الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعبادتها. وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ: ترجعوا عما أمرتم به. جَبَّارِينَ:
جمع جبار، وهو الطويل القوى المتكبر العاتي، مأخوذ من قولهم: نخلة طويلة لا ينال ثمرها. يَتِيهُونَ التيه: الحيرة، ومنه صحراء تيهاء: إذا تحير سالكها لعدم الأعلام التي يهتدى بها.
المناسبة:
بعد أن أقام القرآن الدليل على صحة نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتعرض لأهل الكتاب في ذلك، ساق قصة لليهود تثبت عنادهم وكفرهم مع أنبيائهم لتكون تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتسجيلا عليهم.
وقد ذكرنا هذه القصة عند الكلام على الميثاق والنقباء في آية (12) من هذه السورة.
المعنى:
واذكر يا محمد لبنى إسرائيل ولسائر الناس الذين تبلغهم دعوتك وقت قول موسى لقومه: تذكروا نعمة الله عليكم واشكروه عليها، فقد جعل فيكم أنبياء كثيرة إذ غالب الأنبياء من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم- عليه السلام ولم يكن من ولد إسماعيل إلا النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبنو إسرائيل من نسل يعقوب.
وجعلكم ملوكا أحرارا عندكم ما يكفيكم ويقيكم ذل السؤال من زوجة وخادم ودار كما ورد في ذلك الآثار.
وآتاكم ما لم يؤت أحدا من عالمي زمانكم، فالمن والسلوى. وتظليلكم بالغمام، وفرق البحر، وإنجاؤكم وغرق عدوكم
…
إلخ، ما هو مذكور في الجزء الأول.
يا قوم: ادخلوا الأرض الطاهرة من عبادة الأوثان لكثرة الأنبياء فيها، واختلف المفسرون فيها هل هي فلسطين أم غيرها. والظاهر أنها فلسطين المنكودة، التي كتب الله لكم فيها حق السكنى ووعد بها إبراهيم وبنيه ففي سفر التكوين من التوراة:
(لنسلك أعطى هذه الأرض) على أنها لا تكون ملكا لا يزاحم فيها أحد بل لهم السكنى
فقط. فاستنباط اليهود من ذلك الوعد أنهم لا بد أن يعود لهم ذلك الملك ليس بصحيح، ولعل ما هم فيه من الضيق والشدة يؤذن بضياع ملكهم الذي أسسه الانجليز والأمريكان لأمور سياسية!! وقال موسى: يا قوم: لا ترجعوا عما جئتكم به من التوحيد والعدل الإلهى، إلى الوثنية والفساد في الأرض، وقيل: لا تراجعوا عما أمرتم به مطلقا من الدخول في الأرض المقدسة وغيره فتنقلبوا خاسرين.
قال النقباء الذين أرسلوا للتجسس لموسى: إن فيها قوما طوالا جبارين، أولى بأس وقوة، وإنا لا ندخلها أبدا ما داموا فيها. وكان يسكنها في هذا الوقت بنو عناق من الكنعانيين. وقد بالغ اليهود في وصفهم بما لا يصدقه عقل ولا منطق.
ولا غرابة في إحجامهم عن الدخول فيها وقتالهم الجبارين فكل قوم تربوا في أحضان الذل والاستعمار يألفونه ولا يألفون الحرية والكرامة، ولذلك قالوا معتذرين:
لن ندخلها أبدا حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون!! قال رجلان من الذين يخافون الله وقد أنعم عليهما بالتوفيق والسداد: ادخلوا يا قوم عليهم الباب فإنكم إذا دخلتموه كان الله معكم وناصركم عليهم، وعلى الله وحده فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.
قالوا: يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فإنهم أولو قوة وبأس. وعلى ذلك فاذهب أنت وربك الذي أمرنا أن نخرج من مصر ونأتى إلى هنا فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون ومتخلفون عن الحرب.
قال موسى وقد عرف قومه وإباءهم، وخشي أن يفتنوا الرجلين الصالحين قال: رب إنى لا أملك إلا نفسي وأخى هارون الذي عرفت فيه الامتثال والطاعة، يا رب فافصل بيننا وبين هؤلاء القوم الفاسقين، قال الرب- سبحانه وتعالى: إذا كان الأمر كذلك فإن هذه الأرض محرمة عليهم أربعين سنة وهم في هذه المدة يتيهون في البيداء لا يعرفون لهم قرارا، وهكذا ينزل عذاب الله على كل من يخالف أمره، فهؤلاء هم اليهود وهذه أعمالهم من قديم مع أنبيائهم فلا تأس يا محمد عليهم ولا تحزن!.