الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
شَجَرَ بَيْنَهُمْ: فيما اختلف بينهم من الأمور واختلط. حَرَجاً: ضيقا.
كَتَبْنا: فرضنا عليهم. تَثْبِيتاً: تقوية، والتثبيت: جعل الشيء ثابتا راسخا.
الصِّدِّيقِينَ: جمع صديق، وهو الصادق في قوله واعتقاده المبالغ فيه كأبى بكر الصديق وأمثاله من الصحابة- رضى الله عنهم-. وَالشُّهَداءِ: جمع شهيد، وهو من يشهد بصحة الدين بالحجة والبرهان ويقاتل في سبيله بالسيف والسنان حتى يقتل. وَالصَّالِحِينَ: من صلحت نفوسهم وغلبت حسناتهم سيئاتهم.
المعنى:
وما أرسلنا من رسول إلا وطاعته واجبة، بإذن الله وأمره، فالطاعة لله، ولمن يأمر بطاعته، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله، ومن يعص الرسول فقد عصى الله. ثم ترشد العصاة والمذنبين- إذا وقع منهم ذنب- أن يبادروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده ويبالغوا في التوبة وطلب المغفرة حتى يستغفر لهم الرسول فإنهم إن فعلوا ذلك تاب الله عليهم إنه هو التواب الرحيم، وهكذا كل من يعصى الله ورسوله ثم يبادر بالتوبة يجد الله توابا رحيما.
روى أن الزبير بن العوام خاصم رجلا من الأنصار في شأن ماء، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك. فغضب الأنصارى وقال: لأن كان
ابن عمتك: فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك.
كان قد أشار على الزبير أولا برأى فيه سعة له ولخصمه فلما أحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعب للزبير حقه في صريح الحكم الأخير
…
إلخ، ما جاء في أبى السعود فنزلت آية فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وفيها يقسم الله- سبحانه وتعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنهم لا يؤمنون إيمانا كاملا حتى يحكموك في كل أمورهم وما يختلط عليهم من المشاكل، فما حكمت به فهو الحق لا شك فيه، ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا ولا ضيقا من قضائك ويسلمون به تسليما.
وهكذا نحن- وربك- لا نؤمن بالله إيمانا كاملا حتى نحكّم الله ورسوله في كل أمورنا ومشاكلنا، ثم نجد في أنفسنا ضيقا من حكم القرآن والسنة، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون الفاسقون الظالمون.
لو أن الله- سبحانه- فرض على الناس أن يقتلوا أنفسهم كما أمر بنى إسرائيل قديما تكفيرا لهم عن خطيئتهم في عبادة العجل، أو فرضنا أن كتب عليهم أن اخرجوا من أوطانكم في سبيل الله ما امتثل المأمور به إلا نفر قليل منهم،
…
ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به من الأوامر والنواهي التي تظهر معها الحكم وتقرن بالوعد والوعيد، لكان خيرا لهم وأحسن وأشد تثبيتا في الدين وأرسخ، وإذا لآتاهم الله من عنده أجرا عظيما لا يعرف كنهه إلا هو، ولهداهم صراطا مستقيما.
روى عن عائشة- رضى الله عنها-: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله إنك لأحب إلى من نفسي وإنك لأحب إلى من ولدي، وإنى لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر أن آتى فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتى وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإنى إذا دخلت الجنة حسبت ألا أراك، فلم يرد عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى نزل جبريل بهذه الآية
،
وروى: من أحب قوما حشر معهم.
كيف لا ترضون بحكم الله ورسوله؟ ومن يطع الله فيما أمر ونهى والنبىّ صلى الله عليه وسلم فيما بشر وأنذر، وبلغ عن ربه، فأولئك يحشرون يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وكفاهم فخرا شهادة الله لهم أنهم من شدة المحبة وتمام الألفة وعدم الفرقة رفقاء، وذلك الفضل من الله يؤتيه من يشاء، وهو أعلم بمن اتقى!!