الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مؤتة
هيأ النبي صلى الله عليه وسلم جيشه وعين له قائدًا هو ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فهو لن يذهب معهم هذه المرة ..
وبعد أن انتهى من كل شيء خرج لتوديعهم مبكرًا وهي سنته صلى الله عليه وسلم .. وجعل زيد بن حارثة أميرًا عليهم ثم قال لهم "رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة"(1) إذًا هذه أول غزوة يشارك فيها جعفر رضي الله عنه بعد قدومه من الحبشة .. وهي كذلك أول غزوة يشارك فيها فارس الإسلام الجديد خالد بن الوليد .. يا لها من أسماء تهز الأرض ويا له من وداع يأخذ بنياط القلب .. كيف لا وهذا الجيش القليل ذاهب لملاقاة جيش الروم الذي هزم جيش فارس .. كيف لا والوداع كان لزيد وجعفر .. زيد الذي يقول عنه أحد أفراد هذا الجيش: "ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزل في القرآن {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} "(2).
زيد المولى هو القائد وغيره تبع له .. زيد الذي ملأ سمع النبي وبصره وقلبه .. زيد حب النبي صلى الله عليه وسلم تقول عنه عائشة: "ما بعث رسول الله زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمره عليهم ولو كان حيًا بعده لاستخلفه"(3) .. زيد يودع النبي-صلى الله عليه وسلم ويودع ابنه أسامة وينطلق نحو مؤته أم نحو موته والجنة ..
(1) صحيح البخاري 4 - 1554.
(2)
صحيح مسلم 4 - 1884.
(3)
سنده قوى رواه ابن أبي شيبة 6 - 392 والإمام أحمد 6 - 281 عن سعيد بن محمد الوراق ومحمَّد بن عبيد عن وائل بن داود قال سمعت البهى يحدث أن عائشة
…
ووائل بن داود التيمي ثقة التقريب 2 - 329 وشيخه البهى تابعي ثقة كما قال ابن سعد انظر التهذيب والبهى عن عائشة على شرط مسلم.
وجعفر ابن عمه الذي عانى الآلام والكثير من الغربة والبعد عنه صلى الله عليه وسلم أما عبد الله بن رواحة فهو شاعر الموت الذي ردد الخندق شعره وتغنى به شهداء خيبر وفرسانها .. الشاعر الذي قال أحد أفراد هذا الجيش إن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن شعره "إن أخًا لكم لا يقول الرفث يعني بذاك بن رواحة قال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه
…
إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا
…
به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه
…
إذا استثقلت بالكافرين المضاجع" (1)
وقبل انطلاق أمراء مؤتة تقدم جعفر رضي الله عنه بأمنية أملتها عليه قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أبو قتادة كان هناك يرى ويسمع "أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة .. فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب .. فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة .. فوثب جعفر فقال: يا رسول الله ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدًا فقال: امض فإنك لا تدري أي ذلك خير فانطلقوا"(2) حتى وصولوا إلى أرض مؤتة وهي قرية من قرى البلقاء بالشام وهناك واجهوا أمواجًا بشرية تدفقت من أرض الروم.
واستعدت وأعدت ولا أدري بالضبط عددهم لكن الذي أعرفه أن
(1) صحيح البخاري 5 - 2278.
(2)
سنده قوي رواه ابن أبي شيبة 7 - 412 حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير قال قدم علينا عبد الله بن رباح الأنصاري قال وكانت الأنصار تفقهه قال حدثنا أبو قتادة: عبد الله تابعى ثقة -التقريب 1 - 141 وتلميذه تابعى صدوق يهم قليلًا أي حسن الحديث -التقريب 1 - 214 والأسود وسليمان ثقتان المصدر السابق 1 - 76/ 322.