الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سحر النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يجدوا أنسب للقيام بهذه الجريمة من خادم للنبي يدعى "لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف لليهود كان منافقًا .. "(1) وقد كان يخدم النبي عليه السلام ويثق به رغم أنه يهودي .. وقد خضع هذا الخادم لإلحاح اليهود فأحضر لهم مشطه وبه شيء من مشاطه أي الشعر الذي يعلق بالمشط .. ووضعه في وعاء للقاح النخل يسمونه جف طلعة .. ثم قرأوا عليه تعاويذ السحر بمساعدة الجن .. ثم أخذوه إلى مكان لا يمكن لأحد أن يعثر عليه .. مكان غائر كحقد اليهود .. لقد وضعوه تحت صخرة يسمونها رعوف توضع في أسفل البئر .. ثم بدأ مفعول السحر يسري في جسد النبي صلى الله عليه وسلم فقط لا غير. تقول "عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن"(2) أي أنه أثر على جسده فقط أما الوحي والتبليغ فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. لكن هذا السحر أثر على النبي صلى الله عليه وسلم جسديًا حيث إنه حرمه من الاتصال بنسائه أيامًا .. لكن الله لم يترك نبيه. تقول عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن .. فقال: يا عائشة .. أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للآخر ما بال الرجل؟
قال: مطبوب. قال: ومن طبه؟
قال: لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف لليهود كان منافقًا.
(1) صحيح البخاري ج: 5 ص: 2175.
(2)
صحيح البخاري ج: 5 ص: 2175.
قال: وفيم؟ قال في مشط ومشاطة. قال: وأين؟ قال في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه فقال هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطن فاستخرج فقلت: أفلا؟ أي تنشرت فقال: أما والله فقد شفاني الله وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًا" (1).
ويروي زيد بن أرقم تفاصيل إخراج السحر فيقول: "سحر النبي-صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين .. وقال: إن رجلًا من اليهود سحرك والسحر في بئر فلان .. فأرسل عليًا فجاء به .. فأمره أن يحل العقد وتقرأ آية .. فجعل يقرأ ويحل حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما أنشط من عقال .. فما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك اليهودي شيئًا مما صنع به ولا أراه في وجهه"(2).
أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل ذلك الرجل ولم يشعره حتى في تعابير وجهه عليه السلام أنه يضمر له شيئًا .. فلم يكن عليه السلام ينتقم لنفسه .. لم يعد لليهود من وزن .. فقد تلاشت قواهم وأصبح همه عليه السلام موجهًا للقوة العظمى التي سيطول الصراع معها في المستقبل قوة النصارى ممثلة بالروم .. لذلك أعد جيشًا لملاقاة الروم الزاحفين نحوه في مكان شمال المدينة يقال له:
(1) صحيح البخاري 5 - 2175.
(2)
سنده صحيح رواه عبد بن حميد 1 - 115 وغيره من طرق عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال والأعمش إمام وشيخه تابعي ثقة سمع زيد بن أرقم رضي الله عنه انظر التقريب 2 - 363.