الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"عائشة رضي الله عنها قالت: لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر"(1) تصور .. إنها لم تقل: اللحم ولا الفاكهة ولا العسل .. قالت: التمر ..
بل إنها تحدث ابن أختها عن موائد رئيس الدولة الإسلامية فتقول يا "ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار فقلت يا خالة ما كان يعيشكم؟ قالت الأسودان التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كانت لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيسقينا"(2).
وما دمنا نتحدث عن أمهات المؤمنين والموائد .. يتهادى سؤال لطيف .. ماذا عن أم المؤمنين الجديدة .. وماذا عن عرسها ومائدة ذلك العرس .. فـ:
زفاف صفية
لم يكن على أرض خيبر .. ولا على أرض واد القرى المفتوح .. والذي جرى عليه من الأحكام ما جرى على أرض خيبر دون سفك دماء .. صفية ما زالت في عدتها .. والنبي صلى الله عليه وسلم يهم بمغادرة الوادي .. وفي الطريق انتهت عدة صفية وحلت للنبي عليه السلام .. فأوصى أم أنس بن مالك بصفية للعناية بها .. وعندما وصل الركب إلى مكان يقال له: سد الصهباء زفت صفية للنبي صلى الله عليه وسلم .. وأقيمت مائدة بسيطة كبساطة الصحابة .. كسماحة الإِسلام .. حيث لم تغل القدور ولم يتوفر فيها لحم ولا خبز .. يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "لقد رأيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليمة ما
(1) حديث صحيح رواه البخاري 4 - 1550.
(2)
صحيح البخاري ج2 ص: 907.
فيها خبز ولا لحم" (1) وحتى القدور لم تستخدم .. كانت وليمة متواضعة جدًا .. فقد حفر الصحابة حفرًا في الأرض ثم ألقوا عليها الجلود المدبوغة النظيفة .. ثم سكب فيها السمن ووضع الإقط والتمر .. هذا ما ذكره أنس ابن مالك في حديثه حيث يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم "دفعها إلى أم سليم تصنعها له وتهيئها وتعتد في بيتها وهي صفية بنت حيى [ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر حتى إذا جعلها في ظهره نزل ثم ضرب عليها القبة فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان عنده فضل زاد فليأتنا به .. فجعل الرجل يجئ بفضل التمر وفضل السويق حتى جعلوا من ذلك سوادًا حيسًا، فجعلوا يأكلون من ذلك الحيس ويشربون من حياض إلى جنبهم من ماء السماء .. فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليمتها التمر والأقط والسمن .. فحصت الأرض أفاحيص وجيء بالأنطاع فوضعت فيها .. وجئ بالأقط والسمن فشبع الناس وقال الناس: لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد؟ قالوا: إن حجبها فهي امرأته وإن لم يحجبها فهي أم ولد .. فلما أراد أن يركب حجبها فقعدت على عجز البعير فعرفوا أنه قد تزوجها" (2) وكانت طريقة إركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لصفية على البعير تنم عن منتهى الذوق والرقة يقول أنس: " .. ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحوي لها وراءه بعباءة ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب" (3) كانت تشعر بعاطفة غامرة .. تشعر بعزاء يهطل مطرًا على قيظ حزنها .. فتحول البغض
(1) المنتخب من مسند عبد بن حميد 383/ 0 حدثنا هاشم بن القاسم ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال.
(2)
حديث صحيح رواه مسلم 2 - 1045 والزوئد له أيضًا 2 - 1047.
(3)
حديث صحيح رواه البخاري 2 - 778.