الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رد كسرى الفرس
الذي لم يكن يتمتع بلياقة أدبية ولا حتى دبلوماسية تؤهله لقيادة أمة عظيمة كأمة فارس .. كان كسرى كتلة من الغرور .. لم يُجد خطاب النبي صلى الله عليه وسلم في تذكيره ببشريته وقدرة الله عليه .. قرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشاط غضبًا وغرورًا .. كيف يبعث عربي إليه رسالة يقدم فيها مطالب بدلًا من أن يبعث له بفروض الطاعة والولاء مقرونة بالهدايا والضرائب .. هذا ما لا يحتمله رجل وثني عديم الاحترام مثل كسرى .. يقول أحد الصحابة رضي الله عنهم "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأه مزقه"(1) و"خرقه"(2) غير آبه به ولا بمن كتبه .. أما النبي صلى الله عليه وسلم فواصل كتابة الرسائل مبشرًا الدنيا بعودة التوحيد النقي إلى الأرض من جديد فكتب:
رسالة إلى المقوقس ملك الإسكندرية
وهو أمير القبط .. كان رجلًا أكثر تهذيبًا وأكرم خلقًا من ذلك المجوسي الأرعن .. المقوقس "أمير القبط أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين وبغلة وكان يركب البغلة بالمدينة وأخذ إحدى الجاريتين لنفسه"(3)
(1) صحيح البخاري 4 - 1610.
(2)
صحيح البخاري 3 - 1074.
(3)
حديثٌ حسنٌ رواه في الآحاد والمثاني 5 - 447 حدثنا محمَّد بن إدريس نا ابن خداش نا حاتم بن إسماعيل عن بشير بن مهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه والطبرانى في الأوسط 4 - 37 ثنا خلف بن عمرو العكبري قال نا محمَّد بن عباد المكى قال نا حاتم بن إسماعيل به وهو سند قوي لولا لين في بشير وهو صدوق من رجال مسلم وله شاهد ضعيف من طريق يعقوب بن محمَّد الزهري عن رجل مجهول
…
في الآحاد والمثاني 5 - 447.
فأسلمت وتسراها النبي صلى الله عليه وسلم .. وقد تردد في المدينة أن قبطيًا له قرابة منها رضي الله عنها يزورها ويتردد عليها فدخل الشك إلى النبي صلى الله عليه وسلم "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي اذهب فاضرب عنقه فأتاه علي فإذا هو في ركي يتبرد فيها فقال له علي أخرج فناوله يده فأخرجه فإذا هو مجبوب"(1)"فكف علي عنه ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه لمجبوب"(2).
حملت تلك الفتاة القبطية فكانت أول امرأة تحمل منه صلى الله عليه وسلم بعد زوجته خديجة رضي الله عنها .. تلك هي هدية المقوقس الذي رفض الإِسلام لكنه كان مهذبًا في رده .. أما أكثر الرسائل إثارة فكانت تلك التي حملها الصحابي دحية الكلبي إلى ملك الروم .. انطلق دحية الكلبي إلى عظيم بصرى في الشام والذي سيقوم بدوره بإيصال الرسالة إلى ملك الروم هرقل .. وانطلق قبله من مكة إلى أرض الروم - الشام زعيم مكة وقريش أبو سفيان لا لشىء سوى التجارة فقط .. فتصادف وجود أبي سفيان مع وصول الرسالة النبوية الكريمة .. لن يقص دحية ما حدث .. سيتولى ذلك زعيم قريش أبو سفيان الذي كان حاضرًا في بلاط الروم .. حيث استدعاه ذلك الملك لطرح بعض الأسئلة عليه حول شخصية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته رجلًا من قومه ومن أعرف الناس به .. لكن سؤلا ملحًا يتجول على طريق الشام ذلك هو: كيف يسافر أبو سفيان وتجارته بأمان .. صحيح أنه لن يخرج أحد من المدينة لاعتراضهم لكن في الطريق أمر مرعب ومخيف .. أسدان جريحان يتلمظان لانتزاع حريتهما وما سلبته قريش منهما .. وهما في حل من ذلك كله والنبي صلى الله عليه وسلم في حل مما يفعلانه .. ومن الظلم إلصاق
(1) صحيح مسلم 4 - 2139 والركي هو البئر.
(2)
صحيح مسلم 4 - 2139.