الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقرابته منه وفقره-: والله لا أنفق عليه شيئًا أبدًا، بعد الذي قال لعائشة "فحلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحًا بنافعة أبدًا"، فأنزل الله عز وجل:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)} .
فقال أبو بكر: "بلى والله يا ربنا إنا لنحب أن تغفر لنا"، والله إني لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النفقة التي كانت ينفق عليه، "وعاد له بما كان يصنع"، وقال: لا أنزعها منه أبدًا) (1).
أفاق مسطح بن أثاثة على نسمات أبي بكر الباردة .. فأدرك عظمة الصديق وكرمه .. وأدرك فداحة الخطأ الذي ارتكبه في حقه وحق ابنته الطهور ..
أبو بكر الذي تغلغل في سويداء النبي صلى الله عليه وسلم واحتلّ ما لم يحتله غيره .. لا يستحق كل هذا العقوق .. ولكى تعرف مساحة أبي بكر في عالم النبي صلى الله عليه وسلم إليك هذه القصة التي حصلت فيها:
مشادة بين أبي بكر وعمر
سوء خلاف بين أعظم رجلين في أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم .. سوء الخلاف ذلك أثار غبارًا انقشع .. فلم تر الدنيا بعد انقشاعه إلَّا أبا بكر .. ثم عمر والباقين رضي الله عنهم جميعًا ..
صحابي اسمه أبو الدرداء شاهد ما حدث ورواه، فقال:
(كانت بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عنه عمر مغضبًا، فأتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى
(1) حديث صحيح رواه البخاري (4757) ومسلمٌ -التوبة-.
أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو الدرداء: -ونحن عنده- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما صاحبكم فقد غامر (1).
وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلّم، وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقصّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر.
قال أبو الدرداء:
وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم "فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر (2) حتى أشفق (3) أبو بكر، فجثا على ركبتيه"(4)، وجعل أبو بكر يقول:
والله يا رسول الله، لأنا كنت أظلم "يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هل أنتم تاركوا لي صاحبي؟
هل أنتم تاركوا لي صاحبي؟
إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت "وواساني بنفسه وماله""فما أوذي بعدها") (5)، فإذا كانت هذه الغضبة من أجل أبي بكر وفي أمر بسيط .. ومع من؟ مع عمر وما أدراك ما هذا العظيم المسمّى عمر .. فماذا يقال عن إيذاء مَنْ هم دون عمر .. وافتراء من هم أقل .. على أبي بكر رضي الله عنهم جميعًا.
هذه المرة لم ينتصر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر .. لقد انتصر له الله .. وآزره
(1) أي خاصم.
(2)
يتغير لونه.
(3)
خاف.
(4)
جلس على ركبتيه.
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (4640) والزوائد عنده (3661).