الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدل والشهادة لله والإيمان به وبكتبه [سورة النساء (4) : الآيات 135 الى 136]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136)
المفردات:
قَوَّامِينَ: جمع قوّام، وهو المبالغ في القيام بالشيء حتى يأتى على خير وجه.
انظر إلى قوله تعالى: أَقِيمُوا الصَّلاةَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ. تَلْوُوا أى: ألسنتكم بالشهادة، والمراد تحرفونها ولا تأتون بها على وجهها. فإن اللّيّ هو التحريف وتعمد الكذب. تُعْرِضُوا: لا تؤدوها.
المعنى:
يأمر الله- سبحانه وتعالى عباده بأن يكونوا قوامين بالعدل ومبالغين في الإتيان به على خير وجه، لا تأخذهم في الله لومة لائم، لا يصرفهم عنه صارف مع التعاون والتساند والتناصر، وأن يؤدوا الشهادة لله ابتغاء رضوانه وحينئذ تكون شهادة عامة خالية من التحريف والتبديل والكتمان ولو كانت على أنفسكم فاشهدوا الحق ولو عاد
ضرره عليكم أو على الوالدين والأقربين فإن بر الوالدين وصلة الأقارب لا تكون بالشهادة لغير الله، ولا تراعوا غنيا لغناه أو ترحموا فقيرا لفقره بل اتركوا الأمر لله، فالله يتولى أمرهما وهو أعلم بما فيه صلاحهما فلا تحملنكم العصبية وهوى النفس وبغضكم الناس على ترك العدل فيما بينكم وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى «1» ومن هذا ما
روى أن عبد الله بن رواحة لما بعثه صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزرعهم فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلىّ، ولأنتم أبغض إلىّ من أعدائكم من القرود والخنازير، وما يحملني حبى إياه وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم.
فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.
وأن تلووا ألسنتكم بالشهادة وتحرفوها أو تعرضوا عن إقامة الشهادة وتكتموها فاعلموا أن الله بما تعملون خبير وسيجازيكم بذلك.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ: المعنى: اثبتوا على ذلك وداوموا عليه وازدادوا يقينا، وآمنوا بالكتاب الذي أنزله الله على رسوله وهو القرآن وجنس الكتاب الذي أنزله على رسله كالتوراة والإنجيل، ومعنى الإيمان بالقرآن التصديق بأنه أنزل من عند الله على خاتم الأنبياء والمرسلين وهو الناسخ لما قبله ليس بعده شيء، والإيمان بالكتب السابقة على أنها من عند الله نزلت على موسى وعيسى.
وقيل: هو خطاب لمؤمنى أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأضرابه أتوا رسول الله قالوا: نؤمن بك وبكتابك والتوراة وبموسى ونكفر بما عدا ذلك، فقال- عليه السلام: بل آمنوا بالله ورسوله والقرآن وبكل كتاب قبله. فقالوا: لا نفعل، فنزلت، فآمنوا كلهم، ثم توعد من لم يؤمن بما ذكر بقوله: ومن يكفر بالله وملائكته الذين هم رسل الله إلى أنبيائه وبرسله إلى خلقه واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا عن طريق الحق ونور الهدى، فاليهود والنصارى الذين يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض إيمانهم لا يعتد به إذ الكفر بكتاب أو برسول كفر بالكل، لأنه لو آمن إيمانا صحيحا بنبيه وكتابه لما كفر بمحمد المبشر به عندهم.
(1) سورة المائدة آية 8.