الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من مسؤولياتها .. حيث يأتي الوعى والتحرر بالإِسلام في مقدمة تلك المسؤليات .. في تلك الغزوة لم تؤخذ تلك المرأة سبية .. ولم تجد من ذلك الجيش إلا ما يسرها ويفرح أيتامها لأنها لم تمارس أي شيء ضد الدولة الإِسلامية .. حتى ذلك الماء الذي كانت تحمله لم يؤخذ منه قطرة واحدة .. بل لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم غيمة كرم ظللتها عندما أمر صحابته بتزويدها بالطعام وهم في أمس الحاجة إليه تعبيرًا عن مواساته لها ولظروفها العائلية وما تعول من أيتام ..
وإذا كانت تلك السرية عادت محملة بالمشاعر والعطايا والإيمان .. فإن هناك سرايا عادت ببعض الكدر رغم تنفيذها لمهماتها المناطة بها .. وتلك طبيعة البشر التي يفترض فيها الصواب والخطأ .. لكن تلك الأخطاء قدمت دروسًا في العقيدة والفكر.
درس في حدود طاعة الأمراء
سرية بعثها صلى الله عليه وسلم وعيَّن أحد الأنصار أميرًا عليها: يقول "علي رضي الله عنه بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية فاستعمل عليها رجلًا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب فقال: أليس أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى .. قال: فاجمعوا لي حطبًا .. فجمعوا .. فقال: أوقدوا نارًا .. فأوقدوها .. فقال: ادخلوها فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضًا ويقولون: فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار .. فما زالوا حتى خمدت النار .. فسكن غضبه .. فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف"(1).
(1) صحيح البخاري 4 - 1577.
وقد كرر هذه الأوامر أحد المهاجرين ممازحًا فرقته .. هذا المهاجر يدعى عبد الله بن حذافة السهمي وهو الآن في سرية تحت إمرة صحابي اسمه: علقمة ابن مجزز يقول "أبو سعيد الخدري إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علقمة بن مجزز على بعث أنا فيهم فلما انتهى إلى رأس عرانة أو كان ببعض الطريق استأذنته طائفة من الجيش .. فأذن لهم وأمر عليهم عبد الله ابن حذافة بن قيس السهمي .. فكنت فيمن غزا معه فلما كان ببعض الطريق أوقد القوم نارًا ليصطلوا أو ليصنعوا عليها صنيعًا .. وقال عبد الله كانت فيه دعابة: أليس لي عليكم السمع والطاعة؟ قالوا: بلى .. قال: فما أنا آمركم بشيء إلا صنعتموه .. قالوا: نعم .. قال: فإني أعزم عليكم إلا تواثبتم في هذه النار .. فقام ناس فتحجزوا .. فلما ظن أنهم واثبون قال: أمسكوا على أنفسكم فإنما أمزح معكم .. فلما قدمنا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه"(1). فليس الحاكم أو الأمير أو القائد نائبًا عن الله ولا متحدثًا باسمه وليس له من صلاحيات التشريع والتحليل والتحريم ما يحلل به حرامًا أو يحرم حلالًا .. حتى في بيت المال المنثور بين يديه يقول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب شيئًا خطيرًا .. ها هو علي يحدث به رجلًا يطالبه بشيء من الرفاهية في المائدة على الأقل .. اسم هذا الرجل: عبد الله بن زرير وهو يقول: "دخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الأضحى فقرب إلينا خزيزة (2) فقلت أصلحك الله لو قربت إلينا من هذا البط يعني الوز فإن الله عز وجل قد أكثر الخير فقال يا ابن زرير إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(1) سنده حسن رواه ابن أبي شيبة6 - 544 وغيره من طريق محمَّد بن عمرو عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن أبي سعيد الخدري وعمر بن الحكم تابعى صدوق .. التقريب 2 - 53 وتلميذه حسن الحديث إذا لم يخالف وهو من رجال الشيخين .. التقريب 2 - 196.
(2)
الخزيز طعام متواضع كالعصيدة.