيث قال: بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي «1» ردا على قوله تعالى: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ «2» ؟.
3-
والذين هم على ربهم وحده يتوكلون، وعليه وحده يعتمدون، وإليه يلجئون، كل هذا بعد أخذ الأسباب، والعمل على حسب طاقته وإمكانه، وهذه صفات تتعلق بالقلب، وها هي ذي الصفات المتعلقة بالجسم:
4-
الذين يقيمون الصلاة، ويؤدونها كاملة مقومة تامة الأركان والشروط.
5-
والذين ينفقون مما رزقناهم في وجوه الخير والبر، وذلك يشمل الزكاة الواجبة المقيدة والنافلة المطلقة التي قد تصبح واجبة تبعا للظروف.
أولئك الموصوفون بما ذكر من الأوصاف، المشار إليهم لكمالهم فيها هم المؤمنون حقا. لهم درجات ومنازل عند ربهم على حسب أعمالهم ونواياهم ولهم مغفرة، ولهم رزق كريم وهو ما أعد لهم من نعيم الجنة. والعرب يصفون الشيء الذي لا قبح فيه ولا ضرر بأنه كريم، وهذه الآيات بينت لنا حكم الغنائم، وأسس نجاح الجماعة، وبعض صفات المؤمنين الكاملين.
(1) سورة البقرة آية 260.
(2)
سورة البقرة آية 260.