الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: اختلافهم قولهم: إن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ وإن كان المقتول عيسى فأين صاحبنا؟
وما قتلوه قتلا يقينا، لأن الجند الذين قاموا بقتله من الثابت أنهم كانوا يعرفون شخص المسيح، وقد مات في شبه ثورة.
وفي الأناجيل الموجودة الآن، أن الذي سلمه هو يهوذا الأسخريوطى، وفي بعض الأناجيل أن الجند أخذوا يهوذا نفسه ظنا منهم أنه المسيح، فالذي لا خلاف فيه أن الجند ما كانوا يعرفون عيسى وأنهم قتلوا شخصا هل هو المسيح أو شخص يشبه إلى أبعد حد. وقيل: المعنى ما قتلوا العلم يقينا من جهة البحث والنظر في أمر قتله وصلبه.
رفع عيسى- عليه السلام
-:
المسلمون يعتقدون كما أخبر القرآن أن عيسى لم يقتل ولم يصلب وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وأنه نجاه من الذين مكروا به وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ «1» وهذا هو معنى (متوفيك) عند بعض العلماء، أى: موفيك أجلك كاملا وعاصمك من الناس كغيرك من الأنبياء، وهل هو بعد النجاة رفع إلى السماء بروحه وجسده أو رفع بروحه فقط، وأما جسده فانتهت حياته كغيره من الناس؟ أو لم يحصل له رفع لا بالروح ولا بالجسد؟ ويتبع ذلك تفسير قوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ «2» أما جمهور المفسرين: فيرون أن الله رفع عيسى بروحه وجسده إلى السماء وسينزل آخر الزمان يحكم بالقرآن ويقتل الخنزير ويكسر الصليب بدليل الآية الآتية وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وكما هو ثابت في حديث البخاري. وهناك آراء أخرى في رفع عيسى إلى السماء، والقرآن الكريم لا يثبت الرفع ولا ينفيه (والله أعلم بكلامه) وكان الله عزيزا لا يغالب أبدا، فهو الذي أنقذ عيسى من كيد اليهود وعصم محمدا من الناس جميعا، حكيما في كل فعل وعمل.
وما من أحد من أهل الكتاب سواء كان يهوديا أو نصرانيا إلا ليؤمنن بعيسى إيمانا صحيحا قبل موته، أى: عند خروج روحه بلا إفراط ولا تفريط، فاليهودى يؤمن أنه
(1) سورة آل عمران الآية 54.
(2)
سورة آل عمران الآية 55.
رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والنصراني يؤمن بأنه رسول الله وعبده وكلمته فليس إلها ولا ابن الإله.
وإذا كان حالهم هكذا قبل الموت ولا ينفعهم الإقرار حينئذ فما بالهم لا يسرعون في الإيمان بعيسى إيمانا صحيحا؟
وقيل: وما من أهل الكتاب أحد من المعاصرين لنزول عيسى آخر الزمان إلا ليؤمنن بعيسى قبل موته، أى: موت عيسى أو موت ذلك الكتابي، ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا، يشهد بإيمانهم به وبكفرهم فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [سورة النساء آية 41] .
ودعاة المسيحية: يقولون بصلب المسيح- عليه السلام وينسجون لهذا قصة الخطيئة الخاصة بأبينا آدم وأن العدل والرحمة تقاتلا حتى انتهى الأمر إلى صلب المسيح كفارة لخطايا شعبه أو للعالم
…
إلخ، ما هو مدون في كتبهم، ونحن إذ ننكر هذه العقيدة لا نقول باستحالتها على عيسى كبشر وإنما لأن القرآن نفاها نفيا باتا وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ.
على أن مسألة القتل، لا مجال للعقل فيها، بل لا بد أن نستقيها من مصدر صحيح، يكون موضع الثقة، ونحن المسلمين نقلنا نفى القتل والصلب عن القرآن.
وهو الكتاب الوحيد الذي نقل بالتواتر نقلا سليما لا شبهة فيه لأى منصف بدليل أنه لا يختلف في أى بلد من بلاد العالم في كلمة وأما الكتب الأخرى التي فيها الصلب فهي كتابة أفراد لم تنقل بالتواتر وليس مصدرها واحدا ولذا نراها مختلفة جدا في الشكل والموضوع اقرءوا إن شئتم إنجيل برنابا وبعض الأناجيل الأخرى وهل من كتب من أتباع المسيح بالصلب شاهده أو هو خبر يحتمل الصدق والكذب؟؟! وكيف يتصور عاقل أن قوما يؤمنون بأن عيسى إله أو ابنه أو واحد من ثلاثة ثم يؤمنون مع هذا بأنه صلب على خشبة مع اعترافهم بأن المسيح تألم وبكى من هذا القتل وتضرع إلى الله أن يكشف عنه هذا السوء فقد ورد في الإنجيل: (يا أبتاه إن أمكنك فلتعبر عنى هذه الكأس إن لم يمكن أن تعبر عنى هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك) .