الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من غير المحاربين، يشير إلى هذا قوله: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فإن توبتهم قبل القدرة دليل على أنها توبة خالصة لوجه الله.
واعلموا أن هؤلاء المحاربين لله ولرسوله بالعصيان والفساد، واجب على الإمام قتالهم، وعلى المسلمين المعونة له وكفهم عن فعلهم.
أساس الفلاح في الآخرة [سورة المائدة (5) : الآيات 35 الى 37]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (37)
المفردات:
الْوَسِيلَةَ: ما يتوصل به إلى تحصيل المقصود وهي القربة، وتطلق على أعلى منزلة في الجنة.
المعنى:
يا أيها الذين اتصفتم بالإيمان، خذوا لنفسكم الوقاية من عذاب الله بامتثال أمره واجتناب نهيه، وتقربوا إليه بالطاعات والعمل بما يرضيه، فإن هذه هي الوسيلة إليه أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ «1»
…
وجاهدوا أنفسكم بكفها عن
(1) سورة الإسراء آية 57.
المحرم، والتزامها الصراط المستقيم، وجاهدوا أعداء الإسلام حتى يكون الدين كله لله، وجاهدوا في سبيل الحق والحرية والخير للأمة والوطن. فكل هذا جهاد في سبيل الله.
واتقوا الله وابتغوا إليه القربى بالطاعة واجتناب المنهيات، واحتملوا الجهد والمشقة في سبيل الله، كل ذلك رجاء الفوز والفلاح في المعاش والمعاد. واعلم أن لفظ التوسل جاء بثلاث معان: القربى إلى الله بالطاعة كما مر،
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته كما ثبت عن عمر- رضى الله عنه-: «اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا»
فكان يدعو العباس وهم يؤمّنون عليه، ترى أنها الدعاء والشفاعة، وكانت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أما بعد موته فبدعاء أقرب الناس إليه كعمه العباس، ويوم القيامة تكون بشفاعته.
أما المعنى الثالث فهو: الوسيلة، أى: التوسل بالإقسام على الله بالصالحين والأولياء المقربين، وهذا لم يرد به نص صحيح، بل قال أبو حنيفة وأصحابه: إنه لا يجوز.
والتوسل بهذا المعنى ينكره العقل، ويأباه الشرع ولا دليل عليه في هذه الآية ولا في غيرها.
إن الذين كفروا بالله، وجحدوا آياته، وكذبوا رسله لو فرض أن لهم ملء ما في الأرض ذهبا بل وضعفه ليفتدوا به أنفسهم من عقاب الله وعذابه، على كفرهم وعنادهم، فافتدوا به ما تقبل الله منهم ذلك، فداء وعوضا، بل هم معذبون عذابا دائما وهذا تمثيل لحالهم يوم القيامة.
يود الواحد منهم لو يفتدى نفسه من عذاب يومئذ ببنيه، ولكن هيهات له ذلك! يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها، ولهم عذاب مقيم دائم. فانظر يا أخى في أساس الفلاح في الإسلام، وأنه محصور في التقوى والطاعة لا في شفاعة ولا في غيرها.