الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَلْفِهِمْ
المراد بهم: المقاتلون في سبيل الله ولم يستشهدوا. الْقَرْحُ: الألم الشديد، والمراد به: ما حصل يوم أحد. أَحْسَنُوا الإحسان: إتقان العمل على أكمل وجه. وَاتَّقَوْا أى: أخذوا الوقاية من عذاب الله وخافوا الإساءة والتقصير في العمل. حَسْبُنَا اللَّهُ: كافينا. الْوَكِيلُ: الذي توكل إليه الأمور.
فَانْقَلَبُوا: فرجعوا بسرعة. الشَّيْطانُ هل هو إبليس؟ أو هو نعيم بن مسعود؟
سبب النزول:
روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن منقلبهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا؟» فقال الله تعالى: «أنا أبلغهم عنكم» فنزلت هذه الآية.
والآيات مرتبطة بما قبلها إذ بعد أن ذكر الله مقالة المنافقين في القتال وقولهم لإخوانهم: لو قعدتم معنا ما قتلتم. أردف هذا بما يلاقيه المقاتلون في سبيل الله خاصة المستشهدين حتى لا يلقوا بالا لأقوال المنافقين وليكون ذلك حثّا للمؤمنين على الجهاد وتربية لهم على نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله.
المعنى:
ولا تحسبن أن الذين جاهدوا في سبيل الله وقاتلوا وقتلوا أمواتا لا يبعثون ولا يجازون على ما قدموا، لا: بل هم أحياء بعد استشهادهم مكرمون عند ربهم مختصون بتلك المكانة العليا التي استأثروا بها (فالعندية هنا) عندية مكانة وتشريف لا عندية مكان وحدود. هم أحياء عند ربهم حياة مؤكدة ثابتة بدليل قوله: يُرْزَقُونَ والحياة التي عناها القرآن وأكدها حياة غيبية الله أعلم بها، وليس من الخير البحث في أنها حياة مادية أو روحية بل نؤمن بما جاء به القرآن تاركين التفصيل والجدل فيما لا يجدي.
هؤلاء الشهداء فرحون ومغتبطون بما رأوه من نعيم مقيم وفضل كبير وإكرام جليل من الله لهم، وهم مسرورون بإخوانهم المجاهدين الذين لم يحظوا بعد بشرف الاستشهاد حينما رأوا ما أعد من الجزاء الأوفى لهم، وهو حياة أبدية ونعيم دائم لا يكدره خوف من وقوع مكروه ولا حزن على فوات محبوب.
وهم يستبشرون ويفرحون بما يتجدد لهم من نعمة الحياة عند ربهم ورزقه لهم ويفرحون بما آتاهم الله من فضله.
الخلاصة: أن الله- سبحانه وتعالى ذكر الشهداء وأنهم أحياء عنده يرزقون، وأنهم فرحون بما حباهم الله من فضل وكرامة، وهذا الفضل مجمل، تفصيله ما بعده، أى: فضل يعود على إخوانهم في الحرب وفضل يعود عليهم أنفسهم وهو الخاص بهم في دار الكرامة وقد كرر للتأكيد، وفرحون بمن يجاهد في سبيل الله ولم يستشهد بعد، وهم من خلّفوهم في الحرب هؤلاء المجاهدون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وأنهم بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ليذهب الخيال في تصورهما كل مذهب ثم ختم الآية بالكلام على إخوانهم في الجهاد، بقوله: وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، فالمراد بهم: المجاهدون الذين لم يستشهدوا بعد، وقد وصفهم بقوله:
الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم من الجراح والألم الشديد في غزوة أحد ولبوا نداء الرسول حينما طلبهم للقاء أبى سفيان في غزوة حمراء الأسد «1» الذين أحسنوا منهم العمل وأتقنوه واتقوا عاقبة تقصيرهم في العمل، وخافوا الله زيادة على ما هم عليه من الألم، أجر عظيم يتناسب مع عملهم وجهودهم، الذين قال لهم الناس- وهم نعيم بن مسعود كما ورد في بعض الروايات-: إن الناس- وهم قريش- قد
(1) غزوة حمراء الأسد: وهي متصلة بأحد،
روى أن أبا سفيان وأصحابه لما رجعوا من أحد فبلغوا الروحاء (موضع بين مكة والمدينة) ندموا على تركهم بقايا المسلمين، وهموا بالرجوع ليستأصلوا ما بقي من المؤمنين بعد أحد فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يرهبهم ويريهم من نفسه وأصحابه قوة، فندب أصحابه للخروج في أثر أبى سفيان وقال: لا يخرجن معنا إلا من حضر يومنا بالأمس (القتال في أحد) فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه حتى بلغوا حمراء الأسد- موضع على ثمانية أميال من المدينة- (وكان بأصحابه القرح والألم) فتحاملوا على أنفسهم حتى لا يفوتهم الأجر، وألقى الله الرعب في قلوب المشركين فذهبوا إلى مكة مسرعين، فنزلت الآية
.