الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا رب سلط عليَّ عقربًا، أو حية تلدغني، رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئًا) (1) .. ولا تستطيع أن تقول لحفصة شيئًا .. فهي التي جنت على نفسها .. فأي غيرة تسكن عائشة .. وأي حب ذلك الذي يأكل معها ويشرب .. ويحلّ ويرتحل .. كان حب عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم سماءها وأرضها وبحارها التي لا شاطئ لها ..
لكن ماذا عن حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة إلى أي مدى هو .. وما هي المسافات التي قطعتها عائشة في قلبه وبين حناياه .. ؟
النبي صلى الله عليه وسلم نفسه .. في ساعة حب وعشق لعائشة .. في ساعة لم يكن فيها سوى محمد وعائشة والحب .. تحدّث صلى الله عليه وسلم بحديث يتقاطر شهدًا وحبًا .. حديث لم تسمع مثله حبيبة قط .. حديث جعل عائشة تشعر أن الشمس والقمر والدنيا كلّها بين يديها.
حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة إلى أي درجة
؟
تقول رضي الله عنها: (جلست إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن، وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا.
قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث، على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينقل (2).
قالت الثانية: زوجي لا أبثّ خبره، إني أخاف أن لا أذره، إن أذكره، أذكر عُجره وبجره (3).
(1) حديث صحيح رواه مسلم - الفضائل.
(2)
تصفه بأنه كلحم الجمل الهزيل ويصعب الوصول إليه أيضًا، فالوصول إليه شاق، ليس فيه مصلحة حتى تنقله الناس إلى بيوتها وتستفيد منه.
(3)
تقول إنها لا تشيع خبر زوجها ولا تذكره .. لأنها لن تنتهى من إكماله لكثرة عيوبه .. والعجر تعقد العروق والعصب ونتؤها .. والبجر هو نتؤ في البطن.
قالت الثالثة: زوجي العشنق: إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق (1).
قالَ الرابعة: زوجي كليل تهامة: لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة (2).
قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد، وإن خرج أسد، ولا يسأل عما عهد (3).
قالت السادسة: زوجي إن أكل لفّ، وإن شرب اشتفّ، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البثّ (4).
قالت السابعة: زوجي غيأياء، أو عيأياء، طباقاء، كل داء له داء، ثجك، أو فلك، أو جع كُلالك (5).
قالت الثامنة: زوجي الريح ريح زرنب، والمس مس أرنب (6).
قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد (7).
(1) العشنق هو الطويل أي ليس فيه إلا طول دون نفع .. فإن ذكرت عيوبه طلقها .. وإن سكتت عن عيوبه علقها لا مطلقة ومتزوجة أي أهملها مع بقائها في ذمته.
(2)
تمدحه أنه مثل ليل منطقة تهامة ليس فيه أذى .. بل هو لذيذ كريم الأخلاق لا تخشاه، لا يسأم منها ويملها.
(3)
شبهته بالفهد لكثرة نومه كما يقال، أنوم من فهد، غافل عن تعاهد منزله وما ذهب منه وما بقي، وهو بين الناس شجُاع كالأسد.
(4)
أي أنه يلف الطعام لفًا ويكثر منه، ويشرب كل ما في الإناء أما عند نومه فهو يلتف بثيابه وغطائه عن زوجته دون اهتمام بها، ولا يلمسها بكفه ولا يتحسسها ليعلم إن كانت تشتكي من شىء.
(5)
أي أنه خائب لا يقترب منها .. وأموره مطبقة عليه لحمقه، وكل داء ومرض يجتمع فيه .. وهي معه غير آمنة فإما أن يشج رأسها أو يكسر بعضها أو يجمع لها الأمرين.
