الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ: ظلمات الليل والسحب والمطر، وقيل: المراد ظلمات معنوية. تَضَرُّعاً التضرع: المبالغة في الضراعة والتذلل والخضوع. وَخُفْيَةً بالضم والكسر: الخفاء والاستتار. كَرْبٍ الكرب: الغم الشديد.
يَلْبِسَكُمْ: من اللبس، والمراد: يخلط أمركم عليكم خلط اضطراب واختلاف، وأصل التركيب: يلبس عليكم أمركم. شِيَعاً: جمع شيعة، وهم كل قوم اجتمعوا على أمر واتفقوا فيه. نُصَرِّفُ: نحوّلها من نوع إلى آخر من فنون الكلام.
يَفْقَهُونَ: يفهمون.
المعنى:
يسلك القرآن المسالك المتعددة لغرس شجرة التوحيد في قلوب العرب ببيان مظاهر القدرة والعلم والرحمة، فقال ما معناه: من ينجيكم من ظلمات البر والبحر؟ ومن ينقذكم من شدائد الأيام وهولها؟ ومن ينير لكم السبيل إذا غم الطريق وأظلم، ومن يسكن البحر الهائج والبركان الثائر؟ هو الله الرحمن الرحيم القاهر فوق عباده، القادر على كل شيء، تدعونه متضرعين متذللين، مع رفع الصوت والبكاء، وقد يكون الصوت في السر والخفاء. لئن أنجيتنا من هذه الظلمات لنكونن ممن يوحدك ويشكرك هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ
وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ
«1» قل لهم: الله ينجيكم من هذه الأهوال، ومن كل كرب وغم ثم أنتم بعد هذا تشركون بالله غيره، ومن هنا نفهم أن الإنسان بطبيعته يلجأ إلى الله في الشدة والمكروه، وفي النجاة ينسى نفسه ويعود إلى جهله.
قل لهؤلاء المشركين: الله هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا لا يعرف كنهه ولا يقف على حقيقته إلا الله- سبحانه وتعالى ينزل عليكم من فوقكم كالرجم بالحجارة والآفات أو يصعد إليكم من تحتكم كالزلازل والبراكين والخسف المعهود في الأمم السابقة، أو يخلط أمركم عليكم خلط اضطراب واختلاف، حتى تكونوا فرقا وشيعا، وأحزابا وجماعات، كل فرقة لها اتجاه خاص، تتقاتلون وتتحاربون، ويذيق بعضكم بأس بعض، حتى يقتل بعضكم بعضا.
وعن ابن عباس: المراد بمن فوقكم في الآية: أمراؤكم، ومن تحت أرجلكم، أى:
عبيدكم وسفلتكم.
انظر يا من يتأتى منه النظر كيف نصرف الآيات ونقلبها على وجوهها المختلفة، لعلهم بهذا يفقهون الحق ويدركون السر، ولا شك أن التنويع في الآراء وطرق الأبواب في الحجج، سبيل إلى الفهم وإدراك الحقائق، ولكن عند من ينظر النظر البريء الخالي من الحجب الكثيفة الموروثة كالتقليد الأعمى.
وقد كذب بالقرآن قومك، وهو الذي لا شك فيه ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
قل لهم: لست عليكم بوكيل. نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ «2» لكل نبأ مستقر، تظهر فيه حقيقته، ولكل أمة أجل، ولكل أجل كتاب تعلمون به صدق الوعد والوعيد سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ «3» .
(1) سورة يونس آية 22.
(2)
سورة ق آية 45. [.....]
(3)
سورة فصلت آية 53.