الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستدعي ابنه عبد الله ليأمره بإحضار فرس له عند أحد الأنصار .. ويسأل عن سبب ذلك الزحام .. فاستجاب الفتى البار لأبيه وتوجه نحو ذلك الأنصاري لأخذ فرس أبيه التي يريد القتال عليها .. لكن ذلك الشاب الصغير أُخذ بمشهد الزحام الذي كان في طريقه .. كان هناك شجرة .. تحت ظلالها كان الزحام .. وتحت ظلالها كان النبي صلى الله عليه وسلم .. أما سبب الزحام فهو دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى: البيعة.
متى كانت البيعة تحت الشجرة
يقول شاب حضر تلك البيعة: (كانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة)(1) فجمعهم صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة .. حيث النبوة .. والرحمة والأرواح هدايا ..
اقترب عبد الله بن عمر فتى مأخوذًا بمشهد الفداء .. فوجد الصحابة رضي الله عنهم يهدون أرواحهم .. فيهديهم الله رضاه إلى يوم القيامة.
أحب أن ينافسهم وإن كان من أصغرهم .. وبدلًا من أن يحضر الفرس لأبيه رضي الله عنه أحضر مهجته لنبيه صلى الله عليه وسلم .. زاحم الجميع .. ثم مد يده الصغيرة وعيناه معلقتان بحبيبه فبايعه (على الصبر)(2) ثم انفتل نحو مهمته الأولى توجه نحو أخيه الأنصاري فأخذ فرس أبيه وقادها نحوه فوجد أباه لا يعلم بعد عما يحدث .. إنه مشغول بالاستعداد للحرب .. يقول ذلك الفتى: إن (عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار يأتى به ليقاتل ورسوله الله صلى الله عليه وسلم يبايع عند الشجرة وعمر لا يدري بذلك، فبايعه
(1) حديث صحيح رواه البخاري (3698).
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (2958).
عبد الله ثم ذهب إلى الفرس، فجاء به إلى عمر، وعمر يستلئمُ (1) للقتال فأخبره) (2) بعد أن استغرب عمر ذلك الزحام تحت تلك الشجرة .. مع أن هناك أشجارًا أخرى كثيرة .. فـ (الناس كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تفرقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس محدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: يا عبد الله انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فوجدهم يبايعون فبايع ثم رجع إلى عمر. فخرج فبايع) (3) رضي الله عنه وقد تكون بيعة عمر على الموت .. فالبيعة تحت الشجرة ذات ألفاظ عدة لكن كل تلك الألفاظ تعني الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى النصر أو الشهادة .. ها هو جابر بن عبد الله يتقدم ويبايع فيسأله رجل فيما بعد عن بيعته فيقول: (بايعناه على ألا نفر ولم نبايعه على الموت)(4) وعبد الله بن عمر بايعه على (الصبر)(5).
تسابق الصحابة وازدحموا يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم .. أكثر من ألف وأربعمائة صحابي يبايعونه على التوالي .. شاهد عمر ذلك الزحام فأحب أن يعين نبيه صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده .. يقول جابر رضي الله عنه: (كنا أربع عشرة مائة فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة)(6) وإذا كان عمر قد أشفق على نبيه من الوقوف والتعب، فإن صحابيًا آخر اسمه: معقل بن يسار أشفق عليه من أغصان الشجرة لا تؤذيه .. فقام برفعها عن رأسه،
(1) يلبس لأمة الحرب.
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (4186).
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (4187).
(4)
حديث صحيح رواه مسلم- الإمارة.
(5)
البخاري (2958).
(6)
حديث صحيح رواه مسلم - الإمارة.
يقول رضي الله عنه: (لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وأنا أرفع غصنًا من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشرة مائة، ولم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على ألا نفر)(1) لكن: بعض الصحابة بايعوا على الموت.
ها هو أحدهم اسمه: عبد الله بن زيد رضي الله عنه (وكان شهد معه الحديبية)(2) فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الموت ثم قال فيما بعد: (لا أبايع على ذلك أحدًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم)(3).
وهذا صحابي آخر: خصه صلى الله عليه وسلم ببيعة على الموت ودعاه لها فاستجاب فمد له (يدًا ضخمة كأنها خف بعير)(4) اسمه سلمة بن الأكوع .. فارس لا يقهر .. يقول رضي الله عنه: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عدلت إلى ظل شجرة، فلما خف الناس قال: يا ابن الأكوع ألا تبايع؟
قلت: قد بايعت يا رسول الله.
قال: وأيضًا، فبايعته الثانية) (5)(على الموت)(6).
(1) حديث صحيح رواه مسلم - الإمارة.
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (4167).
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (2959).
(4)
رواه ابن سعد (4/ 306) وسعيد بن منصور: حدثنا عكاف بن خالد حدثني عبد الرحمن ابن زيد العراقي قال: أتينا سلمة بن الأكوع .. فأخرج لنا يدًا .. وهذا السند خطأ والصواب عطاف بن خالد وهو حسن الحديث التقريب (2/ 24) حدثني عبد الرحمن بن رزين الغافقي وليس زيد العراقي .. وعبد الرحمن قال عنه الحافظ: صدوق والأصوب أنه مقبول عند المتابعة لأنه لم يوثقه إلا ابن حبان فالسند حسن إليه.
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (2960).
(6)
حديث صحيح رواه البخاري (2960).