الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان، أو حيثما دار، فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فأعرض عني، فلما عاد إليَّ، ذكرت له ذلك، فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكنّ غيرها) (1).
وانقسم نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلى:
حزبين في بيت النبوّة
تقول عائشة رضي الله عنها:
(إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كنّ حزبين:
فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية (2) وسودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخّرها حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، فكلّم حزب أم سلمة فقلن لها: كلّمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلّم الناس) (3)، فذهبت أم سلمة وكلّمته وحدث ما حدث كما في القصة السابقة .. لكن حزب أم سلمة لم يستسلم .. واصل المطالبة .. وهذه المرة قرّر الحزب أن يضغط على النبي صلى الله عليه وسلم، مستخدمًا جانب العاطفة الأبوية .. مدركًا مدى رقّته صلى الله عليه وسلم ورحمته ببناته وأولاده خاصة فاطمة الزهراء رضي الله عنها .. قرّر حزب أم سلمة ذلك
(1) حديث صحيح رواه البخاري (3775).
(2)
زوجة قادمة للنبي صلى الله عليه وسلم سوف تأتي قصتها فيما بعد.
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (2581).
عن طريق حبيبته فاطمة .. مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي عند كل واحدة يومًا ..
تقول عائشة رضي الله عنها: (أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت: يا رسول الله، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة -وأنا ساكتة- فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي بنية .. ألست تحبين ما أحب؟
فقالت: بلى.
قال: فأحبّى هذه.
فقالت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلن لها: ما نراك أغنيت عنّا من شيء، فارجعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة.
فقالت فاطمة: والله لا أكلّمه فيها أبدًا.
قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولم أر امرأة قط خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حدة (1) كانت فيها، تسرع منها الفيئة.
فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها
(1) سرعة غضب لكنها سرعان ما تنطفئ.
على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها. فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله .. إن أزواجك أرسلنني إليك، يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، ثم وقعت بي، فاستطالت عليّ "فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة، فسبّتها".
وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طرفه، وهل يأذن لي فيها.
فلم تبرح زينب "حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة: هل تكلم؟ ".
حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر.
"فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها"، قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها [أن أثخنتها غلبة]"فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسّم: إنها ابنة أبي بكر) (1)، وقد انتصرت وانتصر حزبها .. لأنها لم تفعل ما يجرح شعورهن رضي الله عنهن .. لكنهن يطالبن النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل وهو عادل إلَّا في شيء واحد لا يستطيع التحكّم فيه .. وهو قلبه .. فهو بشر كبقية البشر لديه ما لديهم من الأحاسيس والمشاعر والميول .. ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتدخّل في كل ما يحدث بين زوجاته من أمور طبيعية تحدث عادة بين النساء عند زوج واحد .. إلَّا إذا تجاوزت إحداهن الحد .. عندها يحكم صلى الله عليه وسلم بالعدل ويقوم بفضّ الاشتباك.
رضي حزب أم سلمة بمكانة عائشة .. بل قدم تنازلات أكثر ليحظى بحب الله ورسوله .. فبدلًا من أن يطالب حزب أم سلمة مرة أخرى بأن
(1) حديث صحيح رواه مسلم وما بين المعقوفين له .. والزوائد للبخاري (2581).