الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمشيت معه، حتى بلغ حجرة عائشة، ثم ظن أنهم قد خرجوا، فرجع ورجعت معه، فإذا هم جلوس مكانهم، فرجع فرجعت الثانية حتى بلغ حجرة عائشة، فرجع فرجعت، فإذا هم قد قاموا، فضرب بيني وبينه بالستر، وأنزل الله آية الحجاب) (1) .. وكانت هذه الآية تتحدّث عن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فقط .. ثم أنزل الله سبحانه قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (2).
ففرض الحجاب على المؤمنات جميعًا.
وبينما كانت المدينة تعيش فرحًا .. وتشريعًا يمنح سلامًا في كل زاوية .. كان هناك خطر ينذر بفاجعة .. كان هناك خطر قادم من مكّة .. يطفح بالغلّ والثأر .. أتذكرون ذلك الشبح الذي نهض من بين جثث أحد .. ثم توجه نحو مكة نازفًا .. ها هو يعود ولكن لوحده هذه المرة .. فقد آلمه ما حدث في بدر .. وما أصابه في أُحُد .. ها هو:
الشبخ يتسلّل لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم
أنس بن مالك كما حدّثنا عن الحجاب من قبل .. يحدّثنا الآن عن قصة هذا القادم .. الذي حمله حقده وثأره نحو النبي صلى الله عليه وسلم ليسجل له التاريخ حادثة تهزّ الجزيرة من البحر إلى البحر .. يقول أنس رضي الله عنه: (كان وهب بن عمير شهد أُحُدًا كافرًا، فأصابته جراحة، فكان في القتلى، فمرّ به رجل من الأنصار، فعرفه، فوضع سيفه في بطنه حتى خرج من
(1) حديث صحيح رواه البخاري (4792) ومسلمٌ (1428) واللفظ له.
(2)
سورة الأحزاب: الآية 59.
ظهره، ثم تركه، فلما دخل الليل وأصابه البرد لحق بمكة، فبرأ، فاجتمع هو وصفوان بن أمية في الحجر، فقال وهب:
لولا عيالي ودين عليّ، لأحببت أن أكون أنا الذي أقتل محمدًا، فقال له صفوان: فكيف تصنع؟
فقال: أنا رجل جواد لا ألحق، آتيه فأغترّه، ثم أضربه بالسيف، فألحق بالخيل، ولا يلحقني أحد.
فقال له صفوان: فعيالك مع عيالي، ودينك عليّ، فخرج يشحذ سيفه وسمه، ثم خرج إلى المدينة، لا يريد إلَّا قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدم المدينة رآه عمر بن الخطاب، فهاله ذلك، وشقّ عليه، فقال لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: إني رأيت وهبًا، فرابني قدومه، وهو رجل غادر، فأطيفوا نبيكم (1)، فأطاف المسلمون بالنبي صلى الله عليه وسلم، فجاء وهب، فوقف على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
أنعم صباحًا يا محمَّد، قال صلى الله عليه وسلم: قد أبدلنا الله خيرًا منها (2).
قال: عهدي بك تتحدّث بها وأنت معجب.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما أقدمك؟
قال: جئت أفدي أساراكم. قال صلى الله عليه وسلم: ما بال السيف؟ قال: أما إنّا قد حملناها يوم بدر فلم نفلح ولم ننجح.
قال صلى الله عليه وسلم: فما شيء قلت لصفوان في الحجر: لولا عيالي ودين عليّ لكنت أنا الذي أقتل محمّدًا بنفسي .. فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبره. فقال وهب: هاه .. كيف قلت؟
(1) أي كونوا حوله.
(2)
يعني تحية الإِسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.