الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
التَّوْراةَ: اسم للكتاب الذي أنزل على موسى. الرَّبَّانِيُّونَ: مفردة رباني، نسبة إلى الرب، وهو الذي يسوس الناس بالعلم ويربيهم. وَالْأَحْبارُ:
جمع حبر، هو العالم بتحبير الكلام وتحسينه. بِمَا اسْتُحْفِظُوا: بما طلب إليهم حفظه منهم. شُهَداءَ: رقباء وحفاظا. وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ: جعلنا عيسى يقفو أثرهم ويتبعهم.
المناسبة:
بعد أن نعى الله على اليهود عدم رضائهم بحكم التوراة وطلب حكم النبي صلى الله عليه وسلم إن وافق هواهم ثم إعراضهم عن حكمه صلى الله عليه وسلم ذكر هنا التوراة وما فيها من الهدى والنور والحكم والقانون مسجلا عليهم جرمهم.
المعنى:
إنا أنزلنا التوراة على موسى الكليم، فيها هدى يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام والحق، وفيها نور يستضاء به ويكشف ما تشابه عليهم وأظلم، هذا في التوراة المنزلة من عند الله لا في صحفهم المبدلة المحرفة التي سموها توراة.
هذه التوراة قانون يحكم بها النبيون الذين نزلوا بعد موسى حتى عيسى ابن مريم، وأسلموا وجوههم لله قانتين مخلصين، حكموا بها بين اليهود، فهي شريعتهم الخاصة بهم، حتى نزل عيسى ابن مريم، وكان آخر نبي نزل على بنى إسرائيل، وقد نقل عن عيسى- عليه السلام في الإنجيل:(ما جئت لأنقض الناموس- شريعة موسى- وإنما جئت لأتمم..) فالإنجيل مكمل لها وقد حكم بها عيسى- عليه السلام.
وحكم بها وحافظ عليها الربانيون والأحبار وهم الصالحون من ولد هارون في الأزمنة التي لم يكن بها أنبياء، وذلك بسبب ما أخذه الأنبياء عليهم من العهد المؤكد، وسألوهم حفظها والعناية بها، وكانوا على كتاب الله شهودا ورقباء يحمونه من التغيير والتحريف، وشاهدين عليه أنه الحق لا مرية فيه.
فأين أنتم أيها اليهود؟ وأين علماؤكم الآن من الربانيين والأحبار السابقين؟ فهؤلاء يحافظون عليها، وأنتم تحرفون وتكتمون!! وإذا كان الأمر كذلك فلا تخشوا الناس أيها الأحبار المعاصرون فتكتموا الحق، من صفة النبي والبشارة بها، طمعا في الدنيا وعرضها الزائل، واخشوا الله ربكم واقتدوا بالصالحين السابقين من أمتكم، واحفظوا التوراة، وإياكم والتحريف، روى عن الحسن: أخذ الله على الحكام ألا يتبعوا الهوى، وألا يخشوا الناس، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا، ولا تشتروا بآياتنا ثمنا قليلا، ومنفعة حقيرة تأخذونها، من رشوة أو جاه أو رئاسة كاذبة! وكيف تستبدلون الثمن القليل والعرض الزائل بالآيات البينات التي استحفظتم عليها وكنتم عليها شهودا؟!! واعلموا أن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وقد حكم اليهود في الزاني المحصن بالجلد وتركوا الرجم، وفي القتل بالتفريق بين بنى قريظة والنضير وتركوا العدل والقصاص.
والله في التوراة قد سوى بين الجميع لا فرق بين أمير وخفير، ولا بين شريف ووضيع.
ومن لم يحكم بما أنزل الله مستحلا له، منكرا بالقلب حكم الله، وجاحدا باللسان فهو من الكافرين، ومن لم يحكم وهو معتقد أنه مخطئ ومذنب فهو خارج عن الدين ومؤاخذ على شهادته ورضائه الحكم بغير حكم الله، وتقصيره في طلب تحكيم ما أنزل وهذا حكم عام في كل من يترك كتاب الله والحكم به.
إنا أنزلنا التوراة، وفرضنا عليهم فيها أن النفس تقتل بالنفس والعين بالعين، والسن بالسن وهكذا بقية الأعضاء بالقياس، وكذا الجروح على تفصيل فيها وبيان لحدها بالضبط. فيها القصاص، وهذا الحكم في القتل أو التعدي العمد، أما الخطأ ففيه الدية، وأن تصدقوا خيرا لكم فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ يكفر الله بها ذنوبه ويعفو عنه وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [البقرة 237]
روى عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تصدق من جسده بشيء كفر الله تعالى عنه بقدره من ذنوبه» .
ومن لم يحكم بما أنزل الله، ويعرض عما شرعه الله من القصاص والعدل والتساوي بين الأفراد فهو من الظالمين الذين يغمطون الناس حقوقهم المشروعة.