الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه لم يمت أحد من الصحابة حتى الآن من ذلك السم وإن كان له أثر على لهوات النبي صلى الله عليه وسلم لدرجة أن أنس رضي الله عنه كان يقول:
"فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم"(1).
لكن وبعد أيام تمكن السم من أحد الصحابة واسمه: بشر بن البراء .. "فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري، فأرسل إلى اليهودية:
ما حملك على الذي صنعت؟ قالت: إن كنت نبيًا لم يضرك الذي صنعت وإن كنت ملكًا أرحت الناس منك. فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت" (2) بعد أن عفا عنها رغم شروعها في قتل رأس الدولة الإِسلامية .. لكن وبعد موت بشر رضي الله عنه أصبحت قاتلة متعمدة للقتل .. فاستحقت عقابها في القرآن .. بل وفي كتاب التوراة التي تؤمن به .. ولم يشمل العقاب أولئك المتآمرين معها .. علَّ العفو يجدي في محو ثقافة الحقد اليهودية .. ومن أجل ذلك قام صلى الله عليه وسلم بعمل حاول به جمع قلوب اليهود من حوله .. حينما استقر قمرًا وعزاءً بين يدي إحدى فتياتهم الحزينات.
القمر يستقر في حجر الفتاة
تلك الفتاة التي رأت تلك الرؤيا فلكمها زوجها الغبي بعد ما أخبرته بما رأت .. هي اليوم حزينة جدًا .. فقد قتل زوجها قبل الصلح لأنه عاهد
(1) حديث صحيح رواه مسلم (4 - 1721).
(2)
حديث صحيح رواه أبو داود -4512 وًا حمد (3 - 242) والدارميُّ (1 - 64) والطبرانيُّ (2 - 34) والبيهقيُّ (8 - 46) من طريق حماد بن سلمة وجعفر بن عون وغيرهما من الثقات عن محمد بن عمرو بن علقمة الليثى وهو حسن الحديث من رجال الشيخين .. التقريب (2 - 196) وشيخه هو التابعي الثقة .. أبو سلمة بن عبد الرحمن الزهري وهو إمام مكثر التقريب (2 - 430) وقد صحح الإمام الألباني رحمه الله هذا الحديث.
النبي عليه السلام على قول الحقيقة أو الموت والسلب .. كانت الفرصة أمامه لينجو بنفسه لكن الخيانة داخله كانت أكبر من أن يخفيها .. كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فأطلعه الوحي على ذلك فقتله صلى الله عليه وسلم .. هذه الفتاة تشعر بحزن شديد وذل أشد فهي الآن سبية وهبها النبي عليه السلام لصاحبه دحية الكلبي .. وهي تشعر ببغض شديد لهذا النبي .. فهو لم يقتل زوجها فقط .. بل إنها تقول لمن يسمعها:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض الناس إلي، قتل زوجي وأبي" (1) هذه الفتاة هى تلك الطفلة المدللة التي كانت تحدثنا عن وصول النبي عليه السلام إلى المدينة .. وكيف خسرت ذلك الدلال من أبيها وعمها في ذلك اليوم .. عندما شاهدا النبي صلى الله عليه وسلم .. فعادا كسلانين ثقيلين من الهم على ضياع النبوة من بني إسرائيل .. وانتقالها إلى بني إسماعيل .. وها هي اليوم تحصد أحقاد والدها وعمها وزوجها وخياناتهم المتكررة .. فقد "جاء دحية فقال يا نبي الله أعطني جارية من السبي، قال اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير! لا تصلح إلا لك قال ادعوه بها فجاء بها فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال خذ جارية من السبى غيرها (2) أراد- صلى الله عليه وسلم مصاهرة اليهود في آخر محاولة لاستمالتهم إلى الإِسلام .. لكن يبدو أن دحية يشعر بأنها ليست كأي فتاة من السبى .. فقد جمعت المجد من
(1) سنده صحيح رواه الطبراني في المعجم الكبير (24 - 67) والبيهقيُّ (9 - 137) وابن حبان (11 - 607) من طريق أبي الزرقاء وابن غياث وعفان قالوا حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال وهذا سند صحيح مر معنا في أول هذا الجزء ..
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (1 - 45).
أطرافه .. فهي سيدة بني النضير .. وهي سيدة قريظة أيضًا .. وهي قبل ذلك ابنة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام .. وقد حظيت إلى ذلك بجمال أخاذ .. فأراد صلى الله عليه وسلم إرضاء صاحبه دحية .. يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "صارت صفية لدحية في مقسمه وجعلوا يمدحونها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون ما رأينا في السبي مثلها، فبعت إلى دحية فأعطاه بها ما أراد"(1) لقد "اشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس"(2).
فقد عرف عليه الصلاة والسلام لهذه المرأة الشريفة قدرها .. وقدر حزنها وشعورها بالمرارة .. توجه إليها كالمواساة .. يسليها .. يقنعها بنبوته .. يعتذر إليها ويكشف عن عقليتها ذلك الضباب اليهودي الأسود حتى تلاشى وتلاشى معه حزنها وكراهيتها .. فإذا الدنيا صباح بالإِسلام .. وربيع بمحمد عليه السلام .. فباحت صفية بذلك النور الذي انبجس في أعماقها وقالت: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض الناس إلي، قتل زوجي وأبي وأخي فما زال يعتذر إلي ويقول إن أباك ألَّبَ علي العرب وفعل وفعل حتى ذهب ذلك من نفسي"(3)"واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي فاتخذها لنفسه وخيَّرها أن يعتقها وتكون زوجته أو تلحق بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته"(4) دون أن يكرهها .. بل لقد
(1) حديث صحيح رواه مسلم (2 - 1047).
(2)
حديث صحيح رواه مسلم.
(3)
سنده على شرط مسلم رواه الإِمام أحمد (3 - 138) وابن حبان (6 - 194) ثنا عبد الرزاق ثنا معمر قال سمعت ثابتًا يحدث عن أنس عبد الرزاق. ومعمر من الثقات المعروفين من رجال الشيخين التقريب (1 - 505)(2 - 266) وثابت البناني تابعى ثقة. انظر التقريب (1 - 115).
(4)
سنده على شرط مسلم رواه الإِمام أحمد (3 - 138) وابن حبان (6 - 194) ثنا عبد الرزاق ثنا معمر قال سمعت ثابتًا يحدث عن أنس. عبد الرزاق ومعمر من الثقات المعروفين =