الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضربه، فإنه لكذلك يريد أن يأمر بضربه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه، إذ نزل عليه الوحي، فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أن الوحي قد نزل، حتى فرغ، فأنزل الله:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ- (1) - وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ- (2) - عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أبشر يا هلال، فإن الله قد جعل لك فرجًا. فقال: قد كنت أرجو ذلك من الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلوا إليها. فجاءت، فلما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل لها: فكذَّبت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟
فقال هلال: يا رسول الله بأبي وأمي لقد صدقت، وما قلت إلَّا حقًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاعنوا بينهما) (3).
ما هي الملاعنة
الملاعنة تكون بين الزوجين .. في حالة اتّهام الزوج لزوجته بالزنا .. فيحلف قائلًا أربع مرات: أشهد بالله أنني صادق في اتهامي .. وفي المرة الخامسة يقول أن لعنة الله عليَّ إن كنت كاذبًا عليها .. فيقام عليها الحد
(1) يقذفون زوجاتهم.
(2)
يمنع ويدفع عنها الحد.
(3)
حديث صحيح انظر: تخريجه عند نهاية القصة.
والعقوبة إلا في حالة أن تشهد زوجته بالله أربع مرات أنه لمن الكاذبين في اتّهامه لها .. ثم تقول في الخامسة: أن غضب الله عليَّ إن كان من الصادقين.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاعنوا بينهما.
قيل لهلال: يا هلال .. اشهد. فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. فقيل له عند الخامسة: يا هلال، اتق الله، فإن عذاب الله أشدّ من عذاب الناس، وإنها الموجبة التي توجب عليك العذاب.
فقال هلال: والله لا يعذبني الله عليها، كما لم يجلدني عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهد الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
ثم قيل لها: اشهدي، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فقيل لها عند الخامسة: اتقى الله، فإن عذاب الله أشدّ من عذاب الناس، وإن هذه الموجبة التي توجب عليها العذاب، فتلكأت (1) ساعة، ثم قالت: والله لا أفضح قومي.
فشهدت الخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففرّق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى أن الولد لها، ولا يدعى لأب ولا يرمى ولدها) (2).
وكان اسم الرجل المتهم بالمرأة "شريك بن سمحاء"، يقول أحد الصحابة وهو يروي القصة:
(1) ترددت وأحجمت.
(2)
سنده صحيح رواه الطبري في تفسيره حدثنا خلاد بن أسلم أخبرنا النضر بن شميل، أخبرنا عباد، وسمعت عكرمة عن ابن عباس: عباد بن منصور الناجي صدوق وقد صرح بالسماع من عكرمة التقريب (1/ 393) وخلاد والنضر: ثقتان (1/ 229 - 2/ 301) التقريب. ومعنى لا يرمي ولدها: أي لا يقال له يابن الزنا.
(قامت فشهدت، فلما كان في الخامسة وقفوها، وقالوا: إنها موجبة، فتلكأت (1) ونكصت حتى ظننّا أنها ترجع ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم. فمضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين (2)، سابغ الإليتين (3)، خدلج الساقين (4)، فهو لشريك بن سمحاء.
فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن) (5)، فقد صدق هلال وكذبت .. ولكن لا يطبق الحدّ بعد نزول هذه الآية إلَّا بالاعتراف أو البيِّنة .. كما قال صلى الله عليه وسلم:(لو كنت راجمًا أحدًا بغير بيّنة رجمت هذه)(6).
كان حادث الإفك افتراءً .. ظلمًا وتجنّيًا على عائشة .. لكن رحمة الله وانتصاره للمظلوم وعدالته .. أحالته إلى دروس وأحكام وبراءة ..
ها هي عائشة بريئة كيوم ولدتها أمّها .. ها هي وقد غمرها صلى الله عليه وسلم بأمواج حبّه وفؤاده ..
ها هي وقد رفعها الله بآيات كريمات .. وتكلّم في شأنها ودافع عنها جبار السموات والأرض ..
كان الفرج بحجم الدنيا في صدر عائشة .. لكنها غاضبة غضبًا شديدًا .. وعاتبة عتابًا شديدًا على من يسكنون قلبها .. زوجها صلى الله عليه وسلم ووالديها رضي الله عنهما .. فلم تقدم لهم أي نوع من أنواع الامتنان
(1) ترددت.
(2)
وورد في الصحيح أدعج وأسحم.
(3)
أي عظيم كما جاء في بعض الألفاظ.
(4)
ممتلئ.
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (4747).
(6)
حديث صحيح رواه البخاري (5310).