الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
يَهْدُونَ: يرشدون الناس إلى الحق والخير. يَعْدِلُونَ: يجعلون الأمور متعادلة لا زيادة فيها ولا نقصان على ما ينبغي. سَنَسْتَدْرِجُهُمْ الاستدراج: من الدرجة، وهي المرقاة، بمعنى الصعود والنزول درجة بعد درجة، والمراد سنأخذهم درجة بعد درجة بإدنائهم من العذاب شيئا فشيئا. وَأُمْلِي لَهُمْ: من الإملاء، وهو الإمهال. كَيْدِي الكيد والمكر: هو التدبير الخفى الذي يقصد به غير ظاهره حتى ينخدع المكيد، والمتين: القوى، من المتن وهو الظهر. يَعْمَهُونَ:
يترددون في حيرة وعمى.
بعد أن ذكر الله أنه خلق لجهنم كثيرا من الخلق لا قلوب لهم ولا أعين ولا آذان يصلون بها إلى الخير، ثم ذكر بعد ذلك ما يجعل الإنسان قوى الإيمان
…
ذكر هنا أن في أمة الدعوة المحمدية فريقين: مهديين وضالين، مع ذكر وجوب الفكر والنظر في ملكوت السماء والأرض علّنا نصل إلى الخير.
المعنى:
وبعض من خلقنا أرسلنا لهم الرسل خاصة أمة الدعوة المحمدية أمة يهدون بالخير، ويرشدون إليه، وبه يحكمون فيما يعرض لهم حتى تكون أمورهم متعادلة لا زيادة فيها ولا نقصان ويكونوا أمة وسطا عدولا كما أخبر عنهم القرآن،
وروى عن على بن أبى طالب قال: لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، يقول الله: وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ فهذه هي التي تنجو من هذه الأمة.
والذين كذبوا بآياتنا ندعهم في الضلال تائهين، ونستدرجهم من حيث لا يعلمون، ونملي لهم بإعطاء النعم تلو النعم استدراجا حتى لا يرعووا عن غيهم مع أنا نمهلهم فلا نرسل لهم المخدرات والمنبهات، وما علموا أن سنة الله في الخلق لا تتغير، وأن الله يملى لهم ويمدهم بالمال والنعم حتى يغتروا ولا ينتبهوا كيدا لهم ومكرا بهم لا حبّا فيهم أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ «1» نعم. إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
وها هم أولاء المشركون ظلوا مغرورين بأن الحرب يومان يوم لنا ويوم علينا، معتزين بقوتهم وكثرة عددهم، وبقلة عدد المسلمين، وما علموا أن هذا مكر بهم وكيد لهم.
ولقد كان فتح مكة آية على ذلك.. أكذبوا الرسول ولم يتفكروا في شأنه وشأن دعوته؟ إنهم إن تفكروا في ذلك أوشكوا- لا بد- أن يعرفوا الحق وأن صاحبهم ليس به جنة، ولقد حكى القرآن عنهم أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ «2» . يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ «3» كذبوا وضلوا إن هو إلا نذير مبين بين يدي عذاب شديد، وهو منذر ناصح، ومبلغ أمين وكيف لا تعرفون هذا وهو صاحبكم وأنتم أدرى الناس به؟!! أكذبوا الرسول ولم ينظروا في هذه العوالم المحكمة الدقيقة، المنظمة البديعة؟ فإن هذا دليل على الوحدانية الكاملة والعلم التام والقدرة القادرة، ولو نظروا بعين البصيرة لاهتدوا إلى الخير، أو لم ينظروا في كل ما خلقه الله وأن الحال والشأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم، وحان وقت قدومهم على ربهم بالأعمال، لو نظروا لاحتاطوا وعملوا لذلك اليوم حتى ينالوا الجزاء الأوفى.
لعل أجلهم قد اقترب، فما لهم لا يبادرون إلى التصديق والإيمان بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم قبل فوات الفرصة، وماذا ينتظرون بعد وضوح الحق؟ وبأى حديث بعده يؤمنون؟! هؤلاء فقدوا الاستعداد للخير والهدى والإيمان بالنبي والعمل بالقرآن فكانوا هم الضالين. ومن يضلل الله فلا هادي له، ويذرهم في طغيانهم يترددون. وفي باطلهم
(1) سورة المؤمنون الآيتان 55 و 56.
(2)
سورة المؤمنون آية 70.
(3)
سورة الحجر آية 6. [.....]