الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأعوان والعتاد والخطر .. فمباغتة ذلك الجيش الوثني وهو مسترخٍ على أرضه هو أسرع الطرق وأيسرها للقضاء عليه وإراحة المدينة من خطره ..
استعد صلى الله عليه وسلم يحيش قوي لـ
غزو بني المصطلق
وقد انضمّ إلى هذا الجيش مجموعة من المنافقين .. على رأسهم كبير المنافقين عبد الله بن أُبي بن سلول -ربما- لشعوره بقوة جيش النبي صلى الله عليه وسلم .. وتأكده من هزيمة بني المصطلق.
وقبل أن ينطلق النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه ذلك أقرع بين سودة وعائشة وأم سلمة، وزينب، لتصحبه إحداهن في رحلته تلك:
فالنبى صلى الله عليه وسلم (كان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه)(1).
القرعة تقع على عائشة
وبعد إجراء القرعة خرج سهم عائشة الحبيبة .. لتصحب حبيبها صلى الله عليه وسلم في سفره ذلك .. تقول عائشة رضي الله عنها:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها معه ..
فلما كانت غزوة بني المصطلق، أقرع بين نسائه، كما كان يصنع، فخرج سهمي عليهنّ، فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم معه- وكان النساء إذ
(1) حديث صحيح رواه الشيخان رحمهما الله وسيأتي بقيته.
ذاك إنما يأكلن العلق (1)، لم يهيجهن اللحم فيثقلن (2)، وكنت إذ رحل بعيري (3) جلست في هودجي (4)، ثم يأتي القوم الذين يرحلون بي بعيري، ويحملوني، فيأخذون بأسفل الهودج، يرفعونه فيضعونه على ظهر البعير، فينطلقون به) (5)(وذلك بعد ما أنزل الحجاب، وأنا أُحمل في هودجي، وأنزل فيه، فسرنا)(6) وانطلق الجيش، وانطلقت الهوادج تتمايل عبر الصحاري والقفار .. وخلال الأودية والشعاب .. تتمايل بعائشة ورفيقاتها رضي الله عنهن .. كما تتمايل القلوب بصوت حادي العيس أنجشة .. ذلك الصوت العذب .. الذي يأخذ الأسماع .. وربما أخذ الإبل أيضًا .. سمع صلى الله عليه وسلم ذلك الصوت الشجي في بعض أسفاره .. فخاف على أجساد النساء وقلوبهن .. يقول أنس رضي الله عنه:
(كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاد حسن الصوت "غلام أسود يقال له أنجشة، يحدو، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنجشة، رويدك سوقًا بالقوارير" رويدًا يا أنجشة لا تكسر القوارير)(7)، كان صلى الله عليه وسلم من الرقّة والذوق .. بحيث لا يلهيه هدفه العسكري والخطر الذي يكمن له عن تفقد رفاقه والعناية بهم .. لدرجة أنه (كان يتخلّف في المسير، فيزجي الضعيف، ويردف، ويدعو لهم)(8).
(1) الطعام اليسير.
(2)
التهييج هو الورم من الشحم.
(3)
أي جهز للرحيل.
(4)
الهودج هو ما تجلس داخله النساء مثبتًا فوق ظهر البعير.
(5)
حديث صحيح رواه البخاري ومسلمٌ وابن إسحاق وهذا لفظ ابن إسحاق.
(6)
حديث صحيح رواه البخاري (4141) ومسلمٌ (2770) وأحمدُ (6/ 194) واللفظ له.
(7)
حديث صحيح رواه البخاري ومسلمٌ (2323) واللفظ له.
(8)
سنده رواه أحمد (2/ 126) حدثني إسماعيل بن علية حدثنا الحجاج بن أبي عثمان عن أبي =
ويدعو أنجشة أن يخفّف من سيره حتى لا تتعب أجساد النساء الرقيقة .. وكان وصف النبي صلى الله عليه وسلم للنساء بـ (القوارير) منتهى الذوق والرقّة .. فالقوارير ناعمة وجميلة .. وتحتاج إلى عناية فائقة .. وأماكن تليق بها وبرقّتها وجمالها .. والمرأة هي الرقّة والجمال والفتنة .. تحتاج إلى مستوى رفيع من التعامل والملاطفة بالقول والفعل .. وهو ما فعله صلى الله عليه وسلم عندما قال صلى الله عليه وسلم لأنجشة:
(ويحك يا أنجشة .. رويدًا بالقوارير)(1).
وها هو صلى الله عليه وسلم يحاول طرد الملل والسأم عن نفس حبيبته عائشة .. في ذلك السفر.
لقد أمر صلى الله عليه وسلم فرسانه الشجعان بالتقدّم .. ثم نادى حبيبته وطلب منها أن تتأخر معه .. فالسفر طويل وشاق .. ولا بأس ببعض اللهو يدخل البهجة ويجدّد النشاط ..
فماذا طلب منك الحبيب يا ابنة الصديق؟
تقول رضي الله عنها: (إنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر -وهي جارية- فقال لأصحابه: تقدموا.
فتقدّموا، ثم قال: تعالي أسابقك.
فسابقته، فسبقته على رجلي) (2).
= الزبير أن جابر حدثهم .. وهنا صرح أبو الزبير بالسماع .. وتلميذه ثقة حافظ -التقريب (1/ 53) وإسماعيل مثل شيخه- التقريب (1/ 65).
(1)
حديث صحيح رواه مسلم (2323).
(2)
حديث صحيح رواه النسائي في الكبرى (5/ 304) عن هشام عن رجل عن أبي سلمة عن عائشة وهذا السند فيه جهالة، لكن هشام رواه عن أبيه عن عائشة عند أحمد
(6/ 264) وعند النسائي أيضًا في الكبرى (5/ 304).