الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورسوله، ومن المعتذرين بغير عذر شرعي، سيصيب هؤلاء وهؤلاء عذاب أليم غاية الألم!!!
…
المعنى:
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يطلب منها ما هو فوق طاقتها، وعلى ذلك فكل من عجز عن الشيء سقط عنه، ولا يكلف به لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ
وروى أبو داود عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم سيرا، ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه» . قالوا: يا رسول الله: وكيف يكون معنا وهم بالمدينة؟
قال: «حبسهم العذر» .
ألست معى في أن هذه الآية وأشباهها من القرآن والحديث بينت أنه لا حرج على المعذورين عذرا شرعيا، وهم قوم عرف عذرهم كالشيوخ والعجائز، وأهل الزمانة والهرم، والعمى والعرج، وأقوام لم يجدوا ما ينفقون، فكل هؤلاء ليس عليهم ذنب ولا إثم إذا نصحوا لله ورسوله، وأخلصوا لهما النية، وأحسنوا الطوية، وعرفوا الحق- سبحانه وتعالى وأحبوه، وأحبوا أولياءه، وبغضوا أعداءه، والنصيحة الخالصة لله ولرسوله (في هذه الحال الحربية) هي عمل كل ما فيه المصلحة العامة للأمة من كتمان السر، والحث على البر، وإلهاب الشعور، وتوحيد الصفوف، ومحاربة الخائنين، والقضاء على الطابور الخامس،
روى عن تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة- ثلاثا- قلنا: لمن يا رسول الله؟ فقال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
قال العلماء: النصيحة لله: إخلاص الاعتقاد في الوحدانية، ووصفه بكل كمال، وتنزيهه عن كل نقص، وامتثال أمره واجتناب نهيه، والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته، والتزام طاعته، في أمره ونهيه وحب من أحبه، وحب آل بيته ومن سار بسيرته وإحياء سنته بالمدارسة والنفقة والعمل بها والدفاع عنها، والنصيحة لكتابه وقراءته، والتفقه فيه ومدارسته، والتخلق به والدفاع عنه، والنصيحة لأئمة المسلمين: ترك الخروج عليهم، وتبصيرهم مواضع الزلل وإرشادهم إلى الدين الحق
والرأى المعتدل، والإنكار عليهم إن خالفوا الدين بلا شدة وعنف حتى تستقيم أمورهم، والنصح لعامة المسلمين: إرشادهم إلى الطريق الحق، والإرعاء عليهم وحب الخير لهم والسهر على مصالحهم، وكل على قدر طاقته.
ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ على معنى ليس هناك سبيل يسلكها ناقد على من أحسن العمل وأخلص النية، فكل عمل تعمله وأنت ترضى ربك فأنت محسن، والله يجازى المحسن بأضعاف حسنته، والمسيء بقدر إساءته، فإذا كان هؤلاء المعذورون عذرا شرعيا قد نصحوا لله ورسوله وأخلصوا في أعمالهم فليس لأحد عليهم سبيل ما داموا محسنين أعمالهم، والله غفور رحيم.
روى أن بنى مقرن كانوا سبعة إخوة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد هاجروا، وأتوا رسول الله في غزوة تبوك ليحملهم فلم يجد ما يحملهم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون!! وهذه الآية هي التي نزلت في شأنهم وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ.
ولعل الحكمة في التعبير بالإتيان لأجل الحمل والاعتذار عنه بعدم وجدان ما يحمل عليه من دابة أو غيرها: هي إفادة العموم ليشمل الدابة والسيارة والطيارة وغيرها- والله أعلم.