الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحطّمون الأصنام .. هذا هو الكابوس الذي يقضّ مضجع أبي سفيان ومن معه من الوثنين .. هذا هو الخوف الذي تعيشه مكة .. لكن ماذا عن المدينة .. هناك شعور لا يختلف عن هذا الشعور .. فداخل دول الإسلام لم يكن الأمر كما يحبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته تمامًا .. كان هناك المنافقون الذين خرجوا للتوّ من هزيمة الإفك.
وهناك أيضًا اليهود الذين أغاظهم نصر النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق .. وزاد غيظهم نصر الله لعائشة في حادثة الإفك .. فتحوّلت حصون اليهود إلى قدور ضخمة تطبخ فيها الخيانة والمؤامرات ..
اليهود يجمعون الأحزاب
في مؤامرة كالانتحار .. فالذي يقومون به الآن ضرب من الانتحار .. لأن فشل مؤامرتهم هذه تعني نهايتهم .. اليهود اليوم خناجر تسافر في الظلام ولا تدري من تصيب .. إن بينهم وبين قائد الدولة المسلمة عهدًا بألَّا يخونوا ولا يعتدوا ولا يتآمروا .. وإلاّ فإن مصيرهم سيكون مصير بني النضير .. لقد سامحهم صلى الله عليه وسلم بعد خيانتهم الأولى .. وهم الآن طامعون في تسامح آخر إن فشلوا في مؤامرتهم، يقول أحد الصحابة:(إن يهود النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير وأقرّ قريظة)(1)، وذلك بعد غزوه بدر عندما (كتبت كفار قريش بعد واقعة بدر إلى اليهود:
إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا، أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء -وهي الخلاخيل- فلما بلغ
(1) حديث صحيح رواه البخاري (4028) وأبو داود (3005) واللفظ له.
كتابهم النبي صلى الله عليه وسلم، أجمعت بنو النضير بالغدر، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اخرج إلينا في ثلاثين رجلًا من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حبرًا حتى نلتقي بمكان المنصف، فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك، آمنّا بك، فقصّ خبرهم، فلما كان الغد، غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب، فحصرهم، فقال لهم: إنكم والله لا تأمنون عندي إلَّا بعهد تعاهدوني عليه.
فأبوا أن يعطوه عهدًا، فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا على بني قريظة بالكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوه، فانصرف عنهم.
وغدا على بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، فجلت بنو النضير، واحتملوا ما أقلّت الإبل من أمتعتهم، وأبواب بيوتهم وخشبها) (1)، منظر حزين يتكرّر على اليهود .. ويتباكى عليه اليهود .. وهم يجيدون التمثيل والتباكي .. لكن أكثر ما يجيدونه هو سبب التباكي .. أكثر ما يجيده اليهود هو المؤامرات والخيانات .. والطعن من الخلف .. والطعن في الظلام .. وعندما يتلقون العقاب الرادع .. تسيل أنهار الدموع والبكاء والشعر على مصيرهم البائس وكأنهم لم يفعلوا شيئًا. وبنو قريظة يستحقون مصير بي النضير .. لكن النبي صلى الله عليه وسلم منحهم فرصة .. فإن فشلت مؤامرتهم فإن عقابهم سيكون مضاعفًا .. دعونا نراقب هذا الوفد اليهودي الذي سافر سرًا إلى مكة ليجتمع بأبي سفيان وقيادات المشركين هناك .. ليعرضوا عليهم مشروعًا عسكريًا يسحقون به دولة الإِسلام والتوحيد .. بعد أن فشل مشروع كعب بن الأشرف اليهودي مع قريش فتم اغتيال
(1) حديث مر معنا رواه أبو داود (3004) وقد صححه الإمام الألباني وانظر تعليق قوله حفظه الله هناك - غزوة بني النضير.