الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان قصعة يأكلها هو وأهله وقصعة يضعها بين يدي الناس" (1) وإذا كانت هذه السرية قد بينت حدود نفوذ القائد فإن هناك:
سرايا تحدد صلاحيات المجاهد المسلم
فهو لم يخرج من بيته وبلاده ليملأ بطنه أو جيبه ولم يخرج ليرضي غرورًا تراقص في رأسه .. هو محارب مميز بين كل المحاربين .. لم يخرجه من بيته سوى شيء واحد: أن تكون كلمة الله هي العليا .. ولكى يكون هذا الهدف نقيًا بين جوانحه عليه -قبل أن يخرج- أن يدفن تحت بوابة مدينته أشياء كثيرة منها: المال والشهرة والهوى والرغبة في الانتقام للنفس و .. و .. لكى يتفرغ لشئ واحد هو إعلاء التوحيد لا فرضه بالقوة .. فإذا لم يتمكن من دفن تلك الأشياء فإنها ستنغص عليه جهده وجهاده إن لم تحوله إلى رماد لا قيمة له .. أخطاء كثيرة وقع فيها بعض الصحابة رضي الله عنهم .. لكن فعلهم ذلك لا يحسب على الإِسلام إنما يحسب عليهم أنفسهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حيًا آنذاك وقد قام بتصحيح تلك الأخطاء التي قد يبرر من بعدهم لنفسه ممارستها متجاهلًا حكم الإِسلام فيها ممثلًا بالنبي صلى الله عليه وسلم .. من هذه الأخطاء معجزة حدثت بعد إحدى السرايا معجزة مزلزلة ..
الأرض تلفظ جسد أحد المجاهدين
قصة تعيد الصواب للمتهورين الوالغين بدماء الأبرياء .. قصة يرويها "جندب بن سفيان رجل من بجيلة قال إني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه
(1) صحيح الجامع الصغير وقد ذكر لفظ النبي-صلى الله عليه وسلم فقط وهو عند أحمد 1 - 78.
بشير من سرية بعثها .. فأخبره بنصر الله الذي نصر سريته وبفتح الله الذي فتح لهم .. قال: يا رسول الله .. بينما نحن بطلب العدو وقد هزمهم الله إذ لحقت رجلًا بالسيف فلما أحس أن السيف قد واقعه التفت وهو يسعى .. فقال: إني مسلم إني مسلم .. فقتلته .. وإنما كان يا نبي الله متعوذًا. قال: فهلَّا شققت عن قلبه فنظرت صادق هو أو كاذب. قال: لو شققت عن قلبه ما كان يعلمني القلب هل قلبه إلا مضغة من لحم؟ قال: فأنت قتلته، لا ما في قلبه علمت، ولا لسانه صدقت. قال: يا رسول الله .. استغفر لي .. قال: لا أستغفر لك .. فدفنوه فأصبح على وجه الأرض ثلاث مرات .. فلما رأى ذلك قومه استحيوا وخزوا مما لقي فحملوه فألقوه في شعب من تلك الشعاب" (1). لكن النبي صلى الله عليه وسلم علم فيما بعد .. أخبره أحدهم بما حدث فكان في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهه شيئًا يستعيد الأمل لذلك الفارس الذي رفضته أحضان الأرض ..
يقول عمران بن حصين رضي الله عنه وقد كان شاهدًا على ما حدث: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فحمل رجل على رجل من المشركين فلما غشيه بالرمح قال إني مسلم فقتله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أذنبت فاستغفر لي .. قال: وما ذاك؟ قال: حملت على رجل من المشركين فلما
(1) حديث صحيح رواه أبو يعلى 3 - 1 حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي حدثني عبد الحميد بن بهرام حدثنا شهر بن حوشب حدثني جندب .. وهذا السند صحيح لولا كثرة أوهام شهر بن حوشب لكن الحديث صحيح فقد رواه عبد الرزاق 10 - 173 عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن موهب عن قبيصة .. عبد الله تابعى ثقة -التقريب-1 - 455 والزهري ومعمر ثقتان معروفان مرا معنا كثيرًا وقبيصة من أولاد الصحابة وله رؤية وهو من رجال الشيخين .. وللحديث شاهد صحيح عند الطبراني وهو ما بعده.