(6)
أي ريحه طيبة كرائحة الزرنب وهو نوع من أنواع الطيب .. وأما مسه فلين لكرمه ورقته ولطفه
(7)
رفيع العماد هو الشريف المذكور في قومه، طويل حمائل السيف لطول قامته .. كريم كثير =
قالت العاشرة: زوجى مالك، وما مالك؟ مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهنّ هوالك (1).
قالت الحادية عشر: زوجي أبو زرع، فما أبو زرع: أناس من حلي أذني (2)، وملأ من شحم عضدي (3)، وبجحني فبجحت إلي نفسي (4)، وجدني في أهل غُنيمة بشق (5)، فجعلني في أهل صهيل وأطيط (6)، ودائس ومنق (7)، فعنه أقول فلا أقبح (8)، وأرقد فأتصبح (9)، وأشرب فأتقنح (10).
أم أبي زرع، فما أم أبي زرع؟ عكومها رداح، وبيتها فساح (11).
ابن أبي زرع، فما ابن أبي زرع؟ مضجعه كمسل شطبة (12)، ويشبعه
= الرماد لكثرة ما يوقد نار لأضيافه .. وبيته قريب من النادي وهو مجتمع القوم ومنتداهم.
(1)
إبله كثيرات .. لا يرسلهن للسرح إلا قليلًا .. إذا سمعن العزف على العود لوجود الضيفان أدركن أنهن منحورات لهم.
(2)
أي حلاني أقراطًا فهن تنوس أي تتحرك لكثرتها.
(3)
أي أسمنني وملأ بدني شحمًا.
(4)
أي فرحني ففرحت .. وعظمني فعظمت عند نفسي .. والتبجح هو التعاظم والتفاخر.
(5)
أي أنه وجدها عند أهل غنم قليلة وحياتهم فيها مشقة وفقر.
(6)
نقلها إلى أرضه حيث صهيل الخيل وأطيط الإبل.
(7)
أي أنه صاحب زرع يدوسه وينقيه.
(8)
لا أحد يرد قولها ويقبحه.
(9)
أي أنها تأخذ كفايتها من النوم لأن هناك من يخدمها.
(10)
لا تترك الشراب حتى تقض حاجتها.
(11)
واسع.
(12)
أي خفيف اللحم كالسيف سل من غمده.
ذراع الجفرة (1).
بنت أبي زرع، فما بنت أبي زرع؟ طوع أبيها وطوع أمها، وملء كسائها (2)، وغيظ جارتها (3).
جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثًا (4)، ولا تنقث ميرتنا تنقيثًا (5)، ولا تملأ بيتنا تعشيشًا (6).
قالت: خرج أبو زرع، والأوطاب تمخض (7)، فلقى امرأة معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمانتين (8)، فطلّقني ونكحها، فنكحت بعده رجلًا سريًا، ركب شريًا (9)، وأخذ خطيًا (10)، وأراح عليَّ نعمًا ثريًا (11)، وأعطاني من كل رائحة زوجًا (12)، قال: كلي أم زرع وميري أهلك (13).
فلو جمعت كل شيء أعطاني ما بلغ أصغر آنية أبي زرع.
(1) الجفرة الأنثى من ولد الماعز أو الضأن إذا تجاوزت أربعة أشهر.
(2)
ممتلئة الجسم.
(3)
لديها من العفاف والجمال والأدب ما يغيظ ضرتها.
(4)
لا تفشي أسرارنا.
(5)
لا تفسد الطعام ولا تفرقه لأمانتها.
(6)
لا تترك القمامة متفرقة تشوه المنزل كعش الطير.
(7)
أي أنه خرج في وقت الربيع.
(8)
أي أن كفلها عظيم بحيث أنها لو استلقت رفعها عن الأرض حتى تصير تحتها فجوة يجري فيها الرمان.
(9)
السري هو الشريف والشري هو الفرس الذي لا يفتر في سيره.
(10)
الرمح.
(11)
كثيرة والمقصود الثروة.
(12)
أي من كل ما يروح من الإبل والبقر والغنم.
(13)
أعطيهم